
شبكة النبأ: رغم ارتفاع حرارة
المواجهات داخل الكونغرس الامريكي قبيل عطلته الصيفية لم يمنع الخلاف
المحتدم بين الديمقراطيين والجمهوريين في الكونجرس الامريكي، بشأن
العراق، في ان ثمة اتفاقاً عاماً بين الجانبين حول قضايا اخرى تتعلق
بالأمن القومي الامريكي ومنطقة الشرق الاوسط.
فالخلاف حول العراق لا يعكس سوى محاولة للخروج من مستنقع الفشل
الامريكي ببلاد الرافدين، بينما الاتفاق سائر حول اعتماد قوانين جديدة
لمكافحة الإرهاب، وفرض عقوبات اقتصادية على ايران والسودان، وضرورة فرض
شروط محددة لتمرير صفقات الأسلحة الجديدة للمنطقة العربية وخاصة
للسعودية، علاوة على المساعدات التي قررت لمصر.
وقال تقرير لموقع تقرير واشنطن: أكدت مشروعات القوانين التي تم
اعتمادها في الأسبوعين الماضيين بالكونجرس أن الديمقراطيين ذوي
الأغلبية البرلمانية، والجمهوريين الذين يملكون إمكانية تعطيل العديد
من مشروعات يتقدم بها نواب ديمقراطيون، قد استطاعا التكيف مع الواقع
الجديد وأن بإمكانهما التوصل لمقايضات أو صفقات سياسية حول العديد من
القضايا الداخلية والخارجية على السواء، وأن موضوع العراق تحديدا يكاد
يكون الاستثناء الأكثر وضوحا والأعقد في أن تتم حوله صفقة من نوع خاص
حتى الآن.
العراق.. معركة مستمرة داخل
الكونجرس
وعلى الرغم من إحباط الجمهورين لمشروع قرار الانسحاب الأمريكي من
العراق الذي قدمه الديمقراطيون، إلا أن هذا لم يمنع هؤلاء من العمل على
الضغط على إدارة بوش في العراق من خلال العمل على استصدار عدد من
التشريعات المتوالية كان أبرزها موافقة الكونجرس يوم 25 يوليو الماضي
بأغلبية 399 صوتا مقابل 24 صوت على قرار يمنع بناء قواعد عسكرية
أمريكية دائمة بالعراق، ومنع أية مساع أمريكية رسمية للسيطرة على
المصادر النفطية العراقية.
وقد جاء هذا القرار من الكونجرس بعد تصريحات للرئيس بوش ووزير دفاعه
روبرت جيتس في يونيو الماضي باحتمال بقاء القوات الأمريكية في العراق
مدة طويلة على غرار النموذج الكوري الجنوبي. وتجدر الإشارة إلى أن هذا
القرار أصبح ملزما للإدارة من الناحية المادية حيث يملك الكونجرس حق
تمويل المشاريع العسكرية أو رفضها.
إن هذا الصراع حول الموضوع العراقي يدخل في صميم الأمن القومي
الأمريكي، بألا تتأثر صورتها العسكرية أكثر من ذلك داخليا وخارجيا، كما
أن هذا الصراع لا يعني عدم اتفاق الحزبين الكبيرين على أمور تتعلق
مباشرة بالأمن القومي وضرورة مواصلة الحرب على الإرهاب وتشريع المزيد
من القوانين الإضافية حفاظا على الأمن الذاتي.
الحرب على الإرهاب وتشريعات جديدة
ولم يكن غريبا أن يقر الكونجرس ضمنيا على موافقته على سلسلة أنشطة
المراقبة السرية والأنشطة الاستخبارية والتجسسية التي أجازها الرئيس
بوش بموجب مرسوم رئاسي في أواخر عام 2001 ونفذتها وكالة الأمن القومي
بناءً على هذا المرسوم بهدف "وضع برنامج مراقبة الإرهاب"، بالرغم من
المعركة الساخنة التي يشنها النواب الديمقراطيون على وزير العدل ألبرتو
جونزاليس" بسبب تعمده إخفاء وجود معارضة قانونية بشأن هذا البرنامج.
ففي الأيام الماضية مرر الكونجرس تشريعات جديدة فيما يخص حرب
الإرهاب، وهي:
أولا: أقر الكونجرس يوم 27 يوليو ـ بموافقة 371 صوتا مقابل أربعين
بمجلس النواب، و85 صوتا مقبل ثمانية بمجلس الشيوخ ـ عددا من التدابير
الجديدة لمحاربة الإرهاب أبرزها: مراقبة حمولات الطائرات وتشديد
المراقبة في الموانئ والمطارات ومراقبة السفن المتجهة لأمريكا. ويمنح
القانون المطارت مهلة ثلاث سنوات لوضع نظام يسمح بالتحقق من كل حمولات
الطائرات المدنية، وخمس سنوات للتوصل إلى مراقبة مشدة لحمولات السفن،
كما يخصص القانون أربعة مليارات دولار على أربع سنوات من أجل تحسين
الأمن في قطاعات النقل البري والبحري والسكك الحديدية. وينص القانون
كذلك على تعزيز الاحتياطات الأمنية المتعلقة بالمواطنين الذين يدخلون
الأراضي الأمريكية دون تأشيرة، ووضع نظام إلكتروني جديد لإعطاء أذونات
السفر للخارج.
ثانيا: على عكس التمويل الإضافي الذي طلبه بوش لحربي العراق
وأفغانستان ولم يمرره الكونجرس قبل الإجازة السنوية، فقد وافق الكونجرس
على طلب بوش بوضع تشريع للحد من القيود المفروضة على مكافحة الإرهاب.
ووافق الكونجرس بمجلسيه على مشروع قرار اعتبره بعض النواب
الديمقراطين ليس مثاليا لكنه يطمئن المواطن الأمريكي، واعترضت عليه
العديد من الجماعات المدنية والحقوقية. وقد تقدم "ميتش مكدونيل" زعيم
الجمهورين بمجلس الشيوخ بمقترح المشروع، الذي وافق عليه المجلسين قبل
يوم واحد من العطلة السنوية، بعد إدخال تعديلات عليه، وبأغلبية 227
عضوا مقابل 183 بجلس النواب و60عضوا مقابل 28 بمجلس الشيوخ.
ويجيز هذا التشريع الذي حدد العمل به لمدة ستة أشهر المزيد من
الصلاحيات لإدارة بوش في مراقبة الهواتف والبريد الإلكتروني للأشخاص
المشتبه في تورطهم في قضايا إرهابية، كما بات بإمكان رجال الاستخبارات
التنصت، هاتفيا وإلكترونيا، على المواطنين الأمريكيين حتى حارج الحدود
دون الحصول على إذن قضائي مسبق من المحاكم الأمريكية.
ويبرر "مايك ماكونيل" مدير الاستخبارات الوطنية هذا التشريع بأنه
ضروري لحماية البلد من هجمات يجري التخطيط لها الآن لإسثاط ضحايا
أمريكيين، كما أنه لا يجوز تقيد صلاحيات الاستخبارات عندما يتعلق الأمر
بأمن وحماية الأمة". بينما رأى بعض النواب الديمقراطين أنه قد تم
الحصول على ضمانات للحريات الفردية، وأن القانون يلزم أجهزة الأمن
بتقديم شرح للمحكمة الاتحادية حول سرية وأسباب الإجراءات التي تستخدم
في استهداف المشتبه فيهم من الأجانب.
الشرق الأوسط محل اتفاق
وكان الاتفاق سهلا داخل الكونجرس في عدة قضايا أخرى تخص منطقة الشرق
الأوسط، أبرزها قرار بتشديد العقوبات الاقتصادية على السودان وإيران،
والاتفاق حول الشروط اللازمة لتمرير صفقات الأسلحة الأمريكية الجديدة
لبعض الدول العربية. فقد وافق الكونجرس في 30 و31 يوليو على قانونين
منفصلين، يشدد كلاهما العقوبات على الشركات الأمريكية التي تستثمر
بمبلغ يزيد عن 20 مليون دولار في قطاعي الطاقة والسلاح بإيران وأية
أعمال استثمارية تفوق هذا المبلغ في السودان. الأولى تقيدا لطموحها
النووي والثانية بسبب مذابح دارفور، كما أن الإدارة الأمريكية تصنف
البلدين في خانة راعي الإرهاب الدولي.
وقد وافق مجلس النواب على المشروع بشأن السودان بأغلبية 418 صوتا
مقابل صوت واحد، وعلى المشروع بشأن إيران بأغلبية 408 صوتا مقابل ستة
أصوات. وبالرغم من أن تشديد العقوبات المفروضة على الشركات المتعاملة
في إيران سوف يؤثر على عدد من الشركات الأمريكية التي تستثمر بقطاع
الطاقة هناك، والتي تم استثمار نحو مبلغ 100 بليون دولار به منذ عام
1999 وفق تقرير حديث لمركز خدمة أبحاث الكونجرس، إلا أن القانون يلزم
الحكومة الأمريكية والولايات الفيدرالية بوقف التعامل مع الشركات
المخالفة للقانون، ذلك على الرغم من إقرار وزارة المالية الأمريكية،
ورئيس اللجنة المالية بمجلس النواب "بارني فرانك"، بصعوبة تحديد هذه
الشركات بدقة.
وفيما يرتبط بإعلان الإدارة الأمريكية في أواخر شهر يوليو عن رزمة
من المساعدات وصفقات مبيعات أسلحة أمريكية بقيمة 63 مليار دولار إلى
دول الخليج ومصر وإسرائيل، والتي ينتظر موافقة الكونجرس عليها في
الخريف المقبل، في إطار بحث الصفقات والمؤونات العسكرية، فإن عددا
كبيرا من أعضاء مجلس النواب، جمهوريين وديمقراطيين على السواء، استبق
الأمر بانتقاد هذه الصفقات ومحاولة وقف بيع أسلحة أمريكية متطورة إلى
السعودية لأنها ليست حليفا للولايات المتحدة والعراق كما أنها ليست
حليفة لرئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن. وقد أوضح "توم لانتوس" رئيس
لجنة الشئون الخارجية بمجلس النواب أن "أعضاء الكونجرس يريدون الحصول
على تعهدات بأن صفقة الأسلحة تشمل أنظمة دفاعية فقط وليست أسلحة قد
تستخدم لمهاجمة إسرائيل". بينما رأى النائب "أنتوني واينر" أن كل
الأسلحة في نهاية المطاف للهجوم أيضا، وبأنه لا يجب تسليح دولة لا تزال
في حالة حرب مع إسرائيل"، قاصدا السعودية.
وبالرغم من إقرار الإدارة زيادة إجمالي المساعدات السنوية لإسرائيل
لتبلغ 3 مليار دولار سنويا لمدة عقد كامل وبزيادة مقدارها 25% دفعة
واحدة، كنوع من المباركة لتمرير هذه الصفقة عربيا، فإنه من المتوقع في
مناقشات الخريف أن يطالب الكونجرس بضمانات أمنية وشروط محددة بأن لا
يشكل هذا السلاح للسعودية ومصر تهديدا لأمن إسرائيل بل وسوف يطالب
بتحديد مكان وجود هذا السلاح وانتشاره، وربما مطالبة السعودين بعدم نصب
هذه الأسلحة، ومنها قنابل ذكية، في القاعدة الجوية في منطقة "تبوك"
المجاورة لإيلات جنوبي إسرائيل، والكونجرس كما الإدارة كلاهما يحرصان
على الاحتفاظ بعدم المس بالتفوق النوعي والكمي العسكري لإسرائيل على
بقية الدول العربية. |