حقن الدم الشيعي... اتفاقات بحاجة لإلتزامات

اعداد/ صباح جاسم

شبكة النبأ: يؤكد استمرار عدم الثقة الذي يقوض المؤسسات الامنية والسياسية العراقية على حد سواء الشعور بالخطر الذي يتهدد البلاد حين تبدأ قوى سياسية كانت للأمس القريب ذات نهج وتوجهات وطريق نضالي واهداف واحدة لتتحول الى صراعات داخلية لن يربح فيها احد ولن تكون نهايتها سوى التشرذم  والضعف.

ان عقد اتفاقات التفاهم والتصالح السطحية بين فترة واخرى لن تكون ذات مردود حقيقي وايجابي اذا لم تصاحبها نوايا خالصة لاجل احلال السلام وكذلك اذا لم يرافقها الابتعاد عن الانانية والتسلط ومحاولة فرض الرأي على الاخر.

واعلن مكتب الزعيم الشيعي عبد العزيز الحكيم: ان الحكيم وقع اتفاقا مع رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر يهدف الى احترام الدم العراقي وحفظ المصالح العليا للبلاد.

واكد البيان الذي اصدره المجلس الاعلى الاسلامي ان الاتفاق يتضمن ثلاث نقاط رئيسية. وجاء في البيان:

في ظل الاجواء الرمضانية المعطرة ومن اجل توطيد العلاقة بين التيارين وحفظ المصالح العليا الاسلامية والوطنية والنهوض بالامة والوصول بها الى بر الامان تم الاتفاق بين الحكيم والصدر على ضرورة حفظ واحترام الدم العراقي تحت اي ظرف كان ومن اي طيف كان وذلك لان انتهاك حرمة الدماء خلافا لكل القوانين الشرعية والاخلاقية وحفظها واجب. بحسب رويترز.

وطالب بـحشد المؤسسات والهيئات الثقافية والاعلامية والتبليغية من كلا الطرفين لاجل تفعيل روح المودة والتقارب والابتعاد عن اي شيء يساهم في التباعد والتباغض.

واخيرا تم الاتفاق على انشاء لجنة عليا مشتركة ذات فروع في كل المحافظات تعمل على التقارب ودرء الفتن والسيطرة على المشاكل المحتملة وتشرف على تطبيق ما تقدم.

يشار الى ان التيار الصدري الذي يتزعمه مقتدى الصدر (30 مقعدا في البرلمان) انسحب من كتلة الائتلاف العراقي الموحد الحاكم التي يرأسها الحكيم قبل نحو شهر احتجاجا على سياساته التي اعتبرها "ازدواجية" خصوصا بعد دخول المجلس بتحالف رباعي دون اشراك التيار الصدري.

من جانبه اكد الشيخ حميد رشيد معله الساعدي مسؤول مكتب الثقافة والاعلام في المجلس الاعلى الاسلامي العراقي على ان الاتفاق الذي تم توقيعه بين الحكيم  والصدر يهدف الى حفظ واحترام الدم العراقي وتفعيل روح المودة والتقارب وتوثيق العلاقات بين تيار شهيد المحراب والتيار الصدري.

واشار الى ان الاتفاق جاء في وقت مهم  ومناسب وان البلد بحاجة الى ايجاد مثل هذه الاتفاقات بين القوى الفاعلة في الساحة العراقية حفاظا على الدم العراقي وعلى مكتسبات ابناء شعبه التي تحققت الى الان. وشدد على اهمية التزام الاطراف المعنية ببنود الاتفاق التي ينتظرها الجمهور العراقي.

ويشار الى ان هناك توتر بين المجلس الاعلى الاسلامي والتيار الصدري خصوصا في محافظات الجنوب وصل عدة مرات الى احراق جيش المهدي التابع للصدر مكاتب المجلس الاعلى واشتباكات مسلحة. حيث دخل انصار الصدر والمجلس الاعلى الاسلامي برئاسة الحكيم  في صراع عنيف على السلطة للسيطرة على المدن والبلدات في الجنوب الذي يغلب عليه الشيعة.

ويخشى المحللون السياسيون ان يشتد الصراع على الهيمنة في المناطق الجنوبية التي لا توجد بها قوات أمريكية او تنتشر باعداد قليلة قبل انتخابات اقليمية متوقعة العام القادم.

وتسبب فقدان الثقة بين الشيعة والسنة والاكراد في اصابة حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بشلل شبه تام وحال دون احراز تقدم بشأن اصلاحات اساسية تطالب بها واشنطن.

ورحب الائتلاف العراقي الموحد وهو التحالف الشيعي الحاكم بزعامة المالكي بالاتفاق بين الصدر والحكيم.

وقال مسؤول شيعي في الائتلاف لرويترز، يمكن ان يعتبر هذا الاتفاق الخطوة الاولى تجاه منع الاشتباكات والقتال بين الجماعتين وخاصة بعدما انسحب الصدريون من الائتلاف. واضاف انه اتفاق جيد وخطوة جيدة ودلالة جيدة.

واغتيل اثنان من محافظي المحافظات الجنوبية من المجلس الاعلى الاسلامي في العراق في اغسطس اب. ثم قتل 52 شخصا على الاقل حين اشتبكت ميليشيا جيش المهدي التابعة للصدر مع شرطة مرتبطة بالحركة السياسية الشيعية المنافسة التي يرأسها الحكيم وهي المجلس الاعلى الاسلامي العراق ومنظمة بدر التابعة له.

وقال مسؤولون شيعة ان الاتفاق  يهدف الى منع وقوع اشتباكات مماثلة لتلك التي اندلعت في كربلاء في اغسطس اب.

وجمد الصدر العمل المسلح لجيش المهدي لما يصل الى ستة اشهر بعد العنف في كربلاء. وقال مساعدوه ان الامر يهدف الى تمكينه من التخلص من العناصر المارقة في الميليشيا.

تراجع العنف هل سيدوم؟ 

من جهة اخرى  يعطي تراجع في اعمال العنف في العراق املا جديدا لعراقيين باتوا غير مبالين بعد اربع سنوات من اعمال العنف الدموية ولكن الفضل في ذلك يرجع لمكاسب عسكرية يحتمل الا تدوم طويلا وليس نتيجة تقدم في تسوية نزاعات مريرة في البلاد.

ويقول مسؤولون امريكيون وعراقيون ان انخفاض عدد الضحايا في سبتمبر ايلول يبين ان زيادة القوات الامريكية والخطة الامنية العراقية الامريكية المشتركة التي تنفذ حول بغداد يؤتيان ثمارهما.

كما أن اعلان جيش المهدي وقف اطلاق النار لمدة ستة اشهر وحملة لحشد زعماء عشائريين للتصدي لمسلحي القاعدة السنة ساهمت في كبح اعمال العنف المتصاعدة.

غير ان اعداد القوات الامريكية بلغت اقصى مستوى بالفعل وينوي الرئيس الامريكي جورج بوش اعادة حوالي 30 الف جندي للوطن في يوليو تموز المقبل. بحسب رويترز.

وينتهي وقف اطلاق النار الذي اعلنه جيش المهدي في اوائل العام المقبل وقد لا يستمر التحالف الامريكي التكتيكي مع زعماء العشائر كما انه لم يختبر في المراكز الحضرية.

ويقول محللون انه ما لم تعالج الحكومة المشاكل الاساسية التي تؤجج أعمال العنف فان انجازات زيادة القوات ووقف اطلاق النار والتحالف القبلي سوف تتبدد.

جهد عسكري بحاجة الى انجاز سياسي

ويقول جوست هلترمان من المجموعة الدولية لادارة الازمات: سبب هشاشة هذه الجبهات الثلاث اننا راينا جهدا عسكريا لقمع مرتكبي اعمال العنف ولم نر جهدا سياسيا للقضاء على مبررات شنهم هجمات.

وتابع، يمكنهم اعلان وقف اطلاق النار او تغيير تحالفاتهم مؤقتا. ولكن ليس هناك محاولة للتوصل لحل وسط .. سيبداون من جديد حين ينسحب الامريكيون.

غير ان حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي المتشرذمة فشلت حتى الان في اصدار قوانين تهدف لاقتسام ثروة البلاد النفطية والسماح بانخراط اعضاء حزب البعث في الحياه العامة مرة اخرى.

ويشكو الاقلّية السنّة الذين هيمنوا على السلطة لأكثر من ثلاث عقود حتى الاطاحة بالدكتاتور صدام من تهميش دورهم في ظل حكومة يقودها الشيعة الذين فازوا في الانتخابات. علما ان التقارير الرسمية تشير الى ان الشيعة هم الضحية الاكبر في اعمال العنف التي تستهدف المدنيين منذ عام 2003 وحتى الان.

وفي سبتمبر سجل اقل مستوى للضحايا المدنيين في العراق هذا العام  وتشير الارقام التي جمعتها وزارات الصحة والداخلية والدفاع الى مقتل 884 مدنيا في العراق الشهر الماضي اى نحو 30 مدنيا يوميا. وقتل 66 جنديا امريكيا و78 من افراد قوات الامن العراقية.

وربما ساهم "التطهير" الطائفي للاحياء التي كان يقطنها الشيعة والسنة معا من قبل في تراجع أعمال العنف نظرا لتراجع فرص استهداف المسلحين لمن ينتمون لطائفة اخرى.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 9 تشرين الاول/2007 -26/رمضان/1428