الفدرالية حق دستوري أم مغازلة لمشروع تقسيم العراق

اعداد/ صباح جاسم

شبكة النبأ: يمثل رفض التيار الصدري لمطالب الحكيم بالتوجه نحو اقامة الأقاليم اول خلاف في وجهات النظر بينهما بعد توقيعهما لوثيقة تهدف الى احترام الدم العراقي وحفظ المصالح العليا للبلاد وتجاوز الصراعات المسلحة مطلع الشهر الحالي.

ولعل هذه الخلافات بين الكتل السياسية تُبرز بشكل خاص الهوة الموجودة فعلا بين مختلف الأقطاب بشان الفدرالية، بينما تعلم هذه الجهات سواء المؤيدة منها او المعارِضة ان اقامة الاقاليم هي شان الشعب فقط وهو المعني الوحيد من خلال استفتاء جامع بتحديد القبول او الرفض.

واعتبر التيار الصدري مطالبة عمار الحكيم نجل الزعيم الشيعي عبد العزيز الحكيم بتطبيق الفدرالية وتشكيل اقليم الجنوب "مغازلة لمشروع تقسيم العراق" الذي اقره الكونغرس الاميركي. وكان عمار الحكيم قد دعا خلال خطبة صلاة العيد الى الاسراع في تشكيل الاقاليم في اطار نظام فدرالي.

وقال الشيخ صلاح العبيدي الناطق باسم التيار الصدري في مدينة النجف (160 كم جنوب بغداد) لوكالة فرانس برس، في الوقت الذي خرج الكونغرس الاميركي بقرار تقسيم العراق بات من الواضح ان الاصرار على تطبيق الفدرالية في وضع العراق المأساوي الراهن هو مغازلة للتوجهات الاميركية المعلنة. واكد العبيدي الموقف الرافض للمشروع قائلا، نحن موقفنا ثابت من الفدرالية ولم يتغير.

فيما رأى الحكيم رئيس مؤسسة شهيد المحراب للتبليغ الاسلامي ان ذلك مصلحة عراقية وقرار عراقي وارادة عراقية وحق كفله الدستور.

الصدريون لايؤيدون الفيدرالية مع "وجود الاحتلال"

وقال رئيس الهيئة السياسية للتيار الصدري، إن التيار لايعترض على فكرة الفيدرالية... لكنه ضد تطبيقها في ظل "وجود الاحتلال". فيما اعتبر قيادي في الإئتلاف العراقي الموحد أنه من الصعب تطبيق الفيدرالية حاليا "من الناحية العملية".

وأوضح رئيس الهيئة السياسية الصدرية لواء سميسم لوكالة (أصوات العراق) وجهة نظر التيار الصدري في مسألة تطبيق الفيدرالية، قائلا، نحن لا نعترض على الفيدرالية كفكرة، لكن الاعتراض على التوقيت... فالتيار الصدري لا يؤيد (تطبيق) الفيدرالية مع وجود الاحتلال.

وكان عمار الحكيم، رئيس مؤسسة (شهيد المحراب للتبليغ الإسلامي) طالب بالإسراع في تشكيل الأقاليم في ظل نظام فيدرالي، معتبرا ان هذا النظام يصب في مصلحة الشعب العراقي.

ودعا الحكيم، أمام جمع غفير من المشاركين في صلاة (عيد الفطر) التي اقيمت في مكتب الحكيم ببغداد إلى  المضي بتطبيق النظام الفيدرالي، بدءا من إقليم جنوب بغداد (الذي يضم المحافظات ذات الغالبية الشيعية) إلى الأقاليم الأخرى، وشدد على ضرورة الحفاظ على وحدة العراق أرضا وشعبا وحكومة، معتبرا أن النظام الفيدرالي واحد من المداخل لتحقيق هذه الوحدة.

ولفت سميسم إلى أن تطبيق الفيدرالية في الوقت الحاضر سيعمل على اضعاف الحكومة المركزية، وقال لو طبقت الفيدرالية في الوقت الحالي، ومع وجود الاحتلال، فسيؤدي ذلك إلى ضعف الحكومة المركزية... مما سيولد الكثير من الإنعكاسات السلبية.

وجدد القيادي الصدري القول بأن التيار مع الفيدرالية في حالة خروج الاحتلال، وتقوية الحكومة (العراقية) المركزية في بغداد.

والتيار الصدري كان أحد المكونات الأساسية لـ (الإئتلاف العراقي الموحد) الذي تشكل من عدة أحزاب وتنظيمات سياسية ودينية شيعية لخوض أول انتخابات برلمانية تجري في العراق، في كانون الأول/ ديسمبر من العام (2005)، منذ سقوط النظام السابق برئاسة صدام حسين على يد التحالف العسكري الذي قادته الولايات المتحدة الأمريكية في نيسان أبريل من العام ( 2003).

وفاز الإئتلاف بـ (130) مقعدا في تلك الإنتخابات من (275) اجمالي عدد مقاعد محلس النواب العراقي. لكن انسحاب (حزب الفضيلة، في آذار مارس من العام الجاري (2007)، والذي يحتفظ بـ (15) نائبا، قلص مقاعد (الإئتلاف) إلى (115)... انخفضت بعد ذلك إلى ( 83) فقط ، منتصف أيلول سبتمبر الماضي، بعد انسحاب كتلة التيار الصدري (30 نائبا)، وقائمة (رساليون) ولها مقعدان.

من جهته، أعرب سامي العسكري عضو مجلس النواب العراقي عن (الإئتلاف العراقي الموحد) عن اعتقاده بأنه من الصعب تطبيق الفيدرالية من الناحية العملية, على الرغم من إمكانية تطبيقها من الناحية القانونية، لافتا إلى وجود خلاف على كيفية تطبيق الفيدرالية، حتى بين الأوساط الشيعية في العراق.

ولاقى هذا المشروع اعتراضا واسعا بين أطياف مختلفة من الشعب العراقي. كما انتقد رئيس الوزراء نوري المالكي، وهو من قيادات ( الإئتلاف العراقى الموحد) صاحب الأغلبية البرلمانية، مشروع التقسيم... معتبرا أنه "يعمل على تقسيم العراق طائفيا"، مشيرا إلى أن ذلك "لا يقره الدستور العراقى، الذى ينص على  التقسيم الفيدرالى الذى لا يقوم على الطائفية" حسب قوله قبل أيام.

وقال العسكري، الذي ينتمي إلى كتلة المستقلين داخل (الإئتلاف الموحد)، في اتصال مع ( أصوات العراق)، لا توجد مشكلة في تطبيق الفيدرالية من الناحية القانونية، لأنها أقرت في الدستور العراقي... لكنه من الناحية العملية نحن بحاجة إلى شوط لا بأس به من أجل تطبيقها.

وأوضح أن قانون المحافظات، لم يتم إقراره بعد في مجلس النواب، كما أن انتخابات مجالس المحافظات لم تبدأ، مشددا على أنه لا بد من تهيئة الأرضية القانونية والموضوعية لإقامة الإقليم.

وأضاف العسكري، هناك آراء متنوعة بشأن تشكل الإقليم, ويوجد ثلاثة آراء على الساحة الشيعية في هذا الخصوص... الأول يتبناه المجلس الأعلى الإسلامي، الذي يتزعمه السيد عبد العزيز الحكيم، وينادي بتشكيل إقليم الوسط والجنوب... الذي يتكون من تسع محافظات، والبعض الآخر يميل إلى فيدرالية المحافظات... بأن تكون كل محافظة إقليما مستقلا بذاته (كما ينادي بذلك حزب الفضيلة الإسلامي)، والرأي الثالث يطالب بأن تكون هناك فيدرالية تضم من ثلاث إلى أربع محافظات.

وكان عضو مجلس النواب عن (حزب الفضيلة الإسلامي) باسم شريف قال لـ ( أصوات العراق )، إن الظرف في الوقت الحاضر غير مهيأ لتطبيق الفيدرالية، معتبرا أن تشكيل أقاليم كبيرة يحتاج إلى مقدمات صحيحة، وأن تلك المقدمات لتطبيق الفيدرالية غير متوفرة في الوقت الحاضر في البلاد.

وشدد شريف، تعليقا على دعوة عمار الحكيم، على أن تطبيق الفيدرالية إذا حدث، فيجب أن يكون على أساس إداري... وليس على أساس طائفي، رافضا الفيدرالية التي تؤدي إلى تقسيم العراق.

كما اعتبر حسام العزاوي عضو البرلمان عن (القائمة العراقية الوطنية)، التي يقودها رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، أن تطبيق الفيدرالية في الوقت الحاضر سيعمل على تنامي الصراعات الطائفية والحزبية في البلاد.

وقال العزاوي، إن الدستور العراقي الحالي كفل الفيدرالية... ولكن الظروف السياسية والأمنية لا تساعد على تطبيقها في الوقت الحاضر، داعيا إلى تأجيلها إلى حين استكمال بناء الدولة العراقية على أساس وطني، مشيرا إلى أن الفيدرالية لا تلقى تأييدا من معظم الكتل السياسية، ومنها القائمة العراقية.

عمار الحكيم: الفيدرالية ضمان الوحدة ومغادرة القوات الأجنبية

من جهة اخرى قال نجل الزعيم الشيعي العراقي عبد العزيز الحكيم، والذي بدأ في استلام مهام خلافة والده الذي يعاني من السرطان، إنّ العراقيين يعملون من أجل رؤية اليوم الذي لا تكون فيه البلاد بحاجة إلى وجود قوات أجنبية أو قواعد عسكرية.

وقال عمار الحكيم، الذي يعدّ أحد أبرز قيادي المجلس الإسلامي الأعلى العراقي، أكبر الأحزاب الشيعية في البلاد في خطبة بمناسبة العيد، نحن نعمل من أجل تعزيز الهيئات الأمنية، الشرطة والجيش، بما يسمح لها بحل الفوضى وبما يجعلنا قادرين على القيام بذلك من دون وجود قوات أجنبية في البلاد. وأضاف، سنعمل على أن تكون هناك قواعد دائمة للقوات الأجنبية في العراق.

وفي تصريح مهم يعكس رؤية الحزب فيما يتعلق بسيادة العراق، دعا الحكيم العراقيين إلى دعم الفيدرالية التي هي كفيلة بالحفاظ على العراق موحدا ولكنه يسمح للعرقيات بتسيير مناطق مختلفة في البلاد.

وأوضح، مازلنا في الطريق من أجل الوصول إلى سيادة كاملة للعراق وسيتحقق ذلك. ومجددا نشدّد على العمل من أجل الفيدرالية وإنشاء الأقاليم.

وقال، أدعو الشعب العراقي لإنشاء أقاليم انطلاقا من جنوب بغداد وبقية المناطق. إنه قرار عراقي مستند إلى رغبة عراقية ومن أجل مصلحة العراقيين.

وأضاف، نجدد التأكيد على أهمية الحفاظ على وحدة العراق والبلاد والشعب والحكومة. نحن نؤمن بهذه الوحدة وسنقاتل من أجلها ونحن نعتقد أنّ الفيدرالية هي إحدى السبل الكفيلة بحماية هذه الوحدة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 17 تشرين الاول/2007 -5/شوال/1428