ملف تخصصي: كركوك ومخاوف من مأساة مستقبلية

8 تشرين الثاني 2007

اعداد:علي الطالقاني*

شبكة النبأ: تسمى كركوك بمدينة الذهب الأسود, وتعني (بالتركية: Kerkük ; كردية: كه‌ركووك, Kerkûk; سريانية: ܐܪܦܗܐ, أررافا; فارسية: کرکوک ) هي مدينة تقع في شمال العراق.

تقع مدينة كركوك على أطلال المدينة الآشورية القديمة اررابخا (عرفة) الذي يقدر عمرها بحوالي 5000 سنة. بسبب أهمية موقعها الجغرافي بين أمبراطوريات البابليين والأشوريين والميديين شهدت كركوك معارك عديدة بين تلك الأمبراطوريات المتصارعة والتي بسطت سيطرتها على مدينة كركوك في فترات تاريخية متباينة.

مخاوف قادمة

في أواخر أيام الخريف حيث الجو المعتدل وفي هذه المدينة المقسمة على أسس عرقية فان المأساة العراقية القادمة ربما تكون في الطريق.

سياسيون في منطقة الحكم الذاتي الكردية بشمال العراق يخططون لاجراء استفتاء في كركوك والمنطقة قبل نهاية العام لتقرير ما إذا كانت بحقول بترولها وقرى مجاورة يتعين أن تكون جزءا من منطقة الحكم الذاتي.

وفي مسعى لتحويل دفة الاستفتاء لصالحها تقوم الاحزاب الكردية بتسهيل العودة إلى كركوك بالنسبة للاسر الكردية التي أخرجت قسرا من المدينة في ظل حكم الدكتاتور صدام.

وحتى الان تسيطر الاحزاب الكردية رسميا على الاقاليم الشمالية الثلاث اربيل ودهوك والسليمانية. لكن قوات الامن الكردية تسيطر أيضا على المتاريس المنصوبة في عدد كبير من الشوارع في اقليمي نينوي وتامين إلى الجنوب حيث تروع القاعدة مدينتي الموصل وكركوك.

يقول الشيخ برهان العاصي غاضبا، أهالى اربيل يجلبون الاكراد حتى من سوريا إلى كركوك لحسم الاستفتاء لصالحهم.

ويوضح الامر قائلا انهم يريدون الاستحواذ على نفط كركوك لانهم يحتاجونه لادراك حلمهم في إقامة كردستان الكبرى.والشيخ برهان عربي. وهو عضو بالمجلس الاقليمي على الرغم من انه لا يشارك في أى اجتماعات للمجلس على مدى 10 شهور احتجاجا على التمييز المزعوم ضد جميع الاعضاء من غير الاكراد. كما يعتزم هو وحلفاؤه السياسيون مقاطعة الاستفتاء.

ويقول حانقا سنقاوم هذا .ثم يتوقف ويضيف بلهجة تحمل تهديدا بكافة الوسائل.

خشية الحرب

ويخشي الحديدي وهو على صلة قوية بالقيادة الكردية في اربيل من إمكانية اندلاع حرب أهلية حقيقية قريبا بدلا من انفجار القنابل في المدينة بين الحين والاخر في شوارع مدينته.

ويقول لو أن الامريكيين احتلوا العراق على النحو الصحيح أعني دون أية أحزاب أو ديموقراطية لكان هذا أفضل لجميع الاطراف«.

وهو يعتقد ان الدولة العراقية في عام 2007 دولة ضعيفة لا تقدر حتى على حماية مواطنيها ولا تبالي بالتحرك ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني على حدودها الشمالية كما تطالب تركيا.

تاريخ المدينة

أما التسمية لهذه المدينة فهناك آراء مختلفة عن أصل التسمية. وأحد النظريات تنص على إن تسمية كركوك أتت من الكلمة التي إستخدمها الاشوريون كرخاد بيت سلوخ التي تعني المدينة المحصنة بجدار بينما تشير أقدم سجلات الألواح الطينية المكتوبة بالخط المسماري التي عثر عليها بالصدفة سنة 1927 في قلعة كركوك إلى أن قطعة كيرخي ( كرخا / قلعة) كانت تقع في اررابخا (عرفة) بإقليم كوتيوم. وهناك فرضية أخرى تستند على كتابات المؤرخ اليوناني القديم بلوتارخ حيث يذكر بلوتارخ إنه عندما قطعت القوات المقدونية البادية في سوريا وعبرت نهر دجلة في 331 قبل الميلاد إتجه الإسكندر الأكبر بعد معركته المشهورة مع داريوش الثالث نحو بابل عن طريق ارابخي أو اررابخا ( عرفة ) حيث أصلح قلعتها( أي قلعة كركوك ) وأضاف الكاتب اليوناني بلوتارخ إن على أرض ارباخي ( أي كركوك ) تشاهد نيران مشتعلة دائمة وتغطيها أنهار من النفط وهذا الكلام ينطبق على موقع كركوك المعاصر. أما موقع بابا كركر فقد أورد بلوتارخ اسمه بصيغة كوركورا. وقد أضاف الميديون على نهاية الأسم اللاحقة الزاكروسية المحلية اوك فغدت التسمية كوركورك [2]. عرفت مدينة كركوك في عهد الساسانيين بكرمكان والتي تعني الأرض الحارة الذي تحول إلى جرمقان أو جرميق في العربية و كرميان بالكردية. ويعتقد التركمان إن المدينة سميت بكركوك لأول مرة في عهد دولة قه ره قوينلو حيث أشتق أسم المدينة من كلمة كرك التي تعني الجمال بالتركية القديمة.

كركوك تعتبر مركزا رئيسيا لإنتاج النفط في شمال العراق وتعتبر تاريخيا مدينة متعددة الأعراق يقطنها الاكراد و التركمان و الاشوريون والكلدانيون والعرب والارمن. وتبعد كركوك 250 كيلومتر شمال شرق محافظة بغداد عاصمة العراق يحدها جبال زاكروس من الشمال ونهر الزاب الصغير من الغرب وسلسلة جبال حمرين من الجنوب ونهر ديالى التي تعرف عند الاكراد بنهر سيروان من الجنوب الغربي. ويقدر نفوس المدينة حسب تخمينات إحصائية لعام 2003 بما يقارب 755,700 نسمة.

يمر نهر الخاصة في وسط مدينة كركوك ويقسم المدينة إلى شطرين كما يمر نهر الزاب الصغير ( من أهم روافد نهر دجلة) على بعد حوالي 45 كم من مركز المدينة وقد نفذ مشروع أروائي جبار على نهر الزاب يعرف بري كركوك يوصل الماء إلى مدينة كركوك ومزارعها المحيطة والموزعة بالمحافظة, حيث غير هذا المشروع نمط حياة ومعيشة الكثير من القرويين والزراع إلى الأفضل.

تشهد مدينة كركوك حركة واسعة من العمران والتشييد وهي ماضية في طريقها على عكس ماتشهده العاصمة بغداد واطرافها من هجرة سكانية أضافة الى القتل.

ويعود هذا إلى أن غالبية الاسر القادمة لتسكن المنازل الجديدة هي اسر كردية يقابل وصولها بالارتياب وعدم الثقة وأحيانا بالكراهية الصريحة من العرب والتركمان في المناطق المجاورة.

ويسكن كركوك مزيج متجانس من قوميات مختلفة من الأكراد العرب التركمان الآشوريين الكلدان والارمن. كركوك عرفت منذ القدم بتجانس قومياتها المختلفة لكن هذاالتجانس طرات عليه تغيرات منذ ثمانينيات القرن المنصرم حيث قامت حكومة الرئيس العراقي السابق صدام حسين بإجبار الأكراد و التركمان على الرحيل من ديارهم وقراهم في مدبنة كركوك كجزء من سياسة منظمة عرفت بسياسة التعريب. ومدينة كركوك كانت ولم تزل موضع خلاف وجدل حول عرقية المدينة التأريخية الموغلة بالقدم.

من وجهة نظر الاكراد تعتبر كركوك جزءا من مايطلقون عليه تسمية كردستان التي حاول غزاة المنطقة عبر التأريخ بتدمير إماراتها المتعددة واحدة تلو الأخرى. حيث كانت كركوك عاصمة لإمارة شهرزور الكردية في القرن التاسع عشر. وأحد الأمثلة التي يشير اليها الأكراد هي السيطرة على مدينة كركوك من قبل الصفويين بقيادة القائد الصفوي اسماعيل شاه الثاني الذي حاول فرض مذهب الشيعة على الاكراد وقام بعمليات إستيطان قسرية للتركمان في منطقة كركوك. بغض النظر عن صحة هذه المزاعم التاريخية يصر الاكراد مؤخرا على تطبيق الفقرة 58 من ما يسمقانون إدارة الدولة للفترة الانتقالية الذي كتب في مارس 2004 والذي أعتبر بمثابة الدستور المؤقت للحكومة العراقية الانتقالية التي تشكلت عقب غزو العراق 2003 والإطاحة بحكومة الرئيس السابق صدام حسين. والمادة 58 تدعو إلى إتخاذ إجرائات لرفع الظلم الذي نتج عن ممارسات النظام السابق بسبب سياسات التعريب والتهجير القسري التي شهدتها بعض المناطق العراقية ومن ضمنها مدينة كركوك. ومن أهم الأحياء السكنية الكوردية الخالصة في المدينة: الشورجة، رحيم آوه، تبه، إسكان، آزادي، إمام قاسم. هذا ويتواجد الكورد تقريبا في كل الأحياء السكنية الأخرى في المدينة وبنسب متفاوتة.

من وجهة نظر التركمان الذين يعتبرون بان اجدادهم قدموا إلى العراق اثناء خلافة الأمويون والعباسيون لحاجة الفتوحات الاسلامية لمقاتليهم الاشداء، ومنذ ذلك الوقت وعلى الخصوص اثناء حكم السلاجقة بدأ الاستيطان التركماني لمدينة كركوك.

ودخل السلاجقة العراق سنة 1055 عندما قدم قائدهم طغرل بك على راس جيش مكون من قبائل الاوغوز التركية و حكموا العراق لفترة 63 سنة. يعتبر المؤرخ العراقي عبدالرزاق الحسني تركمان العراق جزءا من جيش السلطان العثماني مراد الرابع الذي احتل العراق بعد طرد الصفويين منها عام 1638 حيث ابقى على بعض من جنوده بالعراق لحماية الطرق بين الولايات العثمانية.

من وجهة نظر العرب كانت هناك عشيرتين رئيسيتين في منطقة كركوك، عشيرة التكريتي و عشيرة العبيد حيث قدم عشيرة التكريتي إلى منطقة كركوك من سوريا في القرن السادس عشر مع السلطان العثماني مراد الرابع الذي كافئهم على ولائهم للعثمانيين باعطائهم اراضي و قرى في الجنوب الغربي لمدينة كركوك بالاضافة إلى مدينة تكريت. من العشائر العربية الاخرى اتي استوطنت كركوك اثناء العهد الملكي في العراق، عشائر العبيد و الجبور، قدم عشائر العبيد إلى كركوك من منطقة الموصل بعد خلافات مع عشائر اخرى في الموصل واستقروا في منطقة الحويجة عام 1935 اثناء حكومة ياسين الهاشمي.

لسنوات طويلة كانت كركوك بمثابة البوتقة التي انصهرت فيها مختلف القوميات لكن الامر اصبح شائكا بعد الاطاحة بحكومة الدكتاتور صدام حيث تسعى القوميات المختلفة في كركوك لاثبات حقوقها التاريخية.

يحاول الاكراد من جهتهم الحاق كركوك بكيان إقليم كردستان في شمال العراق بينما يحاول التركمان والعرب ابقاء كركوك ضمن الحكومة المركزية في بغداد. هذه الخلافات تم التعبير عنها بالعنف المسلح في بعض الاحيان والخلاف السياسي في احيان اخرى. ولكن الاكيد هو ان الحسم قريب.

...............................................................

مصدر المعلومات: موسوعة ويكيبيديا+ وكالات 

*مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام

المركز الوثائقي والمعلوماتي

www.annabaa.org

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 10 تشرين الثاني/2007 - 29/شوال/1428