أعباء الماضي ندفعها الآن

عصام حاكم

 من أهم ما يميز دورة الحياة هي رفض حالة السكون والبحث عن صيغ جديدة للانطلاق عبر مسارات أو فضاءات متعددة، ربما تحتمل الاختلاف في الشكل ولكن تتطابق في المضمون، ليبقى هاجسها الأول تنظيم علاقة الفرد بالمجتمع وخلق أواصر اجتماعية متكافئة من خلال الارتباط في مصالح أو قواسم مشتركة لبناء كيان حضاري يتكئ بعضه على بعض، كما يسهم في  إنضاج أو ترسيخ الغريزة الاجتماعية لدى الفرد ويفعّل كذلك من دوره في المجتمع . 

والدليل على ذلك  ما نلحظه في التجربة الغربية اليوم والتطور الحاصل فيها من خلال التوافق الصحيح أو التوازن بين مكونات الواقع الاجتماعي. أما مجتمعنا العربي فهو يرزح تحت أعباء كثيرة حيث اكتسب أرثاُ ثقيلاُ من التراكمات أو الإسقاطات الموروثة وثقافات لاحصر لها أفقدته القدرة على التوازن وكذلك أفقدته القدرة  على القراءة الصحيحة للواقع. 

فضلا عن ما تحمله من اسقاطات عدة استطاعت ان تترك أثرها  على الشخصية العربية من خلال تراكم تلك الثقافات المختلفة،  هذا مما أوجد حالة من النزوع  الفكري بين المفاهيم القبلية والثقافات الغربية المكتسبة من وحي الفكر الغربي عبر الاستعمار المستمر والتأثر بالقراءات الغربية، ناهيك عن  تلك العلائق للموروث الإسلامي السطحي الذي لم يقتبس منه إلا القشور والبدع المضلّة. 

وهذه الاسقاطات جميعا أسهمت بشكل كبيرفي تجسيد  تلك الشخصية حيث أفرزت شخصاُ فوضوياُ هامشياً ضعيف يحاول دائماُ ان يجد له متكأ يلوذ به من حالة الضياع وعدم الاستقرار كما يحاول ان يُلقي بكل إخفاقاته على الآخرين مبتدئاً بالله (سبحانه وتعالى ) ومن ثم على الآخرين، ولم يكتف بهذا القدر من الاستسلام والانهزامية بل اخذ يبحث عن نظرية البطل القومي الوهمي وتأليهه والتصفيق له ومنحه ألقابا عظيمة،  هذا مما خلق حالة من الدكتاتورية المقيتة ودفع اغلى التضحيات من اجل ذلك..  

هذا هو واقع امتنا اليوم انه فعلا يبعث على الحزن والأسى، بالإضافة إلى ذلك فأن بعض المؤرخين والأدباء كان لهم حصة الاسد في صهر تلك الشخصية عبر إذكاء ثقافة العنف التاريخي أي ثقافة الفتوحات والجهاد والقتل، حيث رسخ في اذهاننا بأن الحرب هي المادة الاساسية وابطالها كل القتلة والسفاحين. 

 فمن خلال هذه القراءة البسيطة تدرك بعين ثاقبة ليس من وحي الصدفة ولا من بنات الخيال ان يمجد العرب بعض الشخصيات، فأنها بالتأكيد أوهام الماضي أوهمنا بها عقولنا وأنفسنا بعناوين زائفة.. إنها تركة الماضي وثقافة المأجورين.  

فلنبدأ من الآن بصياغة الحاضر والمستقبل رائدنا الابداع والثقافة وعدم تذويب الفرد واحترام الراي  الآخر ورفض مبدأ العبودية لأي شخص فربنا الواحد الأزلي وهو الله ولا نقبل بفراعنة العصور أرباباً متعددين..

شبكة النبأ المعلوماتية-الجمعة 24 آب/2007 -10/شعبان/1428