هل تستعيد بغداد ثقافتها ومعالمها التاريخية؟   

اعداد/ صباح جاسم

 شبكة النبأ: بات شارع الرشيد اقدم شوارع بغداد، يفقد معالمه التاريخية تدريجيا وسط مخاوف رواده من أن يصبح أثرا بعد حين نتيجة الإهمال.

المتاجر التي كانت تشتهر ببيع الملابس في هذا الشارع منذ عشرات السنين تحولت الى مخازن لبيع العدة والمستلزمات الصناعية والأدوات التي يحتاج إليها عمال البناء، في موازاة انتشار محال بيع مولدات الكهرباء. وصالات السينما الشهيرة التي يعود تاريخها إلى أكثر من 70 عاما وأبرزها "الزوراء" و"الشعب" و"الرويال" تحولت عنابر كبيرة وأصبحت واجهاتها محالا للعدة.

على جانبي الشارع، كانت تنتشر أشهر المقاهي البغدادية التي يرتادها الفنانون والكتاب ورجال القانون، ومنها مقهيا "البرلمان" و"البرازيلية". لكنها باتت أيضا محالا لبيع المواد الكهربائية والميكانيكية.

فقد فضل أصحاب العقارات التي كانت تقوم عليها تلك المقاهي تأجيرها لتجار وصناعيين تحقيقا للربح السريع. ويقول أبو خالد الذي يملك منذ أربعين عاما ورشة لتصليح الساعات إن "الانهيار الذي أصاب معالم شارع الرشيد بلغ ذروته بعد الغزو الأمريكي عام 2003، حين عمد البعض إلى تأجير محالهم القديمة التي تحولت مخازن للعدة أو ورشا لتصليح السيارات". ويعاني شارع الرشيد، كغيره من شوارع العاصمة جراء الحواجز الأسمنتية التي قطعت أوصاله وشلت حركة المركبات فيه. بحسب رويترز.

ووضعت تلك الحواجز في منتصفه تقريبا عند منطقة حافظ القاضي باتجاه منطقة باب المعظم مرورا بساحة الرصافي حيث تمثال للشاعر العراقي الراحل معروف الرصافي. وكانت تنتشر بين ساحة الرصافي ومنطقة باب المعظم مقاه عراقية معروفة منها مقهى "الزهاوي"، لكنها أغلقت أبوابها لكثرة الحوادث الأمنية التي تقع هناك وخصوصا في منطقة الحيدرخانة. ولم يبق من مقهى حسن عجمي الشهير سوى بعض الأرائك البالية ورواد لا يتجاوزون عدد أصابع اليد بعدما كان ملتقى للأدباء العراقيين.

وعكست الأبنية التراثية في شارع الرشيد التطور العمراني الذي شهدته بغداد مطلع القرن الماضي. ولكن لم يبق من تلك المعالم سوى مساجد تمت صيانتها منها مساجد المرادية والأزبك ومرجان والسيد سلطان علي، علما أنها شيدت خلال القرون الثلاثة الماضية.

وافتتح شارع الرشيد عام 1917 في عهد الوالي العثماني خليل باشا. ويمتد من منطقة باب المعظم حيث المبنى القديم لوزارة الدفاع العراقية حتى ساحة التحرير في قلب العاصمة بطول ثلاثة كيلومترات. واشتهر الشارع بالأسواق المتفرعة منه وبينها سوق السراي المعروف بسوق الوراقين وسوق الصفارين والشورجة وفيه أكبر المصارف العراقية إضافة إلى البنك المركزي المقر القديم لوزارة الاقتصاد. وعرفت أبنيته التي تعود إلى عشرينيات القرن الماضي بطراز معماري يجمع الزخارف الأوروبية بالمحلية. ويمتاز الشارع برواق مخصص للمشاة يحميهم من المطر وأشعة الشمس.

وقال مسؤول العلاقات في أمانة بغداد عادل العرداوي إن، عملية إعادة الحياة إلى هذا الشارع واستعادة تاريخه مرتبطة باستقرار الأوضاع الأمنية والحياتية، ففي الوقت الراهن لا يمكننا القيام بأي شيء. ولفت إلى أن معظم الأبنية وخصوصا تلك لتي تحمل طابعا تراثيا لا تعود ملكيتها إلى أمانة بغداد فهي إما أملاك شخصية وإما دوائر حكومية، الأمر الذي يعقد مسألة التصرف بها والعمل على إحيائها". وشارع الرشيد عرف بهذا الاسم بعد انتهاء الانتداب البريطاني عام 1934 تيمنا بالخليفة العباسي هارون الرشيد. وتتألف غالبية مبانيه من طابقين مع شرفات حديد مزخرفة تضفي على الشارع جمالية واضحة وتعكس دقة الفن المعماري حيث النقوش والأقواس والزخارف. تنتشر على جانبي الشارع أزقة مزدحمة بالبيوت والمتاجر منها العاقولية والحيدرخانة والمربعة وسيد سلطان علي وعقد النصارى وعارف أغا.

من جهته، اكد الإعلامي والقاص العراقي محمد إسماعيل أن، الإهمال الذي أصاب شارع الرشيد تتحمل مسؤوليته جهات عديدة بدءا بسكان بغداد الأصليين الذي لم يتعاملوا بحرص إداري مع هذا الشارع.

وأضاف، بدأت ملامح الإهمال في الشارع في التسعينيات، وكان النظام السابق منشغلا بكرسي الحكم وليس بالمعالم الأثرية والتاريخية التي كان يضمها الشارع وقيمته الهندسية كونه يضم مباني عباسية شهيرة بطرازها المعماري الفريد. ولفت إسماعيل إلى أن أمانة بغداد لم تعر اهتماما للعديد من الاقتراحات المتصلة بتطوير شارع الرشيد وإعادة الحياة إليه، وآخرها ما تقدم به المهندس سراب عزيز والفنان التشكيلي العراقي ثابت البلداوي. وأكد أن ما يتعرض له الشارع وما آلت إليه أموره يعتبر جريمة في حق التاريخ.

حكومة العراق تشرع في اعادة اعمار شارع المتنبي بوسط بغداد

بعد تسعة اشهر من استهدافه بسيارة ملغومة دمرت الجزء الاكبر منه شرعت حكومة العراق في اعادة اعمار شارع المتنبي بوسط بغداد وهو احد المعالم الثقافية للعاصمة العراقية وواحة لالتقاء المثقفين العراقيين.

وكان شارع المتنبي الذي يقع على ضفة نهر دجله قد تحول الى كومة من الانقاض في اوائل مارس اذار جراء هجوم انتحاري بسيارة ملغومة أوقع اكثر من 30 قتيلا وتسبب في اصابة نحو 65 اخرين.

وتسبب الانفجار في تدمير عشرات المحال والمكاتب وحرق الاف الكتب التاريخية والثقافية والادبية والسياسية والدينية والاف المطبوعات والمخطوطات القديمة الناردة التي كانت تمثل ارشيفا غنيا لتاريخ العراق القديم والحديث. بحسب رويترز.

ويقع شارع المتنبي عند بداية شارع الرشيد اقدم شوارع مدينة بغداد واحد ابرز معالمها وتقع على مقربة من شارع المتنبي منطقة القشلة التي كانت تمثل مقر الحكومة العراقية في العهد الملكي حيث شهد هذا المقر تتويج عدد من الملوك الذين حكموا العراق بعد استقلاله عن الدولة العثمانية.

برهم صالح يضع حجر الأساس

ووضع حجر الأساس لمشروع إعادة بناء (شارع المتنبي)، نائب رئيس الوزراء برهم صالح... وسط إجرءات أمن مشددة، وفي حضور جمع كبير من المسؤولين الحكوميين وأعضاء من البرلمان وقائد خطة (فرض القانون) في بغداد، وعدد من رجال الثقافة والأدب في العراق.

وقال صالح، خلال كلمة ألقاها في الحشد، إن إعادة الإعمار تمثل، إحياء ذكرى شهداء الثقافة والفكر العراقيين، والشهداء الأبرار الذين سقطوا جراء الإعتداء الإرهابي في آذار الماضي.

وأشار صالح إلى اهتمام الحكومة البالغ بإعادة إعمار شارع المتنبي، لما يحمله من مكانة ثقافية وحضارية... وما يمثله من إرث تاريخي وتراثي يعتز به البغداديون وكل العراقيين.

ودعا نائب رئيس الوزراء إلى أهمية، استذكار كل هؤلاء... والوقوف احتراما وإجلالا لهم، ولكل شهداء العراق، مؤكدا عزم الحكومة العراقية وجديتها لإعمار وبناء كل ما دمرته أيدي الإرهاب والإجرام، وقال إن  الإرهاب والتكفير لن يزيد شعبنا إلا عزيمة وإصرارا على البناء والتقدم.

وقدم أمين بغداد صابر العيساوي أمام الحشد عرضا للخطوات التي قامت بها الأمانة وعدد من الوزرات العراقية لتبني هذا المشروع، وإعادة إعمار الشارع. واوضح أن المبلغ المخصص لإعادة إعمار (شارع المتنبي) هو سبعة مليارات دينار عراقي، أي ما يقارب الخمسة ملايين ونصف المليون دولار أمريكي. وذكر العيساوي أن، الفترة المحددة لإنجاز العمل هي (180) يوما"، أي نحو ستة أشهر فقط.

ومازالت المنطقة التي يتوسطها الشارع، حتى اليوم، تحتفظ بمعمارها القديم... وهي تمثل شاهدا ومعلما تاريخيا لمدينة بغداد القديمة.

من جانبه، قال قائد عمليات بغداد اللواء عبود قنبر، في كلمة ألقاها خلال حفل وضع حجر الأساس لمشروع إعادة إعمار (شارع المتنبي)، إنه على يقين بأن مشروع الثقافة في العراق قادر على إلحاق الهزيمة الساحقة بكل القوى الشريرة، واضاف قنبر، إننا عازمون على بسط الأمن والنظام في أحياء وشوارع بغداد كلها.

وأشاد نواب برلمانيون حضروا احتفالية وضع حجر الأساس، بالأهمية الثقافية لشارع المتنبي، واثنوا على جهود إعادة إعمار ما وصفوه "بصروح الثقافة والعلم".

واعرب رئيس اللجنة الثقافية في مجلس النواب وعضو البرلمان عن ( القائمة العراقية الوطنية) مفيد الجزائري عن سروره بأن يشهد إعادة بناء صرح مهم من صروح الثقافة الممزوجة بعبق بغداد، معبرا عن شكره للقائمين على هذا المشروع.

ولفتت عضو مجلس النواب عن (القائمة العراقية الوطنية) السيدة ميسون الدملوجي إلى أهمية وعمق تاريخ الشارع، الذي تخرجت منه قوافل من المثفقين والمفكرين ورجالات السياسة.

وتحدث ممثل عن أهالي (شارع المتنبي)، معبرا عن فرحته وشكره لبدء خطوات مشروع إعادة الإعمار، مشددا على ضرورة الاهتمام بعوائل الشهداء والضحايا الذين امتزجت دمائهم بمداد الكتب خلال الإنفجار.

وعبر الناقد الأدبي علي الفواز، في كلمة خلال الحفل، عن شكر الأدباء والكتاب العراقيين، للمبادرة الخاصة بإعادة بناء شارع المتنبي، وبعث الحياة في أجوائه، مشددا على ضرورة الاهتمام بعوائل الشهداء والضحايا الذي امتزجت دمائهم بمداد الكتب.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 6 تشرين الثاني/2007 - 25/شوال/1428