فدرالية العراق في أقلام الكتٌاب الأمريكان

جميل عودة/ مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث

 أتفق الكتاب الأمريكان وأكثرهم من الساسة المعمرين إلا القليل منهم على أن العودة إلى نظام مركزي مستبد في العراق باتت شبه مستحيلة، وأن نظاما سياسيا جديدا يجب أن يحكم عراق ما بعد صدام، ولكنهم ذهبوا مذاهبا شتى حول طبيعة النظام السياسي المقترح، فمنهم من دعا إلى الفدرالية واختلف دعاتها في التفاصيل، ومنهم من دعا إلى الكونفدرالية، ومنهم من استساغ التقسيم، وظهرت في الآونة الأخيرة تسريبات إعلامية تفيد أن تقريرا للاستخبارات الأمريكية أوصى بتعين أحد الجنرالات العراقية ليكون قائدا للبلاد في حال فشل الحكومة الوطنية.

   وبغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع ما يقدمه هؤلاء المؤلفين فإنه يشكل وجهات نظر سائدة في دوائر صنع القرار الأميركي، وقد تتحول أي من هذه الأفكار إلى واقع بين يوم وليلة.

   ومن هنا تأتي أهمية محاولة تفهمها واستيعابها، ومن ثم تحديد أسلوب التعامل معها سواء فكريا أم على صعيد الواقع السياسي.

    لذا، نحاول في هذا البحث استعراض تلك المقترحات، وما أثير عليها من مواقف وردود، لنرى مدى جديتها وفائدتها للعراق.   

أولا: نظاما كونفدراليا

     أشار هنري كيسنجر وزير خارجية أميركا الأسبق أنه...مع الحالة العراقية، أننا في وضع صعب جدا لأننا نحارب تمردا وسط حرب أهلية. وبدون شك، فقد وقعت أخطاء كبيرة، لكن ذلك لا يساعدنا الآن كي نركز عليها، لذلك فإن ما يجب تجنبه هو ظهور نظام شبيه بنظام طالبان في جزء من العراق أو بروز نظام أصولي جهادي، حتى لو لم يكن على نمط نظام طالبان أو على نمط النظام الإيراني. ومن هنا فعلينا أن نتجنب وضعا نكون فيه الطرف الوحيد الذي يسعى إلى إطفاء الحرائق بدون الوصول إلى مصادر الاشتعال. ولعمرك فهذه مهمة صعبة جدا.

     وهناك بالطبع التساؤل القائم والمشروع، وفحواه: هل وصلنا إلى النقطة التي علينا أن نختار للعراق أمرا من اثنين: الديمقراطية أو الاستقرار؟ الإجابة نعم. بل إنها حقيقة واقعة، وتقديري هنا أنه كان تصرفا ملائما أن تقف أميركا مع الديمقراطية. فأميركا لا تستطيع أن تذهب إلى منطقة ما لتقول إن كل ما نريده هو الاستقرار. لكن يجب تعديل الفترة الزمنية، التي في أثنائها يمكن تحقيق الأهداف ودرجة مشاركة أميركا بشكل مباشر فيها، وفق التجربة والظروف.

   إن فرصة إيجاد طرف سياسي في العراق قادر على تحقيق الاستقرار أصبحت متأخرة الآن، ذلك لأننا وإذا أخذنا احتلال ألمانيا واليابان مثلا ، لوجدنا أن هذين البلدين لا يصلحان أن يكونا نموذجا للعراق. ففي كلا البلدين لم تتعرض مؤسسات الدولة للتغيير باستثناء ربما 10% من المسئولين في القمة، هذا بالنسبة لألمانيا، أما في اليابان فحتى نسبة التبديل كانت أقل من هذا الرقم. ولم تكن هناك مشكلة أمن داخلية في ألمانيا أو اليابان. لذلك فهما بعيدان جدا عن أن يكونا نموذجا لهذا الوضع.

 وعودة للعراق، وللتساؤل حول النتيجة التي سيترتب عليها الوضع فيه، أظن أن نظاما كونفدراليا بصلاحيات محدودة جدا هو الذي سينتج في الأخير....النظام المرجح ظهوره في العراق هو كونفدرالية لوحدات تتمتع باستقلال ذاتي كبير….( المصدر هنري كيسنجرأميركا والعراق: دوافع الكابوس.. وآليات العلاج! وزير خارجية أميركا الاسبق والمقال مأخوذ من حوار أجرته معه خدمة «غلوبال فيو بوينت» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط») 

ثانيا: دولة فدرالية قوية

    في الرابع عشر من شهر يوليو الماضي شكلت القناة الرابعة البريطانية بالتعاون مع مركز السياسة الخارجية لجنة مستقلة غير حزبية تهدف إلى دراسة الوضع في العراق وبحث سبل الخروج من الأزمة المستفحلة هناك.

  وقد أعترف تقرير اللجنة البريطانية على نحو لا لبس فيه، بأنه «لم يتبق في العراق سوى خيارات مؤلمة»، لكنه يقر أيضاً بالمسؤولية الأخلاقية والقانونية التي تتحملها بريطانيا إزاء بلد شاركت في غزوه. ومع ذلك فإن التقرير لا يدعو إلى انسحاب أحادي وغير منظم للقوات البريطانية من العراق، كما يشير إلى الخيارات المحدودة التي تملكها لندن في هذه الفترة. وعلى غرار «مجموعة دراسة العراق» الأميركية، يشدد التقرير البريطاني على ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي العراقية، وفي الوقت نفسه العمل على إرساء دولة فدرالية قوية. (المصدر: جيفري كمب،  العراق والخيارات المؤلمة)

ثالثا:الفدرالية مقدمة للتقسيم

    حسبما جاء في تقرير البنتاجون بعنوان “قياس الأمن والاستقرار في العراق” فإن “الوضع الأمني يمرّ في أعقد حالاته منذ بدء (عملية حرية العراق)” يعني منذ الغزو في مارس/ آذار 2003. فالولايات المتحدة تواجه كلا من التمرد السّنّي، الذي وصفه التقرير بأنه “شرس وقابل للحياة”، وتكاثُر الميليشيات الطائفية وعمليات القتل العرقية.

   وأضافت وزارة الدفاع، في إدانة مذهلة لمقدرتها على توفير الأمن والاستقرار الاقتصادي، قائلة انه “يُنظَر إلى الجماعات المسلحة المحلية غير الشرعية، باعتبارها المصدر الرئيسي لتوفير الأمن والخدمات الاجتماعية الأساسية”. وقال التقرير إن هذه الجماعات أصبحت “متحصنة” في كل من شرق بغداد (الشيعي)، وغربها (السّنّيّ). واختتم بالقول “إن الظروف التي يمكن أن تؤدي إلى حرب أهلية، قائمة في العراق”.

   وتثير فكرة الميليشيا المتحصنة التي تقسيم بغداد إلى شرقية وغربية، في الذهن على الفور، شبح بيروت خلال حربها الأهلية من 1975 -،1990 وتقول وزارة الدفاع الأمريكية إن العراقيين يشتركون معها بصورة متزايدة في هذه المخاوف. وتلفت النظر إلى أنه ليس في بغداد فقط، بل وفي منطقة الفرات الأوسط جنوب بغداد، وفي المنطقة المحيطة بالبصرة، الميناء العراقي في الجنوب، تسود بين العراقيين، المخاوف المتزايدة بشدة، من حرب أهلية شاملة.

    وجيش المهدي بزعامة مقتدى الصدر، لا يقرّ له قرار، ويبدو جاهزاً لإطلاق انتفاضة ثانية، كما فعل سنة 2004 وهو نفسه تكتنفه الانقسامات الخطيرة، وتتخلله العناصر المسلحة. والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، يضغط بشدة من أجل تقسيم العراق الذي يدعوه “فدرالية” وقد طرح أحد زعمائه (الذي يتصادف أنه وزير التربية والتعليم في العراق) سيناريو حرب أهلية شاملة. وقال: “ان الفدرالية سوف تعزل جميع أجزاء البلاد التي تحتضن الإرهابيين”. وأضاف، “سوف نضع الجنود على طول الحدود”. (المصدر روبرت درايفوس  الواقع في العراق يتكشف، مؤلف كتاب “لعبة الشيطان”، محرر مشارك في مجلة “ذي نيشن”. والنص من موقع (توم بين).

   وممّا يعمّق الانقسامات بين الشيعة، ظهور أمير حرب جديد، هو محمود حساني، الذي أنشأ جيوشاً خاصة في النجف وكربلاء والبصرة وبغداد، والذي يعارض بعنف، المجلس الأعلى للثورة الاسلامية وجيش المهدي بزعامة الصدر. ويبرز حساني، الذي يعارض الولايات المتحدة أيضاً، ويكره ايران، كزعيم شيعي وطني يمكن ان يزعزع الوضع الشيعي الراهن برمته.

    أمّا الأكراد المزعجون، فهم يهددون بالانشقاق علناً. فقد قال مسعود البرزاني، الذي يشكل السلطة الحقيقية في كردستان، متحدّياً هذا الأسبوع: “إذا أردنا الانفصال، فسوف نقوم به من دون تردد أو وجل”. وإذا بدأ الأكراد عمليتهم المتوقعة على نطاق واسع للاستيلاء على كركوك وحقول النفط العراقية الشمالية، فسوف يشعل ذلك فتيل تصعيد عظيم للحرب الأهلية في العراق.  (المصدر روبرت درايفوس  الواقع في العراق يتكشف، مؤلف كتاب “لعبة الشيطان”، محرر مشارك في مجلة “ذي نيشن”. والنص من موقع (توم بين).

    إذا كان الأكراد قد نالوا كل مطالبهم وحققوا طموحاتهم الخاصة بالفدرالية واللغة الكردية بالنظر إلى الظلم الذي وقع عليهم طيلة الفترة السابقة، فقد أدت تلك الامتيازات العديدة التي حصل عليها الأكراد إلى إغضاب السنة، خصوصا فيما يتعلق بمسألة الفيدرالية التي يعتبرونها الطريق المفضي إلى تقسيم العراق وتهديد وحدته. (المصدر: ديفيد فيلبس   هل يقود الدستور العراقي إلى حرب أهلية؟ زميل بارز في مجلس العلاقات الخارجية الأميركي).

  حيث أنه وعلى الرغم من شعارات الاخوة والوحدة الوطنية التي ينادي بها الزعماء السياسيون من عرب واكراد على حد سواء, فان علامات الاختلاف تبدو واضحة في كثير من الحالات. فالميليشيا الكردية المسلحة التي تضم اكثر من خمسين الف مقاتل يجري توزيعها حاليا على الجيش العراقي الجديد وقوات الشرطة وحراس الحدود. لكن هؤلاء الأفراد ما زالوا يحملون على بزاتهم الرسمية الجديدة علم كردستان وليس العلم العراقي الرسمي. ومن المرجح انهم سيتحولون إلى جيش داخل الجيش النظامي يمكن بكل سهولة دعوته إلى القتال دفاعا عن كردستان اذا ما اقتضى الأمر.

     ويرتفع علم كردستان, كذلك، على جميع المباني الحكومية في الشمال. وقد رأينا في طريقنا إلى كركوك رجلا بالزي الوطني الكردي يقف على الطريق الخارجي المؤدي إلى المدينة وهو يرفع بيده علم كردستان.

   في السليمانية، التقينا أيضا بشاعر كردستان الأول شيركو بيكس الذي أعرب شكوكه بصدقية التطلعات الديمقراطية لدى العرب. وكان بيكس قد قاد في الربيع الماضي حملة لجمع التوقيعات على عريضة تطالب بإجراء استفتاء عام حول موضوع انضمام كردستان إلى العراق أو المحافظة على استقلال الإقليم. وقد وقع على العريضة 1.8 مليون شخص كان بينهم من وقعها بالدم ويرى بيكس أن الاكراد الذين تعرضوا لمذبحة جماعية أثناء عملية »الانفال« التطهيرية التي شنها عليهم العراقيون العرب حسب تعبيره سيكونون في وضع افضل لو انهم اتخذوا طريقهم الخاص. ويرى بيكس ان »الاكراد« قد ظلموا منذ ثلاثة وثمانين عاما عندما تم ضمهم بالضد من رغبتهم إلى هذا العراق حسب تعبيره. ويضيف قائلا: »بعد عقود من القهر, لا نجد في داخلنا ما يحملنا على الإحساس بالارتباط بالعراق.

   لكن هذه التطلعات والاختلافات لا تجد طريقها إلى الموقف الحالي الذي يتخذه الزعماء السياسيون الأكراد. فعلى الرغم من الإمكانيات العديدة التي تجعل الاستقلال في متناول أكراد العراق, فان زعماءهم السياسيين يرون أن الوقت غير ملائم لذلك بسبب الضغوط الشديدة التي تمارسها جارات العراق ذات الاقليات الكردية وفي مقدمتها تركيا. لكن من يتجول في الشارع الكردي يلمس بوضوح أن الموقف الرسمي الكردي بات متعارضا مع إرادة العديد، أن لم نقل الأغلبية، من الأكراد العاديين. (المصدر: جون دازينويسكي، أكراد العراق يتساءلون عن جدوى الاندماج عن ،لوس انجلوس تايمز).

رابعا: نظرية التقسيم الناعم( كردستان، شيعستان، سنستان)

    كتب جوزيف بايدن عضو بمجلس الشيوخ الأميركي ونائب رئيس لجنة العلاقات الخارجية مقالا قال فيه: قبل أربعة أشهر عرضت في مقال لي مشاركة مع الرئيس المتقاعد لمجلس العلاقات الخارجية خطة مفصلة للمحافظة على وحدة الصف العراقي، وحماية المصالح الأميركية، وإعادة الجنود الأميركيين إلى وطنهم. وقد تبنى عدد كبير من الخبراء الأفكار التي طرحناها. ومنذ ذلك الوقت جعلت الأحداث المتلاحقة التي تشهدها الساحة العراقية تلك الخطة أكثر إلحاحا ومناسبة للتطبيق عن الوقت السابق الذي عرضت فيه.

  فالحقيقة الجديدة الجوهرية في المشهد العراقي هي تزايد العنف بين الشيعة والسنة وتجاوز خطره ما عداه من الهجمات التي ينفذها المسلحون حيث بات هو التهديد الأساسي الذي يواجه العراق….ويبقى الطريق الوحيد للحفاظ على العراق وتوفير الظروف الملائمة لسحب قواتنا من العراق متمثلا في تقديم حوافز ومبادرات للشيعة والسنة والأكراد تلبي مصالحهم في إطار سلمي وتدفع باتجاه إرساء قواعد وضع سياسي مستقر.

  والخطة التي طرحناها تتألف من خمس نقاط تعرض خيارا أفضل.

-أولا تدعو الخطة للمحافظة على العراق موحدا بتطبيق اللامركزية ومنح الأكراد والشيعة والسنة أقاليمهم على أن تترك المصالح المشتركة مثل أمن الحدود وتوزيع عوائد النفط للحكومة المركزية.

-ثانيا يلتزم السنة بالاتفاق على أساس ضمان حصتهم في عوائد النفط وتمنح كل مجموعة حوافز خاصة لرفع إنتاج النفط الأمر الذي يجعل من النفط رابطا يجمع أقاليم العراق معا.

-ثالثا تضع الخطة برنامجا ضخما لتوفير وظائف في الوقت الذي تزيد فيه من مساعدات إعادة الاعمار خاصة من دول الخليج على أن تربط ذلك بحماية مصالح الأقلية.

-رابعا توجه دعوة لعقد مؤتمر دولي لتوقيع معاهدة إقليمية لعدم وقوع اعتداءات وتشكيل مجموعة اتصال لفرض الالتزامات الإقليمية.

- خامسا تبدأ عمليات ممرحلة لإعادة انتشار القوات الأميركية خلال العام الجاري على أن يتم انسحاب معظم هذه القوات بنهاية 2007 بينما تظل قوة محدودة لمتابعة التزام الجيران وللتصدي لأي تجمعات إرهابية....وعلى هؤلاء الذين يرفضون هذه الخطة أن يجيبوا على سؤال واحد بسيط : ما هو البديل ؟ (جوزيف بايدن تقسيم العراق من أجل وحدته، عضو بمجلس الشيوخ الأميركي ونائب رئيس لجنة العلاقات الخارجية،خدمة لوس انجلوس تايمز وواشنطن بوست خاص بـ(الوطن)).

-أسباب فكرة التقسيم الناعم:

   طرحت مجموعة من الأسباب لتبرير فكرة التقسيم الناعم من بين هذه الأسباب هي:

-اليوم يرتفع العلم الكردستاني في سماء كردستان، وليس العلم العراقي، بينما يتحدث الأطفال لغتهم الكردية الأصلية في نظامهم التعليمي، ويتعلمون الإنجليزية وليس العربية كلغة ثانية. إلى ذلك يجني الإقليم فوائد مالية كبيرة من الاستثمارات التركية المتدفقة عليه، فضلاً عما يجنيه من موارد هائلة تضخها عليه السياحة.

2- أما المنطقة الجنوبية من العراق، لاسيما مدينة البصرة والأجزاء المتاخمة لها، فقد تحولت افتراضاً إلى ما يشبه الدولة الشيعية خلال العامين الماضيين. وعلى الرغم من أنها ليست بالعنف الذي تتسم به بغداد، فإن البصرة تخضع عملياً لحكم مجموعة من الميليشيات الشيعية التي تخوض حرباً شرسة ودامية فيما بينها لفرض هيمنتها على الموارد النفطية الهائلة المتوفرة في الجنوب العراقي. ووفقاً لدراسة أعدتها "مجموعة الأزمات الدولية" مؤخراً، فإن مدينة البصرة، تعد حالة نموذجية لدراسة تعدد وتنامي أشكال العنف المنتشرة في العراق اليوم. والمؤسف أنه لا علاقة تذكر لنشاط وأهداف هذه الميليشيات، بالعنف الطائفي من حيث هو، أو بالمقاومة الوطنية للاحتلال الأجنبي. وجاء في الدراسة المشار إليها "أن فترات الاستقرار النسبي، لا تعكس وجوداً كبيراً للسلطة الحاكمة بقدر ما تعكس حالة التوازن الهش والنسبي البادي الآن، بين المصالح المتضاربة المتنافسة فيما بينها، وكذلك حالة الإرهاب الجاري بين الميليشيات المتناحرة". (المصدر: جيفري كمب استراتيجية 'التقسيم الناعم'... هل تصلح للعراق؟)

-آليات التنفيذ: وكتب بايدين وغيلب في مقالة الرأي التي نشرت في 1 مايو 2006 إن هذا التقسيم يمكن تطبيقه مع محليات غير قابلة للمقاومة من قبل السنة فهي خطة تستدعي سحب الجيش واعادة تموضع القوات الأميركية وتوقيع معاهدة عدم اعتداء إقليمية. وتقر الخطة بما يقوله الخبراء في الشرق الأوسط أن الشيعة والسنة العراقيين لا يسيرون نحو التصالح ومازالوا غير قادرين على تمرير قانون النفط وعملية التطهير الطائفي جارية حيث يفر السنة من المناطق ذات الأغلبية الشيعية ويفر الشيعة من المناطق ذات الأغلبية السنية.

-معوقات خطة التقسيم الناعم: بيد أنه يتعذر على استراتيجية "الفصل الناعم" هذه أن تترجم إلى واقع فعلي ملموس في التربة العراقية، من دون الحصول على الموافقة الضمنية عليها، من قبل الدول المجاورة للعراق، لاسيما تركيا وإيران. على أنها وفي كل الأحوال، تظل استراتيجية محفوفة بالخطر والمغامرة. إلى ذلك تظل الاستراتيجية مثيرة لخيبة الآمال، لكونها تعد انحرافاً عن الخطة الأصلية التي حركت دعاة الغزو في واشنطن عام 2003، إذ كان المبرر والأمل، هما بناء عراق موحد، علماني وديمقراطي مزدهر. فتلك هي الأهداف التي عكفت على صياغتها إدارة جورج بوش، قبيل خوضها لمغامرتها العسكرية في صيف عام 2003. فانظر كيف ضمرت الآمال وتواضعت عملياً إلى حد القبول بعراق ممزق الأوصال، وأبعد ما يكون عن الوحدة والديمقراطية والعلمانية؟! لكن ووفقاً لمبدأ الأخذ بأخف الضررين، فربما كان الفصل الناعم للعراق، خياراً واقعياً مفضلاً على ترجيح استمرار دوامة العنف الدائرة فيه حالياً، وربما كان خياراً لدرء تدخل عسكري خارجي في شؤونه من قبل جيرانه المتربصين به من جميع الجهات. (المصدر، يفري كمب،  استراتيجية 'التقسيم الناعم'... هل تصلح للعراق؟)

-الموقف من خطة التقسيم الناعم:

1- لم يؤخذ بالخطة عندما طرحت قبل عام، وكان العنوان الرئيسي لعمود جورج جشمه لصحيفة غلف نيوز المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط: «خطة التقسيم مرفوضة» وقال أن كلمة تقسيم في ذاتها لها وقع سيئ على الآذن العربية وتعيد إلى الذاكرة خطة تقسيم فلسطين التي أدت إلى إيجاد دولة إسرائيل.

  2- وأشار خبراء السياسة الخارجية أيضا إلى أن تقسيم العراق يمكن أن يسفر عن مذابح دموية في المناطق المدنية. فرغم أن السنة يشكلون الغالبية الساحقة في الجزء الغربي من العراق والأكراد في الشمال والشيعة في الجنوب، إلا أن المدن العراقية ليست متجانسة ديمغرافيا، فبغداد والموصل وكركوك لا توجد خطوط جغرافية واضحة تفصل بين المكونات الرئيسية الثلاث. أو على الأقل لم تكن في السابق، ولكن حقيقة الأمر حاليا أنها أصبحت اكثر تجانسا لأن السكان المرعوبين فروا من المناطق التي لا تهيمن عليها طائفتهم. فالضواحي الواقعة على أطراف بغداد شهدت الكثير من التطهير الطائفي.

3-رسميا يقول المسؤولون في إدارة بوش انهم ملتزمون بموقف بوش الذي يأمل أن تتمكن القوات الأميركية المعززة بأعداد إضافية من كبح العنف وخلق الظروف السياسية للشيعة والسنة والأكراد للتوصل إلى حل سياسي، ولكن الشهادات والمقابلات حول الظروف السائدة في العراق أشارت إلى أن الإدارة الأميركية شرعت فعليا في اتخاذ خطوات فعلية نحو التقسيم. فوزارة الخارجية تحديدا شددت على اقتراح تشكيل فرق بناء مناطقية في المحافظات العراقية بهدف تقوية زعماء القبائل المحلية، وهذا في حد ذاته يؤشر نحو إلغاء مركزية سلطة الدولة في العراق.

4-من باب التحذير يقول خبراء أن التقسيم الناجز للعراق لن يكون أمرا هينا ويتطلب مشاورات حذرة مع جيران العراق ومن ضمنهم إيران والسعودية ناهيك عن تركيا التي لها حساسيات قومية حول المسألة الكردية.(المصدر: هيلين كوبر خطة أميركية لتقسيم العراق)

-قبول فكرة التقسيم الناعم:

1- للوهلة الأولى تبدو هذه الفكرة معقولة كون العراق مقسما فعليا على الأرض من الناحية السياسية والديمغرافية والعرقية والطائفية فالتقسيم يعني جعل هذا الوضع رسميا بما يسمح للأميركيين بإبعاد أنفسهم وترك العراقيين يقتلون بعضهم البعض.

  المسؤولون من السنة والشيعة يحتفظون بالمناصب الحكومية والأمنية العليا لأنفسهم تاركين ميليشياتهم تتصارع وتتصادم من أجل السيطرة على الأراضي. من الناحية النظرية فإن التقسيم سيسمح لكل جماعة بإقامة حكومتها المصغرة الخاصة بها لادارة شؤونها بنفسها والتخلص بالتالي من العوامل المسببة للعنف الطائفي.

   والدستور العراقي نفسه يسمح بإقامة أقاليم فيدرالية مستقلة ذاتيا وغالبية الأكراد ترحب بالوضع القائم حاليا ولا تخفي استعدادها للانفصال في المستقبل إذا سمحت الظروف بذلك، في المقابل نجد أن المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق وهو حزب شيعي يدافع عن إقامة إقليم فيدرالي جنوبي.

وهناك الكثير من الأطراف الشيعية التي تفضل التقسيم وترى فيه فكرة جيدة التنفيذ على اعتبار ان السنة لن يكفوا عن محاولة السيطرة على الحكومة المركزية، ومن وجهة نظرهم فإن جعل السنة يخسرون هو وحده الكفيل بجعل السلام يستتب.

   بعض اللاجئين الشيعة الذين فروا من مناطق الغالبية السنية ويعيشون الآن في معسكرات في الجنوب أو خارج البلاد ويأملون في أن يسمح لهم التقسيم بالاستقرار بصورة دائمة في المنازل التي أخلاها السنة الفارون. (إدوارد هيرست،   تقسيم العراق غير ممكن على الصعيد التطبيقي)

2-... التقسيم ليس بالفكرة المجنونة؛ فيمكن للبعض أن يقول إن بريطانيا أوجدت كيانا سياسيا موحدا أسمته العراق في العشرينيات من القرن الماضي لكن هذا الكيان محكوم عليه بالفشل منذ البداية والشيء الوحيد الذي استطاع الإبقاء على التماسك الظاهري لهذا الكيان هو القبضة الحديدية لصدام حسين، وعليه وإذا كان البديل هو الاختيار ما بين ديكتاتورية أخرى أو حرب مدنية لا تنتهي فإن خيار التقسيم يعد جذابا.

   إذا لم تكن فكرة التقسيم فكرة مجنونة فإنها بالتأكيد فكرة سيئة، فالتقسيم لن يكون نظيفا ولن يكون دون إراقة دماء، فالسنة والأكراد والشيعة موجودون ويتعايشون بصورة مختلفة في الكثير من المناطق بما فيها بغداد وما سبق للعالم أن عرفه من سوابق لا يشجع على ولوج هذا الطريق ومحاولة تقليده.

   ففي فلسطين والهند ويوغوسلافيا لم يؤد التقسيم فقط للحرب وإنما أدى أيضا لعمليات هجرة واسعة النطاق وسلسلة لم تنته من الحروب.

   وهناك أيضا التعقيدات الناشبة عن وجود جيران متحفزين للتدخل فالاستقلال للأكراد يعد أمرا مرفوضا من قبل إيران وتركيا. ووجود دولة شيعية أمر مخيف بالنسبة للسعودية بسبب وجود طائفة شيعة فيها ملاصقة للحدود مع العراق مع ما قد يحمل ذلك من تململ محتمل لهذه الطائفة وما الذي سيكسبه سُنة العراق الموجودين في الوسط إذا حدث التقسيم كونهم يقيمون في مناطق تخلو من ثروة النفطية؟ يعيشون اليوم في خوف دائم. فهناك عمليات قتل يومية تجرى على أساس المذهب وهم لن يهتموا كثيرا بالديمقراطية مقابل استتباب الأمن والنظام وحكم القانون في بلادهم. (المصدر:أندروز هندرسون  أميركا ومصير العراق.. خيارات بالغة الصعوبة)

-رفض خطة التقسيم:

    يدفع دعاة "التقسيم الناعم" للعراق بحجة أن الفيدرالية الواهنة- القائمة على هذا الأساس العرقي الديني- تعكس الواقع الفعلي للعراق، طالما أن الحقيقة هي أنه يستحيل الحفاظ على وحدته، بآلية الدولة المركزية الموحدة. ويقيم هؤلاء حجتهم على العداءات والتحرشات الطائفية العرقية المستشرية بين شتى المجموعات، ومحاولة كل مجموعة لإبادة الأخرى وتطهيرها عرقياً ودينياً. ثم يضيف دعاة هذه الفكرة وأنصارها القول، إن هذا الحل ليس أميركياً يراد فرضه فرضاً على العراقيين، وإنما هو فكرة عراقية نابعة من صلب نصوص الدستور الوطني الجديد.

   غير أن الحقيقة الباقية، رغم كل هذه الحجج، هي أنه بمجرد التفكير في"التقسيم الناعم" للعراق، هناك قراءة خاطئة للواقع العيني المعاش....

1-      فالشاهد أن العراقيين، وعلى رغم محاولات التطهير العرقي والإبادة الجماعية التي تستهدفهم، ظلوا خليطاً اجتماعياً، تكثر الزيجات المختلطة بين فئاته وطوائفه، وظل العراقيون قادرين على تشكيل تلك الفسيفساء الاجتماعية، التي لا سبيل لتغييرها إلا بوسائل التخويف والعنف وحملات القتل الجماعي المستمرة.

2- وكما تشير سلسلة استطلاعات الرأي التي أجريت بينهم خلال السنوات الأربع الماضية، أكدت الغالبية العراقية رغبتها في أن تظل بلادهم موحدة. فعلى سبيل المثال، أشار التقرير الصادر عن "المعهد الجمهوري الدولي" في يوليو عام 2006، إلى أن نسبة 66 في المائة من العراقيين، تعارض فكرة تقسيم العراق، سواء على أساس طائفي أو عرقي.

3- أما اللغة الدستورية الواردة حول صيغة الفيدرالية وتوزيع الموارد الطبيعية للبلاد في الوثيقة المذكورة، فقد جاءت انعكاساً لصفقة سرية أبرمت وراء الكواليس، بين التحالف الكردي، وطرف واحد من الأطراف الشيعية، ألا وهو "المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق". وقد أبرمت هذه الصفقة النهائية، في تجاهل تام لكافة الأطراف الأخرى، ولكافة فئات المجتمع العراقي نفسها.

أ-الأكراد: لا ريب في أن الأكراد يرغبون في الاستقلال بإقليمهم، وأن في وسعهم تقديم حجج قوية داعمة لتحقيق رغبتهم هذه. لكن وعلى رغم رغبة الاستقلال هذه، فقد دفعت الواقعية السياسية قياداتهم إلى تفضيل البقاء في ظل الوحدة العراقية حالياً. وتستغل الأحزاب الكردية قدرتها السياسية النسبية في زيادة فرصها المستقبلية في الاستقلال. ويفترض ألا تواجه انفصال الإقليم الكردي إلى منطقة استقلال ذاتي، تتمتع بالمزيد من السلطات الإقليمية، أية عقبات أو تعقيدات تذكر، إلا في حال فشل الأكراد في تقديم التنازلات السياسية اللازمة، بشأن السيطرة على مدينة كركوك التاريخية، التي توجد بها نسبة 12 في المئة من احتياطات النفط العراقية الأكيدة.

ب-الشيعية: أما موقف "المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق" فيمثل حالة مختلفة في هذه الصفقة المشار إليها آنفاً. فعلى رغم تمتعه بسطوة سياسية، مردها إلى ميليشيات المسلحة المدعومة من قبل إيران، فإنه يفتقر إلى التأييد الشيعي الداخلي. وللتعويض عن هذا الضعف، لجأ المجلس المذكور إلى اقتراح الصيغة المحددة التي وردت في نص الدستور: ألا وهي إقامة "إقليم شيعي كبير" يغطي كافة المحافظات الشيعية التسع، الواقعة جنوبي البلاد، مع العلم أن هذه المنطقة، تحوي ما يتراوح بين 70 إلى 80 في المائة من احتياطيات النفط العراقي. وكانت تلك الصيغة التي تم تضمينها إلى صلب الدستور، هي التي أثارت الخلاف أو النزاع الطائفي الجاري اليوم، مع ضرورة الإشارة إلى أن هذا النزاع، يشمل الطائفة الشيعية نفسها. وبالنتيجة فقد رفض غالبية التحالف الشيعي، تلك الصيغة، على رغم تأييدهم النسبي لفكرة لامركزية السلطات.

-السنة: أما المسلمون السُنة العرب، فهم ليسوا أقل خلافاً ولا انقساماً فيما بينهم. إلا أنهم يتفقون على أمر واحد، هو رفضهم المؤكد لأي صيغة فيدرالية، لا تؤمن لهم نصيبهم من عائدات النفط، بينما تحرمهم تماماً من السلطة. وعلى رغم علمهم بأنه لم يعد من سبيل أمامهم اليوم لاستعادة قبضتهم السابقة على جهاز الدولة المركزية القوية، بحكم طغيان الأغلبية الشيعية، إلا أنهم يرفضون في الوقت ذاته، الصيغة الفيدرالية التي مررها إلى الدستور، "المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق". والحال هكذا، فإن السؤال الذي لا بد منه هو: أي فيدرالية يقصد دعاة التقسيم إذن؟! (المصدر:جوست هلترمان العراق والحجج الواهية لأنصار'التقسيم الناعم، نائب مدير برنامج دراسات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في" مجموعة الأزمات الدولية ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور")

    لقد كشف استطلاع للرأي العام العربي، أجرته في الآونة الأخيرة "مؤسسة زغبي العالمية لاستطلاعات الرأي" في خمس دول عربية، هي المملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات العربية المتحدة، والأردن، ولبنان. وقد شمل الاستطلاع عينة من 3400 شخص من الدول الخمس، التي تعد جميعها حليفة للولايات المتحدة الأميركية.

وفي كل واحدة منها، عبرت الأغلبيات عن مشاعر سلبية إزاء الدور الذي تؤديه كل من الولايات المتحدة وإيران حالياً في العراق...وما أن وجه السؤال إلى المستطلعة آراؤهم عما هو الجانب الأكثر إثارة لقلقهم ومخاوفهم إزاء العراق؟ حتى جاءت إجابات ما يقارب نسبة 50 في المئة منهم: أن يتم تقسيم العراق وتمزيقه إلى ثلاثة أقاليم مستقلة ذاتياً، أو ينحدر إلى حرب أهلية شاملة، تمتد تأثيراتها إلى خارج حدوده، مؤدية إلى نشوء أزمة إقليمية. واحتل الخوف من احتمال احتلال أميركي دائم للعراق، المرتبة الثانية من هواجس وقلق المستطلعين. وعن هذه الهواجس الأخيرة، جاءت النسب المعبرة عنها كما يلي: 47 في المئة في الأردن، و38 في المئة في مصر، ثم 25 في المئة من الرأي العام السعودي. ( المصدر: جيمس زغبي العراق... هاجس الأميركيين والعرب).

    كذلك تقول جوديث يافي، وهي محللة سابقة متخصصة في شؤون الشرق الأوسط في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ومدرسة حاليا في جامعة الدفاع الوطني، إن فكرة بايدن (فكرة فظيعة في اكثر من وجه بحيث يصعب على من يريد انتقادها أن يعرف من أين يبدأ. فإذا كان لنا أن ندفع العراق بهذا الاتجاه فان الحرب الأهلية ستصبح أمرا مؤكدا، وما نواجهه اليوم سيبدو عندها مجرد لعب أطفال).

   ويقول باتريك لونغ, الخبير بالشأن العراقي والمحلل السابق في وكالة الاستخبارات الدفاعية, انه (لا يوجد شيء مشابه للحل الذي يقترحه السناتور بايدن في العالم العربي, واعتقد ان ذلك يعود لسبب وجيه, فهذا الأمر لا يروق للعقل السياسي العربي). ويضيف لونغ قائلا (فإذا ما سلكنا هذا الطريق فانه لن يقدم لنا إلا محطة على طريق تفكيك الدولة وزوالها). (المصدر، هوارد لافرانشي، تخبط الأمريكيين في البحث عن الحل الملائم). 

خامسا-ثلاث ولايات وتقرير المصير

  طرح مؤلفا كتاب مستقبل العراق وهما ليام أندرسون، أستاذ العلوم السياسية في جامعة رايت واختصاصي بدراسة شؤون العراق، أما الثاني، غاريث ستانسفيلد فهو عضو في معهد الشؤون الخارجية بجامعة اكستر، وعمل مستشارا لدى الحكومة البريطانية بالنسبة للشؤون العراقية والكردية عدة خيارات لحل الازمة في العراق منها:

-تولي حاكم دكتاتوري جديد زمام الأمور في العراق.

- نظام حكم ديمقراطي: ويصل المؤلفان إلى اعتبار تحقق هدف نشر الديمقراطية في العراق أمرا شبه مستحيل، انطلاقا من رؤيتهما لطبيعة الأوضاع في العراق والتي تتمثل في الطبيعة الغريبة لتركيبة الشعب العراقي ثم مجموعات متعددة من الطوائف والأعراق المتناحرة فيما بينها، فالشعب العراقي منقسم على المستوى العرقي الى عرب وأكراد، وعلى المستوى الطائفي الى سنة وشيعة الأمر الذي يعقد أي عملية سياسية في البلاد لا تعترف بهذه الحقيقة والتركيبة، وهو ثبت صحته، وفقا للمؤلفين، على مدار التاريخ العراقي الحديث الذي أهمل الاعتراف بهذه الحقيقة تأليف :ليام اندرسون وغاريث ستانسفيلد ثلاثة سيناريوهات تحير المراقبين، دور بريطانيا في تشكيل العراق الحديث وراء أمراضه.

- التقسيم: وعلى هذا الأساس يصل المؤلفان الى الرؤية التي يحاولان بالتالي اقناعنا بها والمتمثلة في أن الحل الوحيد الممكن في العراق ليس الديمقراطية وإنما التقسيم. الأمر الذي يعززه من وجهة نظرهما أن العراق مقسم بالفعل، فالجنوب عربي شيعي في الأساس، والوسط عربي سني بشكل رئيسي، أما الشمال فهو كردي سني.  

    وهما يشيران بناء على رؤية تاريخية شاملة على مدى عقود القرن الماضي إلى أن ما يحدث في العراق يجد جذوره مترسخة في التاريخ العراقي، معتبرين أن ما يسميانه أمراض العراق المعاصرة والمتمثلة على حد تشخيصهما، في القمع الداخلي والاستخدام الواسع للعنف، فضلا عن التهديد الذي يمثله العراق لجيرانه.

   ووفقا لهذا الطرح، يمكن حكم العراق كثلاثة أجزاء بسهولة كبيرة وأقل استبدادا عن حكمها كوحدة واحدة. وبتطور الموقف فان كل وحدة تحسم اختياراتها بنفسها بخصوص أولوياتها لإعادة اعمار العراق وبداية صياغتها لعلاقاتها الاقتصادية مع الأقاليم المحيطة. وبعد فترة معينة ربما عامين أو ثلاثة أعوام سيأتي الوقت الذي يحدد العراقيون أنفسهم المستقبل السياسي للعراق. 

وهذا يفترض الحاجة الى استفتاء ويسبقه تحاور مفتوح وأمين بين العراقيين أنفسهم عما اذا كان هناك أي مستقبل لدولة العراق وسوف يتم اجراء الاستفتاء في كل من الوحدات الثلاث ولو صوتت الأغلبية في أي وحدة للانسحاب من العراق فيجب قبول هذا القرار.

   وهناك ثلاث نتائج محتملة لهذه العملية: الأولى: بقاء الوحدات الثلاثة كلها معا كدولة مترابطة، والثانية انسحاب الأكراد بينما تبقى الوحدات الباقية لسكان العرب معا، والثالثة وجود ثلاث طرق للانقسام تنتج في الشمال الدولة الكردية ودولة الشيعة والسنة في المركز وفي الجنوب دولة للشيعة. (المصدر: ليام اندرسون وغاريث ستانسفيلد، هكذا يزداد المأزق الأميركي عمقاً، هل تقسيم العراق إلى ثلاث وحدات خيار وارد).

      إلا أن هذه التصورات والأفكار رغم صدورها من محللين سياسيين مرموقين، لم تجد بعد تأييدا ملحوظا لدى صناع القرار السياسي في البيت الأبيض الذين لازالوا يؤكدون أنه من واجبنا أن نساعد الساسة العراقيين على تقديم وحدة بلادهم على أولوياتهم الطائفية، وأنه ينبغي على الحكومة العراقية أن تدير حواراً ومحادثات حتى مع أقبح اللاعبين الأساسيين من دول الجوار، لما لهم من نصيب في حل مأزق بلادهم الراهن. وباستثناء تلك القوى المتطرفة التي ليست لها أدنى مصلحة في وحدة العراق ولا استقراره، من أمثال تنظيم "القاعدة" وما إليه، فإنه يجب مشاركة الجميع في هذه العملية السياسية الرامية للخروج من المأزق الحالي. كما يجب حل كل المشكلات والخلافات المتصلة بالدستور الفيدرالي، وبتوزيع الموارد الاقتصادية الوطنية، وكذلك بدور المليشيات غير الرسمية وغيرها، في اتجاه الحفاظ على وحدة العراق أولاً وقبل كل شيء... وفيما لو رفض هؤلاء، وغادرت قوات التحالف أراضي بلادهم، فإن عليهم أن يدركوا جيداً أن بقاءهم هم أنفسهم سيكون مهدداً، جراء الفوضى التي ستعقب الانسحاب. (المصدر: جيرمي جرينستوك، نحو مبادرة شاملة لحل المأزق العراقي، ينشر بترتيب خاص مع خدمة "لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست").

* مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث

Http://shrsc.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 24 أيلول/2007 -11/رمضان/1428