زيارة بوتين لإيران تحذير من الحرب ام تاسيس لتحالف جديد؟

شبكة النبأ: رغم ان روسيا ايدت جولتين سابقتين من العقوبات الاقتصادية ضد ايران إلا انها تحاول ان تلعب دور الوسيط بين الغرب والجمهورية الاسلامية المصرّة على الاستمرار في برنامجها النووي معتبرة اياه حقا تكفله المواثيق الدولية، ومع ما تحمله زيارة بوتين الى طهران من دفع معنوي واخراج للعزلة التي يعانيها احمدي نجاد وقد تحمل ايضا تاسيس مضامين مصلحية للمستقبل إلا انها تحمل في طياتها تحذيرا روسيا من غيوم حرب تتلبد في الافق.

واوضح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لواشنطن ان موسكو لن تقبل تحركا عسكريا ضد ايران واقنع الدول الاخرى المطلة على بحر قزوين باستبعاد شن مثل هذه الضربات من المنطقة.

وافادت وكالات انباء روسية ان بوتين دعا ايضا الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد لزيارة موسكو لاجراء محادثات. بحسب رويترز.

ونقلت وكالة الاعلام الروسية عن بيان للزعيمين قوله ان مواعيد زيارة احمدي نجاد ستحدد من خلال القنوات الدبلوماسية.

وفي تصريحات تستهدف الولايات المتحدة قال بوتين في وقت سابق اثناء محادثاته في ايران "لا ينبغي حتى التفكير في استخدام القوة في هذه المنطقة."

وقال لرؤساء ايران واذربيجان وقازاخستان وتركمانستان في قمة لدول بحر قزوين "يجب ان نتفق على ان استخدام ارض احدى دول بحر قزوين في حالة الاعتداء على اخرى مستحيل."

ويبدو ان تصريحاته في هذا الشأن تستهدف ايضا اذربيجان الجمهورية السوفيتية سابقا حيث تفقد الجيش الامريكي مطارات. واشارت وسائل اعلام روسية الى ان واشنطن ربما تحاول التفاوض للحصول على حق استخدام منشاتها العسكرية. وتنفي باكو ذلك.

وفي اعلان نهائي ايدت دول بحر قزوين دعوة بوتين قائلة انها "لن تسمح تحت اي ظروف بان تستخدم دولة ثالثة (أراضيها) لشن عدوان او القيام بأي تحرك عسكري اخر ضد دولة عضو."

كما أقروا في الاعلان النهائي بحق كل الدول الموقعة على معاهدة حظر الانتشار النووي ومن بينها ايران فى تطوير الطاقة النووية للاغراض السلمية.

واشاد الرئيس الايراني الذي يتمسك بأن بلاده لن توقف انشطتها النووية التي يصر على انها سلمية باعلان دول بحر قزوين.

واجتذب حضور بوتين -وهو أول زعيم للكرملين يزور ايران منذ عام 1943 - الاضواء نظرا لاحتمال استغلال روسيا ثقلها كشريك تجاري لايران ومورد لمعدات نووية لكبح جماح طهران نيابة عن قوى عالمية اخرى.

وتساعد روسيا في بناء محطة بوشهر للطاقة النووية على الخليج لكنها أخرت بصورة متكررة موعد بدء التشغيل مشيرة الى تأخيرات في المدفوعات الايرانية. وتنفي طهران وجود اي مشاكل بشأن المدفوعات وتقول ان روسيا تذعن لضغط غربي.

وقال بوتين لوسائل اعلام ايرانية انه لا يمكنه تقديم ضمانات لموعد تسليم الوقود للمحطة الذي تأخر ايضا. وقالت وكالات انباء روسية ان الجانبين اتفقا على ان تكمل روسيا العمل حسب الجدول الزمني المتفق عليه.

وربما تخيب تصريحاته امال المسؤولين الايرانيين الذين قالوا قبل وصوله انهم يتوقعون "انباء طيبة" بشأن بوشهر.

ووصل بوتين لطهران متجاهلا تقريرا روسيا عن مؤامرة لاغتياله خلال الزيارة وكان مسؤولون روس لمحوا لاحتمال تغييره خططه. ووصفت ايران التقارير بانها بلا أساس.

واجرى بوتين محادثات ثنائية مع احمدي نجاد واجتمع أيضا مع الزعيم الاعلى الايراني اية الله علي خامنئي صاحب الكلمة الاخيرة في شؤون الدولة.

وكان مجلس الامن التابع للامم المتحدة اصدر قرارين فرض بموجبهما عقوبات محدودة على ايران ايدتهما روسيا وخمس قوى عالمية اخرى هي الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا والصين. وتضغط واشنطن وباريس من أجل عقوبات أكثر صرامة واوسع نطاقا.

بوتين يؤيد حق طهران في النووي

واعرب بوتين في طهران عن تأييده حق ايران في الطاقة النووية لكنه ارجأ الى اجل غير مسمى انجاز محطة بوشهر النووية التي تبنيها روسيا في ايران.

واعرب بوتين بهذه المناسبة عن تاييده للبرنامج النووي الايراني معتبرا انه "يجب السماح بالنشاطات النووية السلمية". وعقد بعد القمة لقاءين مع الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد استقبله بعدهما المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي.

وقال بوتين بحسب التلفزيون الرسمي، ان العلاقات بين ايران وروسيا ستتطور بشكل غير محدود ونامل ان تفتح هذه الزيارة صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، مضيفا ان من مصلحة روسيا وجود ايران قوية.

غير انه عاد بعد لقائه احمدي نجاد وارجأ الى اجل غير مسمى اتمام اول محطة نووية ايرانية انتقل عقد بنائها الى روسيا عام 1994 بعد تخلف المانيا عن متابعة الاشغال في اعقاب الثورة الاسلامية عام 1979.

وفي المساء نقلت وكالات الانباء الروسية بيانا نشر في ختام الاجتماع الثاني بين الرئيسين الروسي والايراني في طهران جاء فيه ان روسيا تعهدت بانجاز محطة بوشهر النووية التي تبنيها في ايران وبدء تشغيلها "وفق الجدول الزمني المقرر".

احمدي نجاد يدعو الى مشاريع جديدة لروسيا في بوشهر

ونقلت وكالات الانباء الروسية عن الرئيس الايراني نجاد قوله انه يريد من روسيا ان تساعد في بناء وحدتين اخريين من المفاعلات النووية لتوليد الطاقة في مجمع بوشهر.

ونقلت وكالة الاعلام الروسية عن احمدي نجاد قوله بعد الالتقاء بالرئيس الروسي بوتين، ايران مستعدة للتعاون مع روسيا في بناء الوحدتين الثانية والثالثة في بوشهر.

وتأتي دعوة ايران للمزيد من التعاون بعد بيان مشترك صدر في اعقاب اجتماع الزعيمين ذكر ان المحطة التي لم تنته بعد سيتم استكمالها في موعدها من قبل المقاولين الروس.

وقال البيان، محطة بوشهرالنووية لتوليد الطاقة سيتم استكمالها وتشغيلها وفقا للجدول الزمني المتفق عليه.

واضاف البيان، أكد الجانبان..انه سيتم متابعتها على نحو صارم تماشيا مع التزاماتهما في ظل معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية.

مؤامرة اغتيال في طهران

وكانت زيارة بوتين الجمهورية الاسلامية قبل انتخابات برلمانية تجري في ديسمبر كانون الاول وسط تكهنات عن كيفية حفاظه على قبضة السلطه في روسيا عقب تركه منصبه كرئيس للجمهورية. واكتسب بوتين شعبية كبيرة داخليا بفضل صورته كشخص قوي.

وقال مسؤولون بالكرملين ان خطط زيارة بوتين لايران باتت محل شك بعد أن نشرت وكالة أنباء روسية تقريرا افاد أن انتحاريين وخاطفين يتامرون على قتل بوتين خلال الزيارة.

وقال بوتين في المانيا قبل زيارته لايران، اذا كانت لدينا فرصة لمواصلة هذه الاتصالات المباشرة فسوف نستغلها املين التوصل لنتيجة ايجابية تفيد الطرفين.

وفي روسيا سيطر تقرير مؤامرة الاغتيال على الانباء وقال محللون انه قد يحشد التأييد لبوتين وسط ترقب عام لما سوف يأتي بعد فترتي رئاسته.

وقال نيكولاي زلوبين مدير مشروع روسيا واوراسيا في معهد الامن العالمي في واشنطن، اعتقد ان الامر ليس له علاقة بايران أو الارهاب. اعتقد انه نموذج للصراع داخل ادارة بوتين.

روسيا تبيع ايران محركات طائرات ميج 29

وقالت صحيفة روسية إنه من المتوقع ان يوقع الرئيس بوتين صفقة يبيع بموجبها 50 محركا جديدا لطائرات ميج 29 للقوات الجوية الايرانية خلال زيارته لعاصمة الجمهورية الاسلامية.

وذكرت صحيفة كومرسانت الاقتصادية الروسية نقلا عن مصادر لم تكشف عنها ان الصفقة وقيمتها المبدئية 150 مليون دولار مقابل 50 محركا طراز ار.دي 33 لطائرات ازرخش الايرانية المقاتلة يمكن ان توقع خلال حضور بوتين قمة لدول بحر قزوين منعقدة في العاصمة الايرانية طهران. بحسب رويترز.

وقالت الصحيفة ان مصنع تشرنيشيف للمحركات في موسكو سيقدم هذه المحركات من خط انتاج محركات طائرات ميج 29 . ولم يتسن الاتصال بالمصنع للتعليق.

وطبقا لتقديرات الحكومة من المتوقع ان تجني روسيا عضو مجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى والعضو الدائم في مجلس الامن التابع للامم المتحدة 7.5 مليار دولار من مبيعات السلاح هذا العام وهو مبلغ قياسي مقارنة بما بلغ 6.4 مليار عام 2006.

ماذا وراء الصداقة بين موسكو وطهران؟

وفي شأن الزيارة قالت صحيفة الـ ايكونوميست البريطانية: ان الرئيس بوتين اراد ان يبدو اقل صرامة في التعامل مع ايران. لان روسيا تريد ان تؤكد من جديد نفسها كقوة كبرى مستقلة ولا شك ان ايران يمكن ان تساعدها في ذلك فالتداول النووي مع طهران مفيد لموسكو وايران مصدر قلق لامريكا.

لكن من المرجح ان يكون بوتن قد ضغط قليلا على طهران كي تدفع ديونها لروسيا مقابل مساعدتها في بناء مفاعل بوشهر النووي المدني. اذا كانت ايران قد تأخرت في دفع تلك الديون مما جعل روسيا تبطىء عملية البناء فيه، لكن من المتوقع الان ان تستأنف العمل فيه اذا ما تمت تسوية تلك الديون وثمة مسألة مهمة اخرى وهي ان روسيا لا ترغب بالطبع في رؤية جارتها ايران ماضية في تطوير سلاح نووي وذلك لان نجاح ايران في هذا المجال سوف يشجع دولا اخرى في المنطقة على السير في نفس هذا الطريق.

ولا ريب ان روسيا التي تواجه حربا خاصة بها في اقليم الشيشان المسلم لن تستسيغ بعد ان اصبحت هذه الحرب قضية اسلامية فكرة وجود دول اسلامية مجاورة لها في الجنوب تلوح بالاسلحة النووية.

واضافت الـ ايكونوميست: انه بعد الاجتماع الذي عقده وزراء خارجية الدول الاوروبية هذا الاسبوع من اجل التوصل لموقف مشترك في التعامل مع ايران، اراد فريق منهم بقيادة فرنسا فرض عقوبات جديدة قوية سريعا على ايران، لكن الفريق الاخر الذي ضم المانيا، ايطاليا، اسبانيا والنمسا اعلن انه لا يمكن العمل باية عقوبات اوروبية جديدة دون الامم المتحدة.

ولما كانت مثل هذه الخطوة ستواجه احتمال حق النقض من جانب روسيا، تحاول امريكا الآن تعزيز عقوباتها التي تفرضها على ايران، بمشاريع قوانين فيدرالية وعلى مستوى الولاية من اجل حد تدفق الاموال الامريكية للشركات الاوروبية التي تتعامل مع ايران، غير اننا لو تذكرنا ان العقوبات الامريكية الراهنة ليست جديدة، لتبين لنا انه حتى هذه القوة العظمى امريكا لا تمتلك حتى الآن ورقة اقتصادية قوية للضغط على ايران في حين ان روسيا تستطيع اذا رغبت ممارسة بعض التأثير في طهران، لكن هل يفعل بوتن ذلك؟ لا على الارجح ولو في الوقت الراهن على الاقل.

شبكة النبأ المعلوماتية- الجمعة 19 تشرين الاول/2007 -7/شوال/1428