عشرات المنظمات غير الحكومية للمرجعية الشيرازية

جميل عودة

 مؤسسة الإمام السجاد الخيرية نموذجا

حفل زواج جماعي لمائة وثمانين شابا وشابة 

للمجتمع حاجات كثيرة وكبيرة في نفس الوقت وفي مجالات مختلفة، سواء كانت اجتماعية أم اقتصادية أو سياسية. وأفضل الأنظمة وأكثرها شمولية في تحقيق هذه الحاجات هو نظام المؤسسات لما يتمتع به هذا النظام من مزايا عدة أهمها التنظيم والإدارة الجماعية.

بعد سقوط النظام السابق، وانهيار مؤسسات الدولة لارتباطها العضوي بالرمز القائد والحزب، بدأت تتشكل في العراق الجديد المؤسسات والمنظمات غير الحكومية، وهي عبارة عن فروع لجمعيات ومنظمات عالمية، أو جمعيات ومنظمات عراقية أسست وعملت خارج حدود الوطن أو في المناطق الشمالية الخارجة عن سلطات النظام السابق، وبدأت تظهر إلى الوجود منظمات محلية تهدف إلى سد حاجة من حاجات المجتمع الأساسية، سيما الحاجات الغذائية والخدمية، والصحية والاقتصادية والتنموية، ثم الإدارية والسياسية حتى وصل عددها إلى حوالي "5000" منظمة مسجلة.

ورغم هذا العدد الهائل لمؤسسات المجتمع المدني في العراق، إلا أن خدماتها الاجتماعية والثقافية كانت محدودة زمانا ومكانا، وبعضها لم يستطع أن يوفر مقومات الاستمرار والديمومة لأسباب مالية وإدارية وغيرها. بل شكلت بعض المنظمات غير الحكومية عائقا أمام تطور المجتمع المدني في العراق لاستغلالها غير السليم للموارد المالية والبشرية التي تحصل عليها من المؤسسات المانحة.

ورغم معرفتي بالدور الاجتماعي الكبير الذي تقوم به المؤسسات الدينية، إلا أن زيارتي الأخيرة لكربلاء المقدسة، جعلتني أصر على أن المؤسسات المرجعية هي جزء مهم من المنظمات غير الحكومية بل تشكل دعامة أساسية من دعائم نجاح مشروع المجتمع المدني في العراق. فقد أطلعت عن كثب على الإنجازات والمشروعات والخدمات الاجتماعية والثقافية والعلمية التي حققتها مؤسسات المجتمع المدني التي ترعاها المرجعية الدينية الشيرازية في العراق وخصوصا في كربلاء المقدسة والمتمثلة بمرجعية آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله).

وهذا ليس مستغربا من المرجعيات الدينية في العراق لاسيما المرجعية الشيرازية التي كان لها دور بارز في قيادة المجتمع العراقي إبان ثورة العشرين وتاريخ العراق المعاصر في مراحله المختلفة، وفي السعي لتوفير الخدمات والحاجات الأساسية للمواطنين العراقيين المحتاجين.      

لقد كان الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي رضوان الله عليه سباقا في الدعوة والعمل على إسعاد الطبقات الاجتماعية المستضعفة من تقديم الأموال الأزمة للمعيشة وتسهيل أمور الزواج والمساهمة في النفقات المنزلية ومتابعة شؤون الأيتام والأرامل مضافا إلى المؤسسات البحثية والفكرية التي ساهمت في التغذية الفكرية لفئات المثقفين العراقيين وغيرهم.  

     ولهذا كان الإمام السيد محمد الشيرازي "قدس سره" يؤكد كثيرا في محاضراته ومؤلفاته ولقاءاته على أهمية اعتماد نظام المؤسسات آلية للعمل الديني والاجتماعي والسياسي،  وذلك لان هذه المؤسسات تعمل فيما بينها لتحقيق غاية مشتركة من أجل المجتمع، حتى وأن اختلفت توجهات أفراده أو تعارضت فيما بينها، إلا أن هذه المؤسسات تحقق مصلحة ما للمجتمع الذي توجد فيه.

  والإمام الشيرازي الراحل لم يكتف بالتنظير ودعوة أفراد الأمة إلى تكوين مؤسسات مجتمع مدني، بل أن مرجعية الإمام الشيرازي امتازت بأمور عدة جعلتها تأخذ منحى مختلفاً عن المألوف،  لذلك نجد أن بقاء العديد من المؤسسات التي أخذت على عاتقها إكمال المشوار الذي بدأه الإمام الراحل، ومنها مؤسسة الإمام الشيرازي العالمية، وهيئة محمد الامين، ومركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث، ومؤسسة السجاد الخيرية، وغيرها من المؤسسات في السير على النهج نفسه، والفكر نفسه، والخط نفسه من أجل تحقيق ما يصبوا إليه المجتمع دينياً وعلمياً وثقافياً.

مؤسسة الإمام السجاد الخيرية نموذجا

    ما أجمل أن تصبح أحلام الشباب حقيقة في الزواج، وبناء أسرة مسلمة تربي أبناءها على قيم المحبة والسلام والتعاون والإخاء والعمل الصالح، في زمن كثر فيه القتل والرعب والإرهاب والدمار والخراب وسوء الخلق والابتعاد عن تعاليم الدين، وما أجمل أن يسود التكافل الاجتماعي بين المسلم وأخيه المسلم فيؤازره ويساعده ويأخذ بيده في سبيل السعادة والطمأنينة والأمان فيصبح المجتمع الإسلامي كما أراد له الله ورسوله كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا.

   ومن اجل تحقيق هذه الأهداف الرسالية سعى الكثير من أبناء مدينة الحسين عليه السلام كربلاء المقدسة الخيرين لإنشاء الصناديق والمؤسسات الخيرية التي تقدم كامل المساعدة للأسر المتعففة والفقراء والمعوزين إحساسا منهم بالمسؤولية الإنسانية والدينية إزاء إخوانهم في الدين والوطن، وقد كان من بين هذه المؤسسات الخيرية(مؤسسة السجاد عليه السلام) الخيرية.

    فبعد سقوط الطاغية وإنهيار النظام السابق قامت مجموعة من الخيرين من أهالي محافظة كربلاء بفتح مؤسسة خيرية في 25/9 /2004م،  المصادف (5)شعبان عام 1425هـ وفي مثل هذا اليوم يجدد المسلمون ذكرى ولادة الإمام علي بن الحسين السجاد عليه السلام ولذلك ارتأوا أن يسموا المؤسسة باسم هذا الأمام العظيم الذي اشتهر برعايته لمشاريع الخير ومساعدة الفقراء والمعوزين وعلى بركة الله فتحت هذه المؤسسة، وكانت تحت عنوان(مؤسسة الإمام السجاد الخيرية المستقلة) وقد تم في إجتماع شوروي-ديمقراطي- من إختيار الهيئة الإدارية للمؤسسة والتي تمثل شرائح مختلفة من المجتمع تمثل الشيخ والمحامي والطبيب والمعلم والمدرس وأساتذة الجامعات، فكانت مؤسسة السجاد الخيرية بحق مؤسسة صغيره تحمل أهدافاً كبيرة شعارها الأول والأخير الذي سارت عليه من أجل تحقيق أهدافها هو ( ما كان لله ينمو).

وأهداف هذه المؤسسة مساعدة الشباب على الزواج، ذلك بتقديم المساعدات لهم، ومن خلال الدعم المادي للمتزوجين البالغ حوالي 50% من نفقات زواجهم، كما تهدف مؤسسة الإمام السجاد لدفع شباب المدينة نحو الزواج، وذلك من خلال تقديم المساعدات لهم، وفق ضوابط معينة، وعلى شكل هدايا عينية، يحتاجها الشباب في زواجهم، وكذلك تقديم القروض (بدون فوائد) لشراء مستلزمات العرس، كما وتقوم المؤسسة بمساعدة المتزوجين الجدد وتقديم مختلف اللوازم المنزلية لبناء بيت الزوجية.

-نشاطات وفعاليات المؤسسة:

المؤسسة كانت عاملة حتى في أيام النظام البائد وقد كانت لها نشاطات وفعاليات مقدمة سراً من قبل المؤسسة الى الشباب والشابات ومساعدتهم على الزواج برغم إن العطاء كان بشكل يسير ولكن بعد السقوط مباشرة توسع عمل المؤسسة وكبر خصوصاً بعد أن تم تشكيل المؤسسة وقد كانت نتاجات ونشاطات وفعاليات المؤسسة منذ تاريخ تأسيسها هي:

1- مباشرة وبعد تأسيس المؤسسة بعشرة أيام حيث قامت المؤسسة بتوزيع الهدايا والمواد الأساسية وهي 15 مادة إلى 180 شابا منهم 45 متزوجاً من نسل علي وفاطمة عليهم السلام وكان الاحتفال في فندق الأمراء - باب بغداد وكان في يوم ولادة الإمام الحجة بن الحسن العسكري.

2- أيضا في فندق الأمراء السياحي باب بغداد حيث قدمت المؤسسة للمتزوجين وعددهم 173 شاباً هدايا الزواج وهي ثمانية عشرة مادة أساسية، ومنهم 25 شاباً من نسل علي وفاطمة عليهم السلام فأدخلت عليهم بمناسبة العيد السعيد عيد الفطر المبارك الفرح والسرور بتاريخ 1 شوال 1325 المصادف 15/11/2004م والحمد لله.

3-المكان صالة جامع الإمام الحسن عليه السلام في كربلاء المقدسة / الزمان 18 ذي الحجة 1425 عيد الغدير المصادف 29/2/2005م, قامت المؤسسة بتقديم الهدايا والمواد الأساسية على السادة المتزوجين وعددهم 110 شابا في احتفال بهيج ضم الكثير من الشخصيات الدينية والتجار والمؤمنين من أبناء كربلاء المقدسة والعرسان الأعزاء الذين حضروا الاحتفال ومن بينهم 15 شابا من السادة الأشراف سمن نسل علي وفاطمة ووزعت العلى كل متزوج المواد الأساسية المهمة والحمد لله.

4-المكان قاعة الإمام الحسن عليه السلام. الزمان الجمعة 17 ربيع الأول المناسبة مولد النبي الأعظم محمد المصطفى صلى الله عليه وآله ومولد حفيده الإمام الهمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام سنة 1426 * والمصادف 26/5/2005م, قامت المؤسسة بتقديم الهدايا و المواد الأساسية على العرسان البالغ عددهم 160 شابا منهم 35 من السادة الأجلاء أولاد علي وفاطمة وبلغ عدد المواد المقدمة لكل زواج ستة عشر مادة. كما حضر الاحتفال جمع غفير من السادة العلماء وبقية المواطنين الأشراف والأعزاء, والحمد لله.

5- وأقامت المؤسسة احتفالها الخامس بمناسبة مولد أم الأئمة الأطهار وبنت النبي المختار فاطمة الزهراء والصديقة الكبرى سلام الله عليها في 20 جمادى الآخرة سنة 1426 المصادف 27/7/2005م حيث تم تزويج عدد 110 شابا وتوزيع الهدايا والمواد الأساسية عليهم منهم 20 شابا من السادة الأجلاء أولاد علي وفاطمة أما مكان الاحتفال فكان في القاعة الكبيرة لجامع الأمام الحسن عليه السلام في كربلاء المقدسة.

6- وبحضور جمع غفير من العلماء والشخصيات الدينية والمسؤولين وشيوخ العشائر وجميع العرسان, أقامت المؤسسة احتفالها الموسمي الكبير بمناسبة المولد الشريف لسيد الكائنات محمد (ص) وحفيده المعظم الأمام جعفر بن محمد الصادق عليهم السلام وتيمنا بهذه المناسبة السعيدة تم تزويج 240 شابا وتم توزيع 20مادة مهمة من المواد الأساسية التي تفيد المتزوجين والحمد لله رب العالمين.وتاريخها 17ربيع الأول 1427. المصادف 16/4/2006م أما مكان الاحتفال فكان في قاعة الإمام الحسن عليه السلام الكبيرة.

7- أما الاحتفال السابع فكان في القاعة الكبيرة لجامع الإمام الحسن عليه السلام بمناسبة ذكرى ولادة بطل الإسلام الخالد علي بن أبي طالب عليه السلام 13 رجب الخير 1427 سنة 8/8/2006 المصادف 12/8/2006م وحضر الاحتفال جمع من العلماء الأفاضل وعدد كبير من التجار والمسؤولين في المحافظة والعرسان البالغ عددهم 110 شابا وتم توزيع الهدايا والمواد الأساسية عليهم مما زاد في أفراحهم والحمد لله.

8- كان في يوم عيد الغدير الأغر 18 ذي الحجة 1427 سنة 9/1/2006 المصادف 9/1 في قاعة الحوراء زينب عليها لسلام مقابل القائمقامية الاسم. وتم في هذا الاحتفال توزيع الهدايا والمواد المفيدة والمهمة على 110 شابا كما قام الخطباء والأدباء بإلقاء الكلمات في الحفل البهيج والحمد لله.

   والجدير بالذكر أن المؤسسة قائمة على تقديم الخدمات للجميع ولا تتأثر بالطائفية والعنصرية حيث إنها ساهمت في تزويج عدد من إخواننا أهل السنة وكذلك المسيحيين المحتاجين ويكون الصرف في هذا المجال من التبرعات العامة الممنوحة للمؤسسة ولا يشترط أن يكون المتزوج من الطائفة الفلانية حصراً وإنما تقوم بخدمة جميع المعوزين من أهالي كربلاء دون استثناء والحمد لله.

9- في يوم ولادة سيد الكائنات محمد (ص) أقيمت المؤسسة احتفالها التاسع في يوم المولد 17 ربيع الأول 1428 المصادف الجمعة 6/4/2007م وكان الاحتفال في فندق القريشي في السعدية وبلغ عدد المتزوجين 18- شابا وكان عدد السادة آنذاك هو 25 شابا والباقي 155 عامين والحمد لله. وزعت عليهم خمسون ثلاجة عمودية بالقرعة ووزعت أيضا عليهم 14 غرف نوم مجانية بالقرعة وبعدها وزعت الكارتات الهدايا بتسليم كل شخص على عشرون مادة أساسية * والمواد الأساسية كلها مجانا وحضر الاحتفال عدد كبير من السادة الأعلام العلماء ورجال كربلاء وشيوخ العشائر وأيضا دعماً للحكومة وضد العنف والتفرقة.

10-في يوم مولد عقيلة بني هاشم الحوراء زينب 5 جمادى الأول 1428 في يوم الثلاثاء 22/5/2007م. قامت المؤسسة احتفالها العاشر بتزويج 127 شابا وكان عدد السادة آنذاك في الاحتفال هو 27 سيد ومائة عامي ووزعت عليهم خمسون ثلاجة عمودية للقرعة وعشرون غرف نوم مجانا بالقرعة وكل شخص يحصل على ثمانية عشر أو عشرون مادة مجانا، وحضر الاحتفال السادة الأعلام والعلماء والشخصيات الدينية في كربلاء. وقام الاحتفال في قاعة البيت الثقافي مجاور الضريبة.

وأخيرا وتزامناً مع الأعياد الشعبانية المباركة ذكرى ولادة أقمار بني هاشم الإمام الحسين وأبو الفضل العباس والإمام زين العابدين عليهم السلام، أقامت مؤسسة الإمام السجاد عليه السلام الخيرية لتزويج الشباب وبالتعاون مع هيئة محمد الأمين الثقافية، حفل زواج جماعي لمئة وثمانين مؤمناً ومؤمنة.الحفل الذي اقترن بالذكرى السنوية لتأسيس مؤسسة السجاد استُهل بتلاوة آيٍ من الذكر الحكيم بصوت الحاج مصطفى الصراف، ثم ألقى الحاج محمد علي الحلاق كلمة السيد كاظم زين العابدين رئيس المؤسسة والذي تقدم بالشكر والامتنان لكل من شارك في إحياء هذا الحفل.

كما وكانت للسيد فاضل الحسيني ـ المدير المفوض للمؤسسة ـ كلمة بالمناسبة استعرض خلالها الإنجازات والأعمال التي قامت بها المؤسسة وما هي الطموحات والأهداف الراميين تحقيقها مستقبلاً، بعد ذلك ألقى فضيلة الشيخ فاضل الفراتي ـ الأمين العام لهيئة محمد الأمين الثقافية ـ كلمته والتي كان محورها حول أهمية الزواج المبكر في تنظيم المجتمع وتشكله من أفراد صالحين قادرين على النجاح مستقبلاً في الوقت الذي دعى فيه الجميع إلى المساهمة في دعم هكذا مشاريع فيها صلاح الأمة وبخاصة في ظل الوضع الاقتصادي المتدهور والذي ذاق فيه العراقيون مُر الحياة.

    نتمنى أن تعم بركات هذه المؤسسات الخيرية جميع محافظات العراق، خصوصا تلك المناطق المعروفة بفقرها وحاجتها إلى من يمد يد العون لأبنائها وبناتها من مساعدات مادية ومن حاجات وخدمات إنسانية ومن مدارس وحوزات تديم الوصل بالله عز وجل، وتنفع الناس في دنهم ودنياهم. 

*مستشار وزارة الدولة لشؤون المجتمع المدني

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 27 آب/2007 -13/شعبان/1428