مزيلي الألغام في افغانستان بين الخطر الداهم والتحديات الأمنية

 شبكة النبأ: مخلفات الحروب كوارث كامنة متربصة بكونها تشغل وظيفة الموت والدمار شيئ ضد النماء والحياة، والعدو المستتر تحت التراب قد اودى بحياة كثير من الناس وهو ينبئ بأن الحرب لازالت تتحدث خطابها الغاشم لتحصد حياة الابرياء كل يوم.

والفرق المجندة في افغانستان تعمل ليل نهار لتطهير الارض من ادران الحروب والغزوات الهمجية، وهم يغامرون بحياتهم ليس من الالغام وحدها وإنما تحدق بهم عيون متربصة اخرى لقتلهم بمسوغات الحرب نفسها.

فعند وقوفك في المنطقة السهلية الجافة المحاطة بالجبال الوعرة بالقرب من كابول فانك لا تحتاج للنظر بعيدا لترى المخاطر.

اذ تغطي الالغام والقنابل العنقودية والقذائف التي لم تنفجر والتي خلفتها ثلاثة عقود من الحرب الارض بعد أن كشفتها الرياح التي ازالت التربة التي كانت فوقها.

وبعض الالغام الضخمة الخضراء البلاستيكية المضادة للافراد التي زرعت خلال الاحتلال السوفيتي في الثمانينات ترقد الان وقد انقلبت رأسا على عقب وهي تحمل ذات الخطورة التي كانت عليها يوم زرعت. بحسب رويترز.

وافادت ايضا بانه لا تزال ألغام أخرى مخبأة تحت السطح كجزء مما يقدر بمئة ألف لغم أرضي في اراضي افغانستان التي ينفذ بها أكبر برنامج للتطهير من الالغام في العالم والتي بها أحد أعلى معدلات الاصابة من الالغام في العالم.

يجلس ظفار خان مزيل الالغام القرفصاء وهو يرتدي ازارا أزرق واقيا من الانفجارات ومرتديا قناعا وهو يزيح التربة بحذر لكشف لغم.

ويقول خان: لست خائفا الامر سهل، انني اواجه ذلك كل يوم، وخان رجل طويل تحول من زراعة محصول القمح الى ازالة الالغام منذ عامين ونصف العام.

وأضاف خان: عندما رأيت الكثير من الناس في قريتي يفقدون ارجلهم واقدامهم ويموتون من الالغام الارضية حينها قررت ان عليّ العمل ضد الالغام وعلي أن اكون مزيلا للالغام لنخلص افغانستان من كل حقول الالغام.

كما أن خان يعمل ايضا في ازالة الالغام بسبب المال، اذ يتخطى راتبه البالغ 280 دولارا في الشهر من منظمة ازالة الالغام واعادة تأهيل الافغان بكثير ما كان يجنيه كمزارع.

لكن الاخطار متعددة وتمتد لما وراء تلك القابعة في حقول الالغام، فمزيلو الالغام يُقتلون ويُخطفون في اطار تمرد دموي من طالبان ضد القوات الافغانية والاجنبية يتضمن نصب كمائن بشكل يومي وانفجار قنابل على الطريق ومعارك.

وخطف مسلحون 13 من مزيلي الالغام الافغان في اقليم باكتيا في الجنوب الشرقي قبل اسبوع، واطلق المسلحون سراحهم بعد ذلك جميعا لكن هناك اخرين لم يكونوا محظوظين مثلهم، وقتل أو اصيب أكثر من 36 عاملا من عمال ازالة الالغام في هجمات في أفغانستان منذ عام 2002.

وقال احمد جان نوزادي من مركز مكافحة الالغام في افغانستان التابع للامم المتحدة: من الصعب العمل في مناطق غير امنة.

وعلى البعد ترتفع سحب الدخان مع وضع عمال ازالة الألغام متفجرات حول الالغام التي كشفوها ليدمروها بتفجيرات متحكم بها، ويتحرك مزيلو الالغام بحرص بين الصخور المطلية باللونين الاصفر والاخضر الموضوعة في مكان العثور على ألغام.

وتحوم طائرات هليكوبتر من قاعدة باجرام الجوية القريبة وهي أحدى مراكز الجيش الامريكي على بعد 50 كيلومترا شمال شرقي كابول فوق الرؤوس لتذكر بشكل مستمر بالصراع الذي لا يزال دائرا في افغانستان بعد عقدين من مغادرة السوفيت.

ويقول نوزادي: تصنع الالغام من البلاستيك المقوى حتى لا تعطبها التقلبات الجوية سواء ساخنة كانت ام باردة حتى تبقى لسنوات وسنوات تصل أحيانا لخمسين عاما.

وأضاف: /منذ 1989/ دمرنا أكثر من 300 ألف لغم مضاد للافراد وأكثر من 18 ألف لغم مضاد للدبابات وأكثر من سبعة ملايين قطعة من القذائف التي لم تنفجر لكن المشكلة لا تزال موجودة.

وطهر الفريق الذي يصل عدده الان الى 8500 من مزيلي الالغام مليار متر مربع من الارض منذ عام 1989. ويترك ذلك نحو 700 مليون متر مربع ما زالت بحاجة للتطهير.

وعلى مزيلي الالغام المسلحين بأجهزة رصد المعادن والعصي المعدنية تطهير المناطق كثيفة الالغام يدويا ولكن عندما يعثر على عدد عبوات أقل تستخدم الكلاب المدربة لتطهير مناطق كبيرة بسرعة.

وزرعت أغلب الالغام خلال الاحتلال السوفيتي عندما كانت تستخدم لحماية القوافل والمواقع العسكرية من هجمات المجاهدين، ثم زرع المزيد منها خلال الحرب الاهلية الطاحنة والقتال بين مقاتلي طالبان والتحالف الشمالي.

وتقول الامم المتحدة والجيش الامريكي ان ما يضيف الى المشكلة هو أن القرويين والاهالي المتناحرين والمزارعين يأخذون الالغام في بعض المناطق ويعيدون زرعها ضد اعدائهم ومنافسيهم.

ووفقا لمعاهدة اوتاوا لحظر الالغام الارضية تلتزم حكومة افغانستان بتطهير كل حقول الالغام بحلول عام 2013. وتقول الامم المتحدة والصليب الاحمر ان 60 شخصا في المتوسط يقتلون أو يصابون من الالغام في انحاء افغانستان شهريا.

وتقدر الامم المتحدة أن هناك 60 ألفا من ضحايا الالغام الذين لايزالون على قيد الحياة مثل فيصل مالك البالغ من العمر 20 عاما وهو بدوي يعيش في خيمة بالقرب مما كان يوما منطقة كثيفة الالغام على طول الطريق الى كابول وحتى الاطاحة بطالبان عام 2001. وفي بعض الاحيان يكون ضحايا الالغام من الحمير او الماعز او الخراف.

وقال مالك وهو يقود جملين عبر منطقة متاخمة لحقل الالغام: نعلم أن هناك الكثير من الالغام في كل مكان لكن ماذا علينا أن نفعل..... لدينا أكثر من 500 شاه تتحرك في كل مكان.. يجب أن نرعى حيواناتنا.

وأضاف وهو يظهر اصبعين مصابين وهو يضحك: كنت طفلا. لم أكن اعرف ما هو اللغم. التقطته وانفجر.. وقع انفجار كبير في يدي لكنني فقدت جزءا صغيرا من أصابعي فحسب.

وأغلب ضحايا الالغام من المدنيين والكثير منهم أطفال.. وتشك بعض المنظمات في أن العدد الحقيقي لحوادث الالغام في افغانستان اعلى بكثير مما يذكر بسبب عدم الابلاغ عن الكثير منها في المناطق النائية.

ويقول تقرير مراقبة الالغام الارضية لعام 2006 الصادر عن الحملة الدولية لحظر الالغام ان افغانستان جاءت في المركز الثالث بعد كولومبيا وكمبوديا في عام 2005 من حيث عدد حوادث الالغام باصابة أو مقتل 848 شخصا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 26 أيلول/2007 -13/رمضان/1428