عرقلة أعدام المجرمين

أعتداءعلى حرمة القضاء وتجاوزلمبدأ فصل السلطات

د.نجاح العطيه

 لم نستغرب يوما ضجيج الضاجين ممن استساغوا شرب دماء العراقيين الأبرياء وشاركوا الطاغية المقبور في جميع جرائره الكوارثية وكبائره اللا أنسانية بحق الملايين من أبناء العراق وبحق شعوب الجوار العراقي، لانستغرب ضجيجهم ودعائهم بالويل والثبور وأعلانهم الحداد على صنمهم المجرم الذي تم شنقه تطبيقا للقصاص العادل وذلك بعد محاكمة عادلة شهدت لشفافيتها جميع المحافل القضائية والقانونية في العالم لأن هؤلاء المحسوبين ظلما وعدوانا على قائمة بني البشر وجنس البشرمنهم براء يقلبون مقاييس العدالة وموازين الحكم العقلائي على مقادير الأمور.

 فالجريمة بحق الأنسان في نظر هؤلاء شرف لايضاهيه شرف وسرقة خيرات الشعب بطولة ليس لها مثيل وخنق الحياة وأهلاك الحرث والنسل واعتقال وتعذيب الأبرياء وألقائهم في أحواض التيزاب وفرمهم في مكائن الفرم البشري وقتل العراقيين دون محاكمة قانونية  منتهى العدل والأنصاف والشجاعة في نظرهم، واغتصاب العراقيات الشريفات أمام أزواجهن أو أخوانهن أو آبائهن في معتقلات المخابرات والامن الصدامي فروسية وشهامة ونبل و رحمة ما بعدها رحمة وهكذا هي مقاييس الأمور في قاموس الطاغية المقبور وأركان حكمه وحاشيته وأزلام سلطته التي بنيت على جماجم الشهداء الأبرار.

ولم نستغرب أيضا من عجيج الذين اعتاشوا على مصائب ودمار الشعب العراقي من الذين تضررت مصالحهم وذهبت مكاسبهم المحرمة ومن بينهم أصحاب كوبونات النفط العراقي بعد سقوط الصنم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف بذهاب أقذر وأشرس نظام شمولي (توتاليتاري) عرفه التاريخ القديم والمعاصر على وجه المعمورة، لم ولن نستغرب أن يتمنى هؤلاء الشركاء في الجرائم الصدامية المقيتة تدخل القوات الأمريكية المحتلة لوقف تنفيذ قرارالمحكمة الجنائية الخاصة بمحاكمة صدام وأركان حكمه بعدم تسليم المجرمين المدانين في قضية الأنفال بتسببهم في أبادة وقتل أكثر من (180) ألف عراقي كردي وهذه الجرائم تشكل في مجملها جرائم أبادة جماعية للجنس البشري وجرائم حرب من الطراز الأول وجرائم ضد الأنسانية وتصنف كذلك باعتبارها جرائم كيمياوية تم فيها استخدام الأسلحة الكيمياوية المحرمة دوليا.

ولانستغرب في زمن تواتر العجائب وما فوق الغرائب أن تنبري ثلة الحكام الحجريين الكهفيين من الأعراب الأجلاف الذين يشكلون في طبيعة أنظمتهم التي عفا عليها الزمن مفارقة وخطأ تاريخيا يحدث في غير زمانه للتباكي على نظام الفساد والرذيلة ورأسه الخائن وأزلام حكمه البائد والعمل لكل ما من شأنه غض الطرف عن جرائم صدام وما جره على المنطقة وشعوب العالم العربي والأسلامي من نكبات يمتد تأثيرها لمئة سنة قادمة من خلال توفير المقدمات الضرورية للأهداف التي تصب في عملية تدعيم الأمن القومي للكيان الأسرائيلي ومستقبله.

ولكن الذي نستغرب له حقا هوالمحاولات المستميتة واللاقانونية واللادستورية لأعاقة وعرقلة تنفيذ حكم الأعدام بحق هؤلاء القتلة المجرمين بذرائع مضحكة مبكية هي أوهى من بيت العنكبوت من قبل شخصيات سياسية ركبت متون الموجة السياسية في العراق بعد سقوط النظام البائد وهي تدعي أنها تمثل أصوات الشرائح العراقية التي قامت بعملية التصويت لهم ولحركاتهم وأحزابهم التي يمثلونها وهنا أذكر نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي الذي يمثل خير دليل واقعي على  جميع الأخفاقات والفشل الذريع الذي منيت به جبهة التوافق في تعاملها السيء مع متطلبات العملية السياسية ومساهمتها في سياسة الأستعداء الطائفي وتأجيج سعير الخلافات ووضع العصي في دواليب العملية السياسية من أجل أعادة عقارب الساعة الى الوراء وافشال العملية السياسية برمتها كما أوضحنا ذلك في مقالاتنا السابقة.

  ومن هذه الشخصيات أيضا ومع الأسف الشديد من هم جزء من الحركة الوطنية العراقية التي عارضت النظام الصدامي البائد وممارساته الأجرامية بحق العراقيين الشرفاء ومن بينهم أنسان عراقي يمثل شخصه أعلى رمز للعراقيين ممثلا بمنصب رئيس الجمهورية في عهد العراق الدستوري الجديد وهو أحد أهم أقطاب العملية السياسية العراقية بعد سقوط النظام البائد والذي يمثل كذلك أحد الشرائح العراقية التي نالت ما نالت من الظلم الصدامي البغيض وأقصد ألأخوة الأكراد الذين يشكلون أصحاب المظلومية والطرف المجنى عليه في قضية الأنفال التي تعتبر بالأضافة الى قضية حلبجة الشهيدة وفق الشواهد والأدلة والوقائع والقرائن الموضوعية والقانونية أخطر بكثير من قضية ألقاء القنبلة الذرية الأمريكية على مدينتي هيروشيما أو ناغازاكي اليابانيتين. أن هذه المحاولات المستهجنة شعبيا وقانونيا من قبل رئيس الجمهورية ونائبه لأعاقة تنفيذ حكم الأعدام الصادر من أعلى سلطة قضائية مستقلة بحق هؤلاء القتلة المجرمين الذين يستحقون الأعدام ملايين المرات جراء ما اقترفت أياديهم القذرة تعتبر من وجهة النظر الدستورية والقانونية تجاوزا على الخطوط الحمراء التي أوضح سماتها نص الدستور العراقي وتشكل اعتداءا صارخا وفاضحا على حرمة القانون والقضاء العراقي من قبل  الرئيس العراقي ونائبه الذين يفترض بهم أن يعملوا لكل ما من شأنه تعزيز هيبة القانون والقضاء العراقي وأن يحترموا سلطة القضاء التي يجب أن يخضع لها جميع العراقيين دون استثناء.

 ومن جهة أخرى تشكل هذه المحاولات المحمومة لأعاقة تنفيذ الحكم القضائي تدخلا سافرا من قبل بعض أعضاء السلطة التنفيذية في شؤون القضاء العراقي وقفزا فوق صلاحياتهم التي حددها لهم الدستور وتجاوزا خطيرا على مبدأ فصل السلطات الثلاثة في النظام الدستوري الأمر الذي سينعكس بدوره على تثبيط همة وواجب المواطن العراقي في ضرورة احترام القانون وسيادته وبالتالي سيؤدي هذا التداعي الى تهاون المواطن في موضوعة فرض القانون على الجميع بعد أن يرى هذا المواطن تهاون بعض المسؤولين وتعديهم على حرمة القضاء وتجاوزهم على بنود الدستور ومبدأ فصل السلطات في الوقت الذي ينتظر من هؤلاء المسؤولين أن يكونوا القدوة الحسنة في تطبيق القيم القانونية والدستورية التي سوقوها للجماهير العراقية بعد سقوط النظام لاسيما وأن المجرمين الذين صدرت بحقهم أحكام الأعدام هم ألد أعداء الشعب العراقي ويمثلون الأذرع الضاربة التي بواسطتها تم أطالة عمر النظام الجرثومي الكيمياوي الذي سبب الكوارث والمحن والالام لجميع فئات وشرائح المجتمع العراقي والتي ما زالت افرازاتها الأمتدادية باقية حتى هذه الساعة حيث أن هؤلاء القتلة لايستحقون المحاكمة أصلا بل أن حكم القصاص العادل يقضي بأعدامهم دون محاكمة.

 فماذا يقول الرئيس الطالباني ونائبه لشعب العراق بشكل عام وللعراقيين الأكراد بشكل خاص  حول أصطفافهم اللامشروع ومحاولاتهم المشبوهة لأنقاذ أعداء البشرية من مصيرهم المحتوم وماذا يقولان أيضا لأرواح الشهداء ألأبرار الذين تمت تصفيتهم على أيدي هؤلاء الأرجاس الأنجاس وهل هذه المحاولات المحمومة والقميئة من قبل الطالباني والهاشمي ألا تواطئا مع الجريمة والمجرمين بحق الشعب العراقي فماذا يكون حكم المتواطيء والمتواطئين مع القتلة في حكم القانون ؟

 سؤال ينبغي على رئيس الجمهورية ونائبه الهمام الأجابة عليه بعد أن يتم أستدعائهم أمام أعضاء مجلس النواب العراقي ومسائلتهم عن تجاوزاتهم الخطيرة في هذه القضية وأذا لم يقم مجلس النواب بهذا الأمر فأن على الجماهير العراقية أن تلزم الرئيس ونائبه من خلال التظاهرات الأحتجاجية والأعتصامات المليونية في الشمال والوسط والجنوب على وجوب تقديم استقالتيهما  لأن من لايحترم الدستور وسلطة القانون لايحترم العراق والعراقيين وهو راكب فاشل للموجة السياسية وانتهازي متواطيء ولا يصلح لأدارة الدفة في سفينة السياسة العراقية ويجب أن يغادر المسرح السياسي ويترك القيادة لمن يشعر بكونه مظلوما وينتصر للمظلوم ضد الظالم ويا ليت الرئيس ونائبه يعتبران من حكمة القول الشريف لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهما السلام على ما روي عنه أنه قال (القوي عندي ضعيف حتى أأخذ منه الحق والضعيف عندي قوي حتى أسترد له الحق) ونذكر سلطة الأحتلال الأمريكية في العراق بأن تدخلها في شؤون القضاء العراقي وعدم القيام بتسليم المجرمين  للسلطة التنفيذية العراقية للقيام بتطبيق حكم القصاص العادل بهم يعتبر خرقا فاضحا وواضحا لاتفاقيات جنيف الرابعة والتي لاتسمح بتدخل السلطة المحتلة في شؤون القضاء المستقل والذي يجب ان تكون كلمته هي الفيصل لتطبيق القانون والعدل.

* كاتب وباحث في الشؤون السياسية والدولية

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 13 تشرين الثاني/2007 - 2/ذوالقعدة/1428