اصدارات جديدة: الثقافة العالمية.. ومقتطفاتها السينمائية

شبكة النبأ: عندما سطعت شاشة السينما الفضية أول مرة في أواخر القرن التاسع عشر، كان هذا إيذاناً بفتح نافذة إبداعية جديدة في التاريخ الثقافي للإنسان، فلم تعد السينما مجرد وسيلة للتسلية والمتعة، بل صارت من أهم الوسائط الجماهيرية التي تقدم الثقافة، وتثير القضايا، وتتلمس السبل لمعالجة الخلل، وتقترح الحلول للمشكلات الكثيرة التي تواجه الإنسان. والأهم من كل ذلك، صارت هذه الشاشة الساحرة التي احتضنت كل الفنون وصهرتها في بوتقة واحدة لتجعل منها صناعة مهمة وتجارة رائجة، صارت من أكثر الوسائط تأثيراً في الرأي الجمعي سواء في المجتمعات المحلية، أو على المستوى الدولي.

وقد رأت هيئة تحرير (الثقافة العالمية) أن تفرد هذا العدد للسينما وقضاياها، وتأثيرها وطموحاتها، رامية إلى أن يكون فرصة للقارئ للإطلالة على عالم السينما الواسع، بما يحتضنه من فن وفكر على السواء، خصوصاً أننا مقبلون على فصل الصيف، الذي يحلو فيه التزود بهذا المزيج المتوازن بين القراءة الجادة والمتعة الراقية، وهو ما نأمل أن نكون قد حققناه في هذا العدد.

في ملف العدد: (مقتطفات من السينما العالمية) نقدم لمحة سريعة لأهم محطات صناعة السينما في مختلف دول العالم.

أولى محطاتنا في حيفا حيث (الإبداع الفلسطيني يفرض نفسه) يستعرض المقال عدداً من الأفلام الفلسطينية التي فازت بجوائز مهرجانات أوروبية وإعجاب النقاد. من الأفلام المتميزة بحق فيلم (كن هادئاً) للمخرج سامي زوابي الذي حصل على جائزة في مهرجان (كان) العام 2005، بالإضافة إلى الكثير من الأفلام التي استرعت اهتمام النقاد وحازت تقارير في صفحات المجلات العالمية.

كما يستعرض الملف تجربة السينما في الأرجنتين وفي إسرائيل وفي روسيا والجزائر. كما يقدم لنا ملف العدد لمحة عن (السينما السوداء) أي السينما التي تظهر الزنوج في أفلامها. يبين مقال (الزنجي الأسود في السينما البيضاء) مدى الاضطهاد الذي كان يمارس على الزنوج منذ بدايات القرن العشرين حيث لم يكن مسموحاً لهم حتى بالظهور أمام الكاميرا لتأدية دور الخادم أو العبد أو أيا كان، فقد كان المخرجون يرون أن السود غير جديرين بأداء أدوارهم بأنفسهم لذلك كانوا يستعينون بممثلين بيض لأداء تلك الأدوار، وذلك بعد أن يغيروا من ملامحهم ويصبغوهم باللون الأسود. في سنوات لاحقة سمح للسود بأداء أدوارهم بأنفسهم، إلا أن أدوارهم كانت مقصورة على شخصيات العبيد والمجرمين. ولم يحصل السود على أحقيتهم بتمثيل أدوار إيجابية وفاعلة في السينما البيضاء إلا بعد الحرب العالمية الثانية.

ويختتم ملف العدد جولته السينمائية في الهند التي تعد تجربتها من أثرى وأعمق التجارب الإنتاجية على الرغم من تحفظ بعض الآراء التي ترى بأن صناعة السينما الهندية تبقى دون المستوى إذا ما قورنت بالإنتاج العالمي.

ونقرأ لكينث نيل كوكير (من سيتحكم بالإنترنت؟)

مثله مثل الوثائق التاريخية، كان البيان الصادر عن وزارة التجارة الأمريكية في الثلاثين من يونيو 2005 مقتضباً، باهتاً، حتى وفق المعايير الأمريكية لعدم التمسك بالرسميات؛ فقد غابت عنه اللغة المنمقة، ولم يحمل تواقيع مُهرت بأقلام الحبر، ولم يحمل الختم الرسمي للولايات المتحدة – كان مجرد 331 كلمة كُتبت على صفحة واحدة. لكن بساطة العرض تعطي فكرة خاطئة عن أهمية المحتوى، الذي تمثل في محاولة واشنطن لتسوية معضلة بالغة الأهمية للسيطرة الدولية في القرن الواحد والعشرين: من يتحكم بالإنترنت؟

تتطلب أي شبكة لنوع من السيطرة المركزية لكي تؤدي عملها؛ فعلى سبيل المثال تخضع منظومة الهاتف الدولية لإدارة أقدم منظمة أنشئت بمعاهدة دولية في العالم وهي (الاتحاد الدولي للاتصالات) الذي تأسس في العام 1865، وهو الآن جزء ضمن أسرة الأمم المتحدة، لكن حال الإنترنت مختلف، فهي تخضع للتنسيق من قبل منظمة لاربحية خاصة تسمى (مؤسسة الإنترنت للأرقام والأسماء المعُينة) (ICANN)، والتي أسستها الولايات المتحدة في العام 1998 لتتولى القيام بالأنشطة التي كان، ويا للدهشة، يقوم بها أستاذ جامعي واحد يترك جديلة شعر طويلة من كاليفورنيا طوال 30 سنة.

لقد اختمر الخلاف حول من يتحكم بالإنترنت في دوائر السياسات التكنولوجية المنعزلة لسنوات، وتسلل هذا الخلاف مؤخراً إلى المحادثات الدبلوماسية الرسمية. تشعر كثير من الحكومات بأن الإنترنت، مثلها مثل الشبكة الهاتفية، يجب أن تدار بموجب معاهدة متعددة الأطراف. ومن وجهة نظر هذه الحكومات، فإن مؤسسة (ICANN) تمثل الهيمنة الأمريكية على الفضاء التخيلي Cyberspac: فأسلوبها الشبيه بالقطاع الخاص يعمل لمصلحة الولايات المتحدة، كما أن واشنطن تحتفظ بسلطة الإشراف، في حين لا تتمتع لجنتها الاستشارية الحكومية والمكونة من مندوبين من الدول الأخرى بسلطات حقيقية.

ونقرأ بقلم كارولين جرين (عقول نابغة ونفوس معذبة)

هل تقترن العبقرية الحقة بالعقل السوي؟ كارولين جرين تميط اللثام عن الحيوات المعذبة التي عاشها بعض من أعظم مفكري وفناني العالم، وطبقاً لما قاله الكاتب الفرنسي الشهير مارسيل بورست فإن: (كل الأشياء العظيمة تولد من أشخاص عصابيين). وكان هذا الرجل في موقف يسمح له بأن يدرك هذا الأمر. فقد كان بالغ الحساسية للضوضاء لدرجة أنه بطّن جدران منزله بالفلين، وعندما بدأ يصنف آخر كتبه، مرض ولزم فراشه لمدة خمسة عشر عاماً.

وقد توطدت فكرة ارتباط العبقرية بالجنون، منذ زمن الإغريق القدماء، وعلى حد قول الأستاد الجامعي جوردن كلاريدج من قسم علم النفس التجريبي في جامعة أكسفورد: (ثمة كتابات كثيرة توحي بوجود علاقة ما، فعندما يصل الأشخاص إلى مستويات عالية من الإبداع، فالأغلب أنهم يفكرون بطرق غير عادية، يمكن أن تتشابه مع تلك التي يفكر بها الأشخاص المصابون بأمراض عقلية، ويمكنك القول إن هناك تشابهاً في الأسلوب المعرفي).

وتوصلت الأبحاث التي أجرتها كيي جاميسون أستاذ الطب العقلي بجامعة جونز هوبكنز في بوسطن، إلى أن الاضطراب القطباني Bipolar Disorder، وهي حالة تتميز بتأرجح المزاج بين الاكتئاب والابتهاج الهوسي، وحالتها المعتدلة المسماة (المزاج الدوري) Cyclothymia أكثر شيوعاً بشكل واضح بين الكّتاب والفنانين أكثر من الأناس العاديين.

ويمتد مجال الفنانين والموسيقيين المشهورين الذين ينطبق عليهم هذا الوصف من الفنان (مايكل آنجلو) إلى كورت كوبان المغني الرئيسي السابق لفرقة (نيرفانا) الموسيقية. كذلك يبدو أن الألمعية في العلم تتوافر أحياناً مقابل ثمن باهظ يتم دفعه، ولعل أشهر الأمثلة هنا عالم الرياضيات جون ناش، فقد عانى هذا الرجل من (الفصام) Schizophrenia، وهو اضطراب نفسي وعقلي يتميز عادة بالانسحاب من الواقع والتفكير بطرق مناقضة للمنطق وتوهمات وهلوسات.

ونقرأ لروبرت د. كابلان (هكذا نواجه الصين)

إن الشرق الأوسط ليس سوى البداية، فالمناقشة على الساحة العسكرية بين الولايات المتحدة والصين في المحيط المهادي هي التي ستحدد القرن الواحد والعشرين، فضلاً عن أن الصين خصم أكثر ضراوة مما كانت عليه روسيا.

منذ مدة لم تشكل قوات بحرية أو جوية أجنبية أي تهديد للولايات المتحدة، والمنافسة الوحيدة التي تتعرض لها هي الجيوش البرية سواء كانت قوات نظامية تقليدية أو حرب عصابات. ولكن ذلك مرشح لأن يتغير بسرعة، فالبحرية الصينية مهيأة لأن تدفع بنا نحو المحيط الهادي – وعندما يحدث ذلك سرعان ما تواجه قوات بحرية وجوية أمريكية غير مستعدة لأن تتزحزح عن مواقعها على ساحل القارة الآسيوية. وليس من الصعب تصور نتيجة ذلك: وهو عودة الحرب الباردة التي استمرت بضعة عقود، مع انتقال مركز الثقل من قلب القارة الأوروبية إلى الجزر المرجانية المنتشرة بالمحيط الهادي والتي كانت آخر ما تناولتها نشرات الأخبار عندما اقتحمتها قوات المارينز في الحرب العالمية الثانية. وفي العقود القادمة ستلعب الصين معنا لعبة الكرَّ والفرَّ في المحيط الهادي مستفيدة من المزايا التي تتمتع بها والتي لا تتمثل في ساحلها الممتد فحسب بل وأيضاً في قاعدتها الخلفية التي تمتد داخل آسيا الوسطى حيث سيمكنها ذلك في نهاية المطاف من إطلاق صواريخ وتوجيهها بدقة نحو السفن المتحركة في المحيط الهادي.

ونقرأ لجويل إ. كووين (تعداد البشر يزداد)

عندما يتضخم عددنا إلى نحو تسعة بلايين في نصف القرن المقبل، فإن البشرية سوف تمر بتحولات تاريخية في التوازن بين الشباب والشيوخ، والأغنياء والفقراء، والحضريين والريفيين. وسوف تحدد اختياراتنا الآن وفي السنوات التالية إلى أي مدى نحسن التعامل مع شيخوختنا حينئذٍ.

يمثل العام 2005 نقطة المنتصف في عقد يشهد ثلاثة تحولات مهمة وفريدة في تاريخ البشرية، فقبل العام 2000 كان عدد الشباب يفوق دائماً عدد الشيوخ. وبدءاً من سنة 2000 فصاعداً، فإن عدد الشيوخ سيزيد على عدد الشباب. وحتى العام 2007 تقريباً، فإن تعداد الريفيين سوف يربو دائماً على عدد الحضريين. وبداية من العام 2007 على وجه التقريب وما يليه، فإن عدد الحضريين سيفوق عدد الريفيين. ومنذ العام 2003 وما تلاه كان متوسط إنجاب المرأة طوال حياتها في جميع أنحاء العالم، عدداً قليلاً جداً من الأطفال أو بصعوبة ما يكفي ليحل محلها ومحل الأب في الجيل التالي.

أما القرن الذي يمثل العام 2000 النقطة الوسطى فيه فإنه سيشهد – بالإضافة إلى ذلك – تحولات مهمة وفريدة في تاريخ البشرية. وأولى هذه التحولات أنه ليس هناك أي شخص مات قبل العام 1930 قد شهد تضاعف عدد البشر، كما أن أي شخص سيولد في العام 2050 أو بعده ليس من المحتمل أن يشهد تضاعف عدد البشر. وعلى النقيض من ذلك، فإن كل شخص يبلغ من العمر 45 عاماً أو أكثر اليوم قد شهد تزايد أعداد البشر إلى أكثر من الضعف، من ثلاثة بلايين في العام 1960 إلى 6.5 بليون في العام 2005. وكان أقصى معدل تزايد في السكان وصلت إليه البشرية، وهو حوالي 2.1 في المائة سنوياً، قد حدث بين العاميين 1965 و1970.

ولم يحدث مطلقاً أن تزايد عدد البشر بمثل هذه السرعة قبل القرن العشرين، وليس من المحتمل على الإطلاق أن ينمو بسرعة مماثلة. وسوف ينظر أحفادنا إلى الذروة التي شهدتها أواخر الستينيات بحسبانها الحدث الديموغرافي الأهم في تاريخ عدد البشر، وذلك على الرغم من أن أولئك الأشخاص بيننا الذين عاصروا هذه الذروة لم يدركوا هذه الحقيقة في ذلك الوقت.

وثانية هذه التحولات أن التناقص الكبير منذ العام 1970 في معدل نمو سكان العالم إلى 1.1 أو 1.2 في المائة سنوياً قد نشأ اليوم أساساً من اختيارات بلايين من الأزواج والزوجات في جميع أنحاء العالم بتحديد عدد الأطفال المولودين. وربما تكون معدلات نمو سكان العالم قد ارتفعت وانخفضت عدة مرات في الماضي. وعلى سبيل المثال، فإن أوبئة الطاعون الكبرى والحروب في القرن الرابع عشر قد خفضت ليس فقط من معدل النمو بل من الحجم المطلق لسكان العالم، وكان كلا التغيرين دون رغبة من الإنسان إلى حد بعيد، ولم يحدث قبل القرن العشرين أن كان انخفاض معدل زيادة سكان العالم أمراً اختيارياً.

وآخر هذه التحولات أن نصف القرن الماضي قد شهد – كما سوف يشهد نصف القرن التالي – تحولاً هائلاً في التوازن الديموغرافي بين المناطق الأكثر تطوراً في العالم والمناطق الأقل تطوراً. وفي حين أنه في العام 1950 كانت المناطق الأقل تطوراً تضم تقريباً ضعف سكان المناطق الأكثر تطوراً، فإنه بحلول العام 2050 سوف تزيد النسبة على ستة إلى واحد.

ونقرأ بقلم نيكولاس إيبرشتات (روسيا.. رجل أوروبا المريض)

يقع الاتحاد الفيدرالي الروسي هذه الأيام في قبضة شرك من المشاكل الديموغرافية يزداد ضيقاً باستمرار، وتسمية ذلك بـ(أزمة) ليس من قبيل المبالغة تقوم هذه الأزمة بتعديل حقل الاحتمالات الممكنة للبلد والشعب – بشكل مستمر مباشر وسلبي، فالأوضاع الاجتماعية الروسية والإمكانات الاقتصادية والقوة العسكرية والنفوذ الدولي، كلها تتعرض لإكراهات ديموغرافية سلبية – وليس أمام هذه الإكراهات إلا الازدياد سوءاً في السنوات التالية.

روسيا الآن على شفا انخفاض سكاني شديد الانحدار – نزيف في وقت السلم يؤطره انهيار في نسبة المواليد مع ازدياد مأساوي في معدل الوفيات. القوى التي شكلت هذا الاتجاه نحو التفريغ السكاني والضعف هي قوى شديدة، وهي الآن متجذرة في التربة الروسية. تعديل هذا المسار الديموغرافي الروسي مهمة في غاية الصعوبة تحت كل الظروف. ولسوء الحظ، فلا القيادة الروسية ولا الجمهور الانتخابي الذي يمدها بأسباب الوجود بدأ بمواجهة تحديات البلاد الديموغرافية الهائلة.

ونقرأ بقلم إيروكاسترين (هل المزاج كيمياء؟)

تقترح الفرضية الكيميائية للاكتئاب أن اضطرابات المزاج تنشأ عن خلل في التوازن الكيميائي في الدماغ، والذي يمكن تصحيحه بالعقاقير المضادة للاكتئاب. وعلى أية حال، فإن الأدلة الحديثة تشير إلى أن مشكلات في معالجة المعلومات ضمن الشبكات العصبية، يمكن أن تكون أساساً للاكتئاب، وليس تغيرات في الإتزان الكيميائي، وأن العقاقير المضادة للاكتئاب تُحَرِّض تغيرات مرنة في اتصالية الخلايا العصبية (العصبونات)، مما يؤدي تدريجياً إلى تحسنات في معالجة الخلايا العصبية للمعلومات وشفاء المزاج.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 8 آب/2007 -24/رجب/1428