التغير المناخي تحدِ أمني عالمي

اعداد/ صباح جاسم

 شبكة النبأ: تتوجه المعطيات العلمية بشان المناخ نحو فكرة اعادة طرح ارتفاع درجة حرارة الارض كقضية أمنية عالمية، مثل الحرب والارهاب، لحشد التأييد نحو اجراء  جماعي أكثر تشددا نحو خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن حرق الوقود الاحفوري.

وقال خبراء ان التغير المناخي أكبر تحد أمني منذ الحرب الباردة لكن الناس لم تنتبه بعد للمخاطر ولا الحلول السهلة مثل توفير الطاقة في البيوت.

وقال جون اشتون المبعوث البريطاني لقضايا التغير المناخي أمام ندوة ضمت 40 عالما ومسؤولا من 13 دولة في منطقة ناي اليسوند بالنرويج التي تقع على بعد 1200 كيلومتر تقريبا من القطب الشمالي، لم ندرك بشكل جماعي بعد حجم ما يتعين علينا عمله.

وأضاف، الحرب الباردة كانت اخر مشكلة كبيرة يواجهها العالم على عدة أصعدة اقتصادية وسياسية وصناعية.

وقال خبراء اخرون شاركوا في المحادثات التي تجرى في قاعدة أبحاث علمية قطبية ان التركيز على تكاليف خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري أكبر كثيرا من التركيز على مخاطر ارتفاع مستوى البحار أو الجفاف أو الفيضانات التي تتوقعها دراسات أجرتها الامم المتحدة. بحسب رويترز.

وقال يورجين راندرز -وهو اقتصادي نرويجي بارز- انه يجب النظر الى ارتفاع درجة حرارة الكوكب "على أنه نوع من التحدي مختلف تماما بدلا من السؤال عن تكلفته." فطرح قضية ارتفاع درجة حرارة الكوكب كقضية أمنية قد يجعل من السهل التصدي لها.

وقال أغلب الخبراء انه من الممكن التعامل مع نكاليف ارتفاع درجة حرارة الكوكب. وقال تقرير أصدرته لجنة المناخ التابعة للامم المتحدة هذا العام انه حتى مع تطبيق أشد الاجراءات صرامة فانه سيؤدي الى خسارة قدرها ثلاثة في المئة فقط من الناتج المحلي الاجمالي على المستوى العالمي بحلول عام 2030.

لكن الخبراء قالوا انه من الصعب اقناع ملايين الافراد بتقليص استخدامهم للطاقة أو دفع الشركات للاستثمار في التقنيات الجديدة لتجنب الاضرار الناجمة عن ارتفاع درجة حرارة الكوكب على المدى البعيد.

وقال راندرز ان الطريقة الارخص لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الاجواء الاكثر برودة هي دفع الجميع الى تخفيض درجة الحرارة في البيوت بمقدار درجة مئوية واحدة وارتداء سترة ثقيلة للحفاظ على الدفء اذا كانت هناك ضرورة لذلك.

وقال، هذا يمكن عمله دون أدنى احساس بفقدان الارتياح، وأضاف مازحا أنه قد تكون هناك حاجة لفرضه من خلال "شرطة لمراقبة ارتداء السترات الغليظة". وقال ان أحد الحلول الاخرى هو فرض أسعار أعلى على تدفئة البيوت لاكثر من 18 درجة مئوية.

وأشار باحثون الى أن الناس تتصرف غالبا دون تقييم وزن النتائج على المدى البعيد فالكثيرون يدخنون السجائر أو يفرطون في الاكل دون أن يفكروا بعقلانية في احتمالات الاصابة بسرطان الرئة أو البدانة. بيد أن السلوك يتغير في بعض المجالات.

التوصل لاتفاق عن المناخ عام 2009 مثالي لكنه صعب

من جهة اخرى قال أكبر مسؤول عن المناخ بالأمم المتحدة ان الموافقة على اتفاقية عالمية بحلول نهاية عام 2009 لمكافحة تغير المناخ سيكون مثاليا لكنه سيحتاج الى مزيد من العمل.

وقال يفو دي بوير رئيس امانة تغير المناخ في الامم المتحدة لرويترز على هامش محادثات بشأن ارتفاع درجة حرارة الارض تشارك فيها 158 دولة، هناك شعور بالالحاح ونرغب في ان نكمل ذلك في أقرب وقت ممكن.

ويقول كثير من الخبراء ان عام 2009 هو اخر موعد عملي للتوصل الى اتفاق بشأن المناخ ليحل محل بروتوكول كيوتو الذي ينتهي العمل به عام 2012. فأي شركة تبني محطة للطاقة تعمل بالفحم بحاجة لان تعرف القواعد التي ستحكم انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري قبل سنوات من بدء العمل في المشروع.

وقال دي بوير، لذلك فان انهاء هذه الامور عام 2009 سيكون مثاليا. لكن يتعين علينا ان نكون واقعيين بشأن حجم العمل الذي نحتاج للقيام به.

ويجتمع نحو الف مبعوث في فيينا في الفترة من 27 الى 31 أغسطس اب لمراجعة سبل ابطاء ارتفاع حرارة الارض.

والتوصل الى اتفاق بحلول عام 2009 يمس مكانة الولايات المتحدة والدول الغنية الاخرى في مجموعة الثماني الصناعية الكبرى.

فقد اقرت هذه الدول في يونيو حزيران بضرورة التوصل الى اتفاق بنهاية عام 2009 على خطة للامم المتحدة طويلة المدى لمكافحة ظاهرة ارتفاع حرارة الارض استجابة في جانب منه لتحذيرات من حدوث مزيد من الفيضانات ومزيد من موجات جفاف والموجات الحارة ومن ارتفاع مستويات البحار.

وقال دي بوير "تمكنا من التفاوض على كيوتو في عامين. وهذا اكثر تعقيدا بكثير".

وبروتوكول كيوتو للامم المتحدة الذي جرى التفاوض عليه في الفترة من عام 1995 الى عام 1997 يلزم 35 دولة صناعية بخفض انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري الى اقل من مستويات عام 1990 بنسبة خمسة في المئة وذلك في الفترة ما بين عام 2008 وعام 2012. ومعظم الانبعاثات ناتجة عن غازات تطلق مع احتراق الوقود الحفري.

الأعاصير الناجمة عن تغيرات مناخية تحتاج لاسلوب جديد

وفي سياق متصل بتداعيات ظاهرة الاحتباس الحراري قال خبراء ان ظاهرة ارتفاع درجة حرارة العالم من المتوقع أن تسبب المزيد من الاعاصير الشديدة وهذا يعني أن المجتمعات الامريكية ستحتاج الى أساليب جديدة لتقليل حجم الدمار وزيادة استعدادات الطوارئ.

وقالت مجموعة الخبراء يوم الاثنين ان هذه الاساليب تتراوح بين اعادة المستنقعات - وهو ما قد يبطئ تقدم العواصف - وجعل المساكن اكثر قدرة على تحمل الاعاصير وتنظيم المالية بحيث تتوافر اموال اكثر للانفاق على الاجراءات الوقائية.

واشار بيتر وبستر استاذ الهندسة البيئية بمعهد التكنولوجيا في جورجيا الى عواقب الاعصار كاترينا الذي ضرب خليج المكسيك الامريكي يوم 29 أغسطس اب عام 2005.

وقال وبستر "امامنا خيار.. ان نتمكن من تلقي ضربات مثل كاترينا ونخسر ما بين 150 و200 مليار دولار والعديد من الارواح أو ان نختار انفاق ربما عشر هذا المبلغ أو واحد على 20 منه سنويا على تعزيز بنيتنا الاساسية."

وربط العديد من العلماء وبخاصة الذين يعملون مع اللجنة الحكومية للتغيرات المناخية التابعة للامم المتحدة بين ظاهرة الاحتباس الحراري وبين شدة الاعاصير.

وارتفعت درجات حرارة العالم بنحو درجة فهرنهايت (0.55 درجة مئوية) على مدى المئة عام الماضية ومن المتوقع ان ترتفع بدرجة أكبر هذا القرن. ولان الاعاصير تتغذى بمياه المحيطات الدافئة يتوقع بعض علماء البيئة المزيد من الاعاصير العنيفة.

ثقب الاوزون فوق أنتاركتيكا ظهر مبكرا في 2007

من جهتها قالت الوكالة المسؤولة عن الارصاد الجوية في الامم المتحدة ان ثقبا في طبقة الاوزون فوق القارة القطبية الجنوبية ظهر في وقت مبكر عن المعتاد في 2007.

وذكرت المنظمة العالمية للارصاد الجوية انه لن يتضح قبل عدة أسابيع ما اذا كان ثقب الاوزون الذي يتوقع أن يستمر في الاتساع حتى مطلع أكتوبر تشرين الاول سيزيد عن حجمه المسجل في عام 2006.

وقالت المنظمة بمقرها في جنيف "ما زال الوقت مبكرا لتقديم بيان نهائي عن تطور ثقب الاوزون للعام الحالي ودرجة فقد الاوزون التي ستحدث. سيتوقف هذا الى حد بعيد على الظروف الجوية."بحسب رويترز.

وتحمي طبقة الاوزون الارض من الآشعة فوق البنفسجية الضارة التي يمكن أن تسبب سرطان الجلد.

ورغم تراجع استخدام غازات الفلورو كلورو كربون التي تسبب تآكل طبقة الاوزون فقد قالت المنظمة العالمية للارصاد الجوية ان كميات كبيرة من الكلور والبروم ما زالت موجودة في الغلاف الجوي ويرجح أن تستمر في إحداث ثقوب في الطبقة الواقية لسنوات مقبلة.

وأضافت في تقرير "بالرغم من أن المواد المسببة لتآكل طبقة الاوزون تتراجع الآن ببطء فلا علامة على أن ثقب الاوزون فوق القارة القطبية الجنوبية يضيق."

وكانت المنظمة وبرنامج الامم المتحدة للبيئة قد ذكرا أن طبقة الاوزون يرجح أن تعود الى المستويات السابقة على عام 1989 بحلول عام 2049 فوق معظم أنحاء أوروبا وأمريكا الشمالية واسيا واستراليا وأمريكا اللاتينية وافريقيا. لكن الوكالتين قالتا ان تعافي طبقة الاوزون فوق القارة القطبية الجنوبية يرجح أن يتأخر حتى عام 2065.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاربعاء 5 أيلول/2007 -22/شعبان/1428