الى السادة في الحكومة والمعارضة الافاضل، لقد اطلعتم بدون شك على
قرار تقسيم العراق، الذي اقره مجلس الشيوخ الامريكي باكثرية الثلثين،
وسمعتم ايضا، بانه قرار غير ملزم للحكومة الامريكية، في الظرف الراهن
على الاقل. لاادري ما هو، او ما سيكون عليه موقفكم من هذا القرار، الذي
خص به دولة عضو في الامم المتحدة مستقلة ذات سيادة؟
ان هذا القرار،قد سبب بدون شك احراجا لحضراتكم، تجاه الشعب الذي
انتخبكم ممثلين له، في اول مجلس نيابي ديمقراطي في تاريخه، مع ادراكه
انه ليس لديكم دور في ذلك.
ان شعبنا يتوقع من المسؤولين في الحكومة والبرلمان،ابداء مشاعر
الغضب والاستهجان الشديدين. فهو تدخل سافر في شؤون بلدنا،وتصرف احمق
واستعلاء ومكابرة، تجاه شعب عاش لآلاف السنين موحدا وبانسجام تام مع
نفسه وبيئته وحافظ على بقاءه. واننا لنستغرب اشد الاستغراب، ان يتخذ
مجلس الشيوخ قراره هذا، بشان بلدنا، الذي تعرض للغزو، لاسباب لا تمت
باي صلة بتلك الحجج التي بررت اصدار القرارالشائن بتقسيمه.
لقد كان الهدف المعلن وراء غزوبلادنا، هو ازالة اسلحة الدمار الشامل
والنظام الذي اعتبرحينذاك عدوا للسلام والاستقرارفي المنطقة. وهاهم
الان ينتقلون الى مرحلة جديدة، لم يعلن عنها ضمن جدول العمل لارساء
الديمقراطية في العراق والمنطقة.
لقد جاء القرار متناقضا تماما، مع كل ما صدر عن مسؤولي الحكومة
الامريكية وفي مقدمتهم الرئيس بوش، عشية غزوهم بلادنا، بالحفاظ على
وحدة التراب العراقي ووحدة شعبه. فهل يقودنا هذا القرار الى اي وحدة من
اي نوع؟
ان شعبنا لايرى بديلا للتعايش السلمي بين مكوناته، الكبيرة منها
والصغيرة، ولا يرى اي نور في النفق الجديد، الذي يروم مجلس الشيوخ
الاميركي حشرنا فيه، ليسهل على اعداء العراق ان يحولوه الى رماد.
حضرات السادة الافاضل في الكتل السياسية،
بصرف النظر عن الخلافات السياسية بينكم، فانكم لاشك اليوم امام
كارثة وطنية، نجح اعداء العراق في نسج خيوطها،وهذه احدى حلقاتها
السود،فهي اليوم قرارا غير ملزم، وغدا سيكون ملزما، خدمة للسلام في
المنطقة والمصالح الامريكية. ان قرار مجلس الشيوخ هذا، اذا لم يواجه
بالاستنكاروالادانة و يطالب بالغائه،فان تنفيذه على الواقع العراقي لن
يكون مستبعدا.
ان صدور القرار بحد ذاته، يشكل اهانة وطعنة من الخلف لشعبنا
المكافح، وهو اشارة الخطر، ليذكررجال السياسة قبل اي جهة اخرى، ان
التاريخ قد يعيد نفسه، ولكن ليس بالضرورة! بنفس الاليات.
فمؤامرة تقسيم فلسطين في القرن الماضي، لم تنفذ بين يوم
وليلة،وانما استغرق تنفيذها عشرات السنين، ولم تبلغ بعد نهاياتها.
ان القرار كما اعلن عنه ليس ملزما للحكومة الاميركية، وكانت الاسباب
الموجبة لصدوره، هو ايقاف الاقتتال الداخلي الجاري، بين المكونات
الرئيسية للشعب العراقي، وهي الاكراد والشيعة والسنة، من خلال اقامة
ثلاث كيانات سياسية لكل منهم، وبذلك فقط يتحقق السلام ويتوقف الاقتتال.
ولكن اي اقتتال؟
اذا كان هناك شهود على الاقتتال فهو انتم حضرات السادة الافاضل،
فعن اي اقتتال يتحدث اعضاء مجلس الشيوخ؟
ان الاكراد والعرب يعيشون في اقوى عرى تضامن وانسجام، وهكذا كانوا
عبر التاريخ، ولم يخوضوا اقتتالا، لا في الماضي ولا حاليا، ومما يدلل
على توحدهم، خوضهم النضال المشترك ضد الديكتاتورية و من اجل
الديمقراطية لكل العراق.
وعن اي حرب اهلية يتحدثون بين السنة والشيعة، وقد عاشوا معا منذ
مئات السنين دون اقتتال، ولم يتقاتلوا الان ولن يتقاتلوا في المستقبل.
انكم شهود، وحقائق التاريخ بينة لكل ذي بصيرة وبصر، من يقتل من ؟ من
يهجر من؟ انها عصابات الجريمة التي تفتك باي كان من دون تمييز.
ان هناك مساع لأطراف عديدة في دول الجوار، مرعوبة من نجاح التجربة
الديمقراطية في العراق، ولا تريد لها ان تنجح، وهي تحشد الاموال
والاسلحة والرجال لحرب غير معلنة على شعبنا. وهذه الاطراف تريد تحقيق
مصالحها من خلال اي احتراب داخلي، سني سني، او شيعي شيعي، او سني شيعي.
او مسيحي اسلامي،كردي عربي او كردي كردي، او كردي تركماني. ولكن تلك
المساعي لم تنجح في جر مكونات شعبنا المسالمة المتأخية الى اي نوع من
الاقتتال.
ان من من يقوم بارتكاب اعمال اجرامية في اي مجتمع لا يطلق عليه حربا
اهلية، فلم يسمون جرائم السطو والسلب والاغتصاب في العراق حربا اهلية؟
ارفعوا اصوات الاحتجاج، واستنكروا قرار مجلس الشيوخ المشين، وكل
ابناء شعبنا بكل مكوناته سيسجلون موقفكم بالفخر والاعتزاز. |