سعوديو فتح الإسلام..كيف غرر بهم ؟

بقلم: محمد مصطفى علوش*

 التساؤل الذي القى بثقله حول نشأة وظهور تنظيم "فتح الإسلام" خلال المواجهات التي دارت بينه وبين  الجيش اللبناني لم يكن أكثر إلحاحاً وغرابة من التساؤل حول هذا الكم من جنسيات وأعضاء التنظيم لا سيما أن عدد السعوديين في التنظيم يكاد يكون الأكثر ارتفاعاً مقارنة باعداد أفراد التنظيم من الجنسيات الأخرى ، فالمعلومات التي استقت من الأجهزة الامنية اللبنانية تشير لتوزيع عناصر التنظيم  بين الجنسيات كما يلي:"  45% من الفلسطينيين والسوريين, و30% من السعوديين و 20% من اللبنانيين, أما 5% الباقية فتعود لجنسيات أخرى من عرب ومسلمين بينهم شيشان"، وان ما تم التاكد منه هو وقوع 6 سعوديين في الإعتقال في حين قضى 10 منهم خلال الإشتباكات االتي دارت في المخيم وطرابلس والقلمون.

لا تكاد تخلو مواجهة من المواجهات التي دارت بين الجيش والتنظيم في عدد من المناطق اللبنانية إلا وقد تبين ان بين القتلى او المعتقلين سعوديين، ففي عملية أبي سمرة من طرابلس  قضى 3 سعوديين ثم في عملية القلمون جنوب طرابلس التي اعقبتها بعد أيام قضى 3 آخرين ، في حين انه لم يتبين كم سقط من هؤلاء في مخيم نهر البارد الذي لا تزال المواجهات دائرة منذ واحد وخمسين يوماً ، إلا ان الموقوف السعودي "عائض القحطاني" ( 22عما) اعترف بوجود 40 خليجياً ضمن عناصر تنظيم فتح الإسلام.

والسؤال الذي يطرح نفسه كيف ومتى ولما دخل هؤلاء الى لبنان لا سيما ان جميع من عرف منهم حتى الآن هم من فئة الشباب التي لم تزر لبنان من قبل بل ان بعضهم لم يخرج من السعودية في حياته كحالة" عايض القحطاني" إلا رحلة واحدة كانت الى نهر البارد شمال لبنان ملتحقاً بتنظيم فتح الإسلام. بل إن بعضهم شكل خلايا مهمتها اشعال حرب بين الطوائف اللبنانية كما هو حال "خلية بر الياس" بقيادة السعودي "عبد العزيز المغامس" التي نصبت صواريخ لإطلاقها من قرى شيعية على قرى مسيحية لولا انه تم ضبط الخلية قبل تنفيذ العملية.

يذكر لنا الشيخ "محمد الحاج" وسيط رابطة علماء فلسطين بين التنظيم والجيش اللبناني والذي التقى قيادي وكودار التنظيم عشرات المرات أن أفراد التنظيم تشكلوا عقب حرب تموز الاخيرة وكانوا عبارة عن مجموعات فلسطينية جاءت من الأردن ، وغزة ، وسوريا  والعراق  حيث انضم اليهم اثناء وجود بعض أفراد هذه المجموعات في "الجيش الإسلامي في العراق"،  مجموعة من العرب ، سعوديين سوريين يمنيين جزائريين ، ثم أثناء وجودهم في سوريا تم التنسيقهم مع مجموعة فتح الانتفاضة ، بقيادة شاكر العبسي للإنتقال الى لبنان.

 في المقابل تؤكد الجهات الأمنية المختصة ان عدد لا بأس به من هؤلاء قد قدم الى لبنان من ايران والأردن والسعودية عبر مطار بيروت الدولي او ما يعرف بمطار رفيق الحريري وان البعض منهم دخل ولم يعثر له على أثر حيث ترجح الأجهزة الأمنية وجود هؤلاء في مخيم نهر البارد مع تنظيم فتح الإسلام حيث دخلوا

الاراضي اللبنانية منذ اكثر من اربعة اشهر وهم "سعيد دليم سعيد العسيري" و"عبدالله مبارك الدوسري"( 23 عاما) و"تركي محمد آل حمدان الغامدي" (21 عاما).

أما عن دور هؤلاء في التنظيم  فيوضح لنا الشيخ "عمر بكري" احد الملمين بملف التنظيم ونشأته أنه قدم مجموعة من الشباب السعودي الى لبنان منذ مدة وقد جاءوا من عدة مناطق من السعودية لا سيما من القصيم وبريدة حيث أردوا الفرار بدينهم من الملاحقة الأمنية بالسعودية فهم ممن ينتمون لتنظيم "قاعدة الجهاد في بلاد الحرمين" بحسب ما لوحظ من البيان المصور الذي نشره التنظيم عقب اندلاع المواجهات بين التنظيم والجيش. ثم خلال وجودهم في لبنان اتصل بهم  شاكر العبسي وانشأوا معاً "مجلس شورى" للتنظيم على إثره توسعت القيادة الكلية.

وأما عن اللاءات التي رفعها التنظيم في استقطاب العناصر المقاتلة من الخليج والدول العربية والإسلامية  بحسب أحد الناشطين السياسيين الذي لطالما خالط قادة "فتح الاسلام" تنحصر في أربعة لاءات هي  :"نصرة أهل السنة في لبنان حيث يعتقدون أن السنة مظلومون في المنطقة بشكل عام وفي لبنان بشكل خاص، ومحاربة الأميركيين في العراق وإسقاط المشروع الأميركي في لبنان، ومحاربة القوات الدولية التي أتت إلى لبنان لاحتلاله ووضعه في الفلك الأميركي، إضافةً إلى الهدف المركزي عند كل الحركات الإسلامية ألا وهو المساهمة في تحرير القدس".

وقد تم استقطاب العديد من السعوديين عبر المنتديات الجهادية المنتشرة بكثرة على شبكة الإنترنت مستغلاً الدافع الديني وحب الجهاد لدى الفئات الشابة تحت عناوين جذابة ، بدءاً من شعار الدفاع عن مقدسات المسلمين لا سيما الغزو المجوسي والصليبي للبنان وانتهاءاً بشعار الزواج من حور العين في الجنة مستغلين الحالة النفسية التي يمر بها معظم الشباب في هذه الفترة العمرية.

فوالد السعودي "سعد الكعبور" (23عاما) الذي قضى في المعارك بين الجيش والتنظيم يتهم المواقع الجهادية على شبكة الإنترنت بـ "غسل دماغ" ابنه، حيث ان ولدهم الذي كان يقيم معهم في الدمام غدار السعودية قبل ثمانية اشهر تاركاً رسالة لهم  مفادها أنه "ذاهب إلى الجهاد، لطلب الآخرة"، مذيلاً رسالته بأن "الجهاد" سيمنحه "فرصة الزواج من الحور العين".

يشرح الدكتور فايز الشهري احد الخبراء السعوديين في شبكة الإنترنت لـ"العربية" عملية التجنيد عبر الإنترنت بالقول:" هي العملية إلى حد ما معقدة ليست عملية استقطاب, مرسل ومستقبل يستجيب فوراً ويذهب إلى مناطق الصراع للمشاركة, هي العملية تعتمد على استغلال إحباطات الشباب النفسية والاجتماعية وحتى الدراسية إذا فشل في الدراسة, استغلال هذه الإحباطات وبالتالي ينتقل إلى المرحلة الأخرى وهي تفريغ ذهن الشاب من الأفكار المسبقة التي تلقاها في مدرسته أو في بيته أو في مجتمعه, وأيضاً ثم تهشيم الرموز الفكرية والسياسية والاقتصادية والدينية وجعلها رموز هامشية إما بوصفها بالعمالة والخيانة, أو بالجهل وعدم الدراية بالواقع والصراعات, بالتالي يصبح الشاب جاهزاً لتلقي الوجبة التالية وهي حقنة بالفكر الذي يرى بأن هذا الفكر هو الصحيح, وبالتالي يمكن أن يغير العالم ويرفع من شأن أمته, وعندما يقتنع تماماً وهي مرحلة تأخذ فترة يبدأ يضخ إليه بأدبيات ومواقع متخصصة في نشر المظالم".

وعن عملية التواصل بين أعضاء التنظيم عبر شبكة الإنترنت يقول الشقيق الأكبر لـ"عايض القحطاني" أن أخوه عايض علمه طريقة تواصل اعضاء التنظيم عبر شبكة الإنترنت فهي تقوم "على استخدام شخصين أو أكثر لعنوان بريدي واحد، فيدخل الأول ويكتب رسالة بمفردات ورموز يفهمها الشخص الآخر، ثم يحفظ الرسالة في العنوان نفسه ولا يرسلها، فيدخل الشخص الآخر بكملة السر نفسها ويقرأ الرسالة ثم يمسحها" .

* كاتب ومحلل سياسي لبناني

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 31 تموز/2007 -16/رجب/1428