في العراق اليوم " ميزة " غير متوفرة في كل الدول وكل القارات
ولاحتى في الصومال رغم كثرة الغرائب السياسية في هذاالبلد. بل اني اجزم
في دولة طالبان والقاعدة الساقطة في افغانستان ورغم انها تعتبر مملكة
المهازل بحق. الا ان في العراق اليوم يوجد غرائب اكبر من غرائب مقاديشو
ومهازل اكبر بكثير من مهازل كابول السابقة !! والفرق ان في العراق
المهازل والغرائب تتم بقوانين وقرارات " هزلية ومخجلة " وفي الصومال
وافغانستان طالبان والقاعدة كانت تتم بافكار تكفيرية و سطحية وتافهة
ايضا.
و كنا كتبنا ورفعنا صوتنا في مقالات ومناسبات عديدة نطالب بها
بتوضيح ومراجعة " الامتيازات غير الشرعية والقانونية لاعضاء البرلمان
" بل وحساب ومخافة الله والتاريخ وتحسب " حوبة " الابرياء والايتام
والمذبوحين والمظلومين والجائعين والمهجرين من الشعب العراقي ومااكثرهم
في العراق من تاريخ اول يوم لحكم العراق من قبل الصنم الساقط وحتى
يومنا هذا.
لكن مع ذلك كانت اصواتنا واصوات اغلب العراقيين مثل " املاء لجرة
مثقوبة " !! لذلك بعد كل مقالة تاتي لنا الاتصالات والاميلات معاتبة من
بعض اعضاء البرلمان او من بعض المسؤولين في الدولة وكأن الامور مجرد
قضية شخصية !! وليس قضية اهلنا وشعبنا ونحن جزء منهم وهذه ثرواتنا بدأ
التفريط بها وبشكل " قانوني " يستحق في كثير من الاحيان الخجل. ناهيك
عن مستوى رائحة الفساد المالي والاداري التي بدات تزكم الانوف.
لذلك هذه بمثابة مطالبة للسيد المالكي رئيس الوزراء ان يركز الكثير
من جهده لمكافحة هذا الفساد وهذه الحقوق الطارئة للبعض , رغم التقدير
لحجم المصاعب والمشاغل والمهام التي تحيط بعمله والذي يحرص البعض على
وضعها كمعرقلات في طريق ادراته للامور. لكن مع ذلك فان مكافحة الفساد
سيكون له اثر كبير في المساعدة لفتح طرق الامال والطموحات الانسانية
التي يحرص البعض بشدة لغلقها بوجه العراقيين.
ان اغرب قرار ذلك الذي صدر قبل عدة ايام من مجلس الرئاسة العراقي ,
والذي نص على منح كل اعضاء البرلمان العراقي البالغ عددهم 275. نفس
الحقوق المالية التي يحصل عليها الوزير في الحكومة العراقية !! وكذلك
تمتع رئيس البرلمان ونوابه بنفس الحقوق المادية لرئيس الوزراء ونوابه
!! وفي نظرة اولية ومبسطة اصبح في عراق اليوم وفي نفس الوقت اكثر من
300 وزير !! وهذه سابقة لايوجد لها مثيل في كل دول العالم المتقدم منها
او الظلامي في كابول طالبان ومقاديشو. مع العلم ان اعضاء البرلمان
ورئيسه يحصلون على حقوق استثنائية مقارنة بكل دول العالم. ويحيط بهذه
الحقوق الكثير من الشبهات والتساؤلات المشروعة لدى العراقيين. وليس
اولها حصول كل عضو برلمان على راتب تقاعدي حتى اذا خدم اسبوع واحد
لااكثر !! ولااخرها حصول عضو البرلمان شهريا على صهرجين من الوقود
المجاني من وزراة النفط.!! تباع مباشرة بسعر حوالي 60 الف دولار !!
ناهيك عن الرواتب الخيالية وقطع الاراضي في ارقى مناطق بغداد والمنح
المالية التي تصرف لهم بلا وجع قلب او حتى وجع من ضمير. بالاضافة الى
فضائح مادية لم يجهد عضو برلماني واحد للبحث عن جواب لها. مثل حجم
صرفيات رئيس البرلمان المشهداني , في سفرته الاخيرة الى ايطاليا والتي
بلغت في الليلة الواحدة اكثر من سبعين الف دولار. وذلك بعد ان رافقه
جيش كبير من افراد عائلته وحاشيته ورفض ان يسكن مع جوقته هذه في فندق
ثلاث نجوم فاختار ارقى واغلى الفنادق لسكنه مع عائلته وحاشيته وليطل من
هناك على سر قصور وعظمة الرومان. لكنه بالتاكيد لم يصل لنتيجة منطقية
مفادها ان سر هذه عظمة بلاد الرومان هو. بعدم وجود نماذج من المسؤولين
السائبين والمال السائب. امثاله وامثال تصرفاته وبذخه في وقت ابناء
العراق النجباء اصبحوا يعانون الذل والهوان في بلدهم العراق او في دول
الجوار الاردني والسوري على حد سواء.
وفي نفس الوقت الذي يحصل المتقاعد العراقي الذي خدم البلد اكثر من
30 عام على مائة دولار كل ثلاث اشهر. يسكن المشهداني وجوقته في فندق
سعر الليلة لكل شخص اكثر من الفين دولار. ان الذي جرى في ايطاليا واغلب
الحقوق المادية لاعضاء البرلمان العراقي واغلب القرارات التي صدرت بمنح
مادية او غيرها واخرها قرار مجلس الرئاسة، كل هذه الامور تشير الى وجود
خلل وطني وانساني كبير يعاني منه معظم السياسين العراقيين الموجودين في
الواجهة السياسية. وكذلك يشير الى ان الشعب العراقي يعيش في عالم
وهولاء في عالم اخر في حدوده الدنيا يستحق تسمية عالم " الا خجل... ".
لان ابناء المقابر الجماعية في الجنوب والفرات الاوسط الذين تم صنع
جسور الوصول الى البرلمان من عظامهم المتناثرة في حفر الموت الجماعي ,
مازالت كل عوائلهم تعاني العوز والجوع والحاجة الماسة والكبيرة , ونفس
الشيء ينطبق على ابناء سامراء والرمادي والموصل الذين تم المتاجرة
بارواحهم من قبل ازلام الصنم الساقط تحت شعارات بائسة مثل المقاومة
الزائفة واحتضان القاعدة والارهاب وتدمير مدنهم ومصادر رزقهم ايضا
مازالوا يعانون العوز والحاجة الماسة. ومع ذلك تصدر مثل هذه القرارات
الرئاسية والتي تستحق صفة البؤس بجدارة ودون ادنى تردد.
وهنا بودي ان اخذ مقارنة بسيطة رغم يقيني ان الفرق بين الثرى
والثريا يبقى كبير. لكن مثلا مثال من اوربا "بلاد الكفار " كما يطلق
عليها بعض سفهاء امتنا. وعلى وجوه الخصوص من الدنمارك. فلقد تم قبل عدة
سنوات زيادة رواتب اعضاء البرلمان الدنماركي. فرفض عدد كبير منهم هذه
الزيادة واتفقت بعض الاحزاب على ارتداء زي موحد من ملابس الحفلات
والحضور الى اجتماع البرلمان كنوع من الاستهزاء والرفض لقرار زيادة
رواتبهم. والسبب بالرفض لان حينها " كانت رواتب الاجانب اللاجئين في
الدنمارك قليلة ولاتساعدهم على حياة جيدة لذلك هؤلاء اكثر استحقاقا
للزيادة من البرلمان نفسه !!".
والمثل الاخر قبل حوالي عامين من الان , حيث اشترى زوج وزيرة
دنماركية ستائر ولم يدفع المبلغ فقط 2000 دولار خلال الفترة القانونية
اسبوعين. فاشتكى صاحب المحل واصبحت فضيحة اعلامية كبرى ولم تقبل اي
مبرارات وخلال اربعة وعشرين ساعة فقط استقالت الوزيرة من الحكومة
الدنماركية بل واختفت نهائيا من الحياة السياسية في البلد , وحرمتنا من
رؤية وجهها الجميل وعيونها المميزة جدا.
وبعيدا عن " بلاد الكفار المزعومة " نذهب الى " الصهاينة "
اعدائنا فمنذ عدة ايام واولمرت رئيس وزراء العدو جدا " الصهيوني " يجلس
امام اثنين من الشرطة للتحقيق معه على بعض التسهيلات المالية التي
قدمها في مرحلة سابقة !! فاين نحن من تصرفات " الكفار والاعداء "!! مع
العلم وفقط للتذكير ان هولاء يشربون كل انواع الخمر كل يوم وبشكل علني.
ولايعرفون الفرائض الخمسة من صلاتنا ولاقبلتنا التي نقف فيها امام الله
كل يوم. فاذا وجد عندنا من هذه النماذج الانسانية الحية فندعو مجلس
الرئاسة في العراق وكل بلادنا العربية على جعل الوزراء في بلادنا
بعشرات الالوف. اما غير ذلك فاعتقد ان مفهوم معنى " الكافر والعدو "
بحاجة الى تعريف علمي جديد وواقعي يرضي الله والعباد. والا في العراق
اليوم النفوس تغلي ولااحد يهتم بها او حتى يشعر بها. وادعوا الله
واتمنى من كل قلبي ان تختفي " حبال " العراقيين التي استخدمت لسحل
حكامهم على طول تاريخهم. لكن يبدو ان الامر ليس بيد العراقيين.
فلاتدفعوهم اليها دفعآ , فهل تفهمون !؟ يامجلس رئاسة العراق وبرلمانه
الغريب. ورحم الله شاعر الحب والحياة نزار قباني وهو يقول.
نركض في الشوارع
نحمل تحت ابطنا الحبالا
نمارس السحل بلا تبصر
نحطم الزجاج والاقفالا.
[email protected] |