مما لاشك فيه إن البرلمانات العالمية والمجالس الوطنية في العالم
تعد المعبر الرئيس لفكر ونتاج الانتخابات التي تمثل الشعوب تمثيلا
طبيعيا على أساس التعبير الحر (وهنا نقصد الدولة الدستورية الديمقراطية
بكل تأكيد).
وعلى أساس إننا التحقنا أو قل في طور الالتحاق بتلك الدول من حيث
الاتجاه نحو التغيير فان الواجب علينا أن ندرس التجارب السابقة الحالات
المشابهة من كل الجوانب، ونعتبر منها كي ننجح في عملنا إن كنا فعلا
نريد النجاح، وعليه فان تجارب الشعوب السابقة تخبرنا بان الشعب لايمكن
أن يكون بأسره في داخل قبة البرلمان، ولو انه بالفعل داخل قبة البرلمان
عن طريق ممثليه الشرعيين، رغم هذا لا يعني أن عدم تمثيل ألآخرين في
البرلمان ليس معناه عدم وجودهم على واقع الحال.
ولكن السؤال الذي يبقى يبحث عن إجابة ، هل يُهمل من هو خارج قبة
التشريع؟
إذا أردنا البحث أو الإجابة عن هكذا سؤال فيكفينا نظرة متفحصة سريعة
على تشكيلة البرلمان العراقي ونتاجه من حكومة وهيئات أخرى، وفيها يكون
الجواب من الوضوح ما يغني عن التصريح، فحتى من هم داخل البرلمان بعضهم
يعاني الإقصاء والتهميش في اتخاذ القرار فضلا عمن هو خارج اللعبة
السياسية ، إذن نرى بان الأمور تدار على أساس التعاطي بين الأشخاص لا
بين الكتل وهذا يصب خارج العمل السياسي.
فمن لم يسعفه الحظ أو من لم يشترك في لعبة السياسة في الوقت
السابق، لايعني إن لايكون له دور في الاشتراك في بناء بلده أو اتخاذ
القرار لأنه سوف يكون رقما صعبا تتعامل معه في الشارع إن لم تعرفه
وتتعرف عليه، و بكل جدارة سيكون قيادي الحركة السياسية عنصر فعال في حل
كثير من الإشكاليات إن أنت دعوته للعمل حتى ولو من مبدأ المعارضة أو
المشاركة الجماهيرية.
هذا ماعرفناه في قوانين الدول التي تتبع نظام التعددية السياسية وهو
بذلك يكون قوة مضافة لحركة الانتخابات ورصيدا معدا لها لمواجهة أي صراع
قد تواجهها.
أما مالاحظناه في وضعنا العراقي فبكل تأكيد نرى أن الحوار مغلق
تماما على من لم يكن له نصيب في الانتخابات أو من لم يشترك بها وكأن
القضية سحب نصيب أو تسابق ومن يصل يترك الآخر.
ولكن من أراد البناء الحقيقي لهذا البلد فعليه أن يبدأ من بناء
النفوس وتطييبها وليس عيبا على الإطلاق أن تحاور وتناقش شركائك في
الوطن حتى يكل لسانك فأنت الآن في دور القائد الأبوي ومن يتحمل هذا
اللقب عليه أن يعرف بأنه أصبح لكل الشعب وليس لطائفة او لمجموعة معينة،
وعليه أن ينظر ويفتش في كل أرجاء البيت الكبير وزواياه ليرى من يستطيع
المشاركة في بناء البلد وهو قادر على ذلك، لا أن يتخذ من الحزب
والطائفة والنوع طريقا ويهمش الآخرين على أساس القوة والتنفذ والإقصاء.
إذن ما فعلنا شيء ولم نكن بأحسن حال من الذين رحلوا أو ارتحلوا،
وعليه فيجب لمن تصدى كربان للسفينة أن يتفقد الجميع قبل الإبحار ليصل
الى هدفه بكل أمان.
* مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث
http://shrsc.com |