يقول أبو ضحى أحد ضحايا النظام البائد أنه بات نادما لأنه "لم يكن
بعثيا"! وأم جمال التي فقدت زوجها وثلاثة من أولادها ونُهب منزلها
وأثاثها وهاجرت قسرا إلى إيران مدة عشر سنوات، عادت لتؤكد أنها "تشعر
بالندم الشديد" لضياع أسرتها!
وأبو كوثر الذي قضى عشرين سنة من شبابه يجاهد النظام السابق في
الاهوار وحرم من أطفاله وتوفيت أمه وأمنيتها أن تراه مستقرا في منزله،
عاد إلى الشطرة ليرى بأم عينه أن ضابط الأمن الذي عذبه في مديرية أمن
الناصرية قائدا لفيلق ....الوطني!!
أما أنا، فقد ذهبت إلى لجنة إعادة المفصولين السياسيين بعد أن
حصلت على تعيين عام "2006" وقدمت عريضة كتبت فيها(...أرفع بين أيديكم
الكريمة طلب شمولي بإجراءات قانون إعادة المفصولين السياسيين حيث إني
من العوائل المضطهدة زمن النظام البائد، ولي ثلاثة شهداء وهم والدي ...
وهو من شهداء المقابر الجماعية، وشقيقي "نبيل وعقيل" اللذان سمهما
النظام بمادة الثاليم في السجون العراقية عام "1993" الأول سلمت جثته،
والثاني مازال من شهداء المقابر الجماعية، مضافا إلى إعاقة شقيقي
الثالث"رائد عودة" بالثاليوم ....ونظرا لذلك قطع راتب والدي كونه موظفا
ورقن قيده، وتعرضت إلى الاعتقال أكثر من مرة، وبعد تخرجي من كلية
القانون قدمت أكثر من طلب لتعييني في دوائر الدولة... ولكن رفضت طلبات
تعييني كلها كوني من عائلة "غوغائية" بحسب تعبير الجهات الأمنية يوم
ذاك...ونظرا لقرار السلطة باعتقال أفراد عائلتي كافة بما فيهم النساء
والأطفال اضطررنا إلى مغادرة العراق أواخر 1994 إلى الجمهورية
الإسلامية، وتم حجز دارنا وإسكان أحد البعثيين فيها حتى عام 2003 ،
وبعد سقوط النظام البعثي وبعد أكثر من عشر سنوات من الغربة عدنا إلى
الوطن.
وقد وجدت أقراني وزملائي في الدراسة بين محام معروف وقاض وموظف
كبير في الدولة، وها أنا اليوم موظف بسيط على ملاك .......أتقاضى ما
يتقاضه الموظف الذي تخرج عام 2006 من راتب وامتيازات).
فاخبروني بان قانون المفصولين السياسيين شمل آلاف من الذين
تركوا العمل في دوائر الدولة لقلة الأجور وعملوا في التجارة والأعمال
الحرة، وشمل المئات من البعثين الذين تركوا التدريس وسافروا إلى اليمن
وليبيا، وهم الآن يتمتعون بالامتيازات من خدمة ورواتب وغيرها.. أما أنا
وأمثالي من عوائل الشهداء والمهاجرين والمقابر الجماعية فانهم شكلوا
لجنة للنظر في موضوعاتنا!! فتذكرت قول ذلك البعثي عندما طالبته بـحصة
المواد الغذائية التي قطعها عن عائلتي بأنكم (تستاهلون)!
أما أنا، فأني قررت أن لا أتحدث عن البعثين من الآن، ولا أسمح
لأحمد حسن الشاهد على جريمة الدجيل، ولا لكل أهل الدجيل أن يتحدثوا
عنهم بسوء، ولا أطالب رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء بتنفيذ حكم
الإعدام بحق علي حسن المجيد وسلطان هاشم، وأضم صوتي إلى صوت من يطالب
بالإفراج عنهم؛ لان أهل حلبجة "يستاهلون" فشباب مدينة حلبجة عارضوا
السلطات النظامية وخالفوا القوانين والأنظمة وشيوخ حلبجة رضوا بأفعال
أبنائهم وأطفال حلجة ونسائهم لم يخبروا عن "العصاة" آلا ترى انهم
يستحقون أكثر من الغازات السامة؟!.
أما أنا، فقررت أن اكتب رسالة إلى السيد رئيس المحكمة الجنائية
أطالبه فيه بإيقاف إجراءات محاكمة وملاحقة البعثين الذين"تظن" المحكمة
بارتكابهم جرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة في انتفاضة 1991 قبل أن
يصدروا "ظلما" حكم الإعدام فيوقفوه سيادة رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء
لإتمام مشروع المصالحة الوطنية! واشد بقوة على يد دولة رئيس الوزراء
لتمسكه بمبدأ المصالحة الوطنية وأطالبه بقوة بإعادة البعثين إلى السلطة
والحكم...
وقررت أن اكتب إلى لجنة اجتثاث البعث عفوا "لجنة العدالة
والمسائلة" ليكرموا البعثين "المناضلين" ومسائلة المجاهدين الذين
اعتدوا على السلطة والقانون والقائد...وقررت أن أقاضى الدكتور خلف عبد
الصمد رئيس مؤسسة الشهداء؛ لأنه يصر على الانحياز لغير البعثين
ويهاجمهم في القنوات الفضائية، ويدعي انه كان سجينا في معتقلات النظام
السابق، وسأطالب الفضائيات لمنع استضافته لأنه يسئ مع سبق الإصرار
والترصد للبعثين، وسأقدم مسودة قانون مؤسسة شهداء جديدة تضمن حقوق
البعثين وأقربائهم "الشهداء" ... قررت أن أطالب مجلس النواب العراقي أن
يلغي مؤسسة السجناء السياسيين، لان النظام السابق لم يسجن أحدا بريئا؛
فالذين تم سجنهم في المعتقلات خالفوا الأنظمة والقوانين وتكلموا بالسوء
ضد القيادة والرئيس، وهل هناك دولة لها سيادة وسلطان تسمح بنقد وذم
رئيسهـا المنتخب بنسبة 99% !.
أما أنا، فأني فكر بتقديم اعتذار جدي لكل البعثين الذين كتبت
عنهم في مقالات ودراساتي، وقررت أن أعيد إصدار مجلة "الدولية " للدفاع
عن حقوق الإنسان في العراق واخصصها للدفاع عن "البعثين" بدلا من
ضحاياهم؛ لأنهم ظلموا مرتين: مرة وهم يحكمون ومرة وهم محكومون..
سأطالب رئاسة المجلس الأعلى، وحزب الدعوة الإسلامية، والاتحاد
الوطني والحزب الديمقراطي الكردستاني أن يخلوا –فورا- مقرات حزب البعث
وأن يسلموا بيوت البعثين، وليس ببعيد أن أفكر بتعويض مادي مجزي عن أربع
سنوات ونصف بلا إيجار!!
أما عوائل ضحايا البعثين وأم جمال وأبو ضحى وأبو كوثر، فأني
أدعوهم للاعتذار من عوائل البعثين، وأدعوهم أن لا يفكروا بإعلان
العصيان المدني على حكومة السيد المالكي، ولولا أنى من دعاة اللاعنف،
وأخاف رب العالمين لدعوتهم إلى قتل أنفسهم لأنهم "يستاهلون" فكل شيء في
العراق الجديد يسير بالمقلوب!!
[email protected] |