الأكراد المشتتون... وحدها الجبال صديقتنا

شبكة النبأ: القضية الكردية وان كانت لم تحسم في الشان العراقي كونها انضمت الى نسيج متشابك ومعقد  في العملية السياسية ولا زالت امامها كثير من المشاكل التي يصعب حلها في الزمن المنظور في المشهد  السياسي العراقي الا انها ايضا خضعت الى التدويل الذي يعد اكثر تعقيدا مما في الشان الداخلي العراقي فان بروز الصوت الكردي في الوسط السياسي العراقي ومسالة كركوك اثار حفيضة المتربصين من دول الجوار وهم الآن اكثر استعدادا من ذي قبل لنسيان خلافاتهم المزمنة مع بعضهم البعض وانسجموا  في مواجهة التطلع الكردي الى المثلثين الخارجين عن الخارطة العراقية في ايران وفي تركيا كذلك الامر بالنسبة للدولة السورية والاقلية الكردية المتميزة فيها.

فتركيا ترى ان استخدام الضغط العسكري هو الكفيل للقضاء على تلك التطلعات والتي يمثلها حزب العمال النشط في تركيا فيما هي بحاجة الى التعضيد الايراني والسوري ايضا ليكتمل الطوق والحصار ولذا فان تركيا تحاول الضغط على الحكومة العراقية من جانب دبلوماسي وعسكري وهي بالتالي تنتظر من الجانب الامريكي ان يفعل ما هو ايجابي لأستقرار الاوضاع في العراق بكون ان هناك مشكلة مستجدة وقديمة في آن واحد يجب حلها لصالح الدول الثلاث ولا زالت الامور في طور الفوران مع تنامي العمليات العسكرية التركية في شمال العراق كريادة نموذجية تنتظر تركيا من اصحاب المصلحة ان يحذون حذوها ومباشرة الضغط العسكري والدبلوماسي لتحجيم التطلعات الكردية في منطقة كردستان الكبير.

ففي قلب التوتر الشديد القائم بين انقرة وبغداد يكمن الاكراد شعب بلا دولة موزع على اربع دول ويعيش على وقع الازمات المتتالية في منطقة خلافات تهدد بالانفجار.

ويقول مثل كردي شائع (وحدها الجبال صديقتنا) مختصرا في تلك الكلمات الثلاث تاريخ شعب يقيم على احد خطوط الانقسامات الاكثر اضطرابا في العالم ويتوزع بين تركيا وايران والعراق وسوريا.

وبالرغم من انهم لا يملكون دولة تحميهم ولا منفذا على البحر يحيي اقتصادهم تمكن الاكراد الذين يتراوح عددهم بين 25 و35 مليونا من الحفاظ على لغتهم وتقاليدهم ونظامهم العشائري.

الباحث اوليفييه روا المتخصص في المنطقة، قال ، ظلت السلطات الامبراطورية الفارسية والعثمانية المتعاقبة تستغل الاكراد حتى نهاية القرن التاسع عشر فكانت تترك لهم قدرا كبيرا نسبيا من الاستقلالية وتستخدمهم كقوات مساعدة لاحلال النظام على الحدود او السيطرة على اقليات اخرى. بحسب فرانس برس.

وتابع: انه عندما انتقلت القوميتان التركية والفارسية الى طور العلمانية في عهد اتاتورك في تركيا وآل بهلوي في ايران تنامت لدى الاكراد في المقابل مطالب اتنية وقومية.

لكن حين يتعلق الامر بمواجهة نزعات استقلالية فان دول المنطقة تعرف كيف تطرح خلافاتها جانبا وتعتمد موقفا موحدا لاحباط هذه المحاولات.

ففي 1937 وقعت بغداد وطهران وانقرة ميثاق سعداباد الرامي الى تنسيق جهودها لمواجهة العصابات الكردية المسلحة.

وبالرغم من تبدل الظروف والاوضاع منذ ذلك التاريخ لا تزال تركيا العلمانية وايران الاسلامية والعراق الخاضع للوصاية الاميركية تتردد اليوم ما بين التخوف من النزعة الانفصالية وتوظيف المسألة الكردية في علاقاتها مع جيرانها.

كذلك لم يجن الاكراد اي ضمانة من لعبة القوى الكبرى فالحرب العالمية الاولى التي شهدت انهيار الامبراطورية العثمانية لم ترس حلا دائما لمنطقة كردستان التي كانت تركيا تتمسك بالمطالبة بالسيطرة عليها.

وبعدما ابدت عصبة الامم لفترة تاييدا لمشروع اقامة دولة مستقلة للاكراد عادت عام 1926 ووافقت على اخضاع منطقة مدينة الموصل (في شمال العراق اليوم) لسلطات الانتداب البريطاني في العراق.

ولم يتخذ الغرب قرارا حازما بحماية الاكراد من تجاوزات الرئيس العراقي السابق صدام حسين الا مع نشوب حرب الخليج الاولى عام 1991.

وتحالف الاكراد آنذاك مع الولايات المتحدة وافادوا كثيرا من التدخل الاميركي الذي سمح لهم باقامة حكم ذاتي واسع وارساء استقرار نسبي وسط بلد تعمه الفوضى.

ونتج عن اطاحة نظام الدكتاتور صدام عام 2003 تبدل جذري في الوضع الاقليمي ترافق مع بلبلة واضطراب كبيرين.

وقال اوليفييه روا: نشهد الان التحاما بين اكراد شمال العراق والاكراد الاتراك على المستوى الثقافي واللغوي والاقتصادي لم يكن قائما في الماضي.

واشار الى ان المسالة الكردية تطاول ايران ايضا مع تفاقم القمع الى حد كبير جدا في كردستان الايراني ردا على تطور الوضع في العراق.

واوضح سونر كاغابتي الاختصاصي في شؤون المنطقة في معهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى: ان قيام منطقة الحكم الذاتي الكردية في شمال العراق اثارت حالة غليان لدى القوميين الاكراد في البلدان الاخرى ولا سيما في سوريا.

وفي لعبة التحالفات المعقدة في المنطقة فان تاييد عملية عسكرية تركية في كردستان العراق قد يشكل فرصة جيدة لطهران من اجل التقرب من انقرة والتصدي للمصالح الاميركية.

ورأى كاغابتاي: ان الايرانيين مستعدون لاي شيء لفك الطوق الاميركي بما في ذلك استرضاء الاتراك مضيفا: انه في اطار هذه الاستراتيجية فان تاييد عملية تركية ضد متمردي حزب العمال الكردستاني (التركي) في شمال العراق قد يشكل وسيلة مقايضة مفيدة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 22 تشرين الاول/2007 - 10/شوال/1428