خَلق دكتاتور جديد في العراق.. هل هو الحل!؟

اعداد/ صباح جاسم 

شبكة النبأ: لا تزال تفاعلات الطرح الذي اُنتج مؤخرا حول امكانية وضع حد للفوضى المستمرة في العراق عن طريق استخدام قائد عسكري قوي مسنودا باحكام عرفية وذو سلطة مطلقة لبسط القانون في البلد، وهو ما قد تفضله امريكا على الهيمنة الاسلامية على الاوضاع في العراق، لانه يحقق لها بعض الاهداف التي جاءت من اجلها، وقد يتيح لها الخروج ببعض الكرامة من الورطة الحالية. رغم ان الكثيرين يستبعدون امكانية حصول مثل هذا الامر في ظل الظروف الحالية.

واعتبر باحث عراقي ان الدراسة الأمريكية التي قالت ان "الطريق الوحيد لنهوض العراق هو ظهور قائد عسكري يؤسس سلطة دكتاتورية"، لا تمثل سوى بالون اختبار في حين رأى آخر ان أي خيار بديل عن الفوضى العارمة في العراق هو من صالح الشعب، بينما وصف ثالث السيناريو بأنه ساذج رغم ان الأمريكان يفضلون نظاما شموليا على هيمنة إسلامية في العراق.

واستطلعت وكالة (أصوات العراق) آراء ثلاثة من الكتاب والباحثين العراقيين، حول تقرير أصدره مركز الشؤون الدولية التابع لجامعة نيويورك، يتضمن ثلاثة سيناريوهات محتملة لمستقبل العراق، يتحدث أحدها عن ظهور قائد عسكري قوي يؤسس سلطة دكتاتورية ويقوم ببناء مصداقيته بوصفه الشخص الذي يوحد البلاد بجميع طوائفها وقومياتها، بعد الانسحاب الأميركي الذي قال التقرير إنه سيتحقق بحلول عام 2010، باعتبار ذلك هو الطريق الوحيد لنهوض العراق مرة أخرى.

وقال الدكتور فالح عبد الجبار رئيس المعهد العراقي للدراسات الإستراتيجية ان، هذا التقرير بالون اختبار، وليس شرطا ان يكون من طرف حكومي أمريكي، بل يمكن ان تكون اطراف اخرى أطلقته لمعرفة ردود افعال الادارة الاميركية او العراقية حيال فكرة كهذه.

وأوضح عبد الجبار أنه ربما يكون المقصود من بالون الاختبار هذا، الحث على التفكير جديا في خيارات لحل مشاكل العراق، والقول ان الحل التوافقي غير فعال، وأن الديمقراطية لا تصلح لبلدان الشرق الأوسط، وأن النظم الفيدرالية، تتطلب مستوى حضاريا عاليا لا يتوفر في هذه البلدان.

ولمح الباحث إلى احتمالية ان تكون الدراسة قد تناولت مقترحا قدمته دولة شرق أوسطية؛ لأن طريقة التفكير المطروحة تنتمي الى هذه المنطقة، كما لم يستبعد احتمال ان يكون هدف المقترح دعم قادة عسكريين.

وأضاف، يحتمل كذلك ان يكون الأمر مقترحا من قبل قوى غير رسمية، أو من احدى دول الشرق الاوسط كالسعودية ومصر او حتى الأردن.. وقال، هذا ليس تفكيرا اوربيا، بل تفكير جماعتنا. في إشارة للدول العربية.

لكن عبد الجبار استبعد في الوقت نفسه إمكانية ظهور ديكتاتور عسكري، وقال، الديكتاتور من له سلطة لقمع كل القوى الاخرى، ولا توجد اليوم إمكانية لذلك لغياب القوة الحاسمة التي تتحرك فوق الجميع، حيث الجيش والشرطة ضعيفان، والشارع تسيطر عليه المليشيات، كما ان امريكا لن تقبل بهذا... ليس من السهل قيام ديكتاتور. واصفا من يتحدث عن سيناريوهات كهذه بأنه يحلم.

وكانت الدراسة الأمريكية التي تحدثت عن ضرورة ظهور قائد عسكري، شددت على ان الأمر يتطلب تجهيز الجيش العراقي بالمعدات العسكرية؛ لأنه بحسب الدراسة، أمر مهم وحيوي للتمهيد للإنقلاب.

من جهته رأى كاتب آخر ان أي خيار ينقذ البلاد من الفوضى هو أفضل من الوضع الراهن، لكنه تساءل عن كيفية تنفيذ سيناريو كهذا بعد حل الجيش العراقي السابق.

وقال أحمد المهنا، أي خيار هو أفضل من الفوضى التي تعم العراق الآن، وهذه حقيقة لأن الفوضى شر، لا يوجد أي مواطن عراقي آمن على حياته اليوم..، لكنه وصف خيار الدراسة الأمريكية بأنه غير عملي معتبرا ان الأمريكان ارتكبوا جريمة مروعة بحل الجيش العراقي.

وأشار المهنا الى أن ذكاء القوى السياسية الحالية جعلها تمنع تشكيل قوة أمنية وطنية حقيقية تقوم على اساس الكفاءة وتستقل عن الأحزاب والطوائف، وذلك لكي تتمكن الأحزاب من الحؤول دون حصول انقلاب عسكري يأتي بدكتاتور قوي.

وذكر تقرير جامعة نيويورك ان وجود جيش عراقي قوي يمثل جميع أطياف الشعب، سيمهد الطريق لظهور مثل هذا القائد عن طريق انقلاب عسكري مسبوق بانسحاب أميركي من العراق.

وحول ما اذا كان السيناريو يكشف عن يأس امريكي من امكانية نشر الديمقراطية في الشرق الاوسط والعراق، وهو ما جعلهم يفكرون ببديل تقليدي مثل الدكتاتور العسكري، قال المهنا، عن أي ديمقراطية نتحدث، الديمقراطية في العراق أكذوبة ومسخرة.

وتابع، هناك فرق بين الديمقراطية والفوضى، فالديمقراطية اكثر النظم تقدما في العالم. متسائلا أين هذا مما يحدث في العراق؟.

ويقول المهنا ان هناك جهتين تحكمان العراق فقط وليست الحكومة من بينهما، حيث ان الحكومة عاجزة وقابعة في المنطقة الخضراء، والبلد يدفع الثمن، وهناك نوعين من الحكام في العراق: المليشيات وقوى الارهاب.

ورغم ان باحثا آخر يعتقد ان السيناريو المطروح متأثر بتلاشي الحلم الأمريكي في بناء ديمقراطية على نحو سلس في العراق، غير انه وصف ما جاء في التقرير بأنه تصورات ساذجة.

ويقول حيدر سعيد، فشلت التجربة الأمريكية في العراق وما كانو يحلمون به، لقد اعتمدوا فكرة الدمقرطة السلسة، أي إزاحة النظام الديكتاتوري لخلق الديمقراطية.

وأضاف، لكن الأمريكان يواجهون الآن الخطر الإسلامي، انهم يفضلون هيمنة الأنظمة الشمولية او شبه الشمولية، على ان تستغل الأحزاب الإسلامية الخيار الديمقراطي للوصول الى السلطة، رغم ان بناء نظام شمولي في هذه الظروف خيار غير سهل، فالأمر يحتاج إلى سنين من البناء.

وتساءل، من أين يظهر الديكتاتور العسكري؟ هل سيظهر من مؤسسة عسكرية فاسدة ومنهارة؟ ان السلاح في الشارع اليوم اكثر من سلاح السلطة... إنها تصورات ساذجة.

وعد سعيد الخيار الامثل للتخلص من الفوضى في العراق، قناعة الأطراف العراقية ببناء توافق حول السلطة، وهو ما سيفرزه الصراع الطائفي فيما بعد، بحسب سعيد الذي أضاف، الخيار هو التوافق في مؤسسة السلطة وهو ما لا يحصل الآن.

وتابع سعيد أن، مؤسسة كهذه لن تتشكل دون صراع أهلي، فهذا ما سيخلق مؤسسة سلطة توافقية.

وزاد، هناك صراع يجب ان نخوضه...وهذا الصراع سيجبر الأطراف على خيار بناء مؤسسة السلطة التوافقية.

وكان تقرير جامعة نيويورك الذي وضعه خبراء بارزون على رأسهم البروفسور مايكل أوبهايمر، قال أنه بحلول عام 2010 وبسبب فشل الإسلاميين وتعاقب حكومات ضعيفة في بغداد، ستقتنع أعداد كبيرة من العراقيين باستبدال الديموقراطية والحريات، بالدكتاتورية، وظهور قائد عسكري قوي، ويقول التقرير انه لا بديل لنهوض العراق مرة أخرى إلا عن طريق هذا القائد.

وتشير الدراسة إلى أن فرض الأمن في العراق، سيتطلب من هذا الدكتاتور تعليق الدستور، وبسط القانون والنظام بعد الفوضى التي سادت.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 21 آب/2007 -7/شعبان/1428