العنف والمشاركة المجتمعية فيه

عدنان عباس سلطان

 شبكة النبأ: يقول الإمام الشيرازي (قدس سره) ان هناك دائما ثمة مشاركة اجتماعية في العنف، ودائما نحن مشاركون بدرجة ما فيه.

ويقول غاندي: ليست البنادق البريطانية وحدها هي المسؤولة عن عبوديتنا بقدر ما هو مسؤول تعاوننا الإرادي مع هذه البنادق.

ان الحاجات المنقوصة لدى افراد المجتمع غير المحصنين اخلاقيا تجعلهم يجدون لدى العنف تحقيقا لتلك الحاجات سواء كانت مادية او معنوية او كتعبير ذاتي او كردود افعال مكبوتة او اهتزازات نفسية.

والنواقص دائما هي لصيقة بشكل اكثر بافراد المجتمعات الفقيرة هذا في نطاق الجرائم الاعتيادية المتنوعة، اما في الاشكال التي تتخذ الصور السياسية فان هذا الامر قد يستوعب افرادا آخرين قد يتحدرون من اوساط ثرية او متوسطة الحال، يجمعهم تحزب ما او ايقانهم في مذهبية دينية معينة فيرون العنف هو الطريق الذي يمكن من خلاله الاعلان عن وجودهم او رفع الحيف عنهم.

وفي اعلى درجات التطرف هو اعتبار الجهاد واجب ضد من يرونهم انهم مارقون او يكون ذلك تنفيذا لفتوى ممن تعتقدهم الطائفة او المذهب بانهم اهلها.

واذا فنحن امام رؤية احادية يتمتع بها اولئك المعضدون للارهاب من افراد المجتمع والذين يسيرون في ركب قادة الارهاب كمنظمات او قوى متنوعة تسير بهذا الطريق.

والمجتمع يساهم في كثير من الاحيان بصنع الاباطرة والعتاة والظلمة من خلال المشاركة في الآلية السلطوية واتحافها بما تحتاجه من القوى الضرورية لاحكام السيطرة والظلم.

ويقود افراد المجتمع ما في تعضيد السلطة الظالمة وديمومتها عدة امور اساسية:

1ـ طغيان الهاجس المادي على الثوابت المهتزة للاخلاق.

2ـ الجهل والتخلف الثقافي.

3ـ التهميش المزمن.

4ـ عبادة الشخصية والانبهار والاعتقاد بالامثلية العسيرة للمبدأ، كذلك الاعتقاد بالخرافة.

5ـ هاجس البروز المعنوي بغض النظر عن النوعية في ذلك البروز.

6ـ الايمان المتراكم بروح البطل القاهر الذي ليس له نظير، او ذلك البطل الذي يواجه الموت اعتزازا بصفته المتفردة.

7ـ ظنه الاكيد بان السلطة التي يسير في ركابها تحقق له تلك الدرجة العليا التي يطمح الوصول اليها.

8ـ وكونه مؤمن ان هناك علاقة حميمية واكيدة بينه وبين السلطة القائمة وانه لا يمكن فصم عراها وانه احد اركانها الاساسية على اعتباره بطل من ابطالها المميزون.

9ـ التاثير الاعلامي، وما ينطوي عليه من دفع وتحريض واغراء.

وتحت هذا الهاجس يلتف كثير من افراد المجتمع حول السلطة الغاشمة ويساهمون بترصين مرتكزاتها وحمايتها من الجانب المضاد من مناضلي الشعب وحركاته السياسية الواعية ويكونوا دروعا فاعلة في درئ الخطر عنها.

ومن افراد المجتمع من يرى لزوم الحرب على تلك السلطة فيسلك طريق العنف الذي سيكون واقعا بين فئات المجتمع ذاته اي بين ابناءه في محصلة الحال، وهو عنف يواجه عنف آخر في معركة لا نهائية كما يشير الى ذلك الامام الشيرازي في كتابه نظرية اللاعنف.

وتعد حالة الحرب هذه شكل من اشكال قهر الانسانية مهما كانت نتائجها وهي غالبا خسارة طرفين واقعا وهي نتيجة مسلما بها منذ فجر التاريخ الا ان المصالح الضيقة الشخصية او المذهبية او الطائفية هي التي تقوم بالاملاء والامر.

الحرب بكل ما تحمله من اجهزة ومعدات مصاحبة لها انما هي في جوهرها تبادل منظم للعنف.

والدعاية في حقيقتها انما هي وسائل منظمة للاقناع، فالاولى تهاجم الجسد والثانية تنتقص العقل والوجدان.

اما الفئات الاكثر عقلانية في المجتمع فانها تحاول ان تجد النقطة الضعيفة لدى السلطات الجائرة لكي تؤثر عليها وتسقطها وهذه الفئة الواعية انما تستخدم وسائل اللاعنف في نضالها المستمر والدؤوب ابتداءا من:

** المقاطعة والتبرم من تجنيد افرادها في قوى السلطة مهما كانت الضغوط المادية او النواقص الاخرى.

** استخدام الاعتصام والاضراب والعصيان المدني.

** توزيع المنشورات والضغط الاعلامي.

** الامتناع عن دفع الضرائب.

** التثقيف بمبدا اللاعنف كمبدا انساني لا ينقل المعركة بين افراد المجتمع انفسهم فيما يكون استعداد السلطة جاهزا لزج الاثنين في الصراع المرير وتغذية ذلك الاتون المستعر لكي يتزايد باستمرار. والى آخر الوسائل المعروفة والتي تدخل في نطاق العمل اللاعنفي السياسي وغير السياسي.

..................................................

المصادر/

1- الامام الشيرازي ـ نظرية اللاعنف

2- جان ماري مولر ـ استراتيجية العمل اللاعنفي

3- سعد الامارة ــ مجلة النبأ العدد 62

شبكة النبأ المعلوماتية- الجمعة 17 آب/2007 -3/شعبان/1428