نداء في يوم العيد

 الدكتور محمد مسلم الحسيني- بروكسل 

نداء تدعمه الأرض... وتباركه السماء......نداء....

 نداء ينطلق من أعماق مغترب عن أرضه ووطنه منذ عقود من السنين...

 نداء ينطق به من رحل عن أحبابه ومحبيه بجسده دون روحه وبحواسه دون أحاسيسه وبفكره دون تفكيره وبنفسه دون أنفاسه! نداء أرفعه لكم أخوتي أبناء بلدي الحبيب وأنا من وراء البحار...

 أدعوكم بحق هذا اليوم الجليل عند الله وعندكم، أن تغلقوا أفواه البنادق وتفتحوا أفواه الحوار... أن تطفئوا نار الحقد والضغينة وتوقدوا أنوار المحبة والوئام.

 أن يحب أحدكم للآخر كما يحب لنفسه ويكره له كما يكره لها، كما أوصانا مولانا أبو الحسنين علي(ع).

أنسيتم أنكم أخوة بكل شىء... !؟. فهذا التأريخ يناديكم...وذاك التراث يناجيكم...والأنتماء يعتب عليكم ويحاكيكم.... ألستم أنتم أبناء هذا الوطن العظيم !؟. أرض التأريخ والحضارات...أرض ما بين النهرين...هذه الأرض الطاهرة التي حوت رفاة الأئمة والأزكياء....

 ألم تدركوا بأن الصراع والعنف بين الأخوة هو لباس المتخلفين وطريق الجهلاء !؟.هل سمعتم بأن التأريخ قد رحم عصرا تقاتل فيه الأحباء والأخوة فيما بينهم !؟. هل قدّس التأريخ زمنا إنتصر فيه الأخ على أخيه والأبن على أبيه !؟. ففي قتال الذات مع الذات شر الممات وأبغض السيئات....

نحن أبناء هذا الوطن الذي أسمه العراق... فهو أبونا وأن تعددت أمهاتنا وتباينت أعراقنا وأدياننا وطوائفنا ولغاتنا ومشاربنا. هو مولانا وأن تناقضت ولاءاتنا وأفكارنا ورؤانا وطموحاتنا. العراق أب الجميع وليس أبا لأحد دون أحد... فحبه من حب الله ومرضاته من مرضاة الله والحفاظ عليه وعلى وحدة ترابه كالحفاظ على قدسية الله. نحن مسؤولون أمام الله قبل الوطن... وأمام الوطن قبل الضمير... وأمام الضمير قبل النزعات....

 أناشدكم أخوتي بشهامتكم وأخلاقكم... أناشدكم بضمائركم وطيبة سرائركم.... أن تتركوا التنابز والتهاتر بالأسماء والألقاب والطوائف والأديان والصفات والنعرات... ان تتجهوا معا الى محراب مقدس واحد ليس له بديل وليس له شريك! إنه محراب الوطن... فكلنا نموت والوطن باق لا يموت...

هذا اليوم أخوتي هو يوم الوسطية والإعتدال، يوم التعقل والدراية، يوم الحكمة والموعظة... وليس التهور والتطرف ولا التهميش والإقصاء أو الأنانية وحب الذات.... أتركوا المباراة الخائبة بين الفرقاء... فأحدكم ينعت الآخر بالبعثية أو يصفه بالصفوية! وتستمر هذه المباراة الغبية (البعثوصفوية) حتى تنهك أجسادكم وتزهق أرواحكم ولا أحد يفوز منكم! ليس هنالك من سيستأنس بهذه اللعبة الخاسرة إلاّ أعداء العراق وأعداؤكم ! فكونوا أكبر من المؤامرة التي تحيق بكم...أنتشلوا جسد العراق الجريح وأوصلوه الى بر السلم والأمان... وقبل فوات الأوان...!

وأنتم أيها السياسيون الأكارم، يا من تتحملون العبأ الأكبر أمام الله وأمام الوطن وأمام الضمائر. تخلوّا عن الغرور وحب الأنا، فكلاهما داء قاتل. ليكن الوطن هو الرابط الأصيل لتوجهاتكم وتطلعاتكم، فالعراق الحبيب ملكا للجميع وليس حكرا لحزب دون حزب أو لفئة دون أخرى أو لفرد دون آخر.

 لتكن الكفاءة والقدرة المقياس الصحيح في وضع الرجل المناسب في المكان المناسب. فالحزبيون الذين ناضلوا من أجل الوطن عليهم أن يكملوا المشوار ويثبتوا لأبناء الشعب المظلوم بأن نضالهم هو من أجل صالح الوطن وفوائده وليس من أجل السلطة والإسترخاء ولا من أجل المادة والإثراء!

 الظرف الذي أنتم فيه حساس وصعب! وهذا هو إمتحان التأريخ لكم!. دون شك أخوتي أن عيونكم الساهرة لاتستطيع النوم براحة وهدوء على سرير الديمقراطية الجديد الذي فراشه الإحتلال ولحافه الإرهاب، وهذا أمر يدركه الجميع! ولكن ما هو الحل وما هو العلاج ؟. الحل يا أحبابي عندكم.....والعلاج يا أخوتي بين أيديكم... الحل هو لحمتكم وتآخيكم... تعاونكم وتراضيكم...تواددكم وتصافيكم.... فلنتعانق بدل ان نتخانق... ونتقاسم بدل ان نتخاصم.... ونتحاور بدل أن نتهاتر.... سنجد حينها، أن الله تعالى معنا... سيمدنا بجنده وينصرنا بنصره.... سنجد الإحتلال يضمحل ويزول... والإرهاب يأفل ويموت... وسنتذكر جميعا قول الله تعالى: (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ).

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 16 تشرين الاول/2007 -4/شوال/1428