سياحة الفقر.. مآتم صامتة

شبكة النبأ: الانطباع الذي تحدثه كلمة سياحة في ذهن السامع يعني اشياء كثيرة تتسم بالغرابة والجمال ويُتأمل فيها ان الانسان وهو في حال السياحة يصادف الكثير مما يسعده ويزيد لديه المعرفة والاكتشاف، ولكن الامر في السياحة بجنوب افريقيا يختلف تماما عن الانطباع السائد بمائة وثمانون درجة حيث ان السياحة هذه، سياحة في الآلام الانسانية، وجولات على الجروح العميقة، ومشاهدات للعبة العوز والفقر، وتامل في الامراض والتهميش والإهمال.

حين رأى لورانس رولومانو حافلات مليئة بالسياح تتوقف لإلقاء نظرة على مظاهر الفقر في جنوب افريقيا قرر ان يكسب بعضا من المال الذي ينفقونه، وهذا ضمن تقرير لرويترز من جنوب افريقيا.

اقترب رولومانو (22 عاما) وهو من سكان هذه المخيمات الفقيرة من المرشدين السياحيين وسألهم: هل تسمحون لي بمشاركتكم ضيوفكم؟"

واقترح ان يأخذهم في جولة في المخيم الذي يقيم فيه ليتيح لهم أكثر من نظرة عابرة من على الطريق وكان الرد لا توجد مشكلة ولكن اعدهم سالمين.

وقد يبدو جذب السائحين مهمة شاقة بالنسبة لشخص يقيم في مخيم فقير بضاحية سويتو على مشارف جوهانسبرج اخطر مدن العالم بعيدا عن مناطق القتال.

غير ان رولومانو واصدقاءه يصحبون الان المئات معظمهم من الزائرين الغربيون الذين يحرصون على مشاهدة الجانب القاتم لجنوب افريقيا الجديدة في جولة في المخيم مرة كل اسبوع.

ولا يوجد في الاكواخ الصغيرة في مخيم موتسوالدي مياه او كهرباء. ويقيم الاهل والابناء في بضعة أمتار مربعة وربما يكون هناك مائدة واحدة وسرير واحد وجهاز تلفزيون يعمل على بطارية السيارة، ولكن لا توجد متاحف او اي مناطق جذب واضحة للسائحين.

ومن قبل كان السائحون يتوقفون لالقاء نظرة عابرة من داخل حافلاتهم وهم في طريقهم لزيارة منزل الرئيس السابق نيلسون مانديلا الذي كان رمزا للكفاح ضد التفرقة العنصرية.

وبعد اربع سنوات تخللها تعاون مع السكان لتحسين الامن ومهارات الارشاد السياحي فان المرشدين السياحيين المحترفين سعداء بهذه الترتيبات وكذلك رولومانو و20 اخرين من سكان المخيم يشاركونه العمل.

والجولة مجانية ولكن رولومانو يمكن ان يكسب ما يصل الى مئة راند (13.50 دولار) في يوم رائج ، ويعادل هذا المبلغ تقريبا اجر حارس امن في مجمع سكني بضاحية ثرية.

وتزور اعداد متزايدة من السائحين ضواحي مثل سويتو بين رحلات السافارى وزيارات لشواطيء كيب تاون.

ولكن هل يستاء السكان الفقراء والسود من مجيء سائحين اكثر ثراء ومعظمهم من البيض ليلقون نظرة على حياتهم الفقيرة ؟

وينفي كثيرون ذلك ويرحب ديزموند (42 عاما) الذي انتقل من منطقة الكاب الشرقية في الجنوب الغربي الى سويتو ويقيم في بضعة كيلومترات مربعة مع زوجته واطفاله الاربعة بكسب بعض المال الاضافي الى جانب اجره اليومي من اعمال بسيطة.

ويقول: انا سعيد لان الناس يمكن ان تساعدنا.. لا بأس ليس هناك مشكلة.

واحيانا ما يترك الزائرون ورقة مالية في يد صاحب الكوخ عند مغادرتهم اياه بعد تبادل كلمات قليلة.

وخارج الزقاق يقول اديلي (17 عاما) وهو طالب انه شيء طيب .. لانهم في معظم الوقت يقدمون لنا شيئا. ولكن بعض السائحين لا يشعرون بارتياح تجاه هذه الزيارات.

وقالت السائحة البلجيكية ليف فانتكوم: لم يكن بي حاجة لأرى كيف تبدو المخيمات الفقيرة.. وزيارتها كأنهم يعيشون في حديقة حيوانات واضافت انها تفضل زيارة المناطق التي ترتبط بالكفاح ضد التفرقة العنصرية في سويتو.

واتضحت مشكلة اخرى حين ظهر طفل يمد يده وهو الشخص الوحيد الذي حاول التسول خلال الجولة التي استمرت 20 دقيقة، وهناك مخاوف من ان تغري فرصة الحصول على بضع عملات نقدية تلاميذ المدارس بالتغيب عن الدراسة.

ويقول المرشد السياحي انطونيو فوكمان ان الزائرين يبدون عادة رغبة في التجول في المخيمات ولكن المال يمثل مشكلة وان الجولات ينبغي ان تنظم بشكل أفضل وبسعر ثابت.

واضاف ربما تستبعد شركات السياحة سويتو من جولاتها اذا شكا الناس من انهم يرغمون على دفع مبالغ.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاربعاء 5 أيلول/2007 -22/شعبان/1428