الفساد الغذائي

عدنان عباس سلطان

 شبكة النبأ: تعد الاسواق العراقية في الاوقات الراهنة مثل حاوية كبيرة وواسعة لرمي الاوساخ العالمية الآتية من مناشئ متنوعة من شتى ارجاء المعمورة، وهي فرصة قد لا تكون سانحة دوما للاشخاص المستوردين للاغذية التالفة ومنتهية الصلاحية او تلك الاغذية المضروبة الفاسدة في اصلها.

يحصل هذا في ظل الانفلات وانعدام الآلية الرصينة او الفاسدة ويتحمل الفرد العراقي مغبة تلك الخطورة المتمثلة بانواع عديدة من الامراض والوباءات التي تنتشر بين ظهراني المجتمع العراقي.

ان اغلب المواد الغذائية وغير الغذائية يبدو انها لاتمر من خلال ما يسمى بالسيطرة النوعية او المختبرات، فالتاجر الذي يبرم عقد الشراء تصل اليه الحاويات المستوردة وهو لايبذل جهد في وصولها الى مكان البيع عدى دفع المستحقات الضريبية او الكمركية وينتهي كل شئ وان وجد هناك نفس وطني او انساني في الآلية التي تشرف على الاستيراد فسرعان ما يجري اخراسها بمبلغ تافه من المال ( ولا من شاف ولا من درى)، يبدو ان الامور هكذا تجري في واقع الحال في العراق.

وإلا كيف تحقق هذا الكم الهائل من المواد التالفة والفاسدة بحيث ملأ الاسواق العراقية وهو لا يتحصل على ادنى المواصفات الصحية.

يضاف الى هذا فان التاجر غير ملزم بتهيئة المخازن المبردة التي تحفظ تلك المواد.

كذلك شان بائع المفرد فهو يعرض البضاعة الغذائية على الهواء الطلق وتحت الشمس وتبقى ايام عدة في داخل الدكان لتختمر بالبكتريا السامة ومن ثم يتناولها المواطن الذي لا يجد البديل.

المصانع المحلية لا تجد اي محاسبة وليس عليها اشتراطات صحية وهي لذلك غير مهتمة بالمستلزمات الضرورية طالما لا تخضع واقعا للتفتيش او المراقبة او الفحص.

الايدي العاملة ايضا غير مجازة صحيا لممارسة العمل في الاقسام الغذائية الحساسة التي تقبل التلوث.

المستشفيات تعاني الزخم الكبير من التاثيرات الغذائية التي ترجمت الى امراض شبه مستعصية وقاتلة في بعض الاحيان، فهي تواجه كثير من حالات التسمم يوميا فيما تكون السميّة في اغلب الاحيان سميّة بطيئة لاتظهر نتائجها الخطيرة إلا بعد مرور وقت طويل نسبيا.

محلات الجزارة الحرة حالة شائعة في بيع اللحوم وتتم بلا ادنى الشروط الصحية المعروفة حيث تتم عملية الذبح في الطرقات وبحيوانات مريضة اساسا وتعرض ايضا في الشوارع او الاسواق وذ كانت تعرض في محلات مخصصة فان تلك المحلات غير مجهزة بالمستلزمات الصحية الى درجة الصفر ولا تخضع لأي مراقبة صحية.

المطاعم العامة شانها شان اي شئ في العراق وتقوم بتوزيع المفاسد من الاغذية والسموم واستعمالها الزيوت في الوجبات الغذائية وخصوصا استعمالها الدهن لمرات عدة ولأيام متتالية دون تبديلة للطهي.

اضافة الى استعمال اللحوم غير الصحية وتقديمها للمستهلك الذي لا يجد البديل.

وهذا الحال يشمل المشروبات الغازية والشرابت والمرطبات والحلويات التي تحولت الى صناعة شعبية غير مشروطة.

المواد التي توزعها الدولة ضمن البطاقة التموينية مواد من مناشئ محددة لم يجري تنويعها بما هو افضل وانما ظل استيرادها خارج الاشتراطات الصحية ربما يتم ذلك تحت تاثيرات سياسية مع دول الجوار العراقي على حساب صحة المواطن وخير مثل هو الزيوت والصوابين التالفة وكذلك الطحين الردئ الذي يصاب بالقملة السوداء مباشرة بعد طحنه وتجهيزه للمواطن.

وبعد كل هذا وغيره الكثير.. ما هو جذر المشكلة وماهي الحلول؟.

ليس من شك بان الضعف القانوني وانعدام الرقابة والفساد الاداري والفساد السياسيي ونكوص الاحساس الديني والاخلاقي هي من الاسباب الرئيسية التي تقف وراء هذه الكارثة الصحية التي تعصف بالامة العراقية من اقصاها الى اقصاها.

ونحن لا نتحدث خارج السبب القانوني وذلك لان المفسدون لا ينفع معهم الارشاد فليس ارشادنا الاخلاقي باقوى من الارشاد الديني الذي توالى منذ 1400 سنة ولحد الآن وهو يؤشر الى الفضيلة وفعل الخير والالتزام بالخلق الحسن.

 وقد ثبت ان عصا القانون هي وحدها التي تطاع وتحترم، وعليه فاننا نتحدث عن القانون ولزوم نهوضه من الرماد مثل العنقاء ليلملم نفوس المفسدين من المجتمع ويجري عليهم التاديب وتسييرهم في مضمار الصحيح شاءوا ذلك ام أبوا:

1ـ فيما يخص التموين الحكومي.. ضرورة تنويع منشا الاستيراد لكل مادة تخالف الشروط العالمية في السيطرة النوعية.

2ـ اعادة النظر في المواد المنتجة محليا بما يجعلها مضاهية للمستورد الخارجي وخصوصا الطحين.

3ـ استيراد مواد سريعة الاستهلاك لتكون بديلا منافسا للمنتجات المستوردة من قبل القطاع الخاص والمحلي. وانشاء مخازن مبردة في كل محافظة بما يتسع للمواد الغذائية وربطها بشبكة الكهرباء المستمرة.

4ـ تفعيل القانون والمراقبة والتفتيش والمحاسبة للقطاع الخاص والمنتجات الشعبية. والعمل بقانون منح الاجازة الصحية للمحلات او الافراد او المنشئات التي يتصل عملها في المواد الغذائية.

5ـ تطبيق الشروط الصحية على المحلات بما يتصل بالمستلزمات ونوع البناء واختصاص البيع.

6ـ العمل ببند الغرامة والاغلاق والسجن للمخالفين.

7ـ منح الافراد او المنشآت او المعامل منح مالية للتطوير من تلك التي تلتزم بالشروط والمواصفات.

8ـ التشدد باجازات الاستيراد وخضوع المستورد الى المراقبة والفحص.

9ـ اتلاف المواد الفاسدة دون عوض مهما كانت الكمية المستوردة.

10ـ التثقيف بخطورة المواد الفاسدة من خلال وسائل الاعلام وكذلك التشهير بالمفسدين ونوعيات المواد التالفة ونشر التحذيرات منها من خلال التلفزيون والصحف.

11ـ مكافئة الإخبار عن المواد التالفة وجعل الموضوع يحتمل المشاركة الشعبية في محاربة المفسدين.

ولعل كل هذا وغيره قد يكون كفيلا في تقويم البرنامج الغذائي للفرد العراقي فيما يخص المستورَد وكذلك المنتَج المحلي.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 3 أيلول/2007 -20/شعبان/1428