محكمة انتفاضة 1991: مُحاكمة عراقية لـ(خيانة أمريكية قديمة)

اعداد/ صباح جاسم 

شبكة النبأ: لعل من عجائب المفارقات في ان تكون الإدارة الامريكية في عهد الأب بوش التي تركت المنتفضين العراقيين في الجنوب عام 1991 تحت رحمة الحرس الخاص للدكتاتور صدام بما يملكه من دبابات وطائرات ليعيث الفساد في جنوب ووسط العراق وشماله، ويهلك الحرث والنسل ويقتل الناس مجتمعين او يدفنهم احياءا مع اطفالهم ونساءهم في مقابر جماعية، هي نفسها هذه الإدارة في عهد بوش الأبن تراقب محاكمة عراقية لمن تركتهم يقتلون العراقيين بلا رحمة او احساس بالمسؤولية الإنسانية.

ومثل 15 عضوا سابقا في نظام الدكتاتور صدام امام محكمة تدعمها الولايات المتحدة عن دورهم في سحق انتفاضة الشيعة عام 1991، لكن كثيرا من الشيعة مازالوا يتحدثون بمرارة عن خيانة أمريكية.

ومن المرجح ان تثير المحاكمة المستمرة الجدل حول قرار الرئيس الامريكي الاسبق جورج بوش الأب بعدم غزو العراق بعد ان أجبر القوات العراقية على الخروج من الكويت في حرب الخليج عام 1991.

ومع عدم وجود تهديد بالغزو تمكن صدام انذاك من استخدام وحدات حرسه الجمهوري الخاصة لقمع سريع للانتفاضتين اللتين اندلعتا في الجنوب الشيعي والشمال الكردي بعد ايام قليلة من وقف اطلاق النار الذي انهى حرب الخليج في 28 فبراير شباط.

وقال بوش انذاك انه بينما كان يأمل في تمرد شعبي يطيح بالدكتاتور صدام لم يرد تقسيم الدولة العراقية، كذلك خشى من انهيار التحالف الدولي الذي ضم دولا عربية تمكن من ضمها للتحالف. بحسب رويترز.

وقال محمد الجواهري 32 عاما ويعمل طبيبا في مدينة البصرة جنوبي البلاد، لايسعني إلا ان اضحك عندما اسمع السياسيين الامريكيين يتحدثون عن نشر الديمقراطية في الشرق الاوسط. انا اسألهم لماذا اذن سمحتم لصدام بقتل النساء والاطفال عندما انتفض الشعب العراقي ضد ديكتاتوريته..

وقالت شرطة البصرة مؤخرا انها كشفت عن مقبرة جماعية تحتوي على جثث 15 شابا اعدموا خلال انتفاضة 1991. وعثر على المقبرة أثناء اعادة رصف طريق.

وقال العقيد كريم رحيمة رئيس شرطة الحيانية، وفقا للشهود وجدت اثار طلقات نارية على الجثث .. لقد اعدمتهم اجهزة الأمن في النظام البائد في 1991.

وكان سفير الولايات المتحدة السابق في العراق زلماي خليل زاد قد قال خلال حفل لتوديعه في مارس اذار الماضي، اشعر اننا لم نفعل الصواب بعد حرب تحرير الكويت واشعر اننا اخطأنا فيما يتصل بتركنا عراقا يخضع لعقوبات وصدام.

ومن بين الخمسة عشر الذين يمثلون للمحاكمة ابن عم الدكتاتور صدام وهو علي حسن المجيد ومسؤولان عسكريان كبيران حكم عليهما بالفعل بالاعدام في قضية الحملة التي شنها النظام ضد الاكراد عام 1998 وقتل فيها عشرات الالاف والتي عرفت بقضية الانفال.

وتشمل الجرائم المزعومة الاعدام وتعذيب المشتبه فيهم اثناء سعي قوات صدام الى استعادة المدن والبلدات التي سقطت في أيدى المتمردين.

ولاتتوفر ارقام بشأن عدد القتلى في هذه الحملة التي تضمنت دبابات وصواريخ ارض ارض استهدفت المدن العراقية.

وتقول مذكرة عن خلفية القضية جمعها مسؤولون امريكيون مشتركون في المحاكمة ان الادلة تتضمن، شرائط وتقارير لما بعد العمليات الا انها لا تضم كثيرا من الاوامر الفعلية حيث أمر النظام بتدمير السجلات وقام الدكتاتور صدام بنفسه بتدمير هذه السجلات.

ويقول المؤرخ تشارلز تريب في كتابه (تاريخ العراق) ان المدن الشيعية المتمردة تعرضت لأبشع انتقام. وتضمنت هذه المدن النجف وكربلاء المقدستين والبصرة والناصرية والعمارة.

وقالت نهلة رازق المعلمة باحدى مدارس البصرة، كان بوش الاب وجيشه السبب الرئيسي وراء موت الشعب العراقي عام 1991 يجب ان يكون بوش الاب اول من يحاكم عما حدث.

وكان بوش الأب قد دعا في 16 فبراير شباط قبل أيام فقط من اندلاع الثورتين مطلع شهر مارس، الجيش العراقي والشعب العراقي للإمساك بزمام الامور بأنفسهم لإجبار الديكتاتور صدام حسين على التنحي. ولكن ذلك لم يحدث بسبب تمتُع صدام بآلة حربية هائلة من الطائرات والدبابات سحقت بالحديد والنار ثورة الشيعة والاكراد.

وقال ضياء حسين 44 عاما من سكان النجف غاضبا، هذه خدعة أمريكية بالامس سمحوا لقوات الطاغية بضرب وسط وجنوب العراق واليوم يحاكمونهم عن هذه المذبحة.

سبعاوي التكريتي على خطى برزان

وطرد قاضي المحكمة الجنائية العراقية العليا اثنين من معاوني الدكتاتور السابق صدام، من قاعة المحكمة لإساءة السلوك وذلك في اليوم الثاني من محاكمة قمع انتفاضة الشيعة في الجنوب. 

وجاء قرار الطرد عند منتصف الجلسة، عندما أمر القاضي محمد عريبي الخليفة قائد قوات الحرس الجمهوري في عهد صدام، العميد إياد فتيح الراوي، الذي قاد شن الهجوم ضد انتقاضة الجنوب، بالخروج من القاعة لعدم التزامه بقوانين المحكمة. بحسب الـCNN.

وأتبع هذا القرار بأمر آخر طالب فيه عدداً من المتهمين بالصمت وعدم الجلوس وهم واضعين رِجلاً فوق أخرى، وفقاً للأسوشيتد برس.

وبعد نصف ساعة، أمر القاضي الخليفة وزير الدفاع السابق، سلطان هاشم أحمد الطائي، بالخروج من القاعة للسبب نفسه. وقبل خروجه، سأل الطائي القاضي عما فعله، فقال له القاضي: أنت تعلم ما فعلت.

وقال المتهم صابر الدوري، المدير السابق للاستخبارات العسكرية، للقاضي إنه كان في بغداد إبان انتفاضة العام 1991، وأنه لم يزر جنوب البلاد في تلك الفترة.

من جهته، تحدى الأخ غير الشقيق لدكتاتور صدام، سبعاوي إبراهيم التكريتي، الذي كان يشغل منصب رئيس جهاز المخابرات، المحكمة قائلاً إنها أنشئت بواسطة المحتلين الذين تجاهلوا القانون الدولي وغزو العراق دون قرار من الأمم المتحدة.

كذلك دافع سبعاوي إبراهيم عن قمع انتفاضة الشيعة في الجنوب، قائلاً إنها تمت بترتيب من قبل إيران، التي كان نظام صدام في حرب مدمرة معها.

 شاهدة عراقية: علي الكيماوي رمى ولديَّ من مروحية

 واتهمت احدى الشاهدات علي حسن المجيد المعروف باسم "علي الكيمياوي" الذراع اليمنى للدكتاتور صدام سابقا بانه قتل اولادها برميهم من مروحية خلال سحقه انتفاضة العراقيين الشيعة في 1991.

واتهمت المراة من وراء ستارة تخفي هويتها جيش صدام باعتقال افراد عائلتها وقالت ان علي حسن المجيد نفسه قتل اثنين من ابنائي. بحسب فرانس برس.

وقالت للمحكمة في يومها الثالث، اعتقل الجيش اثنين من ابنائي واخي وابنة اخي في الثالث من اذار/مارس 1991.

واضافت، بعد تسعة ايام تم اطلاق سراح اخي وابنته واخبراني بان علي حسن المجيد القى بنجليّ الاثنين من المروحية الى الخليج.

ويقول مسؤولون ان نحو تسعين شاهدا سيدلون بشهاداتهم ضد المتهمين. ومنذ اذار/مارس 2003 تفحص خبراء عشرات المقابر الجماعية لضحايا قتلوا في الانتفاضة ستكون تقاريهم الادلة الرئيسية خلال المحاكمة.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 26 آب/2007 -12/شعبان/1428