جبهة التوافق والبطاطس الساخنة

شوقي العيسى

سلال ممتلئة من حبات البطاطا وكلٌ أخذ سلته وضعها أمامه وفي متناول يده حبة من حبات البطاطا الساخنة وجلس مترقباً السوق وقد أمتلئ بالسلال الساخنة، وأصبح السوق السياسي سوق مليء بالسواخن من أقصاه الى أقصاه، فياترى مالخطب والأمر؟؟؟؟ الذي جعل هؤلاء يحملون سلالهم ويضعونها مترقبين المشهد السياسي الساخن. هل هناك حفلة لشواء البطاطا؟؟؟

منذ أن فتح باب حرية الممارسات الذاتية على المستوى السياسي والفكري في العراق بعد أن تم تحويل كومة أفكار بعثية حكمت العراق الى رماد بات واضحاً أن تتطاير ذرات ذلك الرماد بين الفينة والأخرى، وبما أن التعددية تحصيل حاصل في المجتمع العراقي فأصبح هناك نوع من الإنفتاح على الجميع للإنظمام الى تركيبة الحكومة العراقية والبرلمان العراقي للمشاركة فيه بجدية.

وقبل أن ينفض المشاركون ذرات الرماد العالقة بأكتافهم والدخول الى عمق العملية السياسية تم تشخيص أطراف كان همها الوحيد أن تقذف بحبات البطاطا الساخنة الى أطراف أخرى،، ولم يبتعد عن أولئك الذين شخصهم المجتمع العراقي والذين انخرطوا بجبهة التوافق حتى بدأ المشهد وكأنه حلبة صراع بحبات البطاطا الساخنة،حيث أبتدأت الجبهة بقذف حباتها منذ اليوم الأول للأنتخابات العراقية وقبل أن يتم فرز الأصوات أتجهت الى الرمي بحبة البطاطس الساخنة على أكبر القوائم في تشكيلة العملية السياسية وقبل أن يتم تبادل تلك الحبات أتجهت القوائم الفائزة بالأنتخابات بالسعي لمشاركة الجميع بغض النظر عن الإستحقاق الإنتخابي، وهذا ماجعل نقطة تكون سلاح ذو حدين في أنشاء حكومة عراقية قوية.

وما ان تم مشاركة الجميع وادخالهم في العملية السياسية فقد بدأت مرحلة أخرى من قبل جبهة التوافق بالإستعداد لحمل حبات البطاطس الساخنة وتوجيهها للحكومة العراقية حتى تمكنوا من خلق قضية "صابرين الجنابي" انطلاقة للقذف تجاه الحكومة واصابتها بذلك التطاير الذي يكون متشعّب الأطوار والأدوار، حتى جعل من الحكومة العراقية في موقف لاتحسد عليه حتى بان لؤم الأصابع الخبيثة والدنيئة التي تاجرت بتلك القضية لا لشيء وانما لكي ترمي بحبات البطاطس الساخنة تجاه الحكومة العراقية.

واستمرت الأحداث واستمر تبادل حبات البطاطا الساخنة من قبل الجميع حتى أطلق عليهم "توم وجيري" الى أن اتضحت الرؤيا وبانت الحقائق الدامغة وكشف المستور من قبل أعضاء من جبهة التوافق وتورطهم واشتراكهم في العمليات الإرهابية وما تلك حبات البطاطس الساخنة إلا لأشغال الرأي العام عن الممارسات المشبوهة في رفد مشاريع الإرهاب واخلال العملية السياسية وارجاعها الى المربع الأول، وهذا بطبيعة الحال لا يمكن تصنيفه في مرحلة ما بعد التغيير في العراق لأن تركيبة الشعب العراقي تعتبر تركيبة معقدة لايمكن اخضاعها لمتغيرات الساحة.

وفي نظرة سريعة لمجمل أداء جبهة التوافق نرى أنها..... جبهة ولكن بدون توافق وهذا ماجعلهم يحملون سلة البطاطا الساخنة لرميها على الآخرين وأتهامهم لسياسيين مناضلين من أجل التحرر عندما كان بعض من أعضاء الجبهة في الأطراف المتقابلة ولذلك يرى المحللون السياسيون أن هذا التناقض والتغيير الذي يجعل من أعوان للنظام المقبور الى بدلاء عنه، وهذا ماخلق ويخلق حالة التوجس من أداء الجبهة المستمر بالمتناقضات وتقاذفها للبطاطس الساخنة.

كان آخر حبات البطاطس الساخنة لجبهة التوافق هو البيان التاريخي الأخير لهم وتهديدهم للحكومة العراقية بالإنسحاب منها بل محاربتها على رأي عضو من أعضائها.

 وهنا كان لزاماً أن تعيد الحكومة العراقية تلك الحبات على جبهة التوافق وترشقها بحباتها، وأعتقد أن موقف الحكومة الذي جاء متأخراً نسبياً في أعادة تلك الحبات الى الجبهة التي يجب أن تعرف حجمها الحقيقي وأن الحكومة العراقية انما هي حكومة منتخبة من قبل الشعب العراقي وليس من قبل الجبهة حتى يكون موقف الجبهة السلبي داخل أطار سلسلة من المتغيرات السياسية ودائرة من دوائر المهازل والتقاذف بحبات البطاطا الساخنة.

لقد كانت حبات البطاطا الساخنة الملقاة من قبل رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وكافة السياسيين العراقيين لكي تعيد جبهة التوافق الى رشدها وتضعها وتحصرها في مربع وخيارين إمّا الإستمرار في رفد الحكومة المنتخبة والإ الرحيل، وياحبذا لو تختار الرحيل وتترك الحكومة والشعب العراقي وتتفرّغ لرفد العمليات المناوئة للحكومة وتحضّر سلال حبات البطاطس الساخنة.

يا حبذا لو تغفل الحكومة العراقية في الوقت الحاضر عن تلك الأصوات الداعية الى اعادتهم لأن معظم الشعب العراقي سئم من تصرفت جبهة التوافق وادائها الغير مجدي نفعاً في خدمة الشعب العراقي.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 7 آب/2007 -23/رجب/1428