مصطلحات نسوية: ثقافة الشباب، ثقافة الأجيال الجديدة

 ثقافة الأجيال الجديدة: Young Culture

شبكة النبأ: تمثل خطوط الأزياء والموسيقى واللغة والسلوك التي يتبعها الشباب موضوعاً للدراسات الأكاديمية والجدل الإعلامي منذ ظهور المراهقين الأثرياء في البلدان الغربية بعد الحرب العالمية الثانية، وتميل الدراسات الأكاديمية إلى التركيز على الشباب من الرجال، وتأتي أهم الأعمال البارزة في هذا السياق من مركز الدراسات الثقافية المعاصرة بجامعة برمنجام، حيث اهتم عدد من الكتاب في السبعينيات – مثل ديك هيبدايج – بدراسة جماعة "البانك" (المتشردين المتمردين) وأصحاب التقاليع الجديدة والمغرمين بموسيقى الروك، الأمر الذي أفرز مصطلحي "ثقافة الشباب" و"الثقافة الفرعية" اللذين كادا يكونان مترادفين، وفي الثمانينيات بدأت بعض الكاتبات النسويات مثل أنجيلا ماكروبي يرفضن تعريف "ثقافة الشباب" كنوع من الممارسة العامة، ويدخلن الطقوس الخاصة للشابات والفتيات في سياق هذا الجدل. فالحدود التي تحد ثقافة الشباب – خصوصاً باعتبارها سوقاً تجارية – تتسع لتتغلغل في مرحلة الدراسة الثانوية حتى وصلت إلى تلميذات المدرسة الابتدائية وإلى المهنيات الشابات في أواخر العشرينيات وأوائل الثلاثينيات من العمر، واللاتي أطلقت عليهن تسمية "الشباب في أواسط العمر".

متعلقات

شيوع ثقافة الصورة في ثقافة الشاب العربي(1) 

تشكل الصورة مفردة من مفردات اللغة غير اللفضية , ويحمل التلفزيون اللغة بجانبيها اللفظي وغير اللفظي , اذ هو يستعين بالصورة المؤتلفة مع رموز اساسية اخرى في لغة الاتصال .

ومع ان التعرض للصورة ليس امرا مستحدثا الا ان ظروفا جديدة تهيأت للصورة لأن تؤدي دورا اتصاليا اكبر ليس بسبب اتساع نسبة تعرض الجمهور لها حسب . بل من حيث اتساع اهتمام الهيئات الاتصالية بها , اذ ان هذه الهيئات المتمثلة بمصادر الاتصال تجد نفسها بحاجة اكبر الى ان تكون مقربة من مجريات الحياة لتصور الوقائع والموضوعات والاشخاص تلبية لمطالب اتصالية كثيرا ما تتضح لدى الجمهور , لذا فأن هناك مباراة حامية بين الهيئات الاتصالية لتقديم الصور , ضمن الرسائل الاتصالية عبر الوسائل المختلفة اشباعا لحاجات شتى ليس عبر الحاسب والسينما والتلفزيون فقط , بل من خلال الوسائط المطبوعة ايضا .

ويتطلب التنظيم المنهجي لدراسة تأثير الصورة في ثقافة الشباب والوقوف على ثقافة الشباب , والصورة , مفهوما وتطورا , تم تحديد العلاقة بين الصورة وبين تلك الثقافة .

- ثقافة الشباب :

يتأثر الشباب بثقافة المجتمع وما فيه من انظمة اجتماعية وسياسية واقتصادية بما في ذلك النظام الاتصالي , حيث ان اتصال الافراد عبر وسائل الاتصال الوطنية والوافدة يلعب دورا مهما في ثقافتهم .

لكن وسائل الاتصال ليست مصدرا وحيدا لتكوين الثقافة , فهناك عوامل اخرى متعددة , غير ان في بعض البلدان النامية التي يفتقر فيها المجتمع الى مراكز لصقل الثقافة , كالكتب وغيرها , يقع الثقل الاكبر فيها على الاتصال الجماهيري للقيام بمهمة تكوين الذوق الرفيع واغناء الثقافة .

ولكن ثقافة الشباب ليست مجموعة لهذه المكونات بقدر ما هي تعامل بينها جميعا بما يؤول الى انماط سلوكية , وعند ذاك تمسي ثقافة الشباب هنا طريقة حياتهم , كما ان كل عنصر من عناصر ثقافة الشباب يندرج في سلالم قيمية بحيث يكون لبعض القيم قوة كبيرة ولاخرى قوة اقل , وهكذا بالنسبة الى سائر مكونات الثقافة مما يسمى بانتظام الثقافة .

يظاف الى ذلك ان ثقافة الشباب في عناصرها وبنيانها ليست ساكنة بل ديناميكية , وهي تؤثر في سلوك الشباب وتتأثر به .

وبرغم كبر الهزات التي تعرضت لها ثقافة الشباب فأن هناك اتجاهات متباينة ازاءها اليوم , حيث ان هناك من يريد لتوجهات ثقافة الشباب العربي ان تناسب الاوضاع القائمة وان تحافظ عليها , وهناك من يريد لها ان تساهم في تغييرها .. وضمن هذه الحدود المتعارضة تعمل اجهزة التنشئة الاجتماعية والسياسية واجهزة الاعلام الوافدة لها توجهات اخرى مختلفة , وخاصة تلك التي تصل عبر سواتل القضاء : واذا ما ركزنا على الصورة الواصلة عبر تلك القنوات فانها تتخذ حدودا منها ما هي بعيدة كل البعد عن تلك التي يضعها المجتمع العربي للشباب .

- الصورة في وسائل الاتصال .

منذ ان ظهرت في الحياة البشرية الاجتماع الانساني لا بد ان يكون الاتصال , اي تناقل الافكار , قد برز الى الوجود , واصبح احدى الظواهر . واذا كان الانسان قد وصف بنعوت شتى , كالقول انه اجتماعي او سياسي او مدبر , فانه جريا على ذلك يمكن ان ينعت بانه كائن اتصالي . ومع انه لم يكن للانسان في المراحل الاولى من

حياته نظام لغوي متكامل , الا انه كان يستعين بالاشارات والحركات والاصوات والصور , وكل عنصر من هذه العناصر يشكل وحدة لغوية في عملية الاتصال .

وعلى اساس ذلك فأن اللغة ذات جانبين احدهما : لفظي ويطلق عليه اللغة اللفظية والاخر غير لفظي ويطلق عليه اللغة الغيراللفظية ويتمثل الاول في اللغة المنطوقة والمكتوبة بينما يتمثل الثاني في الحركات والاشارات والالوان والصور والظلال والايماءات والعلامات .

ومن هنا امكن تعريف اللغة , بانها نظام من الرموز المرئية او المسموعة , اللفظية وغير اللفظية , التي تستخدم في ترميز الرسائل الاتصالية الموجهة الى الاخرين بقصد استحضار المعاني لديهم .

واذا كانت الصورة منبين اقدم الوحدات اللغوية في الاتصال الانساني فهي ما تزال تشكل وحدة مهمة في مجمل حركة الاتصال اليوم وحين ظهرت وسائل الاتصال الجماهيري , كالكتاب والصحيفة والسينما والتلفزيون , قاد ذلك الى انعطاف واسع في في استخدام الصورة في الاتصال بانماطه المختلفة , ليس بقصد المعاونة على نقل المعاني حسب , بل من اجل زيادة فاعلية وسائل الاتصال الجماهيري نفسها في اداء وضيفتها الاخبارية , الترفيهية , والتثقيفية . فضلا عما تضيفه من تشويق وجاذبية واثارة ووضوح . وقد ظهرت الصورة في الكتب منذ وقت مبكر , ثم ظهرت في الصحافة , رسوم كرتونية وواقعية وفوتوغرافية ولعبت دورا مهما الى جانب الكلمة المطبوعة , وازداد بفضلها الاقبال على الصحف , حيث برز دورها كاحد متطلبات الخبر على اساس انها شاهد يعبر عما يجري من احداث كما انها تساهم في التعريف عن الاشخاص ,

وتعطي الشكل او الهيئة عما هو غير مألوف , مع ابراز تفاصيل تتطلبها الرسالة الاتصالية , اذ ان ادراكها اكثر يسرا من ادراك المادة المطبوعة , فضلا عما لها من جاذبية في كثير من الاحيان .

وكان للصورة دور مهم حين كانت السينما صامتة , اذ امكن من خلالها التعبير في مواقف مشهودة عن كثير من المعاني بدقة ووضوح . ويشار الى ان فلم العصر الحديث لشارلي شابلن رغم ان التمثيل فيه كان صامتا الا انه امكن الافصاح فيه بشكل واضح عن مضمون الفلم القائل ان العالم الحديث يحطم الفرد وليس هناك مكانة للشخصية الحرة المتمثلة بالحيوية في عالم تسيطر عليه الآلات واصحاب الاعمال والبوليس .

وكان شارلي شابلن من اوائل الذين ابدوا الحسرة حين نطقت الصورة في السينما .

ويعد التلفزيون الوسيلة ا لاكثر شيوعا التي جمعت بين مجمل رموز اللغة بما فيها الصورة مما وفر له القدرة على اداء التجسيد الفني للافكار والموضوعات بكفاءة عالية .

ويشكل الاتصال الفضائي الدولي انعطافة كبرى في استخدام الصورة في الحركة العابرة للحدود , حيث تشكل الصورة وحدة اساسية من وحدات لغة التلفزيون .. ولكن رغم كل ما يقال عن اهمية الصورة في عملية الاتصال فهي وحدهاغير كافية لتحقيق اغراض اساسية في العملية الاتصالية , لذا فان ائتلاف الصوت والصورة معا كان عاملا في فاعلية الرسالة عبر التلفزيون .

ومع ذلك من الممكن لعنصر رمزي في النظام اللغوي ان يكون ذا فاعلية اكبر في هذه الوسيلة او تلك , وهذا ما يتضح في التلفزيون الذي يظهر فيه كبر دور الصورة ليس من حيث تعبيرها عما يضمه مضمون المادة التلفزيونية فحسب , بل من حيث اشغالها لانتباه الجمهور , حيث ان النظر الى التلفزيون امر ميسور لا يستلزم جهدا , بينما يتطلب الاستماع للصوت انتباها و انصاتا .

ومن هنا ارتبط مضمون التلفزيون بثقافة الصورة , اي بما يمكن للتلفزيون ان بشكله من مضمون ثقافي لدى الجمهور نتيجة التعرض للمادة التلفزيونية , حيث يقود التلفزيون بمواده المصورة الجاهزة الى تكوين عناصر ثقافية لدى اكبر عدد من الناس قد لا تكون عميقة بمستواها الا انها واسعة في مساحتها دون ان يتوفر ما يربط بين تلك العناصر , حيث تتبلور تدريجيا نتيجة التفرج على التلفزيون .

- صورة ثقافة الشباب

بعد ان استعرضنا مفهوم ثقافة الشباب وعوامل تكوينها , وخصائص الصورة , باعتبارها احدى الوحدات الرمزية الاساسية في لغة التلفزيون , نعرض فيما يلي ابرز احتمالات تأثير التلفزيون في جانبين اساسيين من ثقافة الشباب هما : مضمون ثقافة الشباب , وبنيانها , من خلال المحاور التالية :

1- انتشار التفكير بالصور

يمارس الانسان الاتصال مرسلا ومستقبلا من خلال لغة الكلام التي هي لفظية اضافة الى لغة اخرى هي ما يسمى باللغة الغير لفظية , وعلى هذا اذا كانت اللغة اللفظية وعاء للفكر فأن اللغة غير اللفظية تعد وعاء اخر له , حيث اتيح للانسان بفضلها ان يفكر من خلال الاشكال والاشارات والاصوات والالوان والحركات .

وهنا من الممكن الاشارة الى التفكير بالصور , حيث ان التلفزيون يبادر الى تقديم الصورة التلفزيونية , مما لا يتيح بقدر كاف للمشاهدين تكوين صور ذهنية عن الاحداث والافكار او لا يحفز على ذلك ما دام التلفزيون يقدم صور جاهزة , الامر الذي يقلل من حجم ونوع التفكير والتخيل , على اساس ان هاتين العمليتين العقليتين تنطويان على تكوين صور ذهنية . ومن هنا كان الفرق واسع بين القراءة ومشاهدة التلفزيون , حيث ان القراءة تتيح للقارئ ان يكون صورا ذهنية ويمارس عمليات عقلية في مقدمتها التفكير والتخيل .

2- كثيرا ما تكون الصور التلفزيونية مليئة بتفاصيل كثيرة , ذلك ان عملية التصوير التلفزيوني معقدة , وغالبا ما تكون ظروف التصوير دقيقة وخاصة تلك التي تنقل الاحداث والوقائع وحيث ان الهيئات التلفزيونية غير قادرة على اظهار تفصيلات دون اخرى الا وفقا لاعتبارات وظروف محددة و ممكنة , لذا فان ذلك يقود الى اشغال المشاهد بجوانب وموضوعات هي في عداد التفصيلات غير الاساسية – في الغالب – اي ان الاقتصاد غير قائم في كثير من الصور التلفزيونية , بينما يتضح الخبر جليا في الخبر المطبوع .

ومن جانب اخر , فانه حتى سنوات قليلة ماضية كانت الصور التلفزيونية موضع ثقة الجمهور الى حد كبير حيث يرى فيها صورة صادقة في تعبيرها عن الواقع , الا ان التمادي في عرض المؤثرات الصورية والخدع السينمائية في العمل التليفيزيوني قلل – الى حد ما – من مصداقية الصورة التلفزيونية .

وعلى هذا فانه في الوقت الذي يمكن للشباب ان ينشغلوا بتفصيلات عن الاحداث والافكار والمعاني , وفقا لميولهم وخبراتهم واتجاهاتهم السايقة , او وفقا لتطلعاتهم المستقبلية , فأن من الممكن ايضا ان يقل اكتراث بعض الشباب بكثير من الموضوعات التلفزيونية وقد يميل البعض منهم الى التشكيك في صحة بعض الوقائع عبر التلفيزيون مما يشكل تاثيرا في ثقافة الشباب .

3- الميل الى الاستهلال في الحصول على المعلومات

تقدم الصورة جوانب ثقافية بأسلوب سهل الاستقبال , حيث لا يستوجب التعرض للتلفزيون جهدا كبيرا , وغالبا ما تبدوا الثقافة التي يبثها التلفزيون سطحية, لذا ما تزال توجه الى التلفزيون الاتهامات بانه وراء شيوع كثير من انماط السلوك غير المسؤول والذي ينم عن اللامبالاة بين قطاعات واسعة من الشباب , ويشار الى ان التلفزيون , وثقافة الصورة فيه , تجعل الاطفال والشباب يعتادون على التلقي السهل المضمون , ويعد التلفزيون واحدا من العوامل التي تحد من رجوع نسبة عالية من الشباب الى الكتب ذات المضمون الفكري العميق , وبهذا , يكون التلفزيون والصورة فيه , عامل تأثير في عناصر ثقافة الشباب وفي بنائها . 

المنتدى الثاني للشباب العربي

"ثقافة الشباب والإصلاح"(2)

ينشغل الشباب العربي، وخاصة خلال الفترة الأخيرة، بمناقشة بعض الموضوعات والتي تتعلق بالأوضاع الراهنة في المنطقة العربية وخاصة ما يحدث حاليا في فلسطين والعراق ولبنان والسودان والصومال...إلخ. وما يرتبط بهذه الأوضاع من مشاكل أخرى لها علاقة بالعالم الخارجي وخاصة في الغرب.

ويرى كثير من الشباب أن الأوضاع السائدة في المجتمع العربي ترتبط بالثقافة السياسية السائدة وقضايا الانتماء والهوية، وما يشعر به بعض الشباب من وجود عدم المساواة في المجتمع، وإقبال الشباب على الهجرة من أوطانهم بسبب فقدان الأمل في المستقبل وإحساسهم بعدم وجود فرص حقيقية لصنع مستقبل أفضل لهم، وشيوع بعض المفاهيم السلبية مثل الفهلوة وعدم القدرة على اتخاذ القرار بالنسبة للبقاء أو الهجرة علماً بأنه، وفي معظم حالات الهجرة، تكون القرارات غير مبنية على حقائق ومعلومات أو فرص عمل حقيقية مما يعرض الشباب إلى مواجهة حياة صعبة أو التعرض إلى مصادمات قانونية سواء في أوطانهم أو في البلاد الأخرى التي يسعون إلى الهجرة إليها.

كذلك، يسود بين الشباب حاليا قيم وسلوكيات سلبية، وهو الأمر الذي يجب أن يفرض مناقشة موضوع القيم والسلوك بين الشباب، وما يتعلق بذلك من مفاهيم الحقوق والواجبات والتي لا تكون محددة وواضحة، ومسئولية الشباب تجاه أنفسهم وأوطانهم وكذلك تجاه الآخر خارج أوطانهم، وكيفية التواصل مع الآخر من خلال ثقافة الحوار وقبول الاختلاف، وتفعيل دور الشباب في القيام بأنشطة تساعد على تحقيق هذه الأهداف، وخاصة من أجل نشر ثقافة السلام القائم على العدل والبعد عن العنف، وتبني ثقافة التسامح والتي تقوم على القبول الاختياري والاقتناع، وليس على الزجر أو الإذعان.

 

كذلك العمل على تدعيم الأنشطة التي يمكن أن تساعد الشباب في تحقيق هويتهم وتأكيدها من خلال المشاركة بالعمل، وخاصة العمل التطوعي، داخل مجتمعاتهم المحلية أو في أوطانهم أو في خارج الأوطان، وذلك بهدف تحقيق التفاهم والتعايش مع الآخرين حتى يسود السلام، بدلا من الصراعات والحروب، والذي لن يتحقق إلا من خلال زيادة مشاركة الشباب في المؤسسات القائمة، وبصفة خاصة منظمات المجتمع المدني والتي يتاح فيها للشباب فرص مناقشة موضوعات تتعلق بمستقبل حياتهم مثل زيادة توفير فرص العمل الحر، ومناقشة مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان والحكم الرشيد وحدود الحريات ومستوياتها.

وبناء على الآراء التي أبداها الشباب، فقد تم الاتفاق على أن يركز الملتقى الثاني للشباب العربي على قضايا الإصلاح الاجتماعي، من خلال التركيز على الجوانب الثقافية، وذلك على اعتبار أن جميع أشكال السلوك يعتمد على منظومة القيم والمعايير الموجودة في المجتمع. لذلك، يهدف المنتدى الثاني للشباب العربي إلى تسليط الضوء على عدد من القضايا الثقافية التي يعتبرها الشباب هامة، وإتاحة الفرصة للشباب العربي لمناقشة هذه القضايا وعرض وجهات نظرهم المختلفة بشأنها، واقتراح البرامج وخطط العمل التي يمكن للشباب أن ينفذونها للوصول إلى تحقيق التغيير المنشود. وعلى هذا الأساس يتناول المؤتمر عدداً من المحاور التي تناقش الموضوعات التالية:

المحور الأول: الشباب وثقافة التنمية الاقتصادية والعمل الحر

يهدف هذا المحور إلى إبراز فكر الشباب بشان مفهوم العمل وأخلاقياته مع التركيز على فكر العمل الحر وثقافة المبادرة، وما يعكسه ذلك من قيم الاعتزاز بالذات، والاعتماد على النفس، والاستقلال، مما يتطلب معرفة مدى وجود هذه القيم بين الشباب العربي، وإلى أي مدى مازالت فكرة التوظيف الحكومي هي السائدة بين الشباب. كما يناقش هذا المحور أيضاً المعوقات التي تحول دون تفعيل هذه القيم، مع عرض لبعض تجارب الشباب في مجال العمل الحر، وبعض قصص المبادرات التي قام من خلالها الشباب بتنفيذ بعض المشروعات. مع مراعاة إبراز المعلومات الأساسية عن اسم المشروع وصاحبه، رأس المال الذي تطلبه المشروع في البداية، كيف نشأت عنده فكرة المشروع، وكيف كانت ردود الأفعال من جانب المحيطين به، وخاصة من أسرته وأصدقائه وبقية المجتمع الذي يعيش فيه، مع توضيح الإطار القانوني الذي تأسس عليه المشروع، وهل كانت هناك مشاكل أو صعوبات قانونية، أو اقتصادية، أو اجتماعية، والطريقة التي تعامل معها لاجتيازها والتغلب عليها. هذا بالإضافة إلى تقييم المشروع، وما إذا كانت هذه النتائج متوازية مع الأفكار والطموح عند بداية المشروع، والدروس المستفادة التي يمكن أن يتعلم منها الآخرون من خلال هذه التجربة، وهل ينصح صاحب المشروع شباب آخرين بدخول مجال العمل الحر، ولماذا.

المحور الثاني: دور التعليم والتدريب في اكتساب المهارات

أصبح من المتفق عليه أن مخرجات النظام التعليمي في معظم البلاد العربية لم تعد تتفق مع سوق العمل وما يطرحه من وظائف. الأمر الذي يتطلب تطويراً للنظام التعليمي بما يتوافق مع متطلبات السوق، وقيام الجامعات ومنظمات المجتمع المدني ومراكز التدريب بالعمل على إكساب هذه المهارات.

يلعب التعليم والتدريب دوراً أساسياً في مساعدة الأفراد لاكتساب العديد من المهارات اللازمة لسوق العمل، وبالطبع يتوقف ذلك على مضمون برامج التعليم الذي تقدمه أنظمة ومؤسسات التعليم، وخاصة ما يتعلق منها بالمهارات المعرفية التي تتعلق بالعلوم والتطبيق والقدرات الاستنباطية وكذلك القدرات الخاصة بتوظيف المعلومات في بيئة العمل، والقدرة على استخدام التقنيات الحديثة وتحقيق أفضل استفادة من الموارد المتاحة، بالإضافة إلى أهمية المهارات التي تتعلق بقدرات الاتصال والتفكير النقدي، والابتكار، وقدرات تقديم الحلول للمشكلات والعمل كفريق، وقدرات أخرى تتعلق بمهارات التفاوض والقيادة، التي تساعد في تحسين فرص حصول الشباب على وظائف في سوق العمل

ويقع على الشباب أنفسهم دوراً أساسيا في السعي لاكتساب المهارات المطلوبة وتحديد ما يحتاجه من هذه المهارات من خلال التعليم والتدريب في داخل وخارج المؤسسات التعليمية النمطية أو غير النظامية مثل الانترنت والتعليم عن بعد والتعليم المستمر أو مدى الحياة. وأن يختار الشباب، بناء على المعلومات المتوفرة، المهارات التي يحتاجها سوق العمل، الطريقة التي يمكن للشباب من خلالها اكتساب هذه المهارات.

 المحور الثالث: علاقة الشباب بالسلطة والمجتمع

يزداد الاعتراف بأهمية الشباب في تشكيل المستقبل بالإضافة إلى ضرورة توفير المناخ اللازم وإعطاء الفرصة للشباب للمشاركة في مختلف الجوانب. كما أن الشباب يعتبر من أهم العناصر البشرية في سبيل إحداث التطوير والتغيير، وترجع أهمية مساهمتهم لسبب ما يمثله الشباب من طاقات غير محدودة يمكن الاعتماد عليها، إذا ما أحسن توجيهها في مناخ صالح لرعاية هذه الطاقات.

ويحظى موضوع علاقة الشباب بالسلطة بكافة أشكالها باهتمام عدد كبير من الباحثين وخبراء التنمية لأن الشباب بطبعه لديه نزوغ لإثبات الذات والرغبة في التجديد والتميز. ومن ناحية أخرى يواجه الشباب ببعض نظم المؤسسات في المجتمع التي تسعى إلى قولبتهم وفقاً للتصورات التي تضعها، والتي تهمل في كثير من الأحيان القدرات الخاصة بالشباب واهتماماتهم مما يؤدي في النهاية إلى وجود حواجز تفصل بين الشباب وبين ما يحدث في المجتمع.

كما أن هذه النظم، وفي كثير من الأحيان، تحول بين الشباب وبين التعبير عن ذاته. لذلك يجب دراسة كل المؤسسات الموجودة في المجتمع لمعرفة أثر كل منها على تنشئة الشباب، وفحص الأسباب التي تؤدي إلى الاغتراب أو عدم انتماء الشباب لأوطانهم، وفقدانهم القدرة على الإبداع، وعدم المشاركة أو المبادرة بالتطوع، وفي نفس الوقت دراسة وفحص الطرق التي يمكن للشباب من خلالها تجاوز هذه التحديات والمشاكل، وما هو دور مؤسسات المجتمع في تحقيق ذلك تفادياً لشعور الشباب بعدم القدرة على التغيير وان المعوقات أكبر منهم، وهو الأمر الذي يؤدي إلى الاغتراب السياسي، أو الهجرة المادية، أو الهجرة الزمنية، أو الهروب للمخدرات وخلق عالم خاص بهم، أو إلي عزوفهم عن المشاركة أو العمل التطوعي.

المحور الرابع: صورة العرب لدى الغرب

     تلعب الصور الثقافية السائدة في المجتمعات المختلفة، والتي يتم تبادلها بين الشعوب، دوراً كبيراً في التأثير على العلاقات الاجتماعية بين هذه الشعوب بعضها والبعض الآخر، وإنه بسبب ثورة المعلومات وسرعة انتقالها من خلال الفضائيات، وغيرها من الوسائل مثل الانترنت؛ وما يسود العالم حالياً من فهم خاطئ بين الحضارات المختلفة، والتي يحاول البعض أن يروج لها ، مما يسيء في مستوى التفاهم والحوار بين العرب والغرب، وخاصة المحاولات التي تحدث لربط العرب والإسلام بالإرهاب، وضرورة العمل على تحسين صورة العرب لدى الغرب وإتاحة الفرصة لمزيد من الحوار والتفاهم والتقبل. لذلك كله، تتأكد أهمية بذل الجهود المختلفة من أجل الحوار والتفاهم بين الشعوب والحضارات المختلفة، وخاصة ما يمكن أن يقوم به الشباب ووسائل الإعلام في هذا المجال، مع التأكيد على أن هناك نماذج جيدة وإيجابية يقوم بها عدد من الأفراد من مجتمعات مختلفة وخاصة من الشباب. وفي مقابل ذلك يوجد عدد آخر من المواقع المضللة على شبكة الانترنت، والتي تثير الفتنة وتزيد من سوء الفهم بين الشعوب، ولذلك يجب الكشف عن هوية وأهداف هذه المواقع ومحاولة التصدي لها هن طريق الحوار والمناقشة وتقديم الحقائق السليمة.

ويهدف هذا كله إلى التأكيد على قيمة الحوار بين الحضارات والثقافات، وان هناك قواسم مشتركة، وان العلاقة الصحيحة بينها هي الحوار والتواصل وليس الصراع والتناقض.

التفاوت الثقافي بين الأجيال في المجتمع المديني السوري

دراسة سوسيولوجية ميدانية في ثقافة الشباب السوري(3) 

 بحث لنيل درجة الدكتوراه في علم الاجتماع

إعداد: طلال عبد المعطي مصطفى

إشراف الدكتور: عبد الكريم اليافي

والدكتور عدنان مسلم

جامعة دمشق

هدفت هذه الدراسة إلى معالجة موضوع التفاوت الثقافي بين الأجيال في المجتمع الديني السوري أستناداً إلى دراسة سوسيولوجية ميدانية في ثقافة الشباب السوري في مدينة دمشق وبالتالي أستندت هذه الدراسة على مفهومين أساسيين:الأول الثقافة والثاني الشباب.

والثقافة من المفاهيم السوسيولوجية التي لقيت اهتماماً واسعاً في الوقت الحاضر فقد استخدمه الأديب والفيلسوف والسياسي كما استخدمه الأنتربولوجي والمؤرخ وعالم الاجتماع وفق المنظور الذي يناسب تخصصه ونظراً للعلاقة الوظيفية بين الثقافة والمجتمع فقد شكل مفهوم الثقافة أحد المفاهيم الأساسية في علم الاجتماع ولكن نظرا لاتساع ميدان علم الاجتماع في الوقت الحاضر وكثافة البحوث الميدانية والنظرية على مستوى مختلف فروعه التخصصية فقد بدأت بعض مفاهيمه تتخذ لنفسها قنوات مستقلة أوفروعاً تخصصية في نطاق علم الاجتماع العام وفي مقدمتها مفهوم الثقافة.

أما المفهوم الثاني الشباب وقد لقي اهتماما واسعا حتى أضحى ظاهرة عالية كما للشباب دور بارز مميز في مسيرة المجتمع النمائية باعتبار القطاع الأكبر والحيوي في مجمل التركيبة المجتمعية وذلك أن الاهتمام به يعد مؤشرا على اهتمام المجتمع بمستقبله الذي سيكون به ومن خلاله ويحتوي الفصل الأول من هذا البحث الاتجاهات النظرية الرئيسية في علم الاجتماع والتي تناولت موضوع ثقافة الشباب وقد تضمن:

أولاً: الاتجاه الوظيفي لدراسة ثقافة الشباب وبيّن فيه الباحث محور اهتمامه في دراسة ثقافة الشباب من خلال تأكيده على ضرورة تفسير الظواهر الاجتماعية والنظم في ضوء ما تهتم به في تحقيق الثبات والتوازن الاجتماعي.

ثانياً: اتجاه الحركة الجيلية وصراع الاجيال ويعد(كارل مانهايم) من أبرز ممثلي هذا الاتجاه من خلال استناده إلى فكرة الوحدات الجيلية في رؤيته لمشكلات الفجوة بين الاجيال.

ثالثاً: الاتجاه النفسي الاجتماعي ويعد(كينيث كنيستون) من أبرز ممثلي هذا الاتجاه وينفرد هذا الاتجاه بالنظرة إلى مرحلة الشباب كغيرها من مراحل الحياة الأخرى على أنها مرحلة انتقالية.

رابعاً: اتجاه الثقافة الفرعية ومن أبرز ممثلي هذا الاتجاه كل من(ماكلاغ لي وجوردن وريمون فيرت وسوينجورد) وعرضنا فيه لأهم المتطلبات الرئيسية لدراسة الثقافة الفرعية والخطوات التي عبر بها هذا الاتجاه لدراسة ثقافة الشباب.

أما الفصل الثاني ويحتوي كل من مفهوم الشباب والثقافة.

أما الفصل الثالث فقد تناول الحركة الشبابية والمعطيات الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع السوري المعاصر وقد تضمن:

أولأً: المعطيات الاقتصادية الاجتماعية والثقافية في أواخر الحكم التركي.

ثانياً: المعطيات الاجتماعية والثقافية في فترة الإنتداب الفرنسي 1920- 1924.

ثالثاً: المعطيات الاقتصادية الاجتماعية والثقافية في فترة ما بين 1945- 1962.

رابعاً: المعطيات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في فترة ما بين 1963- 1998.

خامساً: الشباب وإشكالية الاندماج في المجتمع السوري وأبرز فيه الظاهرة الاساسية لممارسة الشباب لثقافتهم.

الفصل الرابع تضمن الإجراءات المنهجية في التصميم والتنفيذ وقد أحتوى مايلي:

1- الفروض العلمية المسيرة للدراسة الميدانية.

2- المفاهيم الأساسية التي تتضمنها الدراسة الميدانية.

3- مجالات الدراسة الميدانية.

4- المجتمع الأصلي والعينة في الدراسة الميدانية.

5- الطريقة المتبعة في الدراسة الميدانية.

6- حملة جمع البيانات في عملية تفريغ البيانات وتصنيفها.

أما الفصل الخامس فقد أشتمل على عرض النتائج وتحليلها ومناقشتها.

وفي الخاتمة عرض الباحث لأهم النتائج التي توصل إليها حيث كشفت النتائج الميدانية عن أن العلاقة بين الشباب والأدباء في مجال التفاعل الأسري ذات أبعاد إيجابية بشكل عام وهذا يعود إلى التماسك الأسري بنائيا ووظيفياً ولاستمرار الأسرة السورية في إشباع احتياجات الشباب مادياً وعاطفياً كما أظهرت النتائج ميل ثقافة الشباب مسايرة لثقافة الأدباء في تأكيدها على النزعة الأسرية من خلال تأكيدها على ضرورة مشاركة الشباب في تحمل أعباء معيشة الأسرة.

كما أكدت صورة الذات في ثقافة الشباب والأدباء عددا من الملامح الأساسية لشخصية الشباب السوري بالمقارنة بالشباب الغربي أظهرت النتائج ميل ثقافة الشباب إلى التميز عن عالم الكبار من خلال تكوين جماعة الأقران الخاصة بهم المستندة إلى التوافق بالآراء وثقافة الشباب في سورية تتجه إلى حل المشكلات الأسرية والمجتمعية لاثقافة تثير المشكلات مشكلات خارجة عن إرادتهم تتعلق بالواقع المعاش وبالتالي نستطيع القول بأنه لا يوجد أزمة مستعصية الحل بين الشباب والكبار أو ما يمكن تصوره من هوة بين الجيلين إنما الحاصل هو اختلاف في الرؤية بين الجيلين.

أي ثقافة للشباب في مواجهة التحديات(4)

تندرج هذه المداخلة في سياق استشراف ما يمكن أن نضيفه إلى الجهود القائمة في مستوى تهيئة المستقبل للشباب في تونس وليس في سياق البحث عن حلول لوضعية تستوجب ردّة فعل أو تحركا ما من وجهة نظر التأطير والبرمجة التي يمكن للجمعيات والمؤسسات والهيئات أن تقترحها وتتابعها أو كذلك من وجهة نظر الشباب نفسه كفئة هي الهدف وهي كلّه الرّهان.

هذا ما يجعلنا نشير إلى أهمية التركيز على الاصطلاح ذاته، الإستشراف الذي نقصد به التحسّس والرؤيا، أي التبصّر والتطلع إلى المستقبل مع الأخذ بعين الإعتبار لجميع المتطلبات والمتغيرات في ضبط برنامجه. وهو ما تعوّدنا عليه في تونس العهد الجديد إذ تأسست أركان الحوار مع الشباب من أجل صياغة برنامج مستقبلي يعطي لتطلّعات هذه الفئة أولوية هامّة.

إننا وعندما نطرح مسألة الشباب وعلاقته بالثقافة أمام التحدّيات (فإننا) نعني عنصرين هاميّن وهما أوّلا الثقافة وبالأخصّ المنتجة والمروجة من طرف الشباب وثانيا التحديات، فما هي هذه التحديات وكيف يمكن لنا أن نترصّد نوعيتها وأشكالها وتفاصيلها إن أمكن ذلك ؟ وبماذا سوف نتعامل في صلب الثقافة الشبابية مع متطلبات الرّاهن ؟ وبصورة أوضح كيف يكون وجه ثقافة الشباب وأشكالها في ظلّ ما يتوفر من رهانات وطنية إزاء التحديات محليا ودوليا.

لذلك سوف نتطرّق إلى الهوية كعنصر حيوي متحرك يتمّ من خلاله الحفاظ على الخصوصية المحلية وعلى تماسك أسس المجتمع، كما نتطرق إلى المثاقفة المعاصرة وما تطرحه من انفتاح على القيم الإنسانية المشتركة ونتصوّر بالتالي تفاعل الشباب مع سلم المتغيرات العالمية.

لقد تغيّرت عديد المعطيات في مستوى التبادل بين الأفراد والمجموعات وذلك في جل مجالات الحياة. وسمحت التغيّرات العالمية الجديدة بتكثيف التبادلات كمّا ونوعا مخترقة بأدوات التكنولوجيا وبإستراتيجيات العولمية كلّ أشكال الحدود والموانع. وأصبحت المعلومات والمنتوجات من هذا المنطلق في حركة سريعة تعكس التطوّر الحاصل في المنظومات العالمية وتؤكد هشاشة بعض الأنظمة المحافظة والمنكمشة بدعوى التحصين ضدّ أي غزو ثقافي من شأنه أن يمحو الهوية الوطنية أمام ظاهرة العولمة التي اختزلتها العديد من الأطراف في إدارة الهيمنة لحضارة ما على بقية الحضارات الأخرى.

على هذا الأساس الذي حدّدناه، أي من منطلق الإستشراف المقترن بالمبادرة نسعى إلى تحديد تصوّر لثقافة الشباب من خلال طرح مسألة الهويّة في تجادلها مع المثاقفة المعاصرة. ونذهب في ذلك إلى تصوّر لا يجعل من العولمة عائقا من عوائق التنمية بقدر ما يسعى إلى توظيف ما قدّمته الثورة المعلوماتية من معطيات ومن آليات من شأنها أن تساهم في إرساء ثقافة راسخة في هويتها ومعاصرة في شكلها وأصيلة في عمقها الحضاري.

من الخطأ أن نعتبر الهويّة مفهوما جامدا لأنها في صيرورة وتغيّر، أي أنّها لا تخضع لمقوّمات الثبات والجمود فالتاريخ والتراث في تقاطع واضح والخصوصية تقف على الضفّة الأخرى من الكونية والحداثة لا تتطابق مع الهوية بل تشكّل عاملا من عوامل تحرّكها بما أن الحداثة إختراق للسكون. ومن الخطأ أيضا أن نجعل من الهوية محور صراع في عملية المثاقفة المعاصرة ذلك أن التصوّر الجامد للهويّة لا يؤدّي إلى إقصائها. وهذا ما يتطلب رؤية براغمتية للثقافة، تجعل من الفاعلية السّريعة وسيلة وهدفا ومن الهوية عاملا حيويا مميّزا للخصوصية والمحلية التي تنتصب مرادفا موضوعيا للعالمية أو للكونية.

إن هذه البرغماتية التي نتحدث عنها هي التي تجعل من الخصوصية قائما دون مطلبية ملحّة تنفيه بل، تستدلّ به من خلال اعتباره عنصرا من عناصر الحاضر وتكييفه عبر المرونة المرجوة.

إنّ المسألة حسب رأينا ليست مسألة تحدّيات فقط، أي ليست شكلية صرفة تقتضي تقابل قطبين متكافـئين أو غير متكافـئين بل المسألة كامنة في الثقافة التي يمكن أن تتحوّل إلى فاعل رئيسي يجعل من التبادل القيمي والحضاري بابا رئيسيا من أبواب الإشتراك مع الآخر.

ووفق ما ضبطناه سابقا من تغيّر لمعطيات التبادل يصبح الآخر قيمة مطلقة، غير محدّدة، فلا هو الغرب الأوروبي ولا هو الغرب الأمريكي ولا هو أقصى الشرق الآسيوي أو أقصى الشرق الأوروبي، الآخر وبكل إختصار هو الوافد الذي يحمل عوامل من شأنها أن تغيّر أو أن تساهم في تغيير الشأن الدّاخلي. وعليه لا بدّ أن نقتنع بأنّ الآخر ليس مأزقا ولا غولا في حالة هجوم. ومن هذا المعطى نجد أنفسنا أمام طرح آخر للمسألة هو طرح محتوى الثقافة واستراتيجيتها لتجعل من الداخل عامل تضامن محلّي يساند الذات (ذات الشباب) و(ذوات الشبان) من أجل الوقوف بنديّة وبمسؤوليّة أمام الذّوات الأخرى.

فما هي إذا أوجه هذه الثقافة ؟ وكيف نراها ؟

نقترح إذا في هذا المضمار التركيز على الأسس والأركان التي نراها قابلة للتطبيق وفق الإمكانيات المحلية ووفق ما جاءت به مبادرات سيادة الرئيس زين العابدين بن علي من تشجيع على تحفيز الشباب على الخلق والإبداع.

أوّلا : ثقافة المبادرة : وهي نافذة (نقصد هنا المبادرة) رئيسية يجب أن تكون ذات أولوية من منطلق اعتبار الثقافة فعلا خلاقا وإبداعيا لا يرتهن إلاّ للإرادة، التي توفرت على مستوى رفيع جسمته القرارات والمشاريع الرئاسية الضخمة وفي هذا الصّدد نستحضر سياسة سيادة الرئيس من تشجيع للجمعيات وللمؤسسات بحيث تكفل الدوّلة الأطر القانونية والتشجيعات الرئيسية ويبقى للهيئات وللمواطن (الشاب خصوصا) هامش واسع من مجال المشاركة برأس المال الضروري وهو الكائن البشري. فمشروع صندوق 21/21 المرصود للشباب وكذلك قناة 21 والإستشارة الشبابية ومشروع مدرسة الغد وإعادة إدماج المخرطشين في الحياة الجامعية ليست إلا دعوة مباشرة وصريحة لتعميم ثقافة المبادرة في الأوساط الشبابية، فسنّة الحوار وتنظيم الإستشارات الشبابية مع كل مخطط تعدّ من أبواب الممارسة الديمقراطية التي لم ترق إليها دول تعد متقدمة، ولنا في مجلة حقوق الطفل برهانا على احترام شاب الحاضر والمستقبل وعلى تفضيله وإن جهودا مثل هذه من شأنها أن تمتّن علاقة الشاب التونسي بوطنه وتحفّزه على العمل بيسر في ظلّ آفاق مفتوحة وسبل منظّمة لا تنتظر منه إلاّ المبادرة فحسب. فمع الإرادة السياسية نرى أنه من الواجب التركيز على بعث روح المبادرة في الشباب، المبادرة الثقافية التي تحمل حصانتها الضمنية من خلال ما تكفله ميكانيزماتها من إنتماء لا لبس فيه، إنتماء إلى تونس بعروبتها وإسلامها وتاريخها دونما شوفينية أو تطرّف.

ونعتقد أن المبادرة كمضمون ثقافي كفيلة بان تجسم التوجهات الواردة في البرنامج الإنتخابي لسيادة الرئيس زين العابدين بن علي ومنها النقطة 19 وهي ثقافة للجميع تشجع على الإبداع وتواكب العولمة. وهي التي تتضمن النقطة 17 التي تتولى "شباب يستعد لمستقبل واعد" وعبر ما تعرضنا إليه يصبح سؤال الثقافة هو سؤال المبادرة التي أرساها بن علي في سلوكه منذ أن كان رئيسا لجمعية الشباب المثقف بحمام سوسة سنة 1955 بالذات. إن المرور عبر المؤسسات والجمعيات الثقافية ضامن للشباب بأن يعي الأبعاد الرئيسية لحضارة هذا الوطن خارج الأطر الديماخوجية التي أعلنت إفلاسها بمجرد اصطدامها بواقع يتطلب المرونة والتسامح والتجاوز.

ثانيا : الهوية بإعتبارها محتوى ثقافيا متجدّد الشكل والظهور. نحتاج إلى التثبت في مسالة الهوية وطرحها، ليس من منظور أنها مطلب مهمّ وجب ويجب النضال من أجله، بل من منظور أنها معطى مكتسب ضمنيا وجب تنمية الإحساس به وتقوية العلاقة معه وتمتينها بمحتويات تحرّكها من صورة جامدة إلى صورة عصرية. هي الصّورة التي لا تقطع مع الوافد بتبنيه أو برفضه. وقد جسمت القرارات الرئاسية التي أعادت الإعتبار لجامع الزيتونة ولجامعة الزيتونة اعتبارهما وأولوية حضورهما والتي نصّت كذلك على هوية البلاد بأكملها هذا التوجه المنفتح على الجذور في نفس الوقت الذي يتطلّع فيه إلى المستقبل باطمئنان ولعلّنا بنظرتنا إلى ما أولته التربية والتعليم والتكوين من أهمية لهذا الطرح من خلال هيكلتها الحديثة. نحتاج إذا إلى طرح الهوية كشأن داخلي تتمتن من خلاله العلاقات بين فئات الشباب في مختلف الجهات كي تلتحم الإمكانيات بروح المواطنة، لأن الهوية في حدّ ذاتها مفتاح لأبواب التضامن الإجتماعي والثقافي معا، فالعمل الثقافي المتشبع بروح المبادرة وبالهوية المبنية على المواطنة هو العمل الثقافي الذي لا يسقط رايته بل يتكفل بها ويعطي لمحتوياتها بعدا متجدّدا ضمن مسار التغيير والتحوّل وذلك دون شعارات خير تأمين للحدّ الأدنى من الوجه الحضاري المأمول لبلد مرّت به إمارة العالم القديم حين كانت قرطاج تحكم عرض المتوسط.

من هنا تأتي المثاقفة التي لن تكون خطرا بل عامل إثراء مدفوع بالتنافس النزيه وبالتسابق نحو الجدارة بالأفضلية. فالحدود التي نعرفها بالأمس انتفت وجعلت من السّرعة فاعلا رئيسيا في التعامل مع الآخر، ومن هذا المعطى يصبح رهان الهوية مرتبطا بتفعيل حيثياتها. وهو ما يساهم في تدعيم الثقة في النفس ويدفع نحو التميّز والإبداع اللّذان تنخرط بهما في نحت الحضارة الإنسانية الشاملة بمفهومها الكوني، ذلك أن المحلية هي البعد الرئيسي للكونيّة.

وأظن أن هذا الاستمرار لا ينتج بدون الحصانة الدّاخلية بثقافة لا تضيع المركز ولا تتخلّى عن الهامش فكلاهما في تكامل بمحو الفواصل بين المناطق ويعمق الحسّ الوطني ويعزّز فرص المشاركة الشبابية.

إنّ الهوية إذا هي تلك التي يشارك المواطن في صياغتها وتجديد محتواها ومعانيها وخاصّة فئة الشباب، ولن تكون هذه الهوية فاعلة إذا تمّ فصله عن آفاقها أو قطعها من جذورها. فترسيخ ثقافة المواطنة ورفع الروح المعنوية للشباب بنوع من جرأة المبادرة ليس لها إلاّ أن تسهم في تفعيل الماضي باستحضاره علامات مضيئة من إبداع البلاد دون الوقوع في وثنية التعصّب لفترة دون سواها أو الانتصار للوافد من الخارج بغير تبصّرأثناء مواكبة التحوّلات العالمية.

ثقافة الفعل

إنّ ما أوردناه سابقا من تحليل لمسألة المبادرة كضرورة لثقافة الشباب، والمسألة الهوية بوصفها محتوى ثقافيا ضروريا في تشكله المتجدّد والمبنى على المواطنة، يدفع بنا إلى استخلاص قيمة المبادرة الفاعلة كوسيلة لها من الفضائل ما يؤهلها لتحقيق الطموح التونسي، الطموح الذي اختارته قيادة الرئيس زين العابدين بن علي عنوانا رئيسيا لمؤتمر التجمع الأخير بعد أن كان الامتياز عنوانا سابقا، وهي عناوين تبرهن على ما تريده قيادة البلاد من أهداف نبيلة لا تتحقق إلاّ بالعمل والعمل المستمرّ.

فالعمل هو القادر على لعب الدور الرئيسي في صياغة الشراكة في مجالات الصناعة والخدمات وكذلك في العلوم والمعلومات كخصوصياتنا الثقافية التي بإمكانها أن تقف أمام الأنماط الأخرى مقوّما رئيسيّا من مقومات العزّة والكرامة.

والعمل هو الذي يحقق للمستقبل خطواته في خضمة صعوبات المنافسة وتسارع المتغيّرات. وبثقافة العمل وثقافة المبادرة يتسنى لنا اقتحام المجالات الحديثة خاصة التكنولوجية منها، وبهذه الثقافة المتماسكة والشابة بإمكاننا أن نعطي لتونس مكانتها في فضاء التبادل الحضاري وإدماجها في مشروع التقدم اليومي للعالم.

فالعمل هو المفتاح الرئيسي للجودة والطريق نحو النتائج التي تبرهن على النّجاح، وإذا نحن لا نرتجي من قيمة العمل غير الصّدق الموكول إلى العزيمة. ومثلما عمل آباؤنا وأجدادنا في مختلف أمجاد البلاد وثقافاتها حتّى صاروا رموزا لا يمحو الدهر آثارها علينا أن نؤصل هذه القيمة في شبابنا اعتبارا بالتشجيعات الرئاسية وغير مرتهنة إلا بعامل النجاح وبمستوى النتائج وبجودة المنتوج. وليس ثمة من جدوى غير هذا، لأننا لا نمتلك ثروات أخرى غير ذواتنا ولا رأس مال غير هويّاتنا المؤتلفة باختلافاتنا وإذ نؤكد في حديثنا هنا على العمل المقترن بالفاعلية فإننا نلزم أنفسنا بعامل الانتماء والمواطنة. وثقافة العمل هي ثقافة البذل والكدّ هذا المرجع الرئيسي في تصوّرات سيادة الرئيس، ونشير بالتالي إلى ما أمضاه الرئيس بن علي من وثائق هامة في اتجاه العمل حين افتتح برنامجه الانتخابي بقوله : " لتونس الحداثة نعمل، ومن أجل بلد يرتقي إلى منزلة البلدان المتقدمة نثابر" فالعمل إذا من الثوابت التي لا حياد عنها به نرتقي وبه نحقق المراد. وحيث أن ثقافة المبادرة وثقافة المواطنة والهوية الرّاسخة مقصدنا، تظل ثقافة مرتهنة بالعمل.

أريد أن أقول إن هذه المداخلة التي أقدّمها الآن لا ترتجي التنظير للثقافة أو لصنع الثقافة الشبابية إنما تحاول تحديد النقاط الرئيسية التي يمكن أن نتعرّف من خلالها على الرؤية الشاملة لسيادة الرئيس في مستوى الشباب والثقافة، بحيث أحاول أن أستشف من البنود العريضة للخيارات الموضوعة في برنامجه الرئاسي للانتخابات روح التطبيق وتوسيع آفاق القراءة والمقاربة لهذه الثقافة. وأحاول بل نحاول أن ننفرد من خلال الإضاءات التي وضعتها تصوّرات بن علي لجيل قادر أوّلا على المبادرة معتز بأصالته ضمن سياق العولمة ومبادر إلى تحمل المسؤولية من أجل تونس ومن أجل ذاته معا فتونس هي شبابها وشبابنا هو بلادنا وهكذا نصل معا إلى ضرورة ما فتئت تتأكّد ضرورة تأصيل الحوار كمضمون وكوسيلة للثقافة وكذلك التسامح كقيمة إنسانية نبيلة يمكنها أن تتجاوز هنات الضعف وأن تفتح للأجيال بابا للتكامل وعليه أعود لأؤكّد على :

أن ثقافة الشباب ليست ثقافة تنشيط واحتفال بل ثقافة تفعيل ومحتوى تتجاوز الآتي للدائم وتتشبع بالقيم.

أن الهوية ليست مشكلة أو إشكال نقف عنده بحنين ونوستالجية بل هي مفتاح التحوّلات.

أن العمل ليس فرصة تتاح للعيش الكريم فقط بل، هو قيمة بما أنه طاقة تحويل الأشياء والخامات وهو كذلك أفق الحركة وآداتها وعزة المجتمع.

أن التثاقف ليس ضرورة بقدر ما هو حقيقة يجب أن نستغل امكانياتها من عولمة وتكنولوجيا كي نقدّم أنفسنا للآخر بصورة جيّدة وغير متأثرة.

أن تونس في حاجة إلى شبابها لذلك وفّرت له كل هذه المعطيات وما علينا إلاّ العمل من أجل النتائج الجيّدة.

أثر الإعلام في تشكّل ثقافة الشباب(5)

يصعب الوقوف على معنى محدد لكلمة شباب، كما أنه ليس باليسير وضع تحديدات لها. والسؤال المطروح هو في أي سن يبدأ الشباب ومتى ينتهي؟ قد يبدو السؤال سهلاً والإجابة عنه بديهية. إلا أن الاختلاف في الإجابات يجعل كل محاولة لتحديد اقتراحاً إجرائياً يختلف حسب طبيعة البحث ومجال التخصص. وبالتالي يكون مفهوم ثقافة الشباب مركباً مصطلحين يتسمان بالشمولية وصعوبة التحديد، هما الثقافة والشباب. وإذا اختلفت الدراسات في الإحاطة بهذا المفهوم فإن هنالك قدراً من الإجماع على ربطه بمفهوم الثقافة الفرعية أو استعماله بصيغة "الثقافة الفرعية الشبابية". والواقع أن موضوع الثقافة الشبابية من مواضيع علم الاجتماع الذي يهتم كثيراً بقضايا المدينة والعائلة والسلوكات والعمل... إلخ.

منذ الخمسينيات من القرن العشرين تأكدت أهمية هذه الثقافات الفرعية، كظاهرة اجتماعية من ناحية، وكمرحلة في التنشئة الاجتماعية من ناحية أخرى. فهي ترتبط من هذا المنظور بالقطيعة التي تحدث بين الشاب وعائلته وبما يمارسه عليه الوسط المدرسي من ضغوط، وتتشكل الثقافات في إطار مجموعات الأقران الشبابية عموماً على اعتبارها ثقافة تتبلور وتتمحور كحل جمعي أو كحل متجدد للمشكلات الناجمة عن الطموحات المحبطة لقطاعات كبيرة من الأفراد- كالشباب. أو لوضعهم الاجتماعي الملتبس في المجتمع الكبير كالشباب أيضاً الذين لم يعودوا أطفالاً ولم يصبحوا بعد كباراً مسؤولين.

وهكذا تكون الثقافات الفرعية كيانات متميزة عن الثقافة الأكبر "الأم"، ولكنها تستعير رموزها وقيمهاومعتقداتها، وكثيراً ما تعرضها للتشويه أو المبالغة أو تقلبها رأساً على عقب.

وفي ضوء هذه الميكانيزمات التي يقوم عليها المجتمع، كيف تتحدد وتتشكل ثقافة الشباب اليوم. للإجابة عن هذا السؤال يمكن أن نبين جملة من الخصائص:

1- الواقع الراهن: تقدم وسائل الإعلام والثقافة الجماهيرية المعلومات، سواء في الأخبار أو الإعلانات في إيقاع سريع ومكثف يعزلها في أغلب الأحيان عن سياقها التاريخي، وذلك باعتماد أسلوب الومضة. وتترسخ هذه الآنية والراهنية بواسطة صناعة الترفيه والتسلية التي تدعو إلى الركون وإلى الراحة والاستسلام للأحاسيس السارة والمتعة الراهنة.

وتقدم نمط وجود شبابي نموذجي غير عابئ بالواقع وتحدياته ومتحرر من كل التزام، لاهث وراء اللذة الحسية. إنها ثقافة قناة "MTV" المتخصصة بالكليبات الشبابية التي تدعو إلى الرقص على مدار الساعة، ونسيان العالم وأحداثه ومشكلاته وعدم الاكتراث بالمستقبل.

2- نفي الفكر ونهاية الايديولوجيا: إن الترويج للفكرة القائلة بأن من خاصيات العولمة هي نهاية الايديولوجيات وسقوط الطوباويات الكبرى. ويبدو الأمر وكأنه حدث جديد يرمز له خصوصاً بسقوط جدار برلين وتفكك الاتحاد السوفيتي. والواقع أن للمسألة جذوراً تمتد إلى الخمسينيات وترجع إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية، حين شرع عدد من المفكرين في إعلان نهاية الإيديولوجيا في اجتماع عقدته في أيلول 1955 في ميلانو منظمة المؤتمر من أجل الحرية والثقافة، وهي منظمة أسست في برلين سنة 1950 تموّلها المخابرات الأمريكية. وكان هؤلاء المفكرون أسماء بارزة، مثل المفكر الفرنسي ريمون آرون، صاحب كتاب أفيون المثقفين، وعالم الاجتماع الأمريكي دانييل بيل، وقد تحدّث هؤلاء عن المجتمع ما بعد الصناعي وربطوه بنهاية الإيديولوجيا، لتصل إلى مجتمع الإعلام، وهو مجتمع بلا أيديولوجيا وبلا فكر وبلا مواقف أصلاً. وأخذوا ينظّرون لأساطير تقوم على التضليل الإعلامي والوعي المعلب للشباب. ويتمثل هذا التضليل في الاستفادة من الظروف التاريخية الخاصة للتطور الغربي من أجل تكريس تعريف محدد للحرية صيغ بعبارات تنسم بالنزعة الفردية. وهذا ما يمكّن المفهوم من أداء وظيفة مزدوجة. فهو يحمي حيازة الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج من ناحية، وهو يطرح نفسه في الوقت ذاته بوصفه حارساً لرفاهية الفرد. وتعزز هذه المفاهيم في وعي الشباب حتى يتم تضليل الشباب، وبأن الفرد له حقوق مطلقة بعيداً عن المجتمع، وهذه الحقوق الفردية المطلقة ليست سوى أسطورة لأنه لا يمكن الفصل بين الفرد والمجتمع.

فالتلاعب بالواقع أصبح سمة من سمات الإعلام الرأسمالي حيث يوهم الإعلام العالمي ذو الطابع التجاري شباب الأرض العطشى إعلامياً بمصداقية لا متناهية تنشد تصديقاً بلا حدود، ويسعى عبر صراحة برامجه إلى خلق نوع من الثقة في المعلومة المقدمة. وبالتالي يخلق تقبلاً بصورة الواقع المماثلة، فالإعلام التجاري لا ينقل الحقيقة.

إنه يصنع الصورة التي يريد للناس مشاهدتها وتقبلها على أنها الواقع الفعلي، مثلاً كيف يصور هذا الإعلام الفقر في العالم؟ إنهم يصورون المساعدات التي تقدمها البلدان الغنية من أغذية للمناطق التي تعاني الجوع. ولن تسمع بالمقابل كلمة عن ضرورة مواجهة الفقر ومحاربته. ويكتسب الإعلام قدرته الفائقة على التأثير في تشكيل ثقافة الشباب من خلال تركيزه على صناعة الترفيه والتسلية التي تقدم للناشئة على أنها مواد وبرامج محايدة تهدف إلى الهروب من أعباء الواقع بإحداث حالة من الاسترخاء والانتشاء المؤقت.

إن مفهوم الترفية هو مفهوم شديد الخطورة،  إذ تتمثل الفكرة الأساسية للترفيه في أنه لا يتصل من بعيد أو قريب بالقضايا الجادة للعالم، وإنما هو مجرد شغل أو ملء ساعة من الفراغ. الحقيقة أن هناك أيديولوجيا مضمرة بالعقل في كل أنواع القصص الخيالية. فعنصر الخيال ينوف في الأهمية العنصر الواقعي في تشكيل آراء الناس.

إن تأكيد صناعة الترفيه على طابعها المحايد هو في الأصل إدعاء يخفي حقيقة مضامينها الموجهة والمحملة بالمواقف والقيم المبطنة التي ترمي إلى إعادة تشكيل الواقع وتصويره بالصيغة التي تناسبها وتخدم مصالحها التجارية.

ويبين "هربرت أشيلر" في كتابه " المتلاعبون بالعقول" كيف أن مجلة واسعة الانتشار مثل مجلة "ناشيونال جيوغرافيك" لها تأثير كبير في أوساط الشباب، بتركيزها على مادة تعليمية تبدو محايدة، هي في الأصل خاضعة لسلطة النظام السائد ومقتضيات مصلحة مالكيها.

هذا من حيث المحايدة. فكيف هو التنميط الاستهلاكي الذي يقوم به الإعلام؟!

فالإعلام التجاري أصبح عبر الفضائيات التي لا تقف أمامها حدود قادراً على الوصول إلى الشباب في كل أرجاء الكون، وهو شديد التأثير في هذه الفئة لأنه يستهدفها بدرجة أولى. ولأن له القدرة الخارقة على البهر، وتضاف إلى ذلك خاصية المصداقية التي يتميز بها الإعلام الأجنبي مقابل تردي الإعلام العربي وارتباطه بالجهات الرسمية ما يجعل منها مصدراً للمعلومة موثوقاً بها. من خلال البهر والثقة تصبح المادة الإعلامية المقدمة عبر الفضائيات مادة صحيحة ومثالية وغير قابلة للنقد ولامجال للتفكير فيها. ومن هنا تعمل آلة الإعلام التجاري على تنميط الاستهلاك الشبابي على مستوى كوني، عبر عبقرية الإشهار المرئي الذي ينجح في تحقيق أهدافه في كل البلاد، خصوصاً إذا كانت في الأرض العطشى إعلامياً، فتصبح البضائع الشبابية موضه ونماذج..

يصف مصطفى حجازي في كتابه "حصار الثقافة" علاقة مشروب البيبسي بالشباب فيقول "البيبسي يركز مثلاً إضافة إلى جمال الصورة واللون والإيقاع الذي يفتح الشهية ويثير الإحساس بالعطش والدافع إلى الشرب لإرواء هذا العطش، إضافة إلى هذا البعد الفسيولوجي، يركز أساساً على الشباب ومرح الشباب. من هنا أصبح تعبير مشروب الشباب وبرزت منه تسمية الشباب الراهن عالمياً باسم "جيل البيبسي".

وبالتالي فلابد من استنهاض الأوّليات مثل أوّلية السياسي والثقافي، إن إعادة أوّلية السياسة على الاقتصاد تصبح عودة الثقافة محصلة للقيم والمبادئ النبيلة السامية التي تشكل جوهر الذات الإنسانية مهمة تاريخية. فترابط السياسي بالثقافي شرط ضروري لمواجهة خطر هيمنة تسليع الأنشطة والقيم والعلاقات البشرية.

وثمة صلة وثيقة بين مفاعيل المجتمع للنهوض بهذه المهمة وهي النخب المثقفة، والدولة والأحزاب والنوادي الثقافية التي تقع على عاتقها مسؤولية التوعية والريادة والقيادة. فهي تعبر عن وجدان المجتمع وتطلعاته وأحلامه وقضاياه، وتصوغ مواقفه وعلاقاته بالآخرين.

إن ما ينقص الشباب العربي هو القيادة والقدوة، ونقصد بها القيادة والقدوة الفكرية التي تكسبه الوعي بواقعه المحلي والكوني وتمنحه القدرة على تحليل وضعه واختيار سبل تطويره عبر المعرفة السلمية والمتينة، لأن التضليل والتلاعب بعقول البشر أصبح، على حد قول باولو فرير، أداة  للقهر. 

الشباب العربي وملامح ثورة جديدة(6)

القاعدة والهرم

المجتمع العربي يمر بتغيرات جذرية عميقة شملت الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية, ورغم ما يبدو في العديد من النظم العربية من ثبات ظاهري على قمة الهرم السياسي, فإن قاع المجتمع العربي يمر بتيارات عنيفة من التغيرات, لا أظن أنها لن تؤثر على ثبات هذه القمم.

ولعل أكثر المتأثرين بهذه التغيرات المتلاحقة هم الشباب, ونعني بالشباب هنا تلك الفئة العمرية التي تمتد من سن 15 إلى 30 من العمر. وقد اختلف علماء التربية وعلم النفس في تحديد خصائص هذه المرحلة وطولها, ولكنها المرحلة التي تشهد تحوّلات وتغيرات جوهرية في اهتمامات الشباب وسلوكه الاجتماعي واتجاهه نحو الاستقلال والفردية. ولعل هذا هو ما يخلق التناقض بينه وبين البيئة التقليدية التي تحيط به. فهو يريد أن يحرر نفسه من قيود الأسرة والمدرسة التي قيّدته طويلاً, وهو يريد في تلك المرحلة أيضاً أن يختار محيطه الاجتماعي الذي يندمج فيه ويتكامل معه ويكون قادراً على اتخاذ القرار وتحقيق ذاته.

الشباب وعصر العولمة

ولعل هذه الفئة العمرية هي المعنية بعصر العولمة وقضاياه ومشكلاته, فالعولمة مشروع كوني للمستقبل كما يطمح واضعوه ومفكّروه والداعون إليه. لذا فإن الجيل الجديد هو الأسبق بالتعاطي مع هذه العولمة وأدواتها, فالكمبيوتر والإنترنت وشبكات المعلومات المعقدة أصبحت في متناول أيدي الشباب في سهولة ويسر, بينما تعتبر هذه الأشياء بالنسبة للأجيال الأكبر سناً معضلة لا حلّ لها. كما أن أنماط المعيشة التي تطرحها (العولمة) من مأكل ومشرب وعادات ثقافية موجّهة بالدرجة الأولى لأجيال الشباب, لأنهم الأقدر على الاستجابة والتقبّل السريع لأي مفاهيم جديدة خارجة عن المألوف, خاصة إذا كانت تقدم لهم بوسائل باهرة وبطرق تقنية تؤثر في نفوسهم.

إن أجيالنا الشابّة تشكّل اليوم نسبة غالبة في الدول العربية من مجموع السكان, وتدل الإحصاءات في الدول كثيفة السكان على أنهم يمثلون ثلث السكان. أما في الدول العربية مرتفعة مستوى المعيشة, فإن هذه النسبة تزداد إلى أن تصل أحياناً إلى النصف نظراً لقلة وفيات الأطفال بها وارتفاع درجة الوقاية الصحية والغذاء. نحن إذن أمام عشرات من الملايين من الشباب يتوقون - بالرغبة - إلى الأداء السريع وإحراز النتائج الفعّالة. أي أنهم يريدون أن يقفوا بعالمنا العربي على أبواب القرن الواحد والعشرين في الوقت الذي يعاني فيه هذا العالم كثيراً من تقاليد قبلية وفئوية وطائفية خانقة وتخلّفاً وفساداً مستشرياً في العديد من البنى السياسية والاجتماعية ومن محاولات مستميتة لإبعادهم وتهميشهم من أطر الحكم السائدة.

ملامح ثورة جديدة

إن أول ملامح الثورة الجديدة التي يطرحها علينا هذا القرن الجديد هو أنها تضع قيادة العالم في المرحلة القادمة في أيدي الشباب. وهناك ظواهر عدة تؤكد هذا الدور الذي بدأه الشباب في مجالات قيادة الشركات أو في الاستثمار أو داخل معامل الاختراع. فثورة المعلومات وتراكمها جعلا هذا الجيل الشاب يستفيد من إنجازاتها دون حاجة إلى انتظار تراكم الخبرة الحياتية, كما أن الشباب أصبح يمثل القوة الاستهلاكية المؤثرة, وهم يضعون في هذه السوق مداخيلهم المبكّرة من سوق العمل في نوعية جديدة وغير تقليدية من البضائع. وقد أصبحوا يمثلون المستهلك الخفيّ الذي يوجه احتياجات الأسرة, ويفرض رغباته في المأكل والملبس ونوعية السيارة ومكان الإجازة.

أين نحن مما يجري حولنا? وما هو حال شبابنا وحالنا معهم? وماذا أعددنا لهم من أدوات تساعدهم على أخذ مواقعهم أسوة بشباب العالم في مضمار الرقيّ والحضارة?

إن المشهد حزين جداً, ورغم أنني لست من المتشائمين, فإنه يجب علينا أن نشخّص هذه الحالة بدقة, لعل هذا يساعدنا على التقدم خطوة للأمام بدلاً من دفن رءوسنا في الرمل.

فشباب العالم العربي - الذي يمثل ثلثه أو نصفه - مازال يخضع لأنظمة تعليمية واجتماعية غير صالحة للعصر الذي يعيشون فيه, ولا تلبي أدنى مطالب حياتهم اليومية, فلاتزال المناهج التعليمية والمقررات الدراسية تنتمي لما قبل عصر المعلومات والاتصال والعولمة الجارفة, ولانزال نتوجس ريبة من الشباب وأفكارهم وطموحاتهم, ونضع الحواجز أمامهم لكبح جماح رغباتهم ومحاصرة طموحاتهم, ومازلنا ندفع بأعداد كبيرة منهم وخاصة المتعلمين إلى البحث عن مجتمعات جديدة تفتح لهم مجالاً لتحقيق طموحاتهم وتلبي رغباتهم وأحلامهم, فامتصت الدول المتقدمة نخبة المتعلمين والطموحين والجادّين من شبابنا العرب ووصلت أعدادهم في بعض الدول إلى عشرات آلاف, ومَن بقي حبيس مجتمعاته العربية تحوّل إلى أدوات متفجّرة سياسياً أحياناً واجتماعياً أحياناً أخرى, فجزء منه انجرف وراء الجريمة والمخدرات والكحول وهو جزء لا يستهان به في بعض دولنا العربية, وجزء كبير جذبته قوى التطرف وتحول إلى أدوات حادة ومعاول هدم لمجتمعاتهم ودولهم, وهذه ظاهرة لا ننفرد بها وحدنا, بل هناك كثير من المجتمعات التي فقدت زمام قيادة الشباب انجرف شبابها إلى مصائد التطرف والعنف وعالم المخدرات والكحول, والإحصاءات تشير إلى بلد مثل روسيا, ففي السنوات العشر الماضية, أي منذ انفراط عقد دولة الاتحاد السوفييتي انتشرت في المجتمع الروسي أمراض حادة مثل العنف والمخدرات بين جيل الشباب, شباب المدارس والجامعات.

الشباب وأزمة الاغتراب

إن الشباب العربي يعيش أزمة اغتراب حقيقي, وقد أكّدت الدراسات التي أجريت في العديد من الدول العربية, وبين مختلف الطبقات الاجتماعية هذه النتيجة, إن مواجهة الشباب بالأنظمة البيروقراطية وأنماط السلطة غير الديمقراطية لا تبقيه خارجها فقط, ولكنها تجعل دوره ينحصر في الخضوع لها والالتزام بقوانينها مما يشعره بالعجز وعدم القدرة على تحقيق ذاته. والاغتراب هنا هو مرحلة وسطى بين الانسحاب من المجتمع والتمرّد عليه. هو يلجأ إلى ثلاثة أنواع من التصرّفات: إما الانسحاب من هذا الواقع ورفضه, وإما الخضوع إليه في الوقت الذي يعاني فيه النفور, وإما التمرّد على هذا المجتمع ومحاولة تغييره ولو كان ذلك بقوة السلاح.

إن استمرار تجاهل قضية الشباب في مجتمعاتنا العربية وعدم معالجة ما يلاقيه من تدهور في مناهج التعليم, وابتعاد الشباب عن الاهتمام بالسياسة, وجهلهم بتاريخ أوطانهم, وموقف اللامبالاة مما يجري حولهم هو نتيجة حتمية لسياسات التجاهل لمواجهة قضاياهم, وقد حوّلتهم تلك المشاعر المتناقضة في داخلهم إلى مخزن يغرف منه كل من لديه مصلحة خاصة في تجنيدهم واستخدامهم.

شبابنا اليوم إما أن يكونوا الأداة الأولى في بعث نهضة حديثة لدولنا وشعوبنا, وإما أن يتحوّلوا إلى وسيلة لتدمير ما بنته الأجيال السابقة, ففي عصر العلم والعولمة, ليس أمامنا كثير من الخيارات, ولا الكثير من الوقت لنفكّر ونقرر, فنحن والزمن في سباق مميت, وعلينا - حكومات وقيادات في كل المواقع - أن نبدأ في وضع قضيتهم في مقدمة المسائل الوطنية, ونشرع في وضع الحلول وتطبيقها لمصلحة أجيال الشباب, هذا إذا أردنا أن نجتاز حاضرنا إلى مستقبلنا بأمان, وعلينا أن نعيد تنظيم مجتمعاتنا وحياتنا وفق واقعهم وحجم قوتهم ومدى تأثرهم بما يجري من حولنا في العالم, وأن نعترف بأن شبابنا لن يكونوا أقل تأثّراً بالدور الذي يقوم به نظراؤهم في بقية تلك القرية الكونية, فهم يراقبون وسيحاولون أن يكسروا قيود الواقع ويتمرّدوا عليه, ومؤشرات التمرّد بدأت منذ فترة وبأشكال مختلفة وحسب ظروف كل بلد, وسيحاولون أن يؤسسوا سلطتهم بمعزل عن مجتمعاتهم, وكذلك عن السلطات الاجتماعية والثقافية التي يعيشون تحت مظلتها, ولكي نتدارك الوضع, وقبل أن يتجاوزنا الزمن لابد من الاعتراف أولاً بأن نوعية تعليمنا ومستواه لا تتناسبان مع العصـر وطموحات الشباب, فالعالم من حولنا يتحدث بشـكل دوري عن (نوعية التعليم) الذي يحتاج إليه في كل مرحلة من التطور المجتمعي, وربط هذا التعـليم بتطوّر الحياة في مجتمعاته, في الوقت الذي نتحدث نحن في مجتمعاتنا عن الأميـّة وتزايدها وتدهور مدارسنا وتسـرّب أطفالنـا من المدارس الذي وصل في بعض الدول العربية إلى ملايين من الأطفال خارج المدارس, وفـي بعض الدول العربية يتساءلون عن مدى مواكبة ما لديهم من تعلـيم لمتطلبات وحاجات مجتمعاتهم التي تتطور عشوائياً!

إعادة نظر شاملة

لابد لمواجهة هذا التدهور من إعادة النظر في فلسفة التعليم عندنا, والتحوّل من أسلوب الحفظ والتلقين, من دور الطالب متلقياً وقابلاً ومطيعاً لما يلقّنه إياه معلمه, إلى فلسفة التعليم عن طريق الحوار والمناقشة والتدريب على التعلم الذاتي, وأن ندمج التعليم بالثقافة بشكل متواز, وأن تصبح برامج الثقافة جزءاً من مناهج التعليم, كالفنون بكل أنواعها من موسيقى ومسرح ورسم وتربية بدنية إلى الثقافة العامة والقراءة الحرّة, وأن تصبح المكتبة جزءاً من المنهج الدراسي.

ومن ثم لابد من إقحام الشباب للمشاركة وسماع رأيهم في اتخاذ القرارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية, وتوسيع دورهم في المشاركة في كل ما يتعلق بحياتهم وتطلعاتهم وطموحاتهم, ويأتي في مقدمة ذلك خفض سن الناخبين ليصبح عند الستة عشر عاماً, وأن يمثل الشباب في المؤسسات الديمقراطية والتشريعية, ويفسح في المجال لسماع مقترحاتهم والأخذ بها عند التطبيق, فالثقافة السياسية جزء وشرط مهم في ثقافة الشباب إن أردنا تدريبهم وتأهيلهم للقيادة في مرحلة لاحقة, ونحن بهذا ندخلهم في نسيج المجتمع بدلاً من أن يتحوّلوا إلى أدوات للهدم والتخريب, فوضع ثقافة متوازنة للشباب تراعي تراثهم وتاريخهم الوطني والقومي, وتسعى للحاق بالثقافة الحديثة المنفتحة على العلم والتكنولوجيا والفلسفة المعاصرة المتطلعة إلى مزيد من الكشف عن الكون وأسراره أمر لا مفر منه, وأن ندرّبهم على اكتشاف ثقافة الشعوب والأمم المعاصرة ليتمكّنوا من التعامل والتفاعل معها في هذا العالم الذي بدأت تتشابك فيه تلك الشعوب بثقافاتها المختلفة على درب التعاون والتلاقي والاندماج في ثقافة كونية تسعى لإشاعة السلام في العالم وتحتفظ في الوقت ذاته لكل شعب بخصائصه وعاداته وتقاليده وتراثه الديني والقومي ضمن حركة التفاعل مع الثقافات الأخرى.

إن نظرة سريعة على واقع شبابنا اليوم تكشف لنا مدى عزوف الشباب عن المشاركة في قضايا المجتمع, والابتعاد عن النشاطات السياسية والاجتماعية, وهذا ناتج عن طول أمد الاستبعاد الذي مورس ضد الشباب وعزلهم عن الحياة العامة وخاصة السياسية سواء في المدارس والجامعات أو في المنظمات الشعبية والديمقراطية المحدودة.

فشبابنا اليوم يسعى خلف الإعلام الخارجي باحثاً عن الحقيقة, التي بدأ يشك في صدقها في إعلامه الرسمي, متصوّراً أنه سيجدها عند الآخر, وهذا بداية الانسلاخ الثقافي وفقد الثقة في ثقافته والقائمين على تسيير شئونه, ومؤشر إلى سهولة السقوط تحت تأثير أي إعلام معاد له ولوطنه وتراثه الثقافي والحضاري, وسنرتكب أخطاء أكثر فأكثر إن نحن تصوّرنا أن بإمكاننا الاستمرار في إبعاد جيل الشباب في عالمنا عن المشاركة الكاملة في إدارة شئون حياته ورسم مستقبله, فالكبار, في عصر يقوده الشباب, لن يتمكنوا من ضبط إيقاع الحياة دون الشباب ومشاركتهم الكاملة, وقد دلت الدراسات والأبحاث الحديثة على أن المجتمعات, التي تتعرض للتغير التقني السريع لا يعود الآباء فيها يملكون ما يقدّمونه لأبنائهم, لأن معارفهم تفقد ملاءمتها للواقع الجديد والمستجد. فكيف بزمان كزماننا الذي فاقت سرعة التغير التقني فيه بملايين المرات سرعة التغيرات التقنية التي أصابت المجتمعات البشرية القديمة, فجيل الآباء في زماننا ما عادوا يملكون معظم الإجابات عن أسئـلة أكثر وأعقد مما لا يقاس مما توافر لمن سبقـهم, فهم يكادون أن يفقدوا الموقع الذي يخوّلهم أن يقـولوا للصغار ماذا يفعلون وماذا لا يفعلون, وأصبحت العلاقة بين الطرفين بسبب التقنية الجديدة حواراً لا تلقين دروس وأوامر.

ثقافة الشباب..بين هيمنة الصورة وضياع المسؤولية(7)

 لو أردت أن تحصي أعداد الأدباء الأردنيين واستذكار أسمائهم، لبقيت ساعات، لكن عند بعض الشباب الأردني لانهيت العد من أول ثانية، فنتاج الروائي مؤنس الرزاز وغالب هلسة وتيسير السبول لم يسعفهم ليصلوا إلى ذاكرة الشباب الأردني.

لكن قد نحسد تيسير السبول لأن بعضا منهم تذكره، لكن كيف يقول شاب "نعم إنه أديب أردني أنتحر"، لكن بوسع القاصة بسمة النسور أن تعمل مونتيرة في التلفزيون حسب شابة لا تعلم من هي لكن "سمعت باسمها"، أو الروائية سميحة خريس "من هي، لا أعلم صدقا".

مؤنس الرزاز، تيسير السبول، غالب هلسا، محمد القيسي، إحسان العباس، حسني فريز، هاشم غرايبه، إلياس فركوح خالد محادين، سميحة خريس، بسمة النسور، إبراهيم نصرالله، نبيلة الخطيب، جمال القيسي، جمال ناجي..أسماء كثيرة لم تحتل ولو حتى بأسمائها ثقافة الشباب، لم نتحدث عن نتاجهم الأدبي لكن حاولنا تقصي الأسماء فقط.

هل من بين الشباب الأردني من يعرف هؤلاء الكتاب والمبدعين؟ هل هناك شباب يقرأ آخر إصدارات الكتب والدواوين الشعرية ويتابع الأمسيات التي يحييها الشعراء والأدباء الاردنيين؟ أسئلة وددنا أن نجد لها إجابات في استفتاءنا الذي لم يصل إلا لمأساة ثقافة يعيشها الشباب الجامعي.

ربما يقع على عاتق الإعلام الدور الكبير في التعريف بأبرز الأدباء الأردنيين، يقول فخري صالح رئيس القسم الثقافي بجريدة الدستور أن الإعلام المطبوع يقوم بدور جيد بالتعريف بالكتاب والمبدعين الأردنيين، لكن المشكلة تكمن في القنوات الإعلامية الأخرى وبخاصة التلفزيون، الذي لا يقوم بأي دور وأنه ليس هناك أي برامج ثقافية حقيقية تقوم بتعريف الشباب بصورة الكاتب والمثقف الأردني ومحاولة إيصال صوته وصورته الى المشاهد الأردني والعربي. "ولهذا فالشباب بصفتهم متابعين للتلفزيون بشكل دائم لا يتعرفون على المثقف ومن يكتب القصة والشعر والرواية في الأردن".

ومع انتشار ثقافة الطرب والفيديو كليب والأفلام، واهتمام الشباب بها وبأبرز نجومها، وانحسار الإبداع والقراءة لديهم، يعلق صالح أن "المسألة لها شقان: الأول في أن الشباب لا يقرأون، لا الصحف ولا الكتب ولا المجلات ويمكن رد ذلك الى النظام التعليمي الذي يركز على تدريس الطالب لتخريجه في تخصصه، وأن الأنشطه اللامنهجيه هي مجرد اكسسوارات وهي غائبة تماما، ولهذا فإن الشباب لا يطلع ولا يعرف من هو حيدر محمود ومؤنس الرزاز وغيرهما، فالشباب يتعرف فقط على نانسي عجرم وهيفاء وهبي لأنها مفروضه عليه في كل القنوات الفضائية أثناء تقليبه للمحطات وهؤلاء هم الموجودين بصورة دائمه ولذلك فالشباب العربي لا يعرف أي شيء عن الثقافة العربية.

وعلى من تقع مسؤولية عدم معرفة الشباب الأردني والعربي بالكتاب والأدباء يجيب الناقد صالح أن "جزءا من المشكلة تقع على الإعلام العربي في كل مكان، والجزء الآخر له علاقة بالعصر وصبغة العصر حيث هيمنة الصورة على الكتابة والكتاب".

أكاديمياً، تقول الكاتبة وعميد كلية الآداب والعلوم بجامعة آل البيت، هند أبو الشعر، أن الثقافة المعاصرة الآن تميل الى الصورة تبعا للتطورات التكنولوجية التي يشهدها العالم ككل" والأنتقال الى ثقافة الصورة لا يشكل عائقا أمام الثقافة بل العكس هو الصحيح، لكن السماح لهذا النمط بأن يتسيد ويصبح هو النمط الوحيد السائد في حياتنا الثقافية فهذه هي المشكلة.

وتضيف "أنا لا أحتجّ على ثقافة الصورة ولكن الإشكالية هي إحلال هذه الثقافة التقليدية، إذ لا مانع من الاهتمام بهذه الثقافة لكن المشكلة أن هذه الثقافة جرفت هذا الجيل وأنسته الكتاب".

"لنكن واقعيين، فنحن لا نستطيع أن نمنع هذا الجيل من الانخراط في هذا النمط، لأن طبيعة التطورات جعلت العالم كله قرية عالمية، بل العكس يجب أن نستفيد من هذه الظاهرة لا أن نحاربها شرط ألا نجعلها البديل، نعطيها حجمها ونعطي للكتاب ولمظاهر الثقافة المتعددة أيضا حقها ونوازن بين الأمرين ولا نحارب هذا التوجه ونستفيد منه".

وعن دورها ككاتبة أيضا تقول أبو الشعر "لنا دور كبير كأكاديميين وكتاب، وأعتقد أن الجامعات مقصرة في التعريف بالأدب المحلي وعلى الجامعات أن تكون مركز تنوير في هذا الجانب، لكن هناك مجموعة من الجامعات الرسمية والأهلية تدُرّس نصوص أدبية محلية وتحلل هذه النصوص وتقدم أصحابها للطلبة".

المسؤولية لا تقع فقط على عاتق الجامعات فحسب، إنما على المجتمع ككل، وتقول أبو الشعر"لم يدخل في مناهجنا التعليمية التعريف بالأدب المحلي بشكل يليق به مع أن هناك بدايات إيجابية"، فالمسؤولية مشتركة، "والأديب أمامه كل وسائل الإتصال الحديثة، فلما لا يدخل الى الإنترنت ويعرف بإنجازه". وعن دور المؤسسات "يجب أن تقوم بدورها فالمسألة تحتاج الى جهود جماعية لا فردية"، قائلة في نهاية حديثها "انا متفائلة ولست بمجال توزيع تهم لمؤسسات وأفراد".

ثقافة الشباب بين الواقع والمأمول(8)

القراءة نافذة واسعة على الأفكار والآراء، ومدخلٌ يتسع لتجارب الأمم والشعوب، ومن ثم فهي أهم روافد بناء الثقافة، التي تشكّل بدورها أحد المعايير الرئيسة لقياس تقدّم الشعوب ورقيها، خصوصًا عندما تنال روافدها المتعددة ما يليق بها من عناية واهتمام.

وتُعدّ معارض الكتب أحد الروافد الثقافية الثرية، نظرًا لما توفّره من فرصة جيدة للاطلاع على الجديد والمفيد من عناوين الكتب والموضوعات، بفروعها المعرفية المتعددة الجوانب، وأحسب أن معرض الرياض الدولي للكتاب الذي أنهى دورته الأخيرة قبل أيام كان مناسبة طيبة للوقوف على ما أبدعته العقول من رؤى وأفكار، وما تجلت عنه هذه الرؤى من دراسة للمشكلات التي تواجهها المجتمعات العربية والإسلامية في شتى مجالات الحياة بأشكالها المختلفة وألوانها المتعددة، وطرح الحلول العلمية الممكنة لها.

وأستميح القارئ عذرًا، فلقد أثارت مناسبة زيارة المعرض في نفسي عددًا من التساؤلات، ليس بقصد البحث عن إجابات لها، بقدر ما كان المقصود بالدرجة الأولى البحث عن حلول لما ستأتي به هذه الإجابات، فأول ما استرعى انتباهي في هذه الزيارة التي حرصت على تكرارها حتى يكون ما أطرحه في مستوى الملاحظة المباشرة والمعمّقة أن زوّار المعرض في معظمهم من الفئات العُمرية المتوسطة والكبيرة، حتى صرت أبحث عن الشباب الأصغر سنًا، والذين هم بالضرورة في سن التعليم، نظرًا لكونهم أحد أهم الفئات المستهدفة تربويًا وتعليميًا وثقافيًا، باعتبارهم القاعدة التي تُبنى عليها الأمم في حاضرها وفي مستقبلها.

من هنا خطر على ذهني تساؤل رئيس: ما الذي يجعل شبابنا يعزف عن هذه التظاهرة الجميلة، في حين نجده فاعلاً في أنشطة متعددة أخرى، وفتشت عن إجابة لهذا التساؤل، فإذا بجملة من التساؤلات الفرعية تتوالى، ليس بقصد تبرئة هؤلاء الشباب مما هم واقعون فيه من تقصير، بقدر ما كانت كما أسلفت محاولة للبحث عن حلول تسمح ببناء جيل على قدر كبير من الثقافة والوعي بما يتلاءم والمستقبل.

هل شجّعنا أبناءنا على القراءة والاطلاع؟ وهل هيأنا لهم البيئة الصالحة للقراءة؟ وهل تحقق لهم ذلك في المنزل وفي المدرسة؟ وهل خصصت مكتبة لكل مدرسة؟ وهل منح البرنامج الأسبوعي فرصة مناسبة للقراءة الحرة؟ وهل بمكتبة المدرسة إن وُجدت محتوى ثري ومتنوع يشدّ انتباه الطلاب؟ وهل من بين هيئة التدريس في كل مدرسة متخصص في شؤون المكتبات لإرشاد الطلاب وتعريفهم بأهمية القراءة؟ وهل منهاج اللغة العربية يسعى إلى تطوير مهارة القراءة لدى الطالب؟ ثم هل اصطحبنا نحن الآباء أبناءنا إلى مكتبة عامة خلال العام الدراسي؟ وهل جعلنا في حياتنا اليومية مساحة زمنية للقراءة حتى تصبح برنامجًا يوميًا لنا ولأبنائنا؟

أسئلة كثيرة تواردت على الذهن، وكان النفي مع الأسف هو العنوان الغالب على إجاباتها، ومن ثم كان لابد من مناقشة الأمر من وجهة أخرى، ألا وهي وجهة العملية التعليمية برمتها، باعتبارها الأساس والمنطلق الذي يهيّئ الطالب للحياة في حاضره ومستقبله، نظرًا لأنها العامل الرئيس الذي يبني عقله، ويُصيغ فكره، ويصنع وجدانه.

إن للدولة جهودًا لا تُبارى في مجال اهتمامها بالتعليم من وجوه متعددة، انطلاقًا من أنه يشكِّل أهمية قصوى في تطوّر المجتمعات وتقدم الشعوب، إلاّ أن العملية التعليمية بجوانبها المختلفة كما في كثير من الدول العربية تعاني من عدد من المعوّقات التي تحول بينها وبين تحقيق أهداف التعليم السامية.

وتقتضي النظرة الموضوعية إلى هذه القضية، الاعتراف بغلبة الطابع النظري على مناهج التعليم، واستمرار المظاهر السلبية في بعض جوانبه، مثل: الدروس الخصوصية، وارتفاع كثافة الفصول، والمركزية الشديدة في إعداد وتطوير المناهج بمعزل عن المدرسة والمعلّم. ولا تقتصر المعوقات على المنهج دون طرق التدريس، ودور المعلم، والتقويم التربوي، فكل جانب منها يعاني مشكلات ومعضلات؛ فطرق التدريس مازالت تعتمد في معظم المدارس على التلقين والحفظ والاسترجاع، بعيدًا عن التطبيق والتجريب، ومن ثم فهي لا تؤهل الطلاب للحوار والمناقشة والتفكير وإبداء الرأي؛ فضلاً عن وجود علاقة إجبار من قِبَل المعلم وإذعان من جانب الطالب، كما أن بعض المعلمين ليسوا مؤهلين بدرجة كافية قبل الخدمة أو أثنائها، ولا يشاركون في جهود التطوير.

ويمتد الحديث إلى آخر جوانب العملية التعليمية، وهو عملية التقويم التربوي، فإن هذا التقويم لايزال مقتصرًا على الجانب المعرفي دون مراعاة لقدرات التفكير الذاتي لدى الطلاب ومدى تحديهم للمشكلات، كما أن أسلوب التقويم المتمثل غالبًا في الامتحانات يركز بدرجة قصوى على ما تم استيعابه دون محاولة الكشف عن قدرات وإمكانات ثقافية مكتسبة.

لهذه الأسباب وغيرها، عزف معظم الشباب عن القراءة والاطلاع، وأعطوا كل اهتمامهم لإنهاء المراحل التعليمية كيفما اتفق، دون النظر إلى المستقبل وما يجب أن يكونوا عليه من ثقافة وإدراك لما حولهم، ليصبحوا جيلاً فاعلاً في مسار التنمية وتعزيزها.

وأحسب أن بناء الشباب (ثقافياً) يمكن أن يتحقق في أحد جوانبه من خلال منهج يعطي الطالب فرصة التعليم الذاتي، ويحدد للمدرسة وللطالب أهدافًا واضحة يتم التقويم بناءً عليها؛ ويتيح قدرًا كبيرًا من الشراكة من جانب الأهل والمجتمع للقيام بدور الناقد والداعم للإصلاح التربوي؛ وأن تسود المدرسة علاقة حميمية تقوم على الاحترام المتبادل؛ وأن يتمكن المعلم من طرائق التدريس المتطورة؛ وأن تعيش المدرسة جوًا يسمح بالتطوّر والتفاعل الإنساني؛ وأن يتم توجيه فرص حقيقية للارتقاء بقدرات الطالب وتوسيع مداركه داخل وخارج إطار المدرسة، بل ويمتد الاهتمام بالتعليم إلي إعطاء قضاياه المختلفة جزءاً أكبر من المساحة الإعلامية.

عندئذٍ يصبح التعليم ظهيرًا للثقافة، وحاملاً للوائها، ورافدًا ثريًا لجوانبها، وهذا هو المأمول من عملية الإصلاح الواسعة التي يشهدها مجتمعنا الآن، فجميعنا مستفيد منها، ومن ثم يتعين علينا جميعًا دعمها، كلٌ حسب طاقاته وقدراته

في ثقافة الشباب الأردني...نانسي عجرم البطلة

"ست دقائق" يسلط الضوء على خبايا ثقافة طلاب الجامعات(9)

 في ثقافة الشباب الأردني تم استطلاعه في فيلم "ست دقائق"، فإن المغنية اللبنانية نانسي عجرم هي البطلة، وقد استطاعت أن تتفوق على الروائي الفلسطيني الراحل غسان كنفاني والأديب السوري محمد الماغوط والعالمين آنشتاين وفرويد وأسماء كبيرة في العالم، وحتى رئيس وزراء إيطاليا سلفيو برلسكوني،

كل ذلك فقط من خلال سؤال "من صاحبة أغنية آه ونص"، هي كفيلة بذكر أسمها بفرح وسعادة غامرة بل وإحدى الفتيات استغربت من السؤال على أساس أنه من البديهيات.

نحن لا نتحدث عن شيء غريب، بل نسرد بعضا من وقائع الفيلم الأردني "ست دقائق" للمخرج يحيى العبد الله، ومدته 20 دقيقة، أنتج عام 2004، وقابل فيه عينة من الشباب الجامعي وطرح عليهم مجموعة من الأسئلة تناولت شخصيات عالمية وعربية سواء في عالم السياسة أو الأدب والعلم وحتى الفن، وطرح عليهم ما لا يقل عن 17 سؤالا كانت صيغتها تدور حول من صاحب هذه الشيء أو من هو ذاك، ومنها "من صاحب رواية رجال في الشمس": وهنا كانت الكوارث فمنهم من اعتقد أنها سيناريو فيلم أو أنها رواية روسية أو مسلسل سوري كوميدي وهكذا، علما أنها من أهم الروايات العربية للأديب الفلسطيني الشهيد غسان كنفاني، ليس هذا فحسب وعند سؤالهم عن من هو برلسكوني كانت الإجابات مضحكة في إصرارها على الجواب كأن يجيب أحدهم بكل ثقة أنها نوع من أنواع الإطارات أو آخر ذهب إلى أكثر من ذلك كأن جعله لاعب كرة قدم ومشهور أيضا.

والكثير من الشباب وهم من طلاب الجامعات لا يعرفون أبرز العلماء والذي يفترض أن يكونوا قد تعلموا موروثهم العلمي ضمن مناهج دراستهم، وعلى سبيل الاقتراب من معلومات يفترض أن يعرفوها سألهم المخرج يحيى عن علماء أمثال آنشتاين وسيجمنت فرويد لكن ثمة أميال بين ما قالوه والحقائق.

وفي محاولة من المخرج أن يقترب أكثر من ثقافتهم واهتماماتهم، سألهم عن من حاز على جائزة أوسكار العام الماضي عن فئة الممثلات وهي شيرز ثارون إلا أن الإجابات كانت في صلب الكوارث، أو من صاحب نص مسرحية "كأسك يا وطن" ليعتقد أغلبهم أنها لممثلها دريد لحام مع إجابات لا تعرف لكن كانت لمحمد الماغوط ذلك الأديب السوري الكبير.

في جغرافيا الدول بإمكان الباكستاني أو الأفغانستاني أن يزور الفاتيكان بكل سهولة ويسر طالما أنها مجاورة لهما، هذا بحسب إحدى الشابات الأردنيات، بل تذهب أخرى إلى وضع الفاتيكان بين روسيا وتركيا علما أنها تقع في قلب إيطاليا، كيف ولماذا لا ندري، وشاب آخر لم يسمع بها قط، وآخر يعتقد أنها في آسيا تقع وهكذا أجواء أجوبة الباقي.

قبرص جزيرة لا تحدها أي دولة طالما أنها تتوسط البحر المتوسط، لكن عند الشباب فإن لبنان وسوريا تحداها شمالا وجنوبا أو روسيا وتركيا أو مصر وهكذا الأجوبة، وفيما يخص دولة المجر الأوروبية فإن الغالب منهم أعتقدها دولة أفريقية والقلة القليلة أعتقدها تقع في شرق آسيا.

إلى هنا لم ننته بعد، فقد تكون ثقافتهم عروبية محض، لذلك قام وسألهم المخرج أن إيران انضمت إلى جامعة الدول العربية في أي عام ! فماذا تعتقدون الأجوبة: كانت كارثية لحد الضحك الهستيري فأغلب أجوبتهم تراوحت بين عامين 1983 أو 1984 وآخر لا يدري بأي عام انضمت للأسف، لذلك لا بد لنا أن نسدي النصيحة لإيران على أن تجعل اللغة العربية لغتها الرسمية.

أين رابطة الكتاب الأردنيين وكل المثقفين الأردنيين، من الشباب وهم يعددون ثلاثة أدباء فقط من الأردن، فكم من الخلط بين الشعراء والروائيين أو الممثلين، ليس هذا فحسب إنما يضمنون أسماء أدباء عرب في اعتقادهم أنها أردنية، وكل ذلك يهون أمام الأسماء الوهمية.

وليقترب أكثر من عالمهم فسألهم من صاحب أغنية "في قلب الليل"، لعلي الحجار، لكنهم عبس لم يدروا ما هي أصلا، بل أحدهم قال ضاحكا "لماذا تسألنا عن أغنيات قديمة جدا"، وعند سؤالهم عن صاحب أغنية آه ونص فكانوا متوحدين في الأجوبة وسعيدين جدا، بل حتى أن إحدى الشابات وجدت بأن السؤال بديهي وقالت للمخرج "هل هذا سؤال عن جد!"، حقا استطاعت نانسي عجرم أن تكون البطلة عند ثقافتهم والتي أظهر الفيلم مدى هشاشتها وسذاجتها لطالما أنهم لا يقرأون أبدا.

أي ثقافة يتمتع بها بعض شبابنا الأردني، لطالما أخفق في سؤال العلم والثقافة وحتى السينما والفن، بماذا يتسلح!

وبحسب المخرج يحيى العبد الله فإن فيلمه "ست دقائق" يسلط الضوء على الحالة الثقافية للشباب العربي في الأردن عبر طرح تساؤلات تتناول مختلف نواحي حياتهم السياسية والأدبية والثقافية والسينمائية والفنية في عصر تدنت فيه الرسالة الإعلامية من جهة وأضحت اهتمامات الشباب تنحو منحى سطحيا من جهة أخرى.

لذلك، ذيل عند بداية فيلمه أن البطل هو "نانسي عجرم"، وحول مغزى اسم الفيلم "ست دقائق" فهي تستند إلى معلومة مفادها أن الطالب العربي يقرأ خارج منهاجه الدراسي ستة دقائق فقط طوال العام.

عكس فيلم "ست دقائق" بصورة جلية ثقافة الشباب، واقعهم المأسوي، أليس جليا لمن يتابع هذا الفيلم أن يراجع نفسه ويسألها بأي ذنب أقتلك، ما هي المشاغل التي تأخذ الشباب عن الثقافة والاطلاع، ما هي الالتزامات التي حدت من معرفتهم عن من هو صاحب رواية رجال في الشمس، أو أين تقع الفاتيكان أو قبرص أو انضمام إيران إلى الجامعة العربية، ألا تستحق أجوبتهم التفكير حول ماذا يشغلهم عن بديهيات المعرفة!

لا تعكس تلك العينة مجمل الشباب في الأردن، لكن تعطينا مؤشرا واضحا على أن فئة ليست بقليلة لا تقرأ ولا تعرف معلومات أصبحت مدرجة في خانة المعرفة العامة، لذلك قد يكون المخرج يحيى عبد الله نجح في التعبير عن الأثر السلبي لوسائل الإعلام بما تحمله من ثقافة الـآه والنص،

يحيى العبد الله مخرج وناقد أدبي أردني، حاصل على درجة الماجستير في الأدب له كتاب نقدي بعنوان "الاغتراب: دراسة تحليلية لشخصيات الطاهر بن جلون الروائية"، ويعمل الآن كمعلم للأدب في مدرسة البكالوريا الدولية في عمان، تم عرض أفلامه في مهرجانات أفلام محلية وعربية، ومن أفلامه القصيرة "حجم عائلي" 2003 دراما مدته 3 دقائق، "الجدة اللطيفة" 2004 ومدته 10 دقائق، "عيون الأطفال" 2005 مدته 7 دقائق.

العراقيون والمطالعة ... قصة جفاء متبادل(10)

بين مقاهي الإنترنت والنوادي الطلابية، يقضي الطلبة العراقيون غالبية أوقات فراغهم بحثاً عما يمكن ان نسميه «ثقافة مبتورة» بعدما تخلى قسم كبير منهم عن الكتاب وبات الهاتف الخليوي والانترنت هما المصدر الرئيس لثقافة الكثيرين منهم، فيما لا يزال بعضهم الآخر يرى أن الكتاب هو سيد الثقافات الإنسانية على رغم بروز وسائل أخرى لمنافسته في العقدين الماضيين تتمثل بالقنوات الفضائية والإنترنت التي بات يستعيض بها البعض عن «ثقافة الكتاب» فيما يستخدمها البعض الآخر كوسائل ثانوية للثقافة والمعلومات. -->

وتختلف أذواق الشباب في اختيار ما يقرأون، ففي الوقت الذي يركز فيه بعضهم على اختصاص محدد يلجأ آخرون إلى تنويع اهتماماتهم الثقافية والفكرية حتى أنّ بعضهم يكاد يقترب من أذواق الشيوخ في اختيار ما يقرأ.

تقول إيمان الطالبة في كلية الآداب قسم التاريخ إن وسائل الاتصال الحديثة لاسيما «الإنترنت» سيطرت على اهتمام الشباب وأبعدتهم عن الاهتمام بالمطالعة، ما أدى الى تدني ثقافة الشباب الذين باتوا يعيشون على هامش الحضارة بعدما أصبح جل اهتماماتهم ينصب على أجهزة الهاتف الخليوي والبرامج الترفيهية في القنوات الفضائية وأصبح التلفاز و»الإنترنت» هما مصدر الثقافة الرئيس للكثيرين.وتصف ايمان الكتاب بـ «سيد الثقافة» وتؤكد انه على رغم تنوع الوسائل الحديثة التي تمنح معلومة جيدة لكنها لا يمكن ان تأخذ مكان الكتاب او تعوض عنه. وتعلق: «عندما اقرأ شكسبير وكانت ونيتشه وجبران، أدرك ان قيمة الكتاب ابدية وان دوره بات اسطورياً في حياتي، ولا يمكنني ان استعيض عنه بالانترنت على رغم استخدامي له كمصدر للمعلومات». وترى ايمان ان نسبة اقبال الشباب من الذكور على المطالعة اكبر منها بين الطالبات وترجع هذه القضية – بحسب ما ترى - الى توسع اهتمامات الرجل وضيق أفق المرأة «التي تبقى اهتماماتها محصورة في جوانب محددة لا تخرج عنها مثل الزواج والاطفال والمنزل وهي غالباً ما تفضل التقوقع وعدم الخروج منها».

اما فاطمة طالبة الماجستير في كلية الشريعة الاسلامية، فتقول ان اهتماماتها الثقافية تنحصر في اختصاصها وانها تحاول الاحاطة بكل ما يتعلق بمجال دراستها، وعلى ذلك فهي تميل الى قراءة سير الشخصيات المهمة في التاريخ لتستنبط منها الدروس والعبر. وتؤكد انها لا تهتم بالروايات او المؤلفات الاخرى ولا تحب ان تقرأ لكتاب معاصرين. وترى ان ظروف الحياة العصرية في المجتمع العراقي والمتاعب اليومية التي يتعرض لها الطلبة تدفع البعض منهم الى التخلي عن القراءة والانشغال بالعمل ما يؤول الى انطمار ثقافتهم، وتقول ان بعض الشباب ينشغل بالجري وراء الموضة ويميل كثر الى تقليد الشباب الغربي والانصياع الى مظاهر الموضة ويعتبرونها جزءاً رئيساً في ثقافتهم مبتعدين عن الاسس الرئيسة للثقافة الانسانية.

ويؤكد غالب طالب الماجستير في كلية الآداب، انه اعتاد قضاء العطل الدراسية في المطالعة التي يجد فيها وسيلة تثقيفية وترفيهية معاً. ويقول غالب الذي بدأ القراءة وهو في السادسة عشرة من عمره حينما استهوته سلسلة قصص «الف ليلة وليلة»، إنه يعشق شكسبير وتولستوي وموليير والمتنبي ويقرأ للجاحظ وانه يتابع البرامج الثقافية في الفضائيات ويستخدم الانترنت للحصول على المعلومات، لكنه لا يستغني عن الكتاب. ويؤكد انه ينفق بعض مدخوله على شراء الكتب على عكس شقيقته «التي تنفق نقودها في شراء الملابس العصرية ومستحضرات التجميل» كما يقول.

وترى جنان ان المطالعة تزودها بالمزيد من الثقافة والمعلومات المهمة وتمنحها الثقة في إدارة الحوار مع الآخرين لشعورها بوجود خزين ثقافي يؤهلها لذلك. وعن الكتب التي تفضل قراءتها تقول انها تقرأ لاميل زولا وفيكتور هوغو واغاثا كريستي - التي استهوتها مؤلفاتها منذ المراهقة وتفضل كتابات عبد الرحمن منيف، لكنها تكره الشعر ولا يستهويها ابداً، وتهتم كثيراً بكتب الكومبيوتر والبرمجيات وتقول: «القراءة تسليني وتزيد ثقافتي وتنسيني الكثير من همومي اليومية». وعن ثقافة الشباب، تقول ان غالبية الشباب تعتقد ان الثقافة تكمن في نوعية الهاتف الخليوي الذي يقتنونه ومدى تماشي الملابس التي يرتدونها مع الموضة.

ويقول ناصر الطالب في كلية اللغات قسم اللغة الفرنسية، ان مطالعته بدأت بقراءة كتاب «كليلة ودمنة» وان هذا الكتاب كان المفتاح الأول لدفعه الى الإقبال على قراءة الكتب بمختلف الاختصاصات، لكنه يعترض على اعتماد الكتاب مصدراً رئيساً ووحيداً للثقافة ويقول: «ان الوسائل الحديثة لها دور كبير في حياة الانسان واتساع آفاقه الذهنية».

أما كمال الطالب في كلية التربية قسم الجغرافيا، فينتقد تمسك بعض الطلبة بقراءة الكتب واعتبارها وسيلة وحيدة للتثقيف ويقول «اعتقد ان الإنترنت والفضائيات هي الأسرع في تثقيف الفرد»، ويعلّل الامر قائلاً: «أن متابعة برنامج ثقافي عن الحرب العالمية الثانية على إحدى الفضائيات قد لا تزيد مدته على ساعة واحدة تعوضني عن قضاء أسبوعين في قراءة كتاب في الموضوع ذاته ويزودني بالمعلومات ذاتها». ويلوم انتقاد البعض لتدني ثقافة الشباب ويتساءل: «لماذا ينظر الآخرون الى الثقافة على انها قراءة الكتب فقط؟».

وعلى رغم اختلاف القناعات في انخفاض مستوى ثقافة الطلبة والشباب في الجامعات العراقية، يؤكد كريم سامي، استاذ علم الاجتماع في كلية الآداب ان قضية تدني مستوى ثقافة الشباب باتت ظاهرة عامة بسبب غزو الحضارة وبروز وسائل جديدة تستقطب اهتمامات الشباب الى جانب المتاعب النفسية اليومية التي يتعرضون لها في مجتمع غير مستقر سياسياً وأمنياً ما ينعكس على جميع جوانب حياتهم ومنها ثقافتهم.

المنتديات تسهم في تشكيل ثقافة الشباب(11)

  يرغب المرء أحيانا في الترفيه عن نفسه، أو مشاركة غيره في أفكاره واهتماماته، ويرغب أيضا في التواصل مع أناس آخرين قد يختلفون معه في الرأي فيضيفون على اهتماماته اهتماما آخر، وقد يشجعونه ويغيرون بعض مفاهيمه السلبية، ويجعلون منه شخصا مبدعا ومحبا للقيم..

فالمنتديات من حيث المبدأ ساحة للرأي والرأي الآخر، ووسيلة للالتقاء بالآخرين والتعرف إليهم..

ومن هذا المنطلق قام الشاب الإماراتي أحمد سعيد النقبي بإطلاق موقعه سواح “sawwa7.net” الموجه لكافة الفئات العمرية، والذي يهدف إلى احتضان المواهب الشبابية المنظمة للموقع من التصميم والتصوير والرياضة وغيرها من المواهب الأخرى.

 حوار: جميلة إسماعيل

 بداية.. ما الذي شجعك على إطلاق موقعك الإلكتروني؟

 بصراحة شجعتني الكثير من الأمور، فالمنتديات الإلكترونية تمثّل بالنسبة إلى معظم الشباب الإماراتيين مجالس ثقافية وشعرية وأحياناً سياسية، يناقشون فيها كل الأمور من دون سقف أو حدود. وهذه المساحة من الحرية التي تمنحها المنتديات والمواقع الإلكترونية لكل الرواد، خصوصاً الشباب منهم، دفعت بعض المثقفين إلى الاعتقاد بأن “مرحلة المنتديات” في الإمارات جديرة بأن تسجل كعلامة فارقة في التطور الثقافي والفكري لشرائح الشباب..كما أن المراقبين لنمو هذه المنتديات يعتبرونها عاملاً مهماً في تشكيل ثقافة الشباب، الذين يمثلون غالبية المجتمع الإماراتي وفق آخر الإحصاءات..

 هل تتفق أن المنتديات الإلكترونية تصنع وعي الشباب؟

 الدور الذي تلعبه هذه المنتديات في صناعة وعي الشباب ومواهبهم أو تنميتها، لا يزال موضع تساؤل بين المهتمين.فبينما يتساءل البعض إذا كان من الممكن توقع أن يخرّج المنتدى أدباء وشعراء، يجزم آخرون بأن ذلك حدث بالفعل..فالمنتديات الإلكترونية بأقسامها المختلفة أوجدت مجالاً للحوار بعيداً من الرقابة، وعززت لدى البعض المهارات الإدارية من خلال الوضع الهرمي الإداري فيها، وهي إلى ذلك خرّجت كتاباً وشعراء أحسنوا استغلالها.كما أنها أنتجت في المقابل مهرجين، لم يستفيدوا منها إلا بإثارة النعرات والشغب.

 وما نسبة حرية الحوار الذي يوفره موقع “سواح” لأعضائه؟

 إن تجربة الحوار المفتوح بين الأعضاء في موقع ومنتديات “سواح” أدت لانعكاسات ايجابية في نفوسهم، نتيجة للشعور بالانتماء للموقع وإدارته، والاستقرار النفسي، إضافة لنمو أسلوب الحوار واحترام وجهات النظر، والقيم التربوية الايجابية، وأصبحوا يشعرون بفعاليتهم في إنجاح مبدأ الحوار الراقي بينهم..علاوة على ذلك فالحوار يحمل في طياته احترام الذات الإنسانية واستقلالها، فلا تفرض عليه الأفكار والتجارب، وإنما تنمو مع الذات عن طريق اكتسابها شخصياً بالمناقشة والحوار، وهذا ما أردت إبرازه في أعضاء الموقع.

 وكيف ترى إقبال الفتاة الإماراتية على المواقع الإلكترونية؟

 المنتديات الإلكترونية أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حديث الساعة، فقد ساهمت في تطور المشاريع الشبابية، واللافت الإقبال الكبير من العنصر النسائي بالمشاركة بشكل واسع، ونجد أن المنتديات الخاصة بالسيدات وخاصة سيدات الأعمال زادت بالتداول في الانترنت، والمرأة الإماراتية وجدت فرصة ملائمة من خلال هذه المنتديات للدخول إلى سوق العمل والتحدي والمنافسة مع الجنس الآخر.كما ساهمت في زيادة الوعي من خلال نشر المعلومات والتحليلات التي يوفرها المختصون من أصحاب الخبرة في بعض المجالات مثل المشاريع التنموية.. وبشكل عام فإن الفتاة الإماراتية وجدت في هذه المنتديات فسحة واسعة للتعبير والكتابة.

 وما المميز في موقع ومنتديات “سواح”؟

 موقع ومنتديات “سواح” عبارة عن مجموعة من الملتقيات الثقافية والعلمية والفكرية، وفرت للكثيرين إمكانية الكتابة والإبداع في مجال الشعر والنثر وكتابة الخواطر، خصوصاً في ظل قصور وسائل الإعلام المطبوعة عن احتضان هذه الإبداعات، إضافة إلى صعوبة النشر وارتفاع كلفة طباعة المؤلفات وعزوف الكثيرين عن قراءة الكتب والمطبوعات الدورية.

 ما رأيك بالمنتديات العربية الشبابية؟

 الانترنت فضاء مفتوح للحوار والتجدد والإبداع، فهو أداة ناجعة في بناء الإنسان وتكامل شخصيته على كافة الصعد والمجالات، ويدعو الى الاحترام والتقدير المتبادل بين كافة أطرافه والقائمين عليه مهما اختلفت آراؤهم وتباينت..كما تعد المنتديات الحوارية على شبكة المعلومات العالمية (الإنترنت) إحدى وسائل حرية التعبير لإثراء الحوار الفكري والتعرف إلى افكار الآخر ونقده او تقبله، هذا من الناحية النظرية، ولكن من ناحية الواقع العملي تحولت تلك المنتديات الى ساحة لتصفية الحسابات بين الخصوم، وميدانا للمهاترات والاتهامات بالجملة التي لا تعتمد على أسانيد وأدلة حقيقية.

وأحيانا تتم فيها الاشادة بمن نريد.. ورفض من لا نريد، يسأل البعض عن حرية التعبير وهذا حق مشروع ولكنهم في الوقت نفسه، لا يتركون للطرف الآخر الفرصة للرد، وتكون اتهاماتهم مليئة بالتحقير والاساءة والانتقاص من انسانيته.

...............................................................

المصادر/

1- د . هادي نعمان الهيتي/ البلاغ

 2-   منتدى الاصلاح العربي

 3- اهل البيت اونلاين

 4- جمال الشريف / موقع افكار

 5- فراس الجندي /    جريدة النور السورية

 6-  سليمان العسكري/ البلاغ

 7- مي ملكاوي/ راديو عمان نت

 8- د. سعيد بن ناصر المرشان/ مجلة كلية الملك خالد العسكرية

 9- محمد شما/ راديو عمان نت

 10- خلود العامري / جريدة الحياة

 11- أحمد النقبي/ جريدة الخليج

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 15 آب/2007 -1/شعبان/1428