تغيير نظام الانتخابات شرط لقيام الديموقراطية في العراق

شبكة النبأ: "العراق بحاجة لقانون انتخابي جديد يدفع البلاد نحو نظام انتخابات يستند الى المنطقة او الاقليم بالكامل مثل نظام الكونغرس الامريكي او نظام »القائمة الحزبية المختلطة« المعمول به في المانيا والذي يتم فيه انتخاب بعض النواب بشكل مباشر ويتم تخصيص مقاعد اخرى استنادا للاداء العام للاحزاب"، هذه الرؤية التي تقدم بها رئيس الوزراء العراقي الأسبق اياد علاوي للتخلص من تبعات المحاصصة الطائفية والوضع المتدهور في العراق.

واضاف علاوي -الذي عادة ما يتخذ من لندن مقرا دائما لإقامته رغم انه عضو في البرلمان العراقي- في مقاله الذي نشرته صحيفة هيرالد تربيون مؤخرا: خلال الاسابيع الستة التي اعقبت التقرير الذي قدمه الجنرال ديفيد بتريوس والسفير الامريكي في العراق ريان كروكر للكونغرس حول تقدم الوضع في العراق، برز الكثير من الانتقادات لحكومة بغداد بسبب تقصيرها في تحقيق المصالحة الوطنية.

لكن، ولسوء الحظ يبدو ان لا واشنطن ولا حكومة نوري المالكي تدركان ان المصالحة بين مجموعات العراق العرقية والدينية لن تبدأ الا بعد تغيير نظام الانتخابات الذي يعاني من العيوب والخلل، الذي تم العمل به بعد سقوط صدام حسين.

والواقع ان الشلل الذي اصاب الحكومة في بغداد بالاضافة للنزاعات الطائفية التي تعصف بالعراق، والفشل في التحرك نحو المصالحة الوطنية هي كلها نتائج متوقعة بسبب ذلك الاندفاع اللاعقلاني نحو عقد انتخابات وطنية ورسم الدستور في ذلك الوقت، وضع زعماء كل الاحزاب الرئيسة مذكرة دعت لتأجيل الانتخابات لرئيس العراق المؤقت آنذاك غازي الياور.

لكن بالرغم من هذا وتبعا للضغط السياسي من جانب المجتمع الدولي استمرت الجهود لعقد الانتخابات في يناير 2005 في اطار نظام غير واضح هو »نظام القائمة الحزبية المغلقة«، فبدلا من اختيار مرشح محدد، اختار الناخبون من بين القوائم المرشحين الذين دفعت بهم الاحزاب السياسية وامنت لهم المساعدة.

واضاف علاوي، هذا النظام لم يكن ملائما اطلاقا لو اخذنا بعين الاعتبار الاسباب التالية: الافتقار الى ارقام احصائية دقيقة، التخويف الصادر عن الميليشيات العرقية والدينية، تدخل ايران السافر، تفكك مؤسسات الدولة واستعمال الرموز والشعارات الدينية من جانب الاحزاب للتأثير في الناخبين.

وكان من نتيجة ذلك ان استندت خيارات الغالبية الكبرى من الناخبين على الانتماءات العرقية والطائفية، وليس على اللوائح السياسية الحقيقية.

بل ولما لم يتم الكشف عن الكثير من قوائم المرشحين الا قبل عملية التصويت، لم يتمكن العراقيون العاديون ببساطة من التعرف على هؤلاء المرشحين المتنافسين.

وهذا ما أفسح المجال أمام قيام برلمان طائفي يسيطر عليه زعماء الاحزاب وليس ممثلو الشعب الحقيقيين. ثم شكل هؤلاء الزعماء حكومة لا يمكن مساءلتها أمام الشعب.

اذن كيف يمكن اصلاح هذا الخلل وجعل العراقيين امة واحدة؟

ان علينا اولا البدء باعادة النظر على نحو أساسي بقوانين الانتخابات والدستور وهذا ببساطة ليس رأيي وحدي بل يشاركني فيه كثيرون من زملائي في مجلس النواب. فالعراق بحاجة لقانون انتخابي جديد يدفع البلاد نحو نظام انتخابات يستند الى المنطقة أو الاقليم بالكامل مثل نظام الكونغرس الامريكي أو نظام »القائمة الحزبية المختلطة« المعمول به في المانيا والذي يتم فيه انتخاب بعض النواب بشكل مباشر ويتم تخصيص مقاعد اخرى استنادا للاداء العام للاحزاب.

لكن وفي اي حال يتعين الاعلان عن اسماء المرشحين قبل فترة من عقد الانتخابات ويتعين اختيارهم ليمثلوا الشعب في دوائرهم المحلية.

كما يجب ان يحظر القانون الجديد استخدام الشعارات والرموز الدينية ويمنع المرشحون والاحزاب من استعمالها لان مثل هذه الشعارات لا مكان لها في الانتخابات الديموقراطية.

ولكي نمنع تدخل الميليشيات ونضمن الشفافية ينبغي ان تشرف الأمم المتحدة على كل هذه الانتخابات في كل اقليم ومحافظة.

ويتعين ايضا استكمال هذه الاصلاحات بشروط خاصة بالمصالحة الوطنية مثل اصدار عفو عام عن كل اولئك الذين لم يتورطوا بالارهاب.

واضاف علاوي، بالطبع لن يشهد العراق انتخابات جديدة الا في وقت لاحق من عام 2009 وهذا اذا لم يتم اسقاط الحكومة الراهنة بوسائل برلمانية او بعقد انتخابات جديدة بناء على دعوة من أغلبية مجلس النواب.

لكن وبصرف النظر عن مصير حكومة المالكي يتعين على مجلس النواب العمل بسرعة لسحب الاطار التنظيمي لقانون الانتخابات الراهن واقتراح نظام جديد للجنة الانتخابية المستقلة حتى نضمن حصول كل العراقيين على اصوات متكافئة في حكومتهم.

ولا شك ان اعادة النظر في بنية العملية الانتخابية هذه ستكون بداية لنهاية الطائفية التي تهيمن الان على السياسة العراقية وتجعل حكومتنا غير فاعلة.

وينبغي ان تكون المصالحة الوطنية من اهم المعالم السياسية التي حددتها ادارة بوش.

ان بناء الديموقراطية في العراق ستكون عملية طويلة تستند الى حكم القانون والى بيئة أمنية مستقرة وتستمد قوتها من مؤسسات الدولة الفاعلة وبروز المجتمع المدني.

والنجاح في متناول اليد شرط ان نعمل بسرعة لانجاز الاصلاحات الاساسية اللازمة لتزويد الديموقراطية العراقية ببرلمان وحكومة يهتمان بحاجات الشعب.

عندئذ فقط سنستطيع بناء بلد يسمح لنا بالتمتع بالحرية التي دفع الكثيرون حياتهم ثمنا لها. ان بديل ذلك هو المضي قدما على نفس الطريق الراهن الذي لا يمكن ان يؤدي الا الى تمزق العراق.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 11 تشرين الثاني/2007 - 30/شوال/1428