الإعمار في كربلاء وعشوائية التخطيط

عدنان عباس سلطان

شبكة النبأ: المشاريع التي تقوم الآن في كربلاء والتي رصدت لها مبالغ كبيرة جدا يراد منها ان تجعل حياة المواطنين اكثر سهولة واكثر تنظيما وخاصة شبكات مجاري الامطار التي يجري العمل بها واستنادا للاعمال السابقة التي انجزت والاهمالات في التخطيط المستقبلي الذي لم يحسب حسابه، فان الملاحظات الآن هي اكثر ضرورة لتنبيه القائمون على المشاريع الحالية وقطعا الامر متعلق في عهدت المهندسين المباشرين للمشروع والمشاريع الاخرى.

ومن خلال المشاهدة العينية والتي بإمكان أي شخص ان يقف عليها وينظرها بتملي فانه سيجد الملاحظات التالية:

1ـ يجري وضع الانابيب الكبيرة واحدا تلو الآخر، أي بمعنى انه يتم الحفر لإنبوب واحد ويوضع ضمن التتالي مع الانابيب السابقة دون ان يحدل مكانه جيدا أي ان الارض التي تحته تبقى هشّة قابلة للانخساف بتعاقب الاستعمال والضغوط المتنوعة للاحمال المارة فوق الشارع وكان من الصحيح ان يحفر لمدى خمسين مترا كخط واحد ثم يحدل حسب المواصفات ومن ثم توضع الانابيب ويجري الحفر للمجموعة التالية بنفس الطريقة.

2ـ الحاويات الرابطة بين انبوب وآخر حاويات اسمنتية غير مضغوطة بمكائن خاصة لإمكان مقاومتها للماء وقد استعيض عن ذلك الضغط بطلائها بمادة الزفت وهو احتراز غير عملي وغير موثوق كونه يتفاعل مع الماء لفترات طويلة وفق خاصية العزل سريعا وخصوصا وانه يتعامل مع مواد محتملة من مخلفات المشتقات النفطية التي ترمى في الشوارع، وهو عكس ما للبيئة السكنية، مع اختلاف اذ يستعمل الزفت في طلاء الوجه الخارجي للبنايات والعمارات لان البيئة السكنية لاتتعامل مع مخلفات بترولية اذ يحاذي البناء بناء من صنفه وفصيلته.

فعندما يتم المشروع يجري اكساء الشوارع المشمولة بالتبليط ولكن كيف يتم التبليط مثلا هل ** تكون حاجة لتنبيه المهندسين بأن تاسيس انابيب الماء الصافي تكون قبل الاكساء؟.

اذ ان اهمال ذلك سيضطرنا الى اعادة التبليط مرة اخرى ونهدر اموالا يمكن استثمارها في مشاريع اخرى، والعراق احوج ما يكون اليها.

** هل هناك حاجة الى تنبيه المسؤولين بان السحب الذي يجري الى بيت المواطن قبل التبليط وليس بعده، حتى لا يقوم المواطن بتكسير الاكساء من اجل ان يسحب من الانبوب الرئيسي للماء وبذلك يخرب الشارع من جديد.

** ان تكون الخراطيم الواصلة الى بيت المواطن من النوع الجيد والاعتمادية العالية، وان هذه الخراطيم تنصب من ضمن المشروع وليس من قبل المواطن لضمان الجودة وان كان المواطن يدفع ثمنها؟، ان اهمال هذه النقطة سيؤدي الى التخريب المستمر والقضاء على فائدة الاكساء بكثرة الحفر التي سيحفرها المواطن كل عام تقريبا لإصلاح او تبديل الخرطوم التالف لأن المواطن يشتري المنتج الرخيص والرديء والمعاد تصنيعه من الخراطيم.

هذه الحسابات ضرورية وهي في صلب التخطيط فان كثير من الخسائر دفعت من المال العام والاهدارات والجهود البشرية الضائعة بسبب ضعف او انعدام التخطيط، وربما يعتذر اهل الاختصاص بان الجهات الاعلى لم تخولهم او انها لم تحسب الحساب التخطيطي للعمليات الانشائية ولكن المهندس إفتراضا فرد من النخبة الواعية وليس من رعاع الناس بامكانه ان يعترض على الفعل الشائن ولا يقبل بان يهدر الاشياء في غير الصالح والخيّر في الحياة.

بامكانه ان يمتنع عن العمل ويرفض الخطا وان يكون له موقف اخلاقي ونضالي في الدفاع والجهاد من اجل الحياة الحرة الكريمة له ولغيره من بني الوطن والانسانية ان قراءة بسيطة لمهندسي الدول الغربية في شتى القطاعات نرى من سيرهم وتعاملاتهم انهم يناضلون من اجل الصحيح ويحاولون ان يغيروا ويحاربوا الشائن ويعتبرون ذلك موقفا اخلاقيا مشرفا لهم وبفضل هذه التراكمات النبيلة والجهادية وصل الغرب الى ما وصل اليه من التقدم والعمران فلا زالت الانفاق التي انشئت في زمن بعيد وهي لا توازي ما للآلة من تطور في الزمن الراهن ظلت تلك الانفاق الى الآن وهي خير شاهد على اخلاص منفذيها وستبقى الى ما شاء الله.

وهناك تحف عمرانية في منتهى الجمال والروعة لازالت قائمة بشموخ معبرة عن نفوس منشئيها من مهندسين وعمال ومهرة دون ان يغريهم المال ليبادلوا ضمائرهم بها.

فليس اقل منهم العراقي الذي لا يقبل الضيم والرذيلة والخسران.

يقول الكاتب وليد خالد احمد: ان الامة المتجددة هي التي تحيا حاضرها والتي يفسح امامها مجال الحياة للمستقبل، وهي الامة التي تغني ماضيها باستخدامها إياه لا باستلامها له، والامة الحية تنمو وتتكامل ويكون ماضيها ماثلا في حاضرها ويكون مستقبلها امامها لا وراءها.

فاذا كنا مسلمين ونقدس الجهاد والنضال باعتباره اسلوبا متميزا في بناء الحياة فان الزمن الراهن ليس مدار غزوات او اغارة وانما هو البناء الحضاري الذي يمكن المسلمين من ان يرسلوا خطابهم الصادق من خلاله بمدى تفاعلهم في تركيز البنى الاساسية لشعوبهم ومواطنيهم.

فاليوم هو اعادة التكوين واعادة النظر الحرة وهو الفهم العصري الذي يجيب عن السؤال: كيف تكون الحضارة؟.

الحضارة بناتها من المثقفين والكوادر الفاعلة وبين شطري هذه المعادلة تتكون الحضارة ويستثمر التراث ويستثمر الدين باتجاهه الذي اراده الله سبحانه وتعالى.

فلا قيمة في عمل الانسان الذي يؤمن لساناً بقواعد السلوك ويؤمن بالعبادات وهي لا تتعدى عن حركات جسمانية يؤديها ولا بحفظ الكلام والاقوال ولا بالاستماع الى القرآن في حدود الحواس التي تعي، وانما لا قيمة لكل هذا مالم يرتبط بالعمل، فهو المصداق الوحيد على اصالة الانتماء والايمان والاخلاق والفعالية. فان تراب العمل هو الميزة الوحيدة للبشري الانساني اما ما عداه فليس من الاصالة في شئ وليس من الابداع في شئ.

كما ان الفكر الخلاق انما يتطلب موقف على موازاته وعلى قوته فان لم يكن كذلك فان هاوية التخلف هي الفوهة التي تقع فيها الشعوب المتخلفة، لان تخلفها اخلاقيا اولا وليس بسبب المادة والمستلزمات.

شبكة النبأ المعلوماتية- االاربعاء 1 آب/2007 -17/رجب/1428