اصدارات جديدة: الكتب وجهات نظر.. والطريق إلى الحكومة الصالحة

شبكة النبأ: العدد الرابع بعد المائة من شهرية الكتب وجهات نظر صدر حافلاً بالمواضيع والقراءات الممتعة.. كتب رشدي سعيد (الطريق إلى الحكومة الصالحة).

الديمقراطية نظام للحكم يختلف الناس في طريقه تطبيقه اختلافاً كبيراً. ويُقصد به في المجتمعات الغربية الحديثة حق الناس في أن يحكموا على أداء الحكومة على فترات تتراوح بين ثلاث وسبع سنوات فيثبتونها في مكانها أو يغيرونها. وفي هذا النظام يكون لكل مواطن صوت واحد يدلي به لا يجوز منعه من استخدامه بالقوة أو التزوير أو بغير ذلك من الطرق، وتتولى الحكومة التي اختارها المواطنون الحكم وتقوم بتنفيذ برامجها دون أن تضطر إلى استخدام العنف كما أنها تلتزم بألا تفسد أو تعطل بأي شكل العملية الديمقراطية التي جاءت إلى السلطة عن طريقها.

ويحمل هذا التعريف البسيط، الذي لا أتصور أن أحداً يمكن أن يختلف عليه، شروطاً عدة لنجاح هذا النظام لعل أولها وأهمها  هو أن يكون المجتمع قابلاً لنظام التعدد ومتيحاً الحرية الكاملة لأفراده للتجمع في أحزاب أو هيئات دون قيد أو شرط تكون لها حرية التجمع والدعوة إلى أفكارها في مختلف وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية دون حائل. ولا يكتمل النظام الديمقراطي إلا إذا كانت هذه التجمعات طوعية يدخلها الفرد باختياره وليس بسبب انتماءاته الأسرية أو القبلية أو الطائفية – أو العرقية أو الدينية – وهذا أمر لا يتيسر إلا في الدول ذات التقاليد العريقة في تنظيم الأحزاب السياسية والنقابات المهنية والتعاونيات والجمعيات الحرفية وغير ذلك من منظمات المجتمع المدني. وفي مثل هذه التجمعات ينتمي الفرد بناء على معرفة عقلانية إلى حزب أو نقابة أو جمعية يرى أن أفرادها قد يكونون أقرب إليه من أفراد أسرته أو قريته أو قبيلته أو طائفته أو مذهبه الديني.

ولا تتهيأ الظروف التي تفرز مثل هذه التجمعات إلا في دول معينة تنتمي في أغلبها إلى عالم الدول الصناعية وفي أقلها إلى بعض دول العالم النامي مثل مصر والهند اللتين أتيحت لهما قيادة متقدمة في بداية القرن العشرين مع نشوء حزب المؤتمر في الهند وحزب الوفد في مصر والعديد من الأحزاب الأخرى والتي أنضم تحت لوائها جموع الناس بكامل إرادتهم ليكونوا من أوائل التنظيمات المدنية التي أدخلت هذين البلدين في العالم الحديث. وقبل ظهور هذه الأحزاب وعلى طول العصور لم يكن بالهند أو بمصر تنظيم طوعي يمكن أن ينضم الناس إليه باختيارهم، فقد كانت انتماءاتهم تعود إلى البلدة أو القبيلة أو الدين الذي ولدوا فيه والذي لم يكن لهم فيه اختيار. وكان الناس في هذا النظام القديم يولون ولاءهم لبلدياتهم أو عصبياتهم أو لإخوانهم في الدين وينظرون إلى الآخر بعين الريبة. وعندما جاء تنظيم الأحزاب انفتح الباب أمام كل الناس وبغض النظر عن انتماءاتهم للدخول فيها بكامل إرادتهم، والتأمت تحت لوائها هذه التجمعات المتفرقة لكي يتكوّن المجتمع المدني الحديث الذي أعطى لمفهوم الوطن أو المواطنة بعداً جديداً، فقد أصبح الهنود والمصريون بفضل هذه الأحزاب مواطنين متساوين يجمعهم لواء الوطن بعد أن كانوا رعايا شيخ القبيلة أو حاكم البلاد أو أتباعاً لرجل الدين.

ولعل عملية الانسلاخ من قبضة رجال الدين هي من أصعب عمليات بناء الديمقراطية التي هي في حقيقتها أحد مظاهر المجتمع المدني الذي يسود فيه القانون الوضعي. أما في تلك المجتمعات التي يسود فيها القانون العرفي أو الإلهي والتي يزعم حكامها أنهم يستمدون سلطتهم من موقعهم القبلي أو من مصدر إلهي فهؤلاء الحكام لا يمكن أن يقبلوا أن يصبح أداؤهم محل حكم جموع البشر. وليس من الغريب أن جاء ظهور المؤسسات الديمقراطية في أوروبا بعد أن لفظت أوروبا الحق الإلهي لملوكها وبعد أن قررت شعوبها ألا تكون المرجعية في قوانينها إلى كتاب مقدس بعينه بل إلى حاجاتها الدنيوية. وقد صاحب هذا التحوّل في أوروبا فصل المؤسسات الدينية عن الدولة تماماً أو تقليصها إلى موقع رمزي في الوقت نفسه الذي أعطى فيه الحق للجميع من مواطني الدولة لممارسة شعائرهم الدينية في حرية تامة.

وكتب محمد سعيد العوا (ثقافة التغيير.. وجهة نظر إسلامية)

التغيير سُنَّة من سنن الحياة، فليس هناك شيء يبقى على حاله بصورة دائمة. ولذلك صحت العبارة العربية التي تذهب مذهب المثل على ألسنة الخاصة والعامة (سبحان من يُغيرُ ولا يتغير)، يعنون بها أن الثبات المطلق في الصفات والقدرات هو لله تعالى وحده، وأن كل ما سواه يلحقه التغيير.

وعندما نقرأ في الأدبيات الإسلامية والعربية المعاصرة عبارات مثل (الثوابت) و(المتغيرات) ومثل (الأصول) و(الفروع) فإننا لا نفهم منها إلا أن هناك أفكاراً أو ضوابط أو قواعد يرجع إليها بصورة متكررة، وتستدعي لبناء التصورات المتباينة في العصور المتوالية، وليس هذا، في حقيقته، إلا تغييراً لفهمنا لهذه (الثوابت) وتلك (الأصول) على الرغم من هاتين التسميتين اللتين توحيان بعدم قبولهما للتغيير.

وفي مسيرة الفكر الإسلامي لم يكن التغيير مترتباً على تغير العصور والأحوال فقط، بل كان التغاير (وهو اختلاف يؤدي إلى تغيير الحكم على أمر أو شيء أو تصرف ما) في فهم النصوص القرآنية والنبوية، نفسها، قائماً بين العلماء والفقهاء والمحدثين واللغويين والمتكلمين والصوفية جميعاً في المجتمع الواحد وفي الزمان الواحد. وهذا التغاير هو الذي أنتج ظاهرة التعدد المذهبي الفقهي والكلامي، والتعدد المدرسي اللغوي، والتعدد الطرقي الصوفي، وهي ظاهرة دلت، ولا تزال تدل، على ثراء الفكر العربي الإسلامي وتعدد تجلياته تبعاً لتعدد المصادر التي استقى منها المعبرون عنه والمشاركون فيه.

ولم يضق المجتمع العربي الإسلامي بهذا التعدد في المجالات الفكرية والثقافية والدينية كافة بل اعتبره ظاهرة طبيعية؛ واستعملت في تسويغه والتدليل على قبوله عبارات نبوية أو قرآنية مثل (كل ميسر لما خلق له) و(كل يعمل على شاكلته) في إشارة لا يخطئها العقل إلى أن هذه التعددية الفكرية من معالم الفطرة التي فطر الله الناس عليها.

وتبع هذه التعددية توالي التغيير في مختلف أمصار الإسلام وأقطار العروبة فلم يبق الناس في أي مصر أو قطر على فهم واحد أو فكرة واحدة وإنما تغيرت المذاهب المتبوعة والأفكار السائدة من وقت إلى وقت آخر بحسب قدرة المعبرين عنها على الإقناع وكسب الأتباع.

ونقرأ لطاهر حمدي كنعان (العرب بين أيديولوجيتين) من جهة المفاهيم المتعلقة بالقومية العربية، نميل بعد التجربة الطويلة إلى الظن بأن نظرة الدول العربية المحافظة في هذا الموضوع، لولا الشك في إخلاصها كانت أكثر صواباً من نظرة الحركات التقدمية والدول التقدمية، إذ أن مفاهيمها ركزت على بناء الدولة القطرية والنظر للبعد العربي من منطلق التعاضد والتعاون وليس التوحد، على الأقل مرحلياً. لكن أنظمة الدول القطرية بحكم غياب الديمقراطية فيها تصدت للفكرة القومية لأن هذه الأنظمة لم تنبثق عن إرادة الجماهير المعبرة عن مصالحها المصيرية القومية بطبيعتها.

من جهة أخرى فإن نصيباً من اللوم في غياب الديمقراطية يقع على الأحزاب والحركات السياسية الداعية للفكرة القومية ذاتها. فبرامج تلك الأحزاب والحركات وتنظيرها للفكرة القومية شملت ابعاداً عديدة وحرصت على شعارات شتى، ولكن ليس منها الحرص على المكون والمركب الديمقراطي. لا فيما يتعلق بالمجتمع ولا حتى فيما يتعلق بالأنظمة الداخلية لتلك الأحزاب والحركات.

في المناخ المذكور بقيت الأنظمة القطرية تجد مصالحها في العلاقات العمودية مع دول المركز الصناعي في أوروبا وأمريكا والتي تعود في نشأتها إلى عهد التبعية الكولونيالية. هكذا كان تكوين الدول القطرية. ولقد شهد جيلنا نشأة الحركات القومية التي تصدت للدولة القطرية، لكن هذه الحركات القومية، افتقرت إلى النضج والحكمة في عملها السياسي، فكان كل ما فعلته هو أنها شككت وطعنت في شرعية الأنظمة القطرية دون أن يكون لها القدرة على تغيير هذه الأنظمة ودون أن يكون لها القدرة على تغيير هذه الأنظمة ودون أن تخطط لبناء هذه القدرة، فكان لها ما نجحت فيه هو بعث الحساسية الأمنية لدى الأنظمة ضد حركات التغيير. تأسست هذه النظرة غير الناضجة مع تبني مصر الناصرية للحركة القومية العربية وسعيها إلى نصرة هذه الفكرة والسعي إلى الوحدة العربية عن طريق التصدي للدول القطرية بأساليب المجابهة والصدام وتشجيع الانقلابات بدلاً من انتهاج طرق الإقناع والعمل الدبلوماسي المستند إلى وزن مصر المعنوي القائم ليس فقط على موقع مصر الجغرافي المركزي من الوطن العربي، وليس فقط على مساحتها وحجمها السكاني، بل أساساً على مكانتها الحضارية الإنسانية والعربية ونفوذها التربوي والثقافي والفني والإعلامي.. الخ – فبدلاً من أن تبنى سياساتها الخارجية وتعاملها الدبلوماسي مع الأقطار العربية على هذه المكانة وعلى ذلك الوزن المعنوي اختارت أن تقيمها على أساليب الهيمنة. ولم يكن ذلك بغريب لأن تلك الأساليب في سياساتها الخارجية كانت من جنس الأساليب القمعية التي سادت ممارساتها الداخلية وهي ذاتها التي نخرت في مناعتها ضد عدوان 1967.

لم تقتصر اسباب فشل الفكر والحركات القومية العربية على غياب الحذق والاحتراف في عملها السياسي بل شملت ضعف أو غياب المكون الديمقراطي في مفاهيمها وممارستها، هذا المكون كان مستبعداً في الدول القطرية ومستبعداً من الفكرة القومية العربية على حد سواء، وترسخ ذلك من خلال انخراط العسكر في السياسة والحكم. وكان من أسباب الفشل أيضاً ضعف المكون الأخلاقي والمناقبي الذي تميزت به حركات سياسية أخرى منافسة للحركات القومية العربية وإن لم تكن متناقضة معها، وهي بعض الحركات الإسلامية من جهة وحركة القوميين الاجتماعيين من جهة أخرى. فقد تميزت الحركات الإسلامية أو معظمها، وكذلك الحزب القومي السوري أو القومي الاجتماعي بالاهتمام بالأخلاق الشخصية والمناقب لمنتسبيها بقدر اهتمامها بقدرة هؤلاء المنتسبين على ترديد الشعارات وتقديم الخدمات اللوجستية.

ولأنوشة أنصاري نقرأ (إيرانية في الفضاء.. يوميات)

أهمية هذه اليوميات أن كاتبتها امرأة من هذا الشرق، كانت تحلم طوال حياتها بالطيران حتى تحقق الحلم. أنوشة أنصاري هي أول سائحة إيرانية أمريكية في الفضاء. كيف رأت كوكب الأرض من بعيد وكيف كان شكل السماء والنجوم؟ وماذا يعني انعدام الوزن؟ وماذا كانت مشاعرها وهي تقوم بهذه المغامرة؟

كتبت هذه المرأة الجريئة مذكراتها وهي في الفضاء وكانت ترسلها أولاً بأول للنشر في مدونة أسمتها (مدونة الفضاء spaceblog). هذه لبضعة أيام فقط من أيام عديدة قضتها بعيداً عن الأرض تتفرج من نافذتها على العالم وهو يمر بها.

ونقرأ لعبد الوهاب المسيري (حضارة الإبادة) في أي حوار بخصوص الهولوكوست (سواء في العالم الإسلامي أو العالم الغربي) يجب أن نؤكد أننا لسنا طرفاً في قضية الهولوكوست، فهذا حدث تم داخل التشكيل الحضاري الغربي، وهو جزء من التاريخ الغربي وعلى الحضارة الغربية أن تدفع الثمن وحدها وليس نحن، ونحن نتعاطف مع ضحايا الإبادة النازية ليهود أوروبا وغيرهم من ضحايا جرائم الإبادة التي قام بها النازيون ضد الغجر والبولنديين، والتي قام بها الاستعمار الغربي عبر تاريخه، ولكننا لسنا على استعداد أن ندفع ثمن جرائم الغير.

لسنا طرفاً في الحوار

ويجب أن نضيف اننا وجدنا أنفسنا طرفاً في الحوار لسببين:

1- قيام الغرب بتوظيف الهولوكوست في محاولة تبرير الاحتلال الصهيوني وحماية مغتصبي الأراضي الفلسطينية. فقد أدعوا أن أفواجاً بشرية يهودية فرت من ألمانيا النازية هرباً من الهولوكوست وأنه بعد الحرب كان هناك العديد من اليهود ليس لهم مأوى آخر، وأن فلسطين كانت هي المأوى الوحيد وأنها خصصت لليهود وضحايا المحرقة النازية تعويضاً لهم عما حدث في ألمانيا، وهذه كلها أكاذيب وتلفيقات، فالمشروع الصهيوني لاحتلال فلسطين وطرد سكانها وتوطين كتلة بشرية غربية فيها هو مشروع استعماري غربي، ظهرت ملامحه الفكرية في أواخر القرن السادس عشر في إنجلترا على يد لورد شافتسبري وسير لورانس أوليفانت، وكلاهما كان وثيق الصلة بالدوائر الاستعمارية البريطانية وكلاهما غير يهودي، بل كاره لليهود، وقد تحولت هذه الأفكار الصهيونية إلى أجندة سياسية حين قرر الغرب تقسيم الدولة العثمانية والتخلص من الفائض البشري اليهودي عن طريق تصديره خارج أوروبا وقد عقد المؤتمر الصهيوني الأول في 1879، ثم صدر وعد بلفور عام 1917 الذي وضع حجر الأساس للمشروع الصهيوني، ثم وضعت فلسطين تحت الانتداب البريطاني عام 1923، ثم اسست الوكالة اليهودية وهي الذراع التنفيذية للحركة الصهيونية بعد ذلك مباشرة، كل هذه الظواهر والقرارات السياسية اتخذت في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين قبل ظهور النازية بعشرات السنين، وقبل أن يكون هناك أي حديث عن إبادة أو مذابح.

2- أقحم الغرب الجريمة النازية داخل التاريخ العربي حتى يبرر غرس الدولة الصهيونية الاستيطانية في وسط الوطن العربي، زاعماً أنه فعل ذلك تعويضاً لليهود عما لحق بهم من أذى داخل التشكيل الحضاري الغربي. وهذه أكذوبة واضحة، فلو كان الدافع وراء المشروع الصهيوني هو بالفعل الإحساس بالذنب، لاستقطع العالم الغربي منطقة من أجود المناطق في ألمانيا وأسسوا لليهود دولة فيها. كما اقترح الملك آل سعود للرئيس روزفلت، أو لأرسل قوات دولية لتتأكد من أن يهود أوروبا سيحصلون على حقوقهم الدينية والمدنية والسياسية، فالتكفير عن جريمة ما لا يتم عن طريق ارتكاب جريمة أخرى، أي احتلال فلسطين وطرد شعبها، ولا يمكن محو أثر معسكرات الاعتقال والمجازر النازية عن طريق مخيمات اللاجئين الفلسطينيين والمستوطنات الاستعمارية في الضفة الغربية والمجازر في دير ياسين وكفر قاسم وجنين، وعن طريق دعم الكيان الصهيوني العنصري من خلال التعويضات! إن الاهتمام بالهولوكوست ليس نابعاً من الإحساس بالذنب كما يدعون، فالغرب، كما أسلفت، لا يريد أن يدفع ثمن خطاياه، ولذا في مؤتمر دربان في جنوب أفريقيا، رفض الوفد الأمريكي اقتراحاً بأن تقوم الولايات المتحدة بتعويض الأمريكيين السود عما حاق بهم من إبادة وتنكيل.

ولحجاج ابو جبر نقرأ (نزع قداسة الهولوكست) بعد أكثر من ثلاث ساعات قضيتها في زيارة المتحف اليهودي في برلين حتى فقدت الإحساس بالاتجاهات الأصلية بسبب التصميم المعماري الذي أصبح النموذج الأمثل لفكرة المتاهة وقدرتها على تشتيت انتباه الزائر وإفقاده القدرة على تحديد الاتجاه حتى ينمو الإيحاء والإحساس بقدسية المكان وربما استحالة التفسير والفهم، قادني القدر إلى مكتبة المتحف، وهناك وجدت هذا الكتاب الذي يتناول الهولوكوست من منظور إسرائيلي. يقع الكتاب تحت عنوان (مراجعة الهولوكوست) (2002) وهو أحد مؤلفات المؤرخ الإسرائيلي يهودا باور الذي درس في بريطانيا وشارك في عدد من الحروب الإسرائيلية ضد العرب، ولاسيما ما يسمى في الخطاب الإسرائيلي بحرب الاستقلال (نكبة 1948) يقع هذا الكتاب في ثلاثمائة وخمسة وثلاثين صفحة من القطع المتوسط، ويحتوي على مقدمة وأحد عشر فصلاً، إضافة إلى ملحق وقائمة بالمراجع وفهرس للأعلام والموضوعات.

يتناول باور في هذا الكتاب أطروحات عدد كبير من المؤرخين وعلماء الاجتماع أمثال زيجمونت باومان، لا سيما مؤلفه الحداثة والهولوكوست، وكذلك جيفري هيرف، ولاسيما مؤلفه الحداثة الرجعية، ولا يخفى على القارئ ان هؤلاء المؤرخين قد رفضوا تفسير الهولوكوست بوصفها مجرد مأساة يهودية أو مشكلة ألمانية وحسب. بيد أن باور، قبل أن يقوم برفض هذه الأطروحات، قرر أن يعلن للقارئ عن تحيزاته السياسية والمعرفية والإدراكية والمنهجية. فهو يعي تماماً أنه يتناول الموضوع من وجهة نظر إسرائيلية وبوصفه مؤرخاً إسرائيلياً يحيا بين الإسرائيليين يقومون باستغلال الهولوكوست وتوظيفها لخدمة أغراض سياسية، لاسيما الدعاية الإسرائيلية لإضفاء الشرعية على الدولة الصهيونية وتشجيع الجماعات اليهودية على الهجرة إلى إسرائيل، حتى وإن كان ذلك يعني اللجوء إلى مقارنة العرب والفلسطينيين بالنازيين الألمان الذين يسفكون دماء اليهود الأبرياء ليل نهار، إن باور يدرك أيضاً أنه لا يستطيع أن يفصل بين ذاتيته وبين موضوع البحث الذي يتناوله لأن الإنسان وليد الزمان والمكان بكل ما يحملانه من معتقدات وأفكار وأساطير. إن هذا التحيز السياسي والإدراكي يوازيه أيضاً تحيز منهجي، ويظهر هذا التحيز في تأكيد باور على أن الباحث يتناول الحقائق بصورة انتقائية نظراً لاستحالة الوصول إلى حقائق موضوعية مطلقة، ورغم وجاهة هذا الطرح من الناحية المنهجية، فإن باور يقوم بتوظيفه، بخلاف مؤرخين آخرين أمثال راول هيلبرج، في تبرير الاستعانة بما لدى الناجين من المحرقة النازية من شهادات شفهية ومذكرات وخطابات في محاولة للوصول إلى نموذج أكثر تفسيرية للهولوكوست رغم أنه يدرك تماماً أن هذه الوثائق عادة ما تحتوي على معلومات مضللة أو روايات غير صحيحة ومبالغ فيها.

وكتب صلاح الدين إبراهيم (الثورة الثالث.. إلى أين نحن ذاهبون؟)

دأب أنصار العولمة والحداثة الإشارة إلى الثورات الثلاث التي توالت على المجتمعات البشرية الواحدة تلو الأخرى: أولها: الثورة الزراعية.. وكيف أنها وطنت الناس في مجتمعات صغيرة وأقامت قواعد الحضارات، ثم الثانية: الثورة الصناعية، وكيف أنها قامت بتغيير هائل في (طرق الإنتاج) و(تنوع التخصصات) وعلاقة الناس (بالمنتج) ثم جاءت بعدها (الثورة الكونية الثالثة) التي يعيشها العالم الآن!!

ومع الثورة الكونية الثالثة – نتفق جميعاً – يمر عالمنا الآن بتحول هائل عميق، من الصعب استيعاب أبعاده، وبالكاد يمكن تفهم قواه الدافعة، وتصور التبعات الضخمة لزخم حركته – تحول يغذي الخوف بقدر ما يغذي الخيال ويثيره.. حيث عالم جديد لم يسبقه ما هو أكثر منه أملاً ولا أشد خطراً!!

ونقرأ لرافايل بينادو سانتايا (ديمقراطية الأثرياء)

إن النظرة الخاطفة على المسرح السياسي في القرن الرابع عشر تؤدي إلى الخروج بانطباعات سلبية. ولقد لخص الكاتب روبرت فوسييه هذا المعنى في عنوان لأحد أعماله هو (كبح السلطة) وأيضاً في فقرة بليغة في قوله: (يا لها من صورة كئيبة تلك التي كانت تمثلها الدولة آنذاك!  بابوات يتمسكون بأهداف الكرامة المشكوك فيها، ثم يتبدد هذا البريق، وينتهي أمرهم إلى حال من الحقارة، وهناك أباطرة أصحاب آمال كبار، ولكن أسماءهم مضت إلى طي النسيان، أما ملكيات الغرب الأوروبي فإنها في حال من الفوضى الضاربة، فالبعض منهم طاعن في العمر، أو أطفال قصر، أو أفراد مختلوا العقل، أو أشخاص على وشك الخلل، ثم هنالك أيضاً مشاكل من عمد المدن، وأمراء وقادة عسكريون، الذين انصبت همومهم على تفوق عابر وعلى الهيمنة الآيلة إلى السقوط، ورغم كل ذلك، ففي وسط هذا الزخم المشوش المتهوس، أرسيت بعض معالم الدولة العصرية.

ويكتب شريف دلاور (الاقتصاد المصري.. إلى أين؟)

وتكتب شيرين ابو النجا (أسطورة مرتحلة) ومحمد يوسف عدس يكتب (زنبقة النهار) ويكتب محمد عمارة (المراغي المصلح) ولخليل العناني نقرأ (رؤية الأخوان للأمريكان) ويكتب إبراهيم سعيد البيضاني (شيعة وأمريكان)

إن الوضع السياسي الجديد في العراق يستدعي عدم تجاهل حقيقة الحيف والظلم الذي تعرضت إليه الطائفة الشيعية في العراق والإجراءات التعسفية التي أدت إلى حرمانهم من المشاركة في الحكم، وحرمانهم من أداء طقوسهم الدينية، مما دفع الشيعة إلى البحث عن دور أكبر للحوزة في النجف في الحياة العراقية الجديدة، إذ تحظى الحوزة العلمية بمكانة مؤثرة في حياة المواطن العراقي، وتحظى بتأييد والتفاف العشائر العراقية في الجنوب وفي الفرات الأوسط، لذلك فإن أصحاب القرار في الولايات المتحدة لا يمكن لهم تجاهل هذه الحقيقة في أهمية هذه المكانة في حياة أغلبية المجتمع العراقي، وإذا ما أخذنا بنظر الاعتبار أن الدور الذي اضطلع به الشيعة في العراق الحديث ذو جذر وطني عام ولم يكن بمعزل عن نشاطات وحركة المجتمع العراقي الأخرى، أي أنه لم يحمل صبغة طائفية، بل كان موقفاً ودوراً وطنياً.

يصف تقرير لـ(B.B.C) نشر في السابع من آيار عام 2003 أن معظم رجال الدين الشيعة في العراق يدعون إلى فصل الدين عن الدولة ويرفضون التدخل في السياسة، وإن أبرز مراجع الشيعة في العراق السيد علي السيستاني يعتقد أن على الزعماء الدينيين عدم التدخل في السياسة، ويرى ضرورة فصل الدين عن الدولة، وقد يكون بعض رجال الدين العراقيين العائدين من إيران ونتيجة معايشتهم للتجربة الإيرانية، وإطلاعهم على جوانب النقص في الإسلام السياسي، فإنهم لا يفضلون إقامة دولة دينية على غرار إيران، فضلاً عن سيطرة الشيعة المعتدلين من رجال الدين وإعادة مكانة الحوزة العلمية في النجف قد يضر بالدور الذي كانت تمارسه إيران والحوزة العلمية في قم ويضعفه.

وأخيراً يشارك محمود الورداني بموضوعه الموسوم (رفيقات السجن)..

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 26 أيلول/2007 -13/رمضان/1428