
شبكة النبأ: تعد المعلومات عن جهاز
الاستخبارات العامة في السعودية، شحيحة جداً، مقارنة بوفرة المعلومات
عن أجهزة أخرى، تعمل في مجالات حسّاسة، ويعود ذلك إلى طبيعة عمل
الجهاز، التي تحتم وجود السريّة في كامل نشاطه، فقيمة نشاط هذا الجهاز،
تكمن في السرية والمعلومات الخاصة وغير المعلنة. وكانت البدايات الأولى
للنشاط الاستخباراتي، في رحم الجيش السعودي، حيث يتطلب عمل الجيش إنشاء
إدارة متخصصة بالبحث عن المعلومات الخاصة، بكل ما يتعلق بالجيش،
ولاحقاً أصبح لكل جهاز عسكري إدارة استخبارات خاصة به.
في السعودية أنشئت إدارة الاستخبارات العامة، والتي تتعلق بشؤون
المعلومات عن الدول والمنظمات الأخرى، وتعاقب على إدارتها بعض الأسماء
مثل: سعيد الكردي وعمر شمس وكمال أدهم، حيث كان معظمهم يعمل مستشاراً
في الديوان الملكي، أو يحمل رتبة عسكرية عالية.
وفي عام 1977، عين الأمير تركي الفيصل مديراً عاماً لإدارة
الاستخبارات العامة، وظل يشغل هذا المنصب حتى 21 أغسطس (آب) 2001، وهو
العام نفسه الذي احتلت فيه الاستخبارات السعودية عناوين الصحف
العالمية، وذلك بعد اشتراك 15 سعودياً في الهجوم الإرهابي على برجي
نيويورك، تحت مظلة زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة ابن لادن.
ثم عين الأمير نواف بن عبد العزيز رئيساً للاستخبارات العامة، حتى
تاريخ إعفائه بناء على طلبه في بداية العام الحالي، وذلك في 26 يناير
(كانون ثاني) الماضي.
لم تعد أجهزة المخابرات السعودية تقوم فقط بمجرد دورا عادي في
التأثير على أمن المنطقة وصيانتها ، بل أصبح لها المزيد من الأدوار
الأمنية الإقليمية العابرة للحدود، وعلى وجه الخصوص خلال الفترة
الأخيرة التي شهدت قيام أجهزة الأمن الأمريكية من عملية تغلغل داخل
الهياكل الاستخبارية والأمنية والدفاعية السعودية..
* المتغيرات الجديدة في تشكيل
الإدراك الأمني السعودي:
بنية الأمن السعودي لم تكن تتجاوز أمن السعودية، ومنطقة الخليج
واليمن، ودائرة الاهتمامات العامة بالعالم الإسلامي، ولكن في فترة ما
بعد الثورة الإيرانية، تغيرت بنية الأمن السعودي، وأصبحت هناك العديد
من المتغيرات والعناصر الجديدة التي أصبحت تلعب دوراً فاعلاً في تشكيل
نطاق المفهوم الجيوسياسي - الأمني السعودي..
وما هو واضح للعيان في اندماج بنية الأمن الإقليمي السعودي مع بنية
الأمن القومي الأمريكي، وهو أمر على ما يبدو قد تم عن عدم رغبة وإكراه،
وذلك لأن التوجهات والمنطلقات الحقيقية للإدراك السعودي لمفهوم الأمن
يرتبط بمنظومة القيم الإسلامية والعربية والوطنية السعودية، ولا ترتبط
بأي حال من الأحوال بمنظومة القيم الخاصة بالأمن القومي الأمريكي،
والتي تعبر حصراً عن توجهات جماعات وعناصر اللوبي الإسرائيلي، التي
يتزعمها اليهود الأمريكيون، وتهدف إلى دعم وحماية وتعزيز قدرة إسرائيل
في السيطرة على البلدان العربية والإسلامية الموجودة في منطقة الشرقين
الأوسط والأدنى.
لم تكن السياسة الأمنية السعودية تدخل معترك الخلافات الأمنية
والشرق أوسطية، ولكن بقدوم القوات الأمريكية بعد ارتكاب نظام الرئيس
صدام حسين لجريمة غزو واحتلال الكويت، وما أعقب ذلك من وجود أمريكي
مكثف في الخليج والسعودية والعراق المحتل، أصبحت السعودية بلداً عربياً
محتلاً بالقوة العسكرية الأمريكية، تماماً مثلها مثل العراق، والفرق
الوحيد يتمثل في أن احتلال السعودية هو من نوع الاحتلال العسكري "غير
المعلن" والذي أدى بدوره إلى إعادة تشكيل وتوجيه السياسات الأمنية
السعودية في الاتجاه الذي يتماشى مع المشروعات الأمنية الأمريكية إزاء
المنطقة، والتي يقوم اليهودي الأمريكي إبليوت إبراهام حالياً بدور
"العراب" الإسرائيلي الذي يحدد معالمها ومخططاتها، ضمن مهام منصبه
كنائب لمستشار الأمن القومي الأمريكي.
* الهيكل المؤسساتي البيروقراطي
الأمني السعودي:
على قمة الهرم الأمني المؤسساتي السعودي، يوجد المجلس الأمني المكون
من:
• الملك عبد الله بن عبد العزيز.
• رئيس الوزراء.
• قائد الحرس الوطني السعودي.
• مستشار الأمن القومي السعودي.
ويشرف هذا الرباعي على أربعة دوائر رئيسية هي:
* تنظيم قوات الحرس الملكي:
* وحدة المخابرات المضادة.
* وحدة القوات الخاصة.
* الحرس الوطني:
* المديرية العامة للمخابرات.
* الفرقة الخاصة: أفواج مكافحة الإرهاب.
* مديرية المخابرات العامة.
* وزارة الدفاع:
* قيادة المخابرات العسكرية الموحدة.
* قوات الجيش البري والقوات الجوية والبحرية.
* وزارة الداخلية:
* الأمن العام.
* قوات الأمن الخاصة.
* إدارة الأمن العام.
* حرس الحدود.
* المجاهدين (الفرع الاستخباراتي + مجموعات مكافحة الإرهاب).
* إدارة مكافحة المخدرات.
* إدارة الجوازات.
وتشير المعلومات إلى أن ميزانية أجهزة المخابرات والأمن السعودية،
كانت في عام 2004م في حدود 8.5 مليار دولار وفي عام 2005م حوالي 10
مليار دولار، وبلغت 12 مليار دولار في العام الماضي 2006م.
الارتباط بالأجهزة الأمريكية، أدى على حدوث المزيد من التغييرات
النوعية في الهياكل المؤسسية لأجهزة المخابرات السعودية والأمن، بحيث
أصبحت الوحدات والقوات المتخصصة في "مكافحة الإرهاب" تمثل الصنوف
السائدة في كل فروع المخابرات السعودية، وهذا في حد ذاته يبين أن عملية
التعديل والتحوير في مذهبية المخابرات السعودية قد تمت بما يتلاءم مع
متطلبات الحرب ضد الإرهاب التي تخوضها إدارة بوش حالياً..
ومن الواضح أن التوسع في أنشطة مكافحة الإرهاب، قد تم حسمه من حساب
التوسع في أنشطة مكافحة التجسس، وهو الأمر الأكثر أهمية بالنسبة لبلد
مثل السعودية، خاصة أن إسرائيل وحلفاءها يعملون ليل نهار من أجل
الاختراق والتغلغل في قوام وهياكل البنية الوطنية السعودية.. وبكلمات
أخرى، فإن المجال أصبح مفتوحاً أمام إسرائيل وأمريكا وبريطانيا من أجل
تنفيذ مخططات التغلغل في السعودية طالما أن أجهزة الأمن والمخابرات
السعودية "مشغولة" بمكافحة السعوديين المعارضين لأمريكا وإسرائيل،
والذين يتطوعون للقتال ضد الاحتلال الأمريكي في العراق..
* الدور الأمريكي في تشكيل الإدراك
الاستخباري السعودي المعادي لإيران:
يعتبر نواف العبيد المستشار الخاص للأمير السعودي تركي بن الفيصل من
أبرز الناشطين في عملية تشكيل الإدراك الأمني السعودي المعادي لإيران،
وذلك عن طريق المشروع الذي أطلقته أجهزة الأمن والمخابرات السعودية
دعماً للجهود الأمريكية المعادية لإيران، ويحمل المشروع الاستخباري
تسمية "مشروع إيران"، وقد تم إطلاقه في 27 أيلول عام 2007م، في العاصمة
السعودية الرياض. وكانت أولى إصداراته ورقة أمنية حملت عنوان: "الهلال
الشيعي والإحياء الشيعي: الأوهام والحقائق".
وفي 30 تشرين الأول، أعد "مشروع إيران"، دراسة أمنية استخبارية
مفصلة حول القوى المختلفة الفاعلة في الساحة العراقية، وقد تم تقديم
هذه الدراسة إلى اجتماع "المجلس الوطني للعلاقات العربية - الأمريكية"
بمناسبة الاجتماع السنوي الخامس عشر لمؤتمر صانعي القرار العربي –
الأمريكي.
اتجاهات الجهد الاستخباري السعودي:
ترتبط اتجاهات الجهد الاستخباري السعودي باتجاهات الجهد الاستخباري
الأمريكي، وذلك على النحو الآتي:
*الاتجاه الاستراتيجي الشرقي: ويتضمن تنسيق الجهود الاستخبارية
الأمريكية – السعودية ضد إيران.
* الاتجاه الاستراتيجي الشمالي الشرقي: ويتضمن تنسيق الجهود
الاستخبارية السعودية لجهة تعزيز الوجود الأمريكي في العراق.
* الاتجاه الاستراتيجي الشمالي: ويتضمن تنسيق الجهود الاستخبارية
السعودية – الأمريكية – الأردنية، من أجل تعزيز قدرة "المعتدلين العرب"
ودعم "حكومة السنيورة".
* الاتجاه الاستراتيجي الغربي: ويتضمن تنسيق الجهود الاستخبارية
السعودية حصراً، من أجل السيطرة على "أمن البحر الأحمر" باعتباره الممر
البحري الأخطر في العالم.
* الاتجاه الاستراتيجي الجنوبي: ويتضمن تنسيق الجهود الاستخبارية
السعودية من أجل السيطرة على الأوضاع اليمنية، وإدارة الصراع الصومالي
– الصومالي..
* جبهة أمن الوطن السعودي: ويتضمن تنسيق الجهود الاستخبارية من أجل
إضعاف العناصر المعادية للوجود الأمريكي في السعودية والعراق والخليج،
وأيضاً الحد من أنشطة الجمعيات والمنظمات الدينية التي تنظر إليها
أمريكا باعتبارها منظمات داعمة للإرهاب..
وعموماً، التعاون الأمني – الاستخباراتي السعودي – الأمريكي سوف
يستمر برغم انزعاج وعدم رغبة السعوديين بما في ذلك "العائلة المالكة"..
وسوف تظل "المؤسسة" الملكية السعودية تدفع ثمن خطأ "إدخال الدب إلى
كرمها" من جراء قيام المملكة السعودية بالموافقة على استضافة قواعد
القوات الأمريكية في الحرب التي شنها الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب في
مطلع تسعينات القرن الماضي ضد صدام حسين، والتي كانت نتيجتها الثانوية
المعلنة تتمثل في إخراج العراق من الكويت أما نتيجتها الأولية الأساسية
غير المعلنة تمثلت في توطيد تمركز القوات الأمريكية في السعودية!!!
..................................................................
المصادر:
1- الشرق الاوسط
2- موقع الجمل
المركز الوثائقي والعلوماتي
مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام
www.annabaa.org
arch_docu@yahoo.com |