تطوير الشباب لا تطويعهم.. سياسات تربوية وإجراءات مقترحة

علي الطالقاني

شبكة النبأ: الشباب بمفهومه الكبير شريحة اجتماعية تتخندق بين مرحلتي الطفولة والشيخوخة اما فترتها الزمنية تمتد ( 15- 39 ) سنة، تمتاز بعلامات نضج بيولوجية ونفسية واجتماعية.

وتعتبر شريحة الشباب عماد أساسي من أعمدة الشعوب وهم الثروة الثرية لها وأساس من أسس نهضتها ومن هنا كان الاهتمام بهذه الطبقة وبقضاياهم بما يعنيه من معاني كثيرة أهمها التطلع الى مستقبل أمة، و يواجه الشباب أشكالا من الصراعات والنزاعات التي تستهدفهم للاستفادة من قدراتهم ووجودهم، واذا ما لم توجه هذه الطبقة توجيهات سليمة قد تصل بهم الضروف المحيطة إلى الانحراف أو الانزلاق في وحل منحنيات العنف الدائر في المجتمع.

و تشير الارقام والاحصاءت الى ان هناك الالاف من الشباب وفي مختلف البلدان يقطنون السجون يعانون من أشكال مختلفة من العنف والقهر والتخلف وتضاف أليهم نسبة لايستهان بها من الاطفال.

وقد وجد اضطرابات  نفسية حادة فضلا عن تولد حالة العدوانية و الرغبة في الانتقام. ضمن هؤلاء الشباب، و إن النقص الحالي في معالجة أسباب ظهور هكذا حالات هو إعاقة العديد من المشاريع، من ضمنها مشاريع تنموية وثقافية.

الاعداد والارقام كانت كبيرة أم صغيرة المهم أن شبابنا يقطنون السجون، واننا أمام أمر واقع ويمثل حقيقة تعمل في دائرة العنف تتمثل في أغراء القوى التي تعمل جاهدة في تطلعاتها نحو هذه الشريحة ليزجوا بهم في الصراعات التي تنشأ في أماكن مختلفة من العالم، أما الجماعات الارهابية والتي تستقطب هذه الشريحة المفعمة بالحيوية مستغلة الوازع الديني والطموح لدى الشباب وسيلة لتحركها، وإلا فماهو تفسير ظاهرة خطف الاطفال و زجهم بين الانتحاريين، فيموتون وهم منتزعين من أسرهم وقاعاتهم الدراسية وساحات اللعب التي يمرحون بها، فأهداف وأغراض القوى الارهابية تزداد خطورة يوم بعد يوم، ولا يمكن أن تشكل دافعا منطقيا للتعاطف معها.

والوصول إلى منتجي المغريات وغاسلي الادمغة الذين  يتربصون ببعض الشباب هو عملية معقدة، فتلك القوى قد تعمل وفق منحنيات تجهد نفسها من أجل مراوغة أي سياسية لردع منتجاتهم الفكرية الظالة، ورغم بعض النجاحات التي حققتها القوات الامنية في محاصرة بعض مناطق المتطرفين، إلا أن الجهاد الأمني يبقى جزءا من حل المشكلة وليس كل الحل.

من مشاكل الشباب:

  لمرحلة الشباب خصوصيات ومشاكل من حيث نشأة العقل والجسد والأمراض الجسمية والنفسية والممارسات السلوكية الخاطئة.ومن بين تلك المشاكل:-

1. البطالة.

2. العنجهية.

3. أحلام وكوابيس.

4. الغرور.

5. القلق والتوتر.

6. الجنس.

7. المخدرات والتدخين.

8. التهرب من المدرسة.

ويقول مدير مكتب اليونسكو الإقليمي فكتور بلة في المؤتمر الثالث لوزراء التربية والتعليم والمعارف في الوطن العربي الذي استضافته الجزائر بمشاركة 20 دولة عربية في 23/4/2002م: إن عدد الأميين بالوطن العربي يبلغ نحو 70 مليونا، وإن ما يزيد على 90% من الطلبة العرب لا يمتلكون ثقافة معلوماتية.

وقال: إن غالبية الدول العربية تتجاهل تعليم الطفل في المرحلة التحضيرية، كما أن 40% من الأطفال ممن تتراوح أعمارهم بين السادسة والخامسة عشرة لم يلتحقوا بمقاعد الدراسة.

و قال د. لؤي شبانة رئيس جهاز الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، إلى أن الشباب بات يعاني بشكل كبير من البطالةوالفقر.

 وأشار شبانة، في وصفه لواقع الشباب الفلسطيني في العام 2007،إلى أن الإحصاءات تظهر أن حوالي ثلث الشباب يفكرون بالهجرة (45% للذكور و18% للإناث)، وعند البحث بالأسباب التي دعتهم للتفكير بالهجرة رأى أن السبب الرئيسي هوالوضع الاقتصادي (96% للذكور، و66% للإناث)، يلي ذلك عدم توفر الأمن والأمان (80% للذكور و73% للإناث)، ثم الأسباب السياسية (62% للذكور، و33% للإناث)، ثم الأسبابالاجتماعية (بواقع 48% للذكور و45% للإناث).

كما كشف مؤتمر متخصص في العاصمة الإيطالية روما أن 8 آلاف طفل قاصر يتسولون في الشوارع الإيطالية سنويًا، وأنه في مدينة نابولي وحدها يقضي ما نسبته 30 في المائة من الأطفال القاصرين ما بين 10 و 14 يومًا في التسول وتنظيف نوافذ السيارات أو بيع المناديل في إشارات المرور.

الطفولة والحروب

وجاء فى التقرير العالمى والذى تصدرة كل عام منظمة الأمم المتحدة للطفولة

 [ اليونيسيف ] عن وضع الطفولة فى العالم وعلاقتة بالحروب والصراعات . يعد انذارا لما يحدث للأ طفال أثناء الحروب وبعدها حيث تم استخدامهم كدروع بشرية مشاركين فى الحروب ومجندين فى حوالى 15 حرب أهلية فى مناطق مختلفة من العالم . أكد التقرير عن وصول عدد الأطفال الضحايا طوال السنوات العشر الماضية الي 7 مليون طفل . جاء هذا فى تقرير المركز الاقليمى للأمن الانسانى . وطبقا لاعلان اليونيسيف فاننا تجاهلنا وجود 41% من المواليد فى العالم هم تقريبا 50 مليون طفل فى مناطق جنوب آسيا وأفريقيا ، وهؤلاء لم تصدر لهم شهادات ميلاد من قبل السلطات الرسمية فى بلادهم . وأن أعلى معدل لوفيات الأطفال من جراء العنف والاهمال كان فى أمريكا والمكسيك مقارنة بسبع وعشرين دولة شملهم هذا التقرير . وفصّل التقرير أيضا بأن حوالى 3500 طفل أقل من 15 عاما يلقون حتفهم سنويا بسبب العنف فى 27 دولة متقدمة فى العالم .  

أهمية الشباب

* تعد قضية الاهتمام بشريحة الشباب من الاولويات الكبرى في الكثير من الدول المتقدمة  باعتبارهم شركاء في الحياة.

* يخوض الشباب دورا كبيرا في عملية التنمية، فهم شريك أساسي في بناء المؤسسات.

* تعتبر قضايا الشباب ومشكلاتهم واهتماماتهم وتوجهاتهم هدف من أهداف القائمين في تنميتهم ورعايتهم، وقد اخذت هذه الشريحة أهتمام واسع من قبل علماء النفس و الاجتماع والتربية مما يعني رسم خارطة خاص تتناسب مع مسيرتهم الثقافية  وفكرهم  والقيم والاتجاهات والعادات والرغبات والاهتمامات.

* إن من شأن رعاية  طبقة الشباب أن توفر لهم الفرص التي تتاسب مع الدور الذي يليق بالامكانيات والقدرات التي تتوفر لهم.

* تنمية وتدريب الشباب وتطويرهم ثقافيا وعمليا وفنيا في بث روح  حب الوطن والمواطنة والإحساس بالمسؤولية ودورهم في الحياة.

سياسات تربوية وإجراءات مقترحة

* تدريب الشباب على المهارات الحياتية  كفنون الاتصال والتحاور والتفاوض وحل المشاكل والنزاعات.

* تمكين الشباب من اخذ مكانتهم الاجتماعية وان يتمتعون بحقوقهم  وذلك للتأثير الفاعل على مسارهم الحياتي ومستقبلهم ليرفدوا مجتمعهم بنتاجاتهم.

* فسح المجال أمام الشباب للعتبيرعن آرائهم بمايتناسب مع قدراتهم ونضجهم.

* تفعيل التربية والتعليم للطلبة.

* وضع منهاج مدروس للتوجيه الوطني و تنويع أساليب هذا التوجيه من خلال برامج تدريبية   ، وورش عمل تعصف بالذهن ليخرج ماتراكم به من طاقات.

* تنويع البرامج التوجيهية التربوية والاجتماعية والثقافية والبيئية والارشادية والسياحية.

* بناء قاعدة فاعلة بين المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص لمساعدة الشباب.

* توعية الشباب بالمستجدات التي تطرأ على الساحة لتعزيز مكانتهم الثقافية.

* تطوير برامج التدريسيين و التربويين وتنمية كفائاتهم لأداء الدور الطبيعي لهم و المتوقع منهم.

* توجيه الشباب وتوعيتهم سياسيا من خلال برامج ترافقهم مع الحيات المدرسية والجامعية من اجل تعميق تلك المفاهيم.

* الاهتمام بالبحوث العلمية والتربوية ودمجها مع القطاعات الاخرى.

* تحديد اليات لتحفيز الشباب في الابداع والتنافس.

ومن هنا اهتم مختلف العلماء بهذه الشريحة الحية فقد كتب المرجع الديني الإمام  محمد الحسيني الشيرازي الكثير، في إصلاح شباب الأمة وان أهم السبل للقضاء على التخلف المتعشعش في جسد الأمة والانتقال بها إلى سابق عهدها في مقدمة الأمم.

ويضيف الإمام الشيرازي: أنتم أيها الشباب المؤمنون قد خصكم الله عز وجل بعظيم الأجر والثواب كما جاء على لسان رسوله الكريم (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) حيث يقول: سبعة في ظل عرش الله عز وجل يوم لا ظل إلا ظله، إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله عز وجل، ويقول صلى الله عليه وآله وسلم (ما من شاب يدع لله الدنيا ولهوها، وأهرم شبابه في طاعة الله إلا أعطاه الله أجر أثنين وسبعين صدّيقاً).

 الشباب والعلم:

ويؤكد الإمام الشيرازي على أهمية طلب العلم من قبل شباب الأمة، ويشير إلى قول أمير المؤمنين عليه السلام: (لطالب العلم عز الدنيا وفوز الآخرة).

وقوله عليه السلام: (ليس الخير أن يكثر مالك وولدك، إنما الخير أن يكثر علمك ويعظم حلمك).

ويرى الإمام الشيرازي أن على شباب الأمة أن يقرنوا علوم الدنيا بعلوم الآخرة وأن يهتموا بدينهم اهتمامهم بدنياهم ومستقبلهم الدنيوي بل ويزيد، وأن يخصصوا جزءاً من وقتهم لممارسة شعائرهم الدينية، وأن يفتشوا عن مجالاتها كالهيئات والمجالس التي تدرس فيها العلوم الدينية ويحضروا فيها، وأن يتناولوا الجوانب المختلفة التي تخص دينهم وشعائرهم كأن تكون لهم دروس في تفسير القرآن الكريم، أو في التاريخ أو العقائد..

 الشباب واستغلال أوقات الفراغ:

ومن القضايا التي يشرحها الإمام الشيرازي للشباب أهمية استغلال أوقات الفراغ في عمل مفيد لدينه ولدنياه، فيذكر الشباب بقول رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا يزول قدم عبد يوم القيامة من بين يدي الله حتى يسأله عن أربع خصال: عمرك فيما أفنيته، وجسدك فيما أبليته، ومالك من أين اكتسبته وأين وضعته، وحبنا أهل البيت).

ويتحدث الإمام الشيرازي عن ضرورة مساعدة الشباب لأسرهم في أوقات فراغهم ويشير إلى قول الرسول الأكرم (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) وهو خير الخلق: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي، ما أكرم النساء إلا كريم، ولا إهانهن إلا لئيم).

ويذكر الإمام الشيرازي بعضاً من أعمال الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) في مساعدة أسرته، إذ كان الرسول الكريم (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) ينقل العجين إلى خادمه ويشتغل أحياناً في البيت، ويطحن مع الخادم إذا أعيى، ويفتح الباب ويحلب الشاة ويعقل البعير ويحلبها، وهكذا أيضاً كان الإمام أمير المؤمنين عليه السلام فقد كان يساعد فاطمة الزهراء عليها السلام في الطحن، وقال الإمام الصادق عليه السلام: (كان أمير المؤمنين عليه السلام يحطب ويستسقي ويكنس وكانت فاطمة عليها السلام تطحن وتعجن وتخبز).

ويحث الإمام الشيرازي شباب المسلمين على استغلال أوقات الفراغ  لما لذلك من فوائد كثيرة، إذ أنه يعني رفع العبء الذي يثقل كاهل الآباء والأمهات، كما نرى أن حصيلته تظهر في رفع مستوى البلاد الإسلامية، وبالتالي الاقتراب من تحقيق الاكتفاء الذاتي للأمة، والاستغناء عن خبرات وواردات الأجنبي الذي يكبلنا بمختلف القيود والشروط جراء استمراره في تأديتها لنا، رغم ما ندفعه من أموال وثروات مقابل ذلك، يقول الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: (أحتج إلى من شئت تكن أسيره، واستغن عمن شئت تكن نظيره، وأفضل على من شئت تكن أميره). 

كما أن البحث في نوعية العمل أمر مهم إذ يجب اختيار صفوة الأعمال، حيث خيّر الرسول العظيم (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) أمير المؤمنين عليه السلام كما جاء في المواعظ العددية فقال له: (يا علي أي الثلاث تختار، ألف شاة، أم ستة آلاف دينار، أم ستة آلاف كلمة، فقال عليه السلام: إن ستة آلاف كلمة أحب إلى نفسي، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) سأضع لك تلك الستة الآلاف كلمة في كلمات مختصرة: إذا رأيت الناس أقبلوا على كثرة العمل فعليك بصفو العمل).

ومن هنا لا بد لنا من أن نعمل في مسيرين: عمل يرتبط بالدنيا، وآخر يرتبط بالآخرة، وليس المقصود فصل عمل الدنيا عن الآخرة، ليطغى حب الدنيا وزخارفها على حياتنا أو أن نبيع الأجلة بالعاجلة، بل علينا أن نعمل لما يصلح عيشنا في الدنيا في الوقت الذي لا يفسد آخرتنا أيضاً.

ومن أهم الخدمات التي التي قدمها للمجتمع كانت إرشاداته وتوجيهاته القيمة والتوعوية لشباب الأمة، فقد كان (قدس سره) يؤكد على أمور أهمها ما يلي:

- أن يمتاز الشباب بفطرة سليمة نقية لم تتلوث بعد بالذنوب والانحرافات، مما يساعد على تنظيم وتعميق علاقاتهم مع الله عز وجل وبالتالي سوف يكونوا عناصر مخلصة فعالة في الأمة.

- توثيق وتكثير أواصر العلاقة معهم وبناء جسور التواصل معهم في كل مكان وزمان.

- تثقيف الشاب عبر الطرق الحديثة.

- الاهتمام بالتجمعات الجماهيرية الشبابية فإنها خير وسيلة من الوسائل التي يميل إليها الشباب في سبيل نشر الثقافة بينهم

- حث وتشجيع الشباب على الزواج المبكر، فإنه من أهم أساليب الحد من الانحراف والفساد في الأمة الإسلامية. 

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 18 أيلول/2007 -5/رمضان/1428