بوادر امل باتجاه المصالحة الوطنية: السنة والشيعة يتحدون في مقاتلة القاعدة 

اعداد/ صباح جاسم

شبكة النبأ: رغم ان تسليح العشائر السنية يقع ضمن دائرة صناعة الميليشيات إلا ان هذه الظاهرة بما فيها من ثغرات تحولت الى استراتيجية معتمدة للجيش الامريكي في محاولاته اسقاط القاعدة من معادلة العنف الدموي في العراق، خاصة بعد ان ادرك العرب السنة ان الخطر الاكبر على البلد هو استمرارهم في الانظمام للقاعدة ومساعدتها في تدمير البلد، وانه لا مناص من عودتهم الى الصف الوطني ليمارسوا دورهم في حماية انفسهم وبناء الوطن.

وبدأ العديد من السنة العرب وكذلك أعداد من الشيعة في الانضمام الى وحدات شرطة عشائرية محلية في مناطق تقع جنوب شرقي بغداد حيث شنت معارك ضد القاعدة قبل أسابيع.

ففي منطقة ريفية لا تبعد كثيرا عن محطة التويثة النووية اصطف حوالي 30 شابا عراقيا في جلد عند أنقاض برج مراقبة تعرض للقصف. والمحطة معطلة بعد اغلاق مشروع الطاقة الذرية العراقي بعد حرب الخليج عام 1991.

ويرتفع برج المراقبة بزاوية غريبة في ساحة قريبة من طريق ضيق بمحاذاة نهر دجلة. وتدفق جنود أمريكيون في عربات همفي على الطريق على جزء جرى اصلاحه حيث قالوا إن قنبلة فجرها مقاتلو القاعدة أحدثت حفرة بعمق 15 قدما.

وعلى مسافة قريبة ترتفع اشجار النخيل بجوار محطة كهرباء أخرجت احشاؤها واسودت جذوع النخيل بتأثير التفجير والنيران.

ونظم الجيش الامريكي زيارة لرويترز في المنطقة. وعند سؤال محمد الجبلاوي وهو شيخ عشيرة من  السنة من بلدة التويثة عن مخاطر العمل مع الجيش الامريكي قال، لست خائفا وانا مطلوب للقاعدة على أي حال.

واعتذر الجبلاوي للمصافحة بذراعه حيث قال انه أصيب بعيار ناري في ذراعه في اشتباك مع القاعدة قبل ثلاثة أسابيع وأضاف أن شقيقيه قتلا في الاسبوعين الماضيين.

وقال الجبلاوي، لا نريد أن نعيش في دولة اسلامية على غرار دولة طالبان" في اشارة الى النظام الاسلامي الصارم الذي تروج له القاعدة.

وفي التويثة انضم نحو 265 شابا لمجموعة "المواطنين المحليين المعنيين" وهي احدى النماذج الاحدث لوحدات الشرطة العشائرية التي تعتمد على نموذج " صحوة" العشائر التي تشكلت في الانبار في غرب العراق التي كانت أكثر محافظات العراق خطورة.

وقال الكابتن برايان جيلبير من الجيش الامريكي بعد أن سجل أسماء أحدث مجموعة في التويثة، كل واحد من هؤلاء الشبان تقريبا حارب معي كتفا بكتف ضد القاعدة قبل أسبوع.

وقال اللفتنانت كولونيل جون كولاشسكي ان حوالي 700 شخص انضموا في كل مجموعة في منطقة القيادة هذه جنوب شرقي بغداد وهي منطقة مختلطة للسنة والشيعة.

وكان العاملون مع كولاشسكي مشغولون بتوزيع قمصان مطبوع على ظهرها حرفي (سي سي) باللغة الانجليزية بحجم كبير وقلنسوات يرتديها لاعبو البيسبول بألوان العلم العراقي لتمييزهم.

ويرفض الجيش الامريكي الانتقادات التي تقول ان هذه المجموعات التي تحمل أسلحة خاصة بها تحولت الى مجرد ميليشيا طائفية أخرى يجري استخدامها لحل مشكلات محلية ويمكن أن تحول أسلحتها بسهولة ضد القوات الامريكية والعراقية في المستقبل.

وعند سؤاله عن الرد الامريكي في حالة حدوث أمر كهذا قال كولاشسكي، يمكننا تفكيكها (المجموعات) غدا.

وأشاد الرئيس الامريكي جورج بوش بالاعتماد على شرطة العشائر في الانبار لتقليص العنف هناك ويجري الان تكرارها في مناطق أخرى وخصوصا حول بغداد.

ويجري العثور على مزيد من مخابيء السلاح عندما تتمكن القوات الامريكية من بناء الثقة مع الوحدات المحلية. ومن الاسلحة التي جرى تدميرها في التويثة أمس الجمعة اثناء زيارة لرويترز عبوات ناسفة على شكل مقذوفات خارقة. وهي عبارة عن علبة سوداء قصيرة وغليظة يبلغ قطرها قدم لها مقدمة مقعرة مصفوف عليها رصاص البنادق.

ويتهم الجيش الامريكي ايران بتزويد الميليشيات الشيعية بهذه العبوات والقنابل القاتلة التي تزرع على جانبي الطريق.

ويقول قادة أمريكيون ان المعلومات عن المجندين المحتملين مسجلة في قاعدة بيانات حياتية احصائية تساعد كذلك على التحقق من صحة البيانات الشخصية. ويتم استبعاد أي شخص له سجل جنائي أو حارب ضد القوات الامريكية والعراقية.

ويوقع شيوخ العشائر عقودا أمنية مع الجيش الأمريكي ويتقاضون ما وصفه كولاشسكي بأنه "راتب" لكل رجل يعادل حوالي 70 في المئة من راتب شرطي.

وتتلقى وحدات "المواطنين المعنيين" التدريب الأساسي الذي يتلقاه أفراد الشرطة ثم يجري توزيعهم بعد ذلك لإقامة نقاط للتفتيش.

وتنتشر على الطرق عبر التويثة وفي بلدة الكرغولية الواقعة شمالي التويثة حواجز خرسانية بيضاء اللون مكتوب عليها عبارة، المنطقة محمية من قبل الأهالي.. نقطة تفتيش الكرغولية، باللغة العربية باللون الأسود وباللغة الإنجليزية باللون الأحمر.

وفي الكرغولية قال الكابتن تروي توماس من الجيش الأمريكي إن ستة من السنة والشيعة يحرسون نقاط تفتيش ساعدت وحدته في إقامتها. وقال قيس عباس محمد شيخ الكرغولية إن هذا المشروع هو آخر ورقة لإتقاذ العراق.

الهاشمي يلتقي السيستاني في أول زيارة لقيادي سني

وشهد الوضع السياسي العراقي تطوراً مفاجئا، تمثل في زيارة طارق الهاشمي، نائب الرئيس العراقي وأمين عام الحزب الإسلامي، أحد أكبر الأحزاب السنية في البلاد، إلى المرجع الشيعي علي السيستاني، لطلب دعمه لوثيقة إصلاحية جديدة تهدف إلى وقف حمام الدم المذهبي وتحقيق الإصلاح السياسي.

وجاءت زيارة الهاشمي في وقت نجح فيه مجهولون بتفجير سيارة مفخخة في سوق مزدحم يقع في حي تقطنه غالبة شيعية شرقي بغداد، وذلك عبر إيقاف السيارة  في الأزقة الجانبية غير الخاضعة للحواجز وعمليات التفتيش مما أسفر عن مقتل شخص وجرح اثنين آخرين. بحسب رويترز.

وبالعودة إلى لقاء الهاشمي والسيستاني، وهو الأول بين المرجع الشيعي وبين شخصية قيادية سنية على هذا المستوى السياسي، فقد أكد نائب الرئيس العراقي أن السيستاني "أشاد" بالوثيقة السياسية التي قدمها له، والتي تتألف من 25 نقطة.

وقال الهاشمي، في ختام لقاءه الذي استمر ساعتين مع السيستاني في منزله بمدينة النجف جنوبي العراق، إن المرجع الديني "بارك المبادرة بشكل عام،" ناقلاً عنه حياده حيال الأطراف السياسية في البلاد، وسعيه إلى تحقيق الوحدة بين مختلف أطياف الشعب العراقي.

بالمقابل، قللت جهات عراقية متابعة من أهمية خطوة الهاشمي، ورأت أنها تأتي في سياق تلميع صورته "كرجل دولة" قادر على اجتراع الحلول، وإظهار الحزب الإسلامي على أنه تنظيم سياسي معتدل، وفقاً لأسوشيتد برس.

وتأتي مبادرة الهاشمي، التي يستبعد أن يكتب لها النجاح، كحلقة إضافية في مسلسل طويل، بدأ مع وثيقة مكة التي كان يراد منها حقن دماء العراقيين ووقف الاقتتال المذهبي بين السنة والشيعة، وانتهى بمشروع رئيس الوزراء نوري المالكي للمصالحة الوطنية، والذي لم يكتب له النجاح.

ومن أبرز نقاط مبادرة الهاشمي، التي تحمل اسم "العقد الوطني العراقي،" التأكيد على احترام حقوق الإنسان والمساواة أمام القانون واحترام أماكن العبادة وتحريم استخدام القوة لتحقيق الأهداف السياسية ومنع التوظيف على أساس طائفي.

كما تقترح الوثيقة العفو عن العراقيين المنخرطين في التنظيمات المسلحة إذا تخلوا عن أسلحتهم وانضموا إلى العملية السياسية.

الجيش الامريكي:تراجع كبير في حدة العنف في رمضان

وقال الاميرال مارك فوكس المتحدث باسم الجيش الامريكي ان زيادة نحو 30 ألف جندي في العراق هذا العام والتكتيك الجديد بنقل الجنود الى مواقع قتالية صغيرة بدلا من "التوجه الى الحرب" من قواعد كبيرة ساعد في خفض العنف.

وقال في مؤتمر صحفي، تراجع مستوى العنف كثيرا عن العام الماضي. وفي الواقع فانه مقارنة بهذا الوقت من العام الماضي هناك نحو 38 في المئة انخفاض في مستويات العنف في رمضان. واضاف، ان المستويات الكلية للعنف مازالت عالية للغاية.

ومع الإشارة الى انخفاض مستوى العنف منذ نشر القوات الاضافية اصدرت السفارة الامريكية في العراق بيانا قوي الصياغة تنتقد فيه قرار مجلس الشيوخ الامريكي الداعي الى اقامة مناطق اتحادية منفصلة للسنة والشيعة والاكراد.

وقال البيان، ان محاولات تجزئة او تقسيم العراق بالتخويف او القوة او اي وسائل اخرى الى ثلاث دول منفصلة سيسفر عن معاناة واراقة دماء غير عادية. واضاف، ان هدفنا في العراق يظل...عراقا ديمقراطيا اتحاديا يحكم ويدافع عن نفسه ويقويها.

وقالت القاعدة في بداية رمضان من اكثر من اسبوعين انها ستصعد الهجمات وستستهدف قادة العشائر الذين يتعاونون مع قوات الامن.

وقال البريجاديير جنرال مارك جورجانوس من مشاة البحرية وقائد القوات البرية الامريكي في محافظة الانبار في غرب العراق انه وقع نحو 76 هجوما في الاسبوع الاول من رمضان في منطقة قيادته و91 هجوما في الاسبوع الثاني.

وقال جورجانوس، قبل عام.. خلال فترة نفس الاسبوع الثاني وقع 415 حادثا.

انخفاض اعداد القتلى المدنيين في سبتمبر الى النصف

وأظهرت احصاءات الحكومة العراقية انخفاض اعداد القتلى المدنيين في اعمال العنف في انحاء العراق الى النصف في شهر سبتمبر ايلول مقارنة بالشهر الماضي وهو أدنى مستوى يسجل هذا العام.

وكشفت المعلومات التي وفرتها وزارات الصحة والداخلية والدفاع العراقية ان 884 مدنيا قتلوا في العراق هذا الشهر مقارنة بما وصل الى 1773 قتيلا في اغسطس اب.

كما أظهرت الارقام ان عدد الجرحى بلغ 850 جريحا بدلا من 1559 جريحا الشهر الماضي. بحسب رويترز.

ويعتبر هذا العدد من القتلى والجرحى الادنى ايضا منذ ان أرسلت الولايات المتحدة 30 ألف جندي اضافي الى العراق في اطار حملة أمنية أخيرة تستهدف القاعدة ومقاتلين اخرين من السنة وميليشيات شيعية في شتى انحاء العراق.

وكان الهدف من الحملة الامنية اعطاء الزعماء السياسيين في العراق فسحة من الوقت لتحقيق الاهداف التي حددتها واشنطن ومنها التوصل الى مصالحة بين الاغلبية الشيعية والاقلية السنية.

وأعلن الجيش الامريكي ان العنف في شهر رمضان انخفض بنسبة 38 في المئة عن العام الماضي وان ذلك يرجع في الاساس الى "زيادة" القوات وتغيير في الاستراتيجية بتحريك القوات من القواعد الكبيرة الى مواقع قتالية صغيرة.

وكان ربع من سقطوا قتلى في اغسطس اب هم 411 شخصا قتلوا في تفجير شاحنات ملغومة استهدفت الاقلية اليزيدية في شمال العراق يوم 14 اغسطس اب.

وكان الشهر الذي تحقق فيه أدنى مستوى في خسائر الارواح قبل شهر سبتمبر هو شهر يونيو حزيران وهو الشهر الذي اكتملت فيه عملية نشر القوات الامريكية الاضافية بوصول الكتيبة الخامسة والاخيرة من القوات الاضافية وبلغ فيه عدد القتلى 1227 قتيلا.

وأظهرت بيانات الحكومة ان 78 فردا من قوات الامن العراقية قتلوا بانخفاض بسيط عن اغسطس اب الذي قتل فيه 87 فردا.

وكشفت الاحصاءات ايضا عن مقتل 366 مقاتلا بانخفاض عن 106 في اغسطس اب كما انخفض ايضا عدد المحتجزين بنحو الربع رغم الحملة الامنية.

وكان أيضا عدد القتلى من الجنود الامريكيين في سبتمبر ايلول أقل عدد اجمالي للقتلى خلال شهر هذا العام حيث قتل 62 جنديا امريكيا وفقا لموقع icasualties.org على الانترنت الذي يحصي أعداد الجنود الامريكيين القتلى في العراق.

وهذا الرقم هو الادني منذ شهر يوليو تموز من العام الماضي الذي قتل فيه 43 جنديا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 3 تشرين الاول/2007 -20/رمضان/1428