مهنة المغامرة النبيلة

البريد هناك.. البريد هنا في العراق

  شبكة النبأ: العراق فيه كل شئ جانح الى الاختلاف وبضمن هذا الاختلاف يوجد التوافق الطبيعي وان كان صوته ضعيفا بدرجات قوية.

فالانسان العراقي وبرغم الظروف الضاغطة بقوة إلا انه يفعل كل ما من شانه ان يتوافق مع الحياة ويعضدها باتجاه الاحسن وان بدى فعله بسيطا الا انه في النهاية سينتصر حتما.

 منقوش على مدخل مكتب البريد العام في مدينة نيويورك عبارة تقول "لا الجليد ولا الامطار ولا الحر ولا ظلام الليل يمنع هؤلاء السعاة من انجاز جولاتهم المحددة سريعا.

غير أن سعاة البريد في بغداد الذين يقتحمون بشجاعة الشوارع التي تركت الحرب أثرها عليها بحافلاتهم الصغيرة صفراء اللون الشبيهة بالصندوق يعيشون رافعين شعارا اخر غير رسمي هو "لا الرصاص ولا القنابل ولا الحوائط الواقية من الانفجارات سيمنع مرور البريد".

وقال صفاء الدين بدر مدير دائرة البريد والتوفير "انا اعتبر سواق البريد مجاهدين ... هكذا أسميهم لانهم يتحدون الظروف الامنية السيئة مثل الانفجارات لايصال البريد في انحاء بغداد."

ولا يزال نظام البريد يعمل بشكل لا يصدق في مدينة تحولت شوارعها الى ميادين للقتل بسبب العنف بين الشيعة والسنة وحيث يشيع نقص المياه والوقود وانقطاعات الكهرباء.

وقال سمير عباس (44 عاما) الذي يعمل منذ 25 عاما في دائرة البريد " أني اغطي منطقة السعدون وهي منطقة خطرة... في مرة اندلع اطلاق نار فاختبأت وعندما توقف واصلت توزيعي للبريد."

واضاف عباس المسؤول مع زملائه عن توصيل فواتير التليفون وجمع المبالغ المالية، عادة ما اغير طريقي كل يوم خصوصا عندما اكون حاملا معي نقودا.

وساهمت حملة أمنية تقوم بها القوات الامريكية والعراقية التي اقامت العشرات من نقاط التفتيش وانتقلت الى مواقع قتالية في أحياء بغداد في خفض كبير في عدد تفجيرات القنابل التي تزرع على الطرق واعمال القتل الطائفي. بحسب رويترز.

غير أن الميليشيات الطائفية لا تزال تتجول في مناطق من المدينة التي يسكنها مزيج عرقي من سبعة ملايين نسمة كما لا تزال القنابل تمثل تهديدا متواصلا لسعاة البريد لدى تنقلهم عبر نقاط التفتيش وحوائط خرسانية واقية من الانفجارات تمتد بطول كيلومترات غيرت وجه بغداد وأغلقت قطاعات من عدد كبير من الاحياء.

وقال بدر في مكتبه بادارة البريد والتوفير وهي مجمع من مبنيين يتكون كل منهما من طابقين "واحدة من المعوقات هي الطرق المقطوعة والحواجز الكونكريتية/الخرسانية/."

ويتمثل عائق اخر في العثور على المرسل اليه المذكور اسمه على خطاب أو طرد. وتسبب العنف الطائفي في تغير واسع في التركيبة السكانية بالمدينة حيث دفع الاف السنة والشيعة الى الفرار من أحياء يسكنها مزيج من الطائفتين طلبا للسلامة بمناطق تمثل بها طائفتهم أغلبية أو الى مغادرة العاصمة كلها.

وقال ساعي البريد عباس، مهنتنا تختلف عن هذه المهنة في باقي الدول. لا توجد في المنازل صناديق بريد فقد تقضي ساعات محاولا ان تبحث عن عنوان (شخص) لتكتشف بعد ذلك انه ترك منزله. لذلك نضطر اما ان نعطيه الى الجيران او نضع الرسالة تحت الباب.

وأدت اعادة رسم خريطة المدينة الى "مقايضات للوظائف" في دائرة البريد حيث يتبادل موظفون من السنة والشيعة أماكنهم مع زملاء في مكاتب بأماكن حيث تهيمن طائفتهم.

وقال حياوي العزاوي بينما كان يلتقط كيسا مملوءا بالخطابات بمكتب الفرز المركزي "رحل 21 موظفا من مكتب البريد الذي اعمل فيه." واشار الى أنهم كانوا شيعة.

والعزاوي مدير مكتب البريد في حي ابو غريب وهو معروف بكونه معقلا شديد الخطورة للمسلحين من العرب السنة.

وينظر الى أبو غريب الى جانب أحياء الطارمية والدورة والعامرية وهي أحياء أخرى مضطربة على أنها شديدة الخطورة بدرجة تمنع سعاة البريد من دخولها. وعادة ما يتم الاتصال هاتفيا بسكان تلك الاحياء للذهاب الى مكتب البريد المركزي لتسلم الخطابات المرسلة اليهم.

وأشار بدر الى أن أربعة من بين مكاتب البريد بالمدينة وعددها 72 دمرت في أعمال عنف منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003. ومن المعلوم أن ساعي بريد واحدا فقط في بغداد قد قتل في حي العامل بجنوب غرب العاصمة.

وقال أبو مصطفى وهو ساعي بريد في حي الكرادة بوسط بغداد، بالتاكيد مهنتنا خطرة لان هناك الانفجارات.. كذلك علينا ان نذهب الى مناطق ساخنة وعلينا ان نجتاز نقاط التفتيش...

لكني لا افكر ابدا بترك مهنتي لانني احبها وقد امضيت 25 سنة فيها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 17 أيلول/2007 -4/رمضان/1428