الإستفتاء في كركوك هل هو بداية الفوضى في شمال العراق؟

شبكة النبأ: يتطلع الاكراد في شمال العراق منذ اكثر من نصف قرن الى استكمال الحلم الكردي في بلورة دولة كردية قد يعتبر اقليم كردستان حاليا النواة الواعدة لها، ومع ان الاكراد يصرحون بشكل دائم ومنذ 2003 على انه كان بامكانهم الاستمرار بالإنفصال والبقاء على الوضع الذي هم عليه منذ العام 1991 وانهم اختاروا الرجوع طوعيا الى الخيمة العراقية، الا ان المحللون يرون هذا الرأي ذر رماد في العيون، وان الاكراد، وهذا من حقهم كأمّة، سيعلنون عاجلا ام اجلا استقلالهم حالما تتوفر لهم شروط الدولة، وتكتمل تطلعاتهم في استرجاع كركوك الغنية بالنفط، حيث انهم الان محاصرون من جميع الجهات بدول لا ولن تجيز لهم الانفصال في الوقت الحالي على الاقل.

ويتوقع الانتهاء من إعداد لائحة بأسماء الناخبين للاستفتاء في المناطق الغنية بالنفط المتنازع عليها في شمال العراق، في خطوة طال انتظارها بالنسبة إلى الاكراد العراقيين الذين يزعمون بأنها انتزعت منهم بسبب سياسات الدكتاتور صدام.

ويجري ذلك من دون ضجة كبيرة وسط دوامة العنف في باقي أجزاء العراق، لكن الاستفتاء حول المناطق المتنازع عليها، وبخاصة كركوك، قد يكون عود الثقاب الذي يشعل برميل البارود هناك.

إن أكثر من %10 من احتياطي النفط المثبت في العراق، والثالث من حيث الضخامة في العالم، ويقدر بحوالي 115 مليار برميل نفط موجود في منطقة كركوك. وتاريخياً، كانت هذه المدينة كردية على الرغم من أن التركمان والمسيحيين والسنة والشيعة العرب ليسوا أغراباً فيها.

وعانى الاكراد الكثير تحت حكم الدكتاتور صدام الذي قصفهم بالاسلحة الكيميائية وحرم مناطقهم من المشاريع الاستثمارية في إطار برنامج سياسة تعريب المناطق الكردية بالقوة وإسكان السنة العرب فيها.

وأراد الاكراد بعد انقضاء فترة حكم صدام حسين تغيير هذا الواقع، فطالبوا بحكم شبه ذاتي عند المشاورات حول تشكيل الحكومة وإعلان الدستور في عام 2005، كما طالبوا بالتحكم بشكل أقوى، محلياً وإقليمياً، في جزء أكبر من قطاع النفط. بحسب يو بي أي.

وشكا القادة الاكراد من بطء الحكومة الفدرالية العراقية في إعادة الاكراد الذين رحلوا من مناطقهم قسراً إلى ديارهم والتحقق من لائحة الناخبين بحلول العام الجاري وتنظيم الاستفتاء.

وقال قباد طالباني، ابن الرئيس العراقي جلال طلباني وممثل حكومة كردستان الاقليمية في العراق لدى الولايات المتحدة ليونايتد برس انترناشونال: لا يزال هناك الكثير من خيبة الامل، مشيراً إلى وجود تقدم بطيء أو عدم تقدم في تطبيع الامور في كركوك. وإذا ما تمت المصادقة على الاستفتاء فإن هذه المناطق سوف تتبع لحكومة كردستان المحلية.

تصحيح الأخطاء

وتقول حكومة كردستان المحلية إنها تريد تصحيح الاخطاء التي ارتكبت في الماضي وتوحيد الامة الكردية، لكن متمردين سنة شنوا أخيرا ًهجمات استهدفت أنبوب النفط بين كركوك وجيهان في تركيا بهدف تعطيله، وفجروا ثلاث سيارات مفخخة ما أدى إلى مصرع أكثر من 85 شخصاً وجرح حوالي الـ 200 شخص آخرين، وكان أكبر الانفجارات ذلك الذي وقع خارج مكتب الاتحاد الوطني الكردستاني.

ولا يلقى الاستفتاء معارضة من داخل العراق فحسب بل ومن خارجه أيضاً لاسيما من تركيا التي تنشر قواتها على الحدود مع العراق وتواصل تهديداتها بغزوه.

وتتهم تركيا حزب العمال الكردستاني بالعمل على إقامة دولة كردية منفصلة وبتنفيذ هجمات في تركيا انطلاقا من العراق. وجاء القصف التركي لمناطق في شمال العراق بعد مصرع ثلاثة جنود اتراك جراء انفجار لغم قرب الحدود العراقية.

قمة الأجندة

ويتعين على صناّع القرار في الولايات المتحدة وضع مسألة كركوك والمناطق المتنازع عليها في قمة أجندتهم على الرغم من التوصيات والتقارير الدولية والدراسات التي أمر الرئيس بوش بإعدادها حول هذه القضايا.

وفي التقرير الذي أصدرته مجموعة الدراسة حول العراق في السادس من ديسمبر الماضي والتي يرأسها وزير الخارجية الامريكي الاسبق جايمس بيكر والسناتور الديموقراطي السابق لي هاملتون تضمن دعوة لانشاء لجنة التحقيق الدولية للبت في هذه القضية.

وكان تقرير هاملتون ـ بيكر اعتبر أن الاستفتاء حول مستقبل كركوك.. سوف يؤدي إلى وضع متفجر ويجب تأخيره.

وكانت مجموعة الازمات الدولية التي تتخذ من بروكسل مقراً لها اتهمت في تقرير لها واشنطن بتجاهل مسألة كركوك، مشيرة إلى أن اجراء استفتاء قد يؤدي إلى اندلاع حرب أهلية في كركوك وكردستان العراق، لافتة إلى أن تأجيل ذلك من دون موافقة الاكراد قد يؤدي إلى الانهيار الداخلي للحكومة في بغداد.ونصح التقرير بدلا عن ذلك أن تقوم الولايات المتحدة وحلفاؤها الدوليون بالبحث عن بديل يهدئ مخاوف أنقرة ويعزز مركز الاكراد في عراق فدرالي يحافظ على مصالحهم النفطية.

وتخشى تركيا من أن يشجع قيام كردستان عراقية مواطنيها الاكراد إلى طلب الحكم الذاتي لهم وهو سيناريو تخشاه أيضاً كل من سورية وإيران، وهذه الدول بالاضافة إلى العراق يمكن أن تعترض على قيام دولة كردستان.

دولة قوية!

وقالت مجموعة السياسة الدولية والقانونية في تقرير لها الشهر الماضي إن الذي كسبه الاكراد عبر المفاوضات السلمية والبراعة السياسية قد يخسرونه عبر العنف الداخلي والتدخل العسكري الخارجي.

ويعتقد الاكراد العراقيون إن الاستفتاء إذا ما حصل فسوف يشارك فيه عدد كبير من أنصار حكومة كردستان المحلية وقد يفضي ذلك إلى قيام دولة كردستان قوية في العراق.

ويستذكر الاكراد قول الرئيس الامريكي جورج بوش عندما خاطب المواطنين العراقيين في أبريل عام 2003 قائلاً: ستكونوا أحراراً في بناء حياة أفضل لكم.. أحرارا في التعاطي بالشؤون السياسية في العراق. وسيكون لجميع الناس الذين يشكلون مكونات بلدكم من أكراد وشيعة وتركمان وسنة وآخرين... في أن تكونوا أحراراً من الاضطهاد الفظيع الذي تعرض له الكثير منكم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 2 آب/2007 -18/رجب/1428