ملف تخصصي: الرقيق تجارة رائجة

اعداد:علي الطالقاني*

شبكة النبأ: أزدهرت تجارة الرقيق في الازمنة السابقة وبدأت في الاضمحلال شيئا فشيئا في ضل القوانين الدولية ومنضمات حقوق الانسان الغربية فالدول الغربية بدأت في بداية الثمانينيات في محاربة تجارة الرقيق أما في بعض الدول الأفريقية فلا زالت هذه التجارة رائجة اليوم.

700 ألف شخص ضحايا تجارة الرقيق سنويًا

وأفاد تقرير صادر عن  منظمة الأمم المتحدة، يشير الى أن تجارة الرقيق مستمرة في مناطق عديدة من العالم, وأن نحو 700 ألف شخص يتم الاتجار بهم سنويًا.

ويضيف التقرير الذي أصدرته المنظمة الدولية بمناسبة إحياء ذكرى مرور 200 سنة على القضاء على تجارة الرقيق عبر الأطلسي: إنه يتم سنويًا الاتجار بنحو 700 ألف من الرجال والنساء والفتيات والصبية عبر الحدود، بعيدًا عن بلدانهم وأسرهم.

وأضاف التقرير أن هناك نحو 5.7 ملايين طفل في العالم ضحايا العمل القسري والاسترقاق, فيما يتم استغلال 300 ألف طفل كمجندين في أكثر من منطقة من مناطق الصراع بالعالم - بحسب ما نقلته وكالة الأنباء البحرينية.

وتابع التقرير الأممي قائلا: إن نحو 191 مليون طفل - تتراوح أعمارهم ما بين 5 إلى 14 عامًا - يقومون بأعمال حقيقية بمختلف مناطق العالم باعتبارهم عناصر اقتصادية فعالة.

وأشار إلى أن 40 % منهم ينخرطون في أعمال خطيرة.

ووصف التقرير تجارة الرقيق التي تمت عبر الأطلسي - والتي شكلت أكبر عملية ترحيل في التاريخ - بأنها "النموذج الأول للعولمة"؛ حيث شملت مناطق وقارات متعددة كإفريقيا، وأمريكا الشمالية، والجنوبية، وأوروبا، ومنطقة الكاريبي, وتسببت في بيع ملايين الأفارقة، واستغلالهم من قبل الأوروبيين.

تجارة الرقيق تنافس في مردودها المخدرات

وارتفع مردود «تجارة الرقيق» في بريطانيا الى حدود اصبحت معها تنافس تجارة المخدرات، وبحجم يصل الى خمسة بلايين استرليني سنوياً، ما دفع وزيرة الداخلية جاكي سميث الى الطلب من الشرطة ووكالة مكافحة الجريمة (سوكا) التركيز على مكافحتها عبر التعاون مع الاجهزة المثيلة على مستوى الاتحاد الاوروبي ودول الكتلة الشرقية سابقاً خصوصاً مع اخطار تعاون مافيات هذه التجارة مع الارهاب الدولي.

وتراوح نشاطات «تجارة البشر» في بريطانيا، التي اصبحت المركز الرئيسي لـ»الرقيق»، بين «تهريب الاطفال» واليافعين والنساء من مختلف القارات الى منطقة لندن الكبرى واسكتلندا ومن ثم اعادة تصدير هؤلاء الى مناطق مختلفة في دول العالم، ومن بينها الشرق الاوسط، التي تبحث عن عمالة رخيصة او عن «سلعة معينة».

واعطيت عملية المكافحة الجديدة الاسم الحركي «بانتاميتر – 2» وخُصص لها ما يصل الى ربع موازنة مكافحة الجريمة المنظمة التي تدخل ضمنها محاربة الاتجار بالمخدرات والاسلحة، والذي يؤمن المردود الاكبر للمافيات العالمية.

ووفق احصاءات نشرتها صحيفة «ذي تايمز» تم «تبادل» نحو 10 الاف امرأة من شرق اوروبا وافريقيا وآسيا، وبمعدل 2500 استرليني لـ»الوحدة»، بين مختلف المافيات التي تُجبرهن على العمل في اعمال السخرة او في «تجارة الجنس». وييصل عدد اليافعين، دون الـ 16 من العمر، الى نحو 5 الاف يتم تشغيلهم في اعمال زراعية في الارياف ضمن ظروف عمل صعبة.

ولم تُشر الاحصاءات الى عدد الرجال والنساء والاطفال الذين يتم ادخالهم الى المملكة المتحدة واخراجهم منها سنوياً الى دول اوروبا او اماكن العمل، لكنها لاحظت ان بعضهم يدفع نحو 10 الاف استرليني للمافيات لدخول بريطانيا ومن ثم يبقون مدينين لها على مدى سنوات تتحكم في مصائرهم حتى سداد المبلغ.

ووفق احصاءات وزارة الداخلية يصل حجم نشاط الجريمة في المملكة المتحدة، بجميع فروعها، الى نحو 20 بليون استرليني لكن تقديرات منظمات اهلية تشير الى ان المبلغ يصل الى 40 بليونا على الاقل.

وكانت المافيات العاملة في الشرق الاوسط نجحت في ادخال عشرات الالاف من الاكراد والعراقيين والفلسطينيين والصوماليين، منذ الغزو الاميركي للعراق واستمرار التوتر في الاراضي الفلسطينية والقرن الافريقي، عبر اساليب مختلفة راوحت بين تهريبهم او تزوير أذونات عمل او حتى الزواج.

وتخشى وكالة مكافحة الجريمة، واجهزة الاستخبارات المختلفة في بريطانيا ودول الاتحاد الاوروبي ان يؤدي جشع المافيات المختلفة الى التعاون مع منظمات ارهابية، من بينها تنظيم «القاعدة»، لادخال انتحاريين او حتى خبراء متفجرات الى اي بقعة من الاتحاد عبر شبكة عالية الكفاءة تعتمد طرقاً واساليب جديدة في التحايل على قوانين الهجرة والاقامة.

وكان وزراء الداخلية في الدول الاوروبية بحثوا، في اطار مكافحة هذه الممارسات، في مشروع لاجبار شركات الاتصالات الكبرى بالاحتفاظ بسجلات وتسجيلات عن مختلف المخابرات لفترة تصل الى ثلاث سنوات على الاقل لادانة من يجري اعتقالهم في شبكات الجريمة المنظمة.

تجارة الرقيق .. قرينة الحضارة الغربية

هل يعتبر الرق سرا مشينا يريد الإسلام إخفاءه؟ هذا هو السؤال الذي طرحه رونالد سيغال في كتابه الجديد:« الرقيق الأسود في الإسلام..الشتات الأسود في أفريقيا» Islam"s Black Slaves .. A history of African"s Other Black Diaspora الذي صدر بعد كتاب سابق له حول نفس الموضوع بعنوان Black Diaspora «الشتات الأسود»، إذ تناول من خلال الكتابين تجارة الرقيق التي مارسها الاوروبيون. لم يتضح بعد السبب وراء استخدام سيغال كلمة «شتـات» Diaspora في عنواني الكتابين، اذ تستخدم هذه الكلمة عادة للاشارة الى اليهود الذين فروا من فلســــطين عقب التدمير الثاني لمعبـــدهم وتشـــتتهم في مخـــتلف انحــــاء المعمورة. اما السود، الذيــــن انتهى بهم الامر فــي بــلدان تبعد آلاف الاميال من موطنهم الاصـــلي، فلم يغادروا قارتــهم طواعية وانما اختطفـوا واقتـــيدوا قسرا بغرض بيعهــم كرقيـق في اسـواق النخاسـة. فرضية سيغال التي ذهب فيها الى ان الرق «سر اسلامي» أمر مثير للدهشة. فعندما ظهر الاسلام كدين منظم وكيان سياسي كان الرق واقعا حياتيا، بل ظل كذلك على مدى الف عام قبل ظهور الاسلام. كان هناك رقيق في مجتمعات بلاد ما بين النهرين خصوصا في سومر وآكاد وآشور وبابل، كما ان قبائل البدو الرحل والمجتمعات التي كانت تقطن المنطقة التي اصبحت الآن اليمن مارست الرق. وحتى خارج هذا المنطقة شكل الرق جزءا من الحياة في بلاد الاغريق ثم في الامبراطورية الرومانية في وقت لاحق. لم يكن هناك رقيق في الامبراطورية الفارسية وشبه القارة الهندية، اذ ان تلك المجتمعات كانت قائمة على اساس نظم الطوائف والطبقات المنبوذة ولم يكن هناك في الاساس مجال لممارسة الرق. من الذي ابتكر الرق؟

على أية حال، الاسلام لم يبتكر الرق، لكنه قبله كحقيقة واقعة وحاول تنظيمه بغرض تخفيف حدة التقاليد المتشددة التي كانت مرتبطة بهذه الظاهرة، فقد حظر استرقاق المسلمين واصر على عتق الرقيق الذين يدخلون الاسلام، كما ثبت كذلك حقوق ومسؤوليات الاسياد والرقيق على حد سواء. بل ذهب الاسلام الى اكثر من ذلك عندما اوصى بعتق الرقيق كنوع من التقوى ووعد بالجزاء على ذلك في الحياة الآخرة. كما ان الرسول (صلى الله عليه وسلم) عتق الرقيق الذين كان يملكهم. يعني ذلك كله ان السود الذين يتحدث عنهم سيغال ليسوا «رقيق الاسلام» بل كانوا رقيقا في «مجتمعات مسلمة». اذا لم يكن هناك اسلام، فإن ظاهرة الرق كان ستظل موجودة كما كان عليه الحال خلال القرون المذكورة.

يجب التركيز على هذه النقطة لسببين:

اولا، ان استخدام صفة «إسلامي» يمكن ان تثير المشاعر والتحامل تجعل من النقاش الجاد والهادئ لهذه المشكلة المعقدة امرا صعبا. وفي وقت باتت فيه صفة «إسلامي» تستخدم على نحو متكرر بل ويساء استخدامها بواسطة السياسيين داخل وخارج العالم الاسلامي، من المهم ان ندرك جيدا ما نتحدث حوله. ثانيا، كتاب سيغال لا يتناول المواقف الفقهية او الثقافية للاسلام كدين وحضارة فيما يتعلق بالرق، وانما يتناول تجار الرقيق الذين تصادف ان يكونوا من المسلمين تماما كما كان من المحتمل ان يكونوا من المسيحيين او اليهود او الملحدين.

اذا اخذنا هذه النقاط في الاعتبار، يبرز التساؤل حول السبب وراء اختيار سيغال للاسلام كنقطة بداية لدراسته الخاصة بظاهرة الرق، خصوصا ان هناك من الادلة الكافية ما يؤكد ان تجارة الرقيق من افريقيا الى الشرق الاوسط بدأت قبل ظهور الاسلام. اذا، لماذا لم يبدأ سيغال دراسته لتجارة الرقيق من افريقيا الى الشرق الاوسط ابتداء من العصور البابلية؟

* سوق الرقيق في زنزبار

* يقول سيغال ان العمانيين، الذين ظلوا يسيطرون على جزيرة زنزبار حتى عام 1960، نظموا تجارة مهمة في الرقيق الافارقة، بيد ان تجارة مماثلة كان تمارس ببيع الرقيق البيض بواسطة الاوزبك حتى عام 1918، اذ كان مدينة خيفا سوقا لبيع البشر. ويريد سيغال، كما هو واضح، أن يثبت ان المسلمين بصورة عامة والعرب على وجه الخصوص مذنبون بقدر ذنب المسيحيين الاوروبيين، فقد زعم ان المسلمين شحنوا على مدى 1300 عام ما لا يقل عن 13 مليونا من الرقيق الافارقة. هذا الرقم يساوي تماما عدد الرقيق الافارقة الذين شحنهم تجار الرقيق الاوروبيون من القارة الافريقية خلال فترة قرنين فقط، لكنه اشار الى ان حوالي عشرة ملايين من الرقيق الافارقة لقوا حتفهم خلال فترة تجارة الرقيق التي مارسها العرب. ويقول سيغال كذلك ان عشرة اضعاف اعداد الرقيق الذين اخذهم العرب من القارة الافريقية لقوا حتفهم خلال عملية الترحيل، أي انه يعني ان عدد من لقوا حتفهم خلال 13 قرنا يقدر بحوالي 130 مليون شخص. تكمن المشكلة في ان سيغال استقى معلوماته من مجرد تقديرات استقرائية قدمها باحثان بريطانيان. نفس هذه الارقام يمكن استخدامها كفرضيات اخرى لاثبات ان العرب لا يمكن ان يقوموا بعملية بهذا الحجم الهائل. كتاب سيغال قائم على اساس بعض المعلومات الواردة في تسع كتب اخرى لرحالة غربيين ومؤرخين هواة. لم يحدث ان زار المؤلف أي من هذه الاماكن التي يعتبرها مراكز رئيسية للتجارة بل لم يسع للاطلاع على ارشيف أي دولة مسلمة خصوصا تركيا ومصر.

بعض تأكيدات سيغال مفرطة، فقد ذكر ان الكثير من المصريين يحملون ملامح الزنوج لأن مصر كانت مركزا رئيسيا لتجارة الرقيق ناسيا ان مصر دولة افريقية وظلت مفتوحة لمختلف الاعراق على مدى آلاف السنوات سواء كان في غياب ظاهرة الرق او في وجودها. ويفضح سيغال زيف تقديراته الاستقرائية بسؤاله عن السبب في عدم وجود ملامح زنجية في تركيا وايران، رغم ان الدولتين كانتا من اسواق الرقيق الافارقة لفترة قرون.

* الصوفيون الزائفون والمجاذيب

في بعض الحالات حاول سيغال تثبيت علاقة مباشرة بين الاسلام كدين وتجارة الرقيق الافارقة، اذ ضرب مثالا بـ«الجمعية السنوسية» في القرن التاسع عشر في ما يعرف الآن بليبيا. شارت الحركة الصوفية في تجارة الرقيق، غير ان سيغال اشار الى ان السنوسيين ورثوا تجارة كانت في واقع الامر موجودة مسبقا واستخدموا ارباحها لزيادة وتعزيز نفوذهم الى ان سيطروا تماما على ليبيا بكاملها. ثمة نموذج آخر يتمثل في «حركة المجاذيب» بقيادة الملا حسن في «ارض الصومال». في كلا الحالتين كان سلوك الطائفتين سياسيا في الاساس ولا يمكن اعتبارهما ممثلتين للاسلام. وهناك مثال ثالث اورده سيغال في كتابه وهو الانصار اتباع المهدي في السودان، وهنا ايضا يغلب الطابع السياسي على الحركة وليس الجانب الديني. ويظهر كون الاسلام ليس بالضرورة عاملا في الرق السود في ملحوظتين هامتين لسيغال.

الملحوظة الاولى ان الرق استمر، وفي بعض الحالات تكثف، بعد سيطرة الاوروبيين على بعض الاراضي الاسلامية. فعلى سبيل المثال حدثت زيادة مكثفة لم يسبق لها مثيل في تجارة الرقيق خلال السيطرة الفرنسية على موريتانيا التي استمرت لمدة نصف قرن وانتهت في .1960 كما نظم الايطاليون تجارة نشطة في الرق الاسود من مواقعهم الاستعمارية في ليبيا والصومال حتى الثلاثينات.

والحقيقة الثانية هي ان الممالك والامارات الافريقية، سواء اكانت اسلامية او وثنية او مسيحية، كانت نشطة ذاتها في تجارة الرق. فعلى سبيل المثال فإن حكام مملكة بورنو على ضفاف بحيرة تشاد، كانوا يملكون آلاف الرقيق في عام .1870 وبعض الممارسات التي كتب عنها سيغال، وإن كانت منتشرة في بعض الدول الاسلامية، غير مرتبطة بالاسلام كدين. فعلى سبيل المثال فإن ختان البنات، المنتشر في مصر والسودان من بين دول اخرى هو تقليد افريقي وليس له علاقة بالاسلام. والامر نفسه حقيقي بالنسبة للخصي. فالاسلام يحظر هذه الممارسة الوحشية التي انتشرت في المناطق لآلاف من السنين قبل الرسالة المحمدية. وكان الطواشي صفة هامة في الحياة في الامبراطورية البيزنطية ايضا وكان التقليد الذي تبنته الخلافة العثمانية.

وقول سيغال ان كون الشخص مولودا لامة او عبد ربما يكون عائقا في تقدم المرء الاجتماعي والسياسي هو صادق جزئيا. ففي معظم الحالات عندما تدخل جارية الاسلام فإن اولادها يستمتعون بنفس الحقوق من هؤلاء الذين ولدوا لامهات حرائر.

هل الاسلام دين عنصري؟ يمر سيغال على هذا السؤال مرور الكرام. فهو يشير الى ثلاثة امثلة عربية وتركية تبدو مهينة للسود كدليل بأن المسلمين ربما هم عنصريون. ولم اسمع الا بمثل واحد من قبل من هذه الامثلة. ولكن لنتصور ان الامثلة الثلاثة منتشرة على نطاق واسع، فإنها لاتعزز الادعاء بأن الاسلام يتسامح مع العنصرية. «ففي كتاب واحد للامثلة الفارسية وجد كاتب هذه السطور عشرات من الامثلة التي تطري اللون الاسمر: (الأبيض يساوي 100 تومان، اما الابيض بخدود وردية فيساوي 300 تومان، وعندما يتعلق الامر بالسمار: فهو يساوي ما تقدر على دفعه).

كما يصعب تأكيد الادعاء بإن المسلمين يعتبرون السود رمزا للشر. ففي ايران، على سبيل المثال، الحاج فيروز وهو ممثل يتخفى في زي مغن اسود، هو الذي يمثل البشير في عيد النيروز (السنة الجديدة) ويرحب به كضيف شرف في كل منزل. وفي التركية فإن كلمة اسود (قره ترتبط دائما بالجمال). والكثير من الروايات الشعبية الفارسية والتركية تحتوي على شخصية سوداء متفاخرة كبطل للروايات، واصبح اللون الاسود راية العديد من الحركات الاسلامية ولا سيما تلك التي قادها ابو مسلم الخرساني وادت الى تأسيس الخلافة العباسية.

* غياب المرجعية

* كل ذلك لا يعني ان حضارتنا كحقيقة واقعة ناصعة البياض. على العكس من ذلك إن لديها نصيبها من الشعور بالذنب ولا سيما فيما يتعلق بالرقيق. فثورة الزنج كانت دليلا مبكرا على التجارة الكريهة التي اقتلعت اعدادا كبيرة من البشر من جذورهم وحطت من قدرهم وحولتهم الى بضاعة تشترى وتباع.

وتوجد ايضا اتهامات ملفقة بأن الرقيق، بشكل او آخر، مستمر في بعض الدول الاسلامية اليوم. ويشير سيغال الى موريتانيا والسودان من بين دول اخرى.

وفي موريتانيا لا يشير سيغال الى مرجعية جادة يمكن للمرء فحصها واعادة فحصها. كما يحاول ايضا تشويش الموضوع بالاشارة الى التسلسل الهرمي المعقد للمجتمع الموريتاني لعقود طويلة. ولذا نعلم ان ثلث الشعب الموريتاني من الرقيق والثلث الاخر من الرقيق الذين حرروا اما الثلث الباقي فمن الاحرار. وبالنسبة للسودان فإن سيغال يعتمد في زعمه على ادعاء من منظمة التضامن المسيحي وهي جمعية خيرية اميركية بأنها اشترت وحررت 14.55 ألف من رق قبائل الدنكا في العامين الماضيين. الا ان هذا الادعاء ترفضه هيئة اليونيسف (منظمة الامم المتحدة لرعاية الطفولة) التي تتهم المنظمة «بخلق مناخ مصطنع لتجارة رق غير موجودة».

وطبقا لليونيسف فإن بعض أسر الدنكا تبيع أولادها الى المنظمة لكي تحصل على بعض المال.

وبالرغم من ذلك، فإن بعض الهيئات مثل منظمة المؤتمر الاسلامي يجب ان تحقق في الاتهامات باستمرار الرق في بعض الدول الاسلامية. وتجدر الاشارة الى ان كتاب سيغال يتجاوز كل حدود المعقول في الفصلين الاخرين. ويركز هذا الفصلان على حركة «أمة الاسلام» في الولايات المتحدة. وهناك بالطبع العديد من الاميركيين السود المسلمين بالمعنى المفهوم للكلمة، ولكنه لا يتعامل معهم. وبدلا من ذلك يركز على حركة، وإن كانت تستخدم كلمة اسلام فإنها ذات خصوصية تكاد تشير الى دين بعيد عن الاسلام. ان تقديم مالكوم اكس ولويس فراخان كقادة لاتجاهات اسلامية اساسية هو امر، على الاقل، خادع.

لماذا يضم سيغال «أمة الاسلام» في دراسة من المفروض انها تتعلق بتجارة الرقيق الاسود في المجتمعات الاسلامية في 1300 سنة؟

الامر الوحيد هو ان لديه بعض الحسابات الخاصة التي يود تصفيتها مع فرخان واتباعه. فقد قال انهم ينتقدون المسيحية واليهود لدورهم في تجارة الرقيق الاسود ولكنهم لا يذكرون تاريخ الرق في الاسلام. ربما يكون ذلك صحيحا. ولكن السبب وراء ذلك يجب ان يكون واضحا. المسلمون لم يلعبوا دورا في شحن الرقيق الاسود الى القارة الاميركية.

ان التاريخ العنيف لـ«أمة الاسلام» وخططها لخلق دولة سوداء في مكان في الولايات المتحدة ليس له اي علاقة بالاسلام والمسلمين.

العنصرية في الغرب من المؤكد ان الاسلام ليس عنصريا. وهذا واضح تماما من القرآن والاحاديث النبوية. وكحضارة، وواقع وجودي، فأن السلوكيات العنصرية المعادية للسود، موجودة في بعض أقطار العالم الاسلامي. ولكن حتى «العنصرية الاسلامية»، المرفوضة اساسا، هي معتدلة بما عناه السود في الولايات المتحدة، بدون أن نذكر سيغال بأوضاع جنوب افريقيا موطنه الذي عانى من حكم التفرقة العنصرية. ان «العنصرية الاسلامية» هي مفاهيم غير المتعلمين والافراد الهامشيين. اما العنصرية الغربية، فهي تحظى عادة بدعم هائل وحاولت ان تؤسس افكارها اعتمادا على قراءة منحرفة للمسيحية وبعض المفاهيم العلمية غير الصادقة.

إسرائيل تجني أرباحا طائلة من تجارة الرقيق

وتواردت تقارير تباعاً حول حجم الاتجار بالنساء في إسرائيل، والذي يتجاوز المليار شيكل في العام الواحد، مما جعل إسرائيل دولة هدف بالنسبة لتجار "الرقيق الأبيض"، كما تتناول التقارير الفائدة الاقتصادية التي تجنيها إسرائيل من خلال عقد صفقات مع التجار يدفعون بموجبها غرامات مالية مقابل عقوبات منخفضة، وهذه الغرامات تدخل إلى خزينة الدولة ولا تصل إلى النساء الضحايا.

كما تشير التقارير إلى أن الاتجار بالنساء لم يعد محصوراً في إسرائيل، فقد تبين أن هناك تجار إسرائيليين أعضاء في شبكات دولية للاتجار بالنساء، يقومون بإرسال الفتيات إلى كندا لإجبارهن على العمل في الدعارة هناك.

وأفادت التقارير الإعلامية الإسرائيلية أن سمح صباح اليوم بالنشر عن اعتقال عدد من الإسرائيليين، في الأيام الأخيرة، بشبهة العضوية في شبكة دولية تعمل على الاتجار بالنساء، أو ما يسمى بـ"الرقيق الأبيض".

وتشير الشبهات إلى أن المتهمين قاموا بإرسال العشرات من الفتيات الإسرائيليات للعمل بالدعارة في كندا!

ويتضح من المعلومات التي توفرت إلى أن أفراد الخلية دأبوا على النشر في الصحف التي تصدر في إسرائيل باللغة الروسية إعلانات عن الحاجة إلى فتيات للعمل في "المرافقة" في كندا. ولدى توجه النساء إلى ناشري الإعلانات قاموا بتصويرهن وإرسال تفاصيلهن إلى المشغلين في كندا، ليتم إرسال "المناسبات" للعمل بحسب مظهرهن الخارجي، حيث تم إجبارهن على العمل في الدعارة!

وبحسب المصادر ذاتها، فقد أتيح للفتيات ممن تم إجبارهن على العمل في كندا، إمكانية إخلاء سبيلهن بعد شهر.

وبحسب مصادر في الشرطة الإسرائيلية فإن المعتقلين ينتمون إلى شبكة دولية تعمل على الاتجار بالنساء بهدف العمل بالدعارة.

وكانت قد نشرت في السابق تقارير تتناول قضية النساء اللواتي وقعن ضحايا للتجارة ببني البشر في إسرائيل، حيث تبين أن المحاكم الإسرائيلية تفضل إجراء صفقات مع التجار، يحصلون بموجبها على عقوبات مخفضة لا تشكل رادعاً لمنعهم من مواصلة الاتجار بالنساء بهدف دفعهن للعمل في الدعارة، وتبقي على "مهنة التجارة بالنساء" كمهنة مدرة للأرباح بالنسبة لهم، خاصة وأن الغرامات التي تفرض عليهم لا تصل إلى الحد الأقصى الذي يسمح به القانون ولا تتجاوز بضعة آلاف من الشواقل، وهي في الغالب لا تصل إلى النساء الضحايا وإنما إلى خزينة الدولة.

وجاء في التقرير أن "إسرائيل تظهر في السنوات الأخيرة في التقارير الدولية كدولة هدف للتجارة ببني البشر، وكدولة تجري فيها تجارة النساء (الرقيق الأبيض) بدون أي عائق تقريباً. وبالرغم من التصريحات المتكررة والمختلفة للسلطات بشأن معالجة جذور القضية، إلا أن تجارة النساء كانت، ولا تزال، المهنة المدرة للأرباح بالنسبة للتجار".

وكانت قد أشارت تقارير إعلامية إلى أن حجم الاتجار بالنساء في إسرائيل ما يزال مرتفعا ويبلغ قرابة المليار شيكل في العام الواحد!

كما تشير التقارير إلى أنه جرى خلال السنوات الماضية تهريب آلاف من الفتيات من الخارج إلى إسرائيل لغرض تشغيلهم بالدعارة، وتم بيع كل فتاة بمبلغ يتراوح ما بين ثمانية آلاف إلى عشرة آلاف دولار.

ولدى وصول الفتيات لإسرائيل، يتعرضن للاغتصاب من قبل مشغليهن، وتصادر جوازات سفرهن وأوراقهن الثبوتية، ويفرض عليهن دفع مبلغ معين عادة ما يكون ناتج عملهن لعام أو أكثر، مقابل خدمات المسكن والمأكل، والحماية التي توفرها عصابات المافيا. ويتم إسكان الفتيات بشكل جماعي وفي ظروف مزرية.

تجارة الرقيق تلاقي رواجاً في البلقان 

و أظهرت دراسة أعدتها منظمة مساعدة الأطفال التابعة للأمم المتحدة يونيسيف أن التجارة الدولية غير المشروعة بالنساء والأطفال تزيد في العالم باطراد وخاصة في أوروبا.

ووفقاً لنتائج هذه الدراسة التي أعلن عنها خلال مؤتمر صحفي عقد في مدينة كولون الألمانية الغربية فإن تسعة اشخاص من بين كل عشرة اشخاص ممن يزاولون مهنة الدعارة غير الأخلاقية في منطقة البلقان ومن بينهم اطفال من الجنسين تم إجبارهم واكراههم علي هذا العمل غير المشروع. وذكرت الدراسة انه يتم سنوياً بيع 120 ألف شخص بين طفل وأمرأة في بلدان الاتحاد الأوروبي من قبل تجار من منطقة جنوب شرق أوروبا عبر منطقة البلقان منبهة في ذات الوقت الي ان 80 بالمائة من هؤلاء الضحايا لا تتجاوز أعمارهم 18 عاماً وان غالبيتهم من ألبانيا. وقالت ان الأرباح غير المشروعة التي يجنيها تجار الرق عبر بيع البشر في المنطقة الأوروبية توصف بأنها خيالية اذ ان النساء يبعن كسلعة .

 من جهة اخري نقلت هيئة دولية انسانية معنية بمكافحة الاتجار بالبشر عن تقارير استخباراتية غريبة القول ان عائدات التجارة التي تعرف باسم الرقيق الأبيض عبر دول منطقة البلقان تتراوح ما بين تسعة و12 مليار دولار سنوياً. وأشارت رئيسة قوة مكافحة تهريب البشر ان هذه الأرقام استندت الي تقارير استخبارية أمريكية. من جانبها قالت مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان انه طبقاً لأرقام منظمة الهجرة العالمية لسنة 1997 فإن نحو 175 ألف امرأة قد تم الاتجار بهن عبر البلقان واستقدمن من دول حديثة الاستقلال في آسيا الوسطي الي دول الاتحاد الأوروبي فيما تفيد احصائيات المنظمة الحديثة الي ان هذا الرقم انخفض الي 120 الف امرأة وطفل سنوياً. وأوضحت ان مئة ألف امرأة من ألبانيا وحدها وقعن فريسة لهذه التجارة خلال العقد الماضي وأن 90 في المائة من النساء الأجنبيات اللاتي يمارسن نشاطا مبتذلا هن ضحايا لتلك التجارة.

جارية بخمسة الاف دولار

كشف الكاتب والصحفي الاماراتي محمد عبيد غباش النقاب عن ان الرق موجود فعلا في الامارات وفي دول الخليج وان نكران هذه الحقيقة ردا على اتهامات دولية للامارات والسعودية والكويت لا يتوافق مع الحقيقة المعروفة بل وكشف النقاب عن ان شخصا اخبره انه اشترى جارية بمبلغ خمسة الاف دولار من المعروف ان تجارة الرقيق في الامارات تمارس علنا وتحت مسميات مختلفة وهناك تقارير تلفزيونية عن قيام شيوخ المكتوم بشراء الاطفال من الصومال وموريتانيا ودول اسيا الفقيرة بمبالغ تقل عن مائتي دولار لاستخدامهم في سباقات الجمال كما ان معظم حكام الخليج وخاصة في الامارات يمتلكون جوار من جنسيات مختلفة تحت عنوان ذئاب ورقيق في بلدان مفتوحة هل حقاً أن الرق يمارس في الخليج؟ كتب عباش في جريدة الشرق الاوسط يقول: صدر تقرير وزارة الخارجية الأميركية في مطلع هذا الشهر حول الاتجار بالبشر في أكثر من 150دولة. وخلص التقرير إلى أن قائمة من 14 دولة، قد تتعرض لعقوبات سياسية واقتصادية، لأنها لا تقوم باستئصال عمليات الرق الجديدة. وأضيفت 4 دول خليجية لهذه القائمة هذا العام. بحسب التقرير هناك من 600 إلى 800 ألف إنسان يتعرضون لعمليات تداول عبر الحدود الدولية، وتبلغ نسبة النساء منهم قرابة الـ 80% وتبلغ نسبة الأطفال حوالي نصف الحالات.

ويذكر التقرير أن الاتجار في البشر يعود لجملة أسباب منها الفقر والفساد وغياب التعليم. ويستغل الظروف المأساوية لهؤلاء الضحايا الطلب للعمالة الرخيصة والسخرة والبغاء والاستغلال الجنسي للأطفال، إضافة لاستخدامهم كجنود أو في أعمال خطرة. وأشار التقرير الأميركي الرسمي لعمليات السخرة التي يتعرض لها العمال المهربون من المكسيك للعمل في الولايات المتحدة نفسها وللضرب الذي ينالونه إن هم حاولوا ترك العمل. انبرى العديد من الكتاب في الخليج للتشكيك في مصداقية التقرير حول ما ذكر عن الأربع الدول الخليجية. وقام آخرون بالهجوم على سجل الولايات المتحدة في انتهاك حقوق الإنسان، ضمنظور أن من بيته من زجاج عليه ألا يرمي الناس بحجر.لكن من المهم أن لا تأخذنا العاطفة، وعلينا أن نسأل: هل هذا الإنكار معقول؟ ألا نسيئ معاملة العاملين، أوليس بيننا من يتاجر بالبشر؟ إن إنكار هذا، إذا نحن أسأنا النية، ليس إلا كتابة للاستهلاك الخارجي، لأننا في الداخل نعرف شيئاً آخر. لندقق قليلاً في وجوهنا في المرآة. حتى في ضوء خافت سنكتشف أن في تقاسيمنا علامات ليست جميلة لا تخفى حتى عن أعيننا.لنستحضر بعض التاريخ. أولم تتزوج جداتنا وأمهاتنا في أعمار الطفولة في سن 11سنة أو 12 أو 13؟ وماذا نسمي عمليات تزويج المراهقين رغم إرادتهم أو ليس استغلالاً لصغر السن، وعدم إدراك حقائق الحياة؟ أولم نعش إلى عهد قريب في بيوت يعمل فيها الخدم؟ يجب أن نعترف أن بعض محاسن الاستعمار البريطاني القليلة في الخليج، برغم سيئاته التي لا تحصى، تمثل في مساهمته في استئصال العبودية. دعونا نعطي كل ذي حق حقه، فلا نزور الحقائق أمام أعيننا. فليس كل تاريخنا ما يفخر به.إذا دققنا في حاضرنا سنلاحظ أن بلداننا المفتوحة، على مصراعيها تقتحمها مجموعات من الذئاب البشرية يمارس بعضها اتجاراً حقيقياً بالرقيق. وبعض المتاجرين من أبناء جلدتنا. قبل عام أخبرني شخص بأنه اشترى فتاة بـ 5000 دولار. نعم اشتراها واستسرها، لا كزوجة بل كجارية. يحدث هذا الآن وليس قبل قرون، ويحدث في بلداننا وليس عند الإسكيمو الذين يزعم أنهم يهدون نساءهم لضيوفهم. دعونا أيضاً نسأل عن وضع الخدم في البيوت الذين يتعرض عدد ليس بقليل منهم للضرب أو الحبس أوالتجويع، إضافة لتقييد حركتهم ومنعهم من الخروج من البيت لفترات طويلة. وهل نتحدث عن عمليات الاستغلال التي يتعرض لها العمال ويتم الإتيان بهم للعمل بأجور أقل من حد الفقر، ولا تسدد قيمة ما دفعوه لتجار التأشيرات؟

المصادر:

وكالات

جريدة الحياة

*المركز الوثائقي والمعلوماتي

مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 24 أيلول/2007 -11/رمضان/1428