الحرب الطاحنة تحول المظلومين في دار فور الى قبيلة واحدة

شبكة النبأ: الحرب هي هزيمة الغالب والمغلوب فعندما توحدت المظالم في دارفور ادرك كثير من الهاربين من الاتون المستعر بانهم تقاسموا ويلات الحرب بالسواء فلم يعد مصيرهم إلا ان يكونوا قبيلة واحدة قد تناولتها الجريمة وبشاعة العنف الدائر في دار فور فليس ثمة عربي ولا افريقي كان بمنجى من تلك الطاحونة المدمرة.

يقول دارفوريون نزحوا بسبب الحرب في الاقليم الواقع في غرب السودان: إن الاقتتال الدائر منذ سنوات أوجد قبيلة جديدة في المنطقة.

وقال محمد حسن يعقوب، الطاعن في السن، لست عربيا ولا أفريقيا. أنا دارفوري وقبيلتي الآن تسمى اللاجئين. كلنا لاجئون... عانينا جميعا من الهجمات نفسها.

وفي مخيم أبو شوك الذي يقع خارج الفاشر البلدة الرئيسية في اقليم دارفور تعيش قبائل عربية فرت من الاغتصاب والقتل والسلب والنهب على مدى أربعة أعوام ونصف الى جانب قبائل غير عربية تشكل الغالبية العظمى من 2.2 مليون نازح يعيشون في مخيمات ايواء في أرجاء الاقليم الذي تعادل مساحته مساحة فرنسا تقريبا.جاء ذلك ضمن تقرير لرويترز.

وقالت جميلة يحيى، في البداية كانت هناك مشكلات في المخيم.. عندما كنت أذهب لاحضار المياه كانوا يصفوني بالجنجويد ويقولون إن أهلي هاجموهم.

وهي من عشيرة المحاميد من قبيلة الرزيقات العربية التي جاء منهما معظم أفراد الميليشيا الذين حشدتهم الحكومة، وأطلق أبناء دارفور على الميليشيا اسم جنجويد وهي كلمة مشتقة بتصرف من عبارة بالعربية تعني (جن يركب جوادا).

والميليشيا متهمة بارتكاب أبشع الفظائع في الحرب ومن بينها الاغتصاب الجماعي والقتل. ويقدر خبراء دوليون أن نحو 200 ألف قتلوا منذ عام 2003 لكن الحكومة السودانية تقدر عدد القتلى بتسعة الاف فقط.

وميزت صور العرب من ذوي البشرة الفاتحة الذين يركبون الابل ويهاجمون المدنيين الافارقة ومنذ فترة طويلة الصراع الذي يوصف غالبا بأنه حرب بين الافارقة والعرب.

لكن النازحين في مخيم أبو شوك يقولون ان ذلك التفسير مبسط على نحو مخل ويقلل من حجم معاناتهم.

قال يعقوب المنحدر من أصول أفريقية وعربية مختلطة: هذا ليس صراعا قبليا. انها مشكلة سياسية تسببت فيها الحكومة..قبل هذا تعودت كل القبائل على أن تتعايش معا دون أي خلافات.

ولا يتعلق الخلاف بين العرب والافارقة في دارفور باللون، فالجميع أسود وان كان البعض أشد سوادا، فكون المرء عربيا أو أفريقيا يتعلق أكثر باللغة والثقافة والتاريخ.

لكن الحرب التي تفجرت عندما حمل المتمردون السلاح ضد الحكومة متهمين اياها باهمال منطقتهم جعلت المدنيين عربا وأفارقة على طرفين متقابلين في الصراع وأشعل ذلك توترات لم تكن موجودة من قبل.

وخلال الايام الاولى للحرب عندما طرد مئات الالوف من ديارهم على أيدي الميليشيات والقصف الحكومي بحثوا عن ملاذات في البلدات الرئيسية في دارفور وبدأت تتشكل أول مخيمات مؤقتة بائسة.

وتفاقم التوتر الى درجة انه في أحد الحوادث ضرب أفريقي عربيا حتى الموت في مخيم كلمة في ولاية جنوب دارفور.

ولكن العرب قالوا ان التعايش بات أسهل بعد أن هدأت المشاعر وبدأ الناس يدركون أن سكان المخيم جميعا ضحايا وأنهم في الاساس قبيلة واحدة هي قبيلة اللاجئين على حد وصف يعقوب.

وصرخت حوا ادم وهي عربية من قبيلة هوارة في وجه زوجها الذي قال انه لم تحدث أي مشاكل قط في المخيمات.

وقالت له غاضبة: أنت لم تخرج لجلب المياه ولم تضطر أن تسمعهم وهم يصفونني بالجنجويد.

لكنها استطردت قائلة ان الاوضاع الان أفضل.. الناس بدأت تدرك أنه ليس كل العرب فعلوا هذا، وأنه صراع سياسي.

والعرب في مخيم أبو شوك لديهم نفس الحكايات عن فقد أفراد عائلاتهم والاغتصاب مثلهم مثل اللاجئين من قبائل الفور والزغاوة غير العربية.

قالت امرأة من قبيلة كينين العربية: ظهرت قوة ذات يوم وحاصرت حيّنا وكانت تضم مسلحين معظمهم من العرب وبعض الافارقة يرتدون زيا عسكريا.

ومضت تقول: اعتادوا على سلب الاموال والذهب الخاص بنا، بل حتى الابسطة من تحت أطفالنا.

وتابعت قائلة: حذرونا بضرورة ترك بيوتنا لان طائرات ورجالا سيأتون لقتلنا.. وتأكيدا لقولهم جاءت الطائرات وقصفت..وجرينا لننجو بأنفسنا.

وكان لدى خالد عبد المعطي وهو عربي في مخيم أبو شوك من قبيلة الرزيقات رسالة لبني قبيلته الذين التحقوا بالميليشيا وقال انهم شبان غير متعلمين لكنهم يشهدون الان أخطاء الطريق الذي ساروا فيه.

وقال لا تسمحوا للحكومة بأن تستغلكم في محاربة أشقائكم.

ومضى يقول: المعارضة في دارفور حملت السلاح دفاعا عن حقوق ابناء دارفور جميعا وأنتم من بينهم.. يجب أن تحاربوا معهم ولا تحاربوهم.

شبكة النبأ المعلوماتية-الخميس 1 تشرين الثاني/2007 - 20/شوال/1428