عراق ما بعد أمريكا

أحمد جويد/مركز الإمام الشيرازي

شبكة النبأ: العراق لفظة بابلية أطلقت أول مرة على إمارة أوروك وهي إحدى الإمارات في عصر دويلات المدن، والتي توسع حكمها لاحقا ليشمل الأقاليم المجاورة، والعراق أو ما اصطلح عليه بتسمية ارض السواد أو بلاد الرافدين أو بلاد بابل ، يعد مكوناً جغرافياً وتاريخياً على الرغم من اختلاف الاثنيات والأعراق والمذاهب المكونة له فهو يشكل امتدادا منفتحا طبيعيا وبشريا لما جاوره من أقاليم عربية ارتبط معها بأواصر الدولة الواحدة على مر ألازمان ، ففي عهد الدولتين البابلية والآشورية التي ترجع إلى ما قبل الألف الثالث قبل الميلاد، كان امتداد الدولة على مجمل بلاد الشام والجزيرة العربية وصولا إلى مصر التي فتحها الآشوريون وضموها لممالكهم.[1]

وبقى العراق كياناً واحداً منذ الدولة العباسية وحتى الدولة العثمانية حيث قسم إداريا إلى أربع ولايات هي البصرة والموصل وشهر زور، وتقع هذه الولايات الثلاث تحت هيمنة الولاية الرابعة الأم بغداد بصفتها العاصمة السابقة للدولة العباسية.

إن موقع العراق الجغرافي وشكل تضاريسه غير المعقدة وموارده المائية والطبيعية والزراعية منحته عمقا استراتيجيا دوليا مهما في السياسة الدولية، ويقع العراق في الجزء الغربي من قارة آسيا . فهو يشكل المدخل الحدودي للوطن العربي الكبير أو ما سمي اصطلاحا القارة العربية مع آسيا من الشرق وتركيا ثم أوربا من الشمال .

الاحتلال البريطاني وتأسيس الدولة العراقية الحديثة

 شهدت الدولة العراقية الحديثة والتي تأسست في عام 1920م في إثر الغزو البريطاني للأراضي العراقية متغيرات عديدة، إذ كان الاحتلال الإنكليزي للعراق بحجة دخول الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى إلى جانب دول المحور، حيث كانت الولايات العراقية  من أرض العراق تحت سيطرة الدولة العثمانية آنذاك، وعليه كانت ذريعة دخول الإنكليز إلى العراق كجزء من دولة تخوض الحرب إلى جانب ألمانيا، وبدأت قواتهم بالدخول في عام 1916م من جنوب العراق مروراً بالوسط وصولاً إلى بغداد بعد أن لاقت تلك القوات مقاومة شديدة وباسلة من قبل فئات كبيرة من الشعب العراقي تتزعمها قيادات دينية وعشائرية في الوسط والجنوب.

ولعدم تكافؤ القوى بين أبناء الشعب العراقي الذي كان يرزح تحت سيطرة واستبداد الدولة العثمانية والتي وضعته في أسوأ الظروف المعيشية والثقافية والصحية من جهة وبين الترسانة العسكرية لبريطانيا العظمى من جهة أخرى، فقد استطاعت تلك القوات السيطرة على بغداد ليكون العراق تحت وصايتها ضمن توافقات دولية بين الحلفاء وبتفويض من عصبة الأمم المنظمة الدولية التي كانت قد تشكلت عقب الحرب العالمية الأولى.

 الإدارة المدنية البريطانية

شكلت القوات البريطانية ما سمي بالإدارة المدنية البريطانية في العراق والتي ترأسها السير بيرسي كوكس حتى/ أيار عام 1918م فتبعه السير ارنولد ولسون ، الذي ألغى العديد من المؤسسات الإدارية العثمانية وأنشأ محلها مؤسسات عسكرية خصصت لإدارة الشؤون المدنية ووضع على رأسها ضباطا من رتب عالية لإدارتها بشكل صارم. وهذا ما يعزى إليه لاحقا تشبث العراقيين وشغفهم لفترة طويلة بمنح العسكريين المناصب المدنية في النظامين الملكي والجمهوري.[2]

وقد مارست الحكومة المؤقتة البريطانية فرض القانون الهندي لحين صياغة الدستور العراقي عام 1925 ، بغية ضم العراق وإلحاقه بالتاج البريطاني.

 كانت بعض الأوساط العراقية قلقة حيال نوايا الإدارة المدنية البريطانية بضم العراق للتاج البريطاني، عملت تلك القوى الدينية والسياسية إضافة إلى شيوخ العشائر الذين تأجج لديهم الحس الوطني وبفتاوى صريحة من علماء الدين بضرورة التحرك الجماعي والانتفاض على الحكم البريطاني فتأججت ثورة العشرين التي كانت قياداتها من رجال الدين ورؤساء العشائر، حيث نادت تلك الثورة بتحرير العراق من السيطرة البريطانية.

 مؤتمر القاهرة.

بعد أن عقد مؤتمر القاهرة عام 1920 في اثر ثورة العشرين في العراق ضد الاحتلال البريطاني، أصدر المندوب السامي البريطاني بيرسي كوكس أوامره بتشكيل المجلس التأسيسي الذي تولى من ضمن العديد من المهمات تشكيل حكومة وطنية عراقية انتقالية برئاسة عبد الرحمن النقيب الكيلاني وانتخاب ملكٍ على عرش العراق، و تشكيل الوزارات والمؤسسات والدوائر العراقية ، واختيار الساسة العراقيين لتولي المهمات الحكومية.[3]

 المجلس التأسيسي الملكي.

تشكل المجلس التأسيسي من بعض الشخصيات المعروفة ، بضمنها نوري السعيد باشا ورشيد عالي الكيلاني باشا وجعفر العسكري وياسين الهاشمي وعبد الوهاب النعيمي الذي عرف بتدوين المراسلات الخاصة بتأسيس المملكة العراقية، حيث انتخبت عبد الرحمن الكيلاني رئيسا لوزراء العراق والذي نادى بالأمير فيصل الأول ملكاً على عرش العراق حيث تم تتويجه في 23 آب من عام 1921م، ومنذ ذلك الوقت تم تأسيس الدولة العراقية الحديثة من قبل الإنكليز على أساس طائفي، حيث تم إقصاء الشيعة الذين كان لهم الدور القيادي البارز في الثورة على المحتل وإجباره على إعلان تشكيل حكومة عراقية، وبذلك استطاعت بريطانيا أن تخلف وراءها مشكلة اجتماعية وسياسية كي تصل إلى أهدافها في خلق حكومة عراقية موالية لها باعتمادها على طائفة معينة وتجاهل باقي مكونات الشعب العراقي،لأنها تعي جيدا انه لا بقاء لها ولا لمصالحها في العراق إذا كانت جميع أطيافه ومكوناته الاجتماعية منسجمة مع بعضها.

حرب الخليج الثالثة

استعملت أسماء كثيرة لوصف العمليات العسكرية التي وقعت في العراق عام 2003 والتي أدت إلى احتلال العراق عسكريا من قبل الولايات المتحدة الأمريكية حسب تعريف مجلس الأمن لحالة العراق في قانونه المرقم 1483 في 2003م. ومن هذه الأسماء: ( حرب العراق)  و(حرب الخليج الثالثة) و(عملية تحرير العراق) وأطلق المناهضون على هذه الحرب تسمية (حرب بوش).

بدأت عملية احتلال العراق في 20 آذار 2003م من قبل ائتلاف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وأطلقت عليه تسمية ائتلاف الراغبين وكان هذا الائتلاف يختلف اختلافا كبيرا عن الائتلاف الذي خاض حرب الخليج الثانية بكونه ائتلافا كان صعب التشكيل. شكلت القوات العسكرية الأمريكية و البريطانية نسبة 98% من هذا الائتلاف.

تبريرات الحرب حسب الإدارة الأمريكية

قدمت الإدارة الأمريكية قبل و أثناء وبعد سقوط بغداد في 9 ابريل 2003م مجموعة من التبريرات لإقناع الشارع الأمريكي و الرأي العام العالمي بشرعية الحرب ويمكن تلخيص هذه المبررات بالآتي:

1- استمرار حكومة الرئيس العراقي السابق صدام حسين في عدم تطبيق قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالسماح للجان تفتيش الأسلحة بمزاولة أعمالها في العراق.

2- استمرار حكومة الرئيس العراقي السابق صدام حسين بتصنيع و امتلاك ( أسلحة دمار شامل ) وعدم تعاون القيادة العراقية في تطبيق 19 قرارا للأمم المتحدة بشان إعطاء بيانات كاملة عن ترسانتها من "أسلحة الدمار الشامل".

3- امتلاك حكومة الرئيس السابق صدام حسين لعلاقات مع تنظيم القاعدة و منظمات ( إرهابية ) أخرى تشكل خطرا على امن و استقرار العالم.

4- نشر الأفكار الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط ليصبح العراق النموذج الذي تحتذي به باقي دول المنطقة.

 العراق ما بعد 9 ابريل2003م.

في 9نيسان 2003م أعلنت القوات الأمريكية بسط سيطرتها على معظم المناطق ونقلت وكالات الأنباء مشاهد الإطاحة بتمثال للرئيس العراقي صدام في وسط مدينة بغداد والتي تمت بمساعدة من ناقلة دبابات.

ثم بدأت عمليات سلب و نهب واسعة النطاق في بغداد وبعض المدن الأخرى وقد نقلت هذه العمليات للعالم كله عبر شاشات التلفزيون وقد قام الجيش الأمريكي بحماية مباني وزارتي النفط و الداخلية ومن ضمنها المخابرات العراقية وبقيت المؤسسات الأخرى كالبنوك ومشاجب الأسلحة والمنشآت النووية والمستشفيات بدون أية حماية، وعزت قيادات الجيش الأمريكي ذلك إلى عدم توفر العدد الكافي لجنودها لحماية المواقع الأخرى، كما تمت سرقة آلاف الأطنان من الذخيرة الحربية من معسكرات الجيش العراقي، وهذا مما كان له تأثير كبير على الأوضاع السياسية في العراق بعد 9 نيسان 2003، حيث قدم المادة الأساسية للعنف فيما بعد.

كما قامت شاحنات بنقل 100 طن من اليورانيوم كانت موجودة في مركز الأبحاث النووية في التويثة إلى جهة غير معلومة، ثم تم الإعلان عن أنها نقلت إلى الولايات المتحدة لاحقاً.

وبالنتيجة فأن عمليات دخول البعض من العراقيين إلى الوزارات والمؤسسات الحكومية جنبت القوات الأمريكية خطر مواجهة أي هجوم مضاد قد تشنه فلول النظام السابق.

أن ما حصل في العراق خلال اليوم الأول للدخول الأمريكي لمدينة بغداد من حالة نهب وسلب كان مدعاة للفوضى، وبالتالي لم يكن أمام الأهالي إلا حماية أنفسهم بأنفسهم بالوسائل الدفاعية المتاحة ابتداء بالمعاول والفؤوس وصولا إلى الأسلحة والرشاشات التي انتشرت في العراق بشكل رهيب، فاللصوص لم يكتفوا بنهب الوزارات والمؤسسات والدوائر الحكومية فقط بل تعدوا على ممتلكات الأفراد كالمحال التجارية والمؤسسات الصغيرة مستغلين غياب السلطة القانونية.

موقف الدول العربية من الاحتلال والتغيير

شهدت مرحلة ما بعد صدام صمتا عربيا رهيبا مواصلاً للمراحل السابقة في الوقت الذي شهدت فيه سيطرة كاملة للقوات الأمريكية والبريطانية على جميع أنحاء العراق وقد تصاعدت الاتهامات من جانب المسؤولين في أمريكا ضد سوريا وإيران والتلميح بان الخطوة المقبلة من الزحف الأمريكي سوف تطال إحدى هاتين الدولتين، عندها بدأ التحرك والتدخل في الشأن العراقي سلبياً من اجل عرقلة المشروع الأمريكي في المنطقة، أما بالنسبة لبقية الدول فقد رأينا دولا عربية كثيرة ساعدت الأمريكان قبل الحرب عبر السماح لها باستخدام الأراضي العربية متمثلة بالقواعد العسكرية كما في دول الخليج وعبر تسهيلات المرور في الممرات المائية كما في قناة السويس بمصر وغيرها من الدول العربية، طمعا في المساعدات الأمريكية التي وعدت بها، وهي تواصل ما قد سارت عليه ما قبل الحرب وإثنائها حيث كانت الدول العربية شبه بعيدة عن مسرح الأحداث العراقي .

إلا إن تلك الدول لم تكن تؤيد التغيير الحاصل في العراق على الرغم من كل التسهيلات التي قدمتها للجيش الأمريكي في دخول العراق، وأوضح مثال على ذلك هو قطر التي تمتلك اكبر مؤسسة إعلامية لمناهضة الحرب في العراق بينما تستقر القيادة المركزية للقوات الأمريكية على أراضيها.

وكان لكل دولة سببها الخاص بها في عدم تأييد التغير الحاصل في العراق، فمنها التي ارتبطت بمصالح اقتصادية مع النظام السابق على حساب مصالح الشعب العرقي الذي كان يعاني الأمرين في تلك الحقبة من حكم البعث في العراق، ومنها من يخاف من أن يصبح الشيعة في العراق هم أصحاب القرار ويكون لهم ارتباط إقليمي وعمق إستراتيجي مع إيران، ومنها من يخاف من أن يناله التغيير الحاصل في العراق لأن نظام الحكم الذي يتبعه مع شعبه شبيه بنظام صدام.

 موقف القوى والأحزاب العراقية من الاحتلال والتغيير

رحبت أغلبية الأوساط الشعبية وأحزاب المعارضة بالتغيير الذي سوف يحدثه الأمريكان في العراق، إلا انه وعلى المستوى الجماهيري كانوا يعدّون الأمريكان ضيفاً غير مرحب به إلا انه شر لابد منه.

لقد قاطع البعض العملية السياسية مقرراً عدم الدخول في العمل السياسي في ظل وجود الاحتلال، بينما وازن بعض آخر بين حجم الضرر في دخوله وعدم دخوله وبالتالي رجح كفة الدخول، ومنها من دخل تلك العملية وبقوة وأعتبر الانخراط فيها هو الذي يُسرّع بجلاء القوات الأمريكية من العراق وبناء دولة القانون.

في حين بقيت مجاميع صغيرة من مؤيدي النظام السابق تصر على عودة ذلك النظام إلى الحكم يساندهم بعض العرب داخل العراق وخارجه، وبذلك سعوا جاهدين لزعزعةاستقرار الأوضاع الأمنية بشتى الطرق.

 الانسحاب الأمريكي من العراق 

بعد انخراط تلك القوى والأحزاب في العملية السياسية أراد الأمريكان لهذه العملية أن لا تتم بسرعة قبل أن يكتمل المشروع الأمريكي في العراق، ويبدو إن هذا المشروع جاء من قبل الإدارة الجمهورية لأنها تحضى بالأغلبية النيابية داخل الكونغرس الأمريكي في ذلك الوقت ونجاح الرئيس الجمهوري بإقناع الرأي العام الأمريكي بفداحة الخطر الذي سوف تتعرض له الولايات المتحدة إذا لم تقم بخطوات استباقية ضد الإرهاب خارج الولايات المتحدة الأمريكية، وقد عزز تلك القناعة لدى الأمريكيين ما تعرضت له الولايات المتحدة من ضربة هزت كيانها الأمني في 11ايلول من عام2001م.

إلا انه وبعد أربع سنوات من الاحتلال للعراق وعدم استقرار الأوضاع في العراق كما خططت لها الإدارة الأمريكية، تعالت الأصوات من الطرف الآخر الداعي بالانسحاب من العراق والقائل بان الجمهوريين قد اخطأوا خطأ فادحا في الحرب على العراق، بحيث صار الديمقراطيون يروجون لحملاتهم الانتخابية النيابية بالتأكيد على ما يجري في العراق وبوجوب سحب القوات الأمريكية من هناك وعودة أبناء الولايات المتحدة إلى وطنهم لأنهم يُقتلون يوميا في سبيل العراقيين الذين لا يريدون لبلدهم الاستقرار وفي حرب ليس للأمريكان فيها ناقة ولا جمل!!!

وعليه فإن الانسحاب المحتمل من العراق سوف يكون بنهاية فترة ولاية الرئيس بوش الذي يمثل الجانب الجمهوري والذي تنتهي ولاية حكمه في نهاية عام 2008م.

ومن المتوقع أن تشرع الإدارة الجديدة للبلاد بالانسحاب أو جدولة الانسحاب من العراق بعد ذلك التاريخ, وبهذا ستحصل على تأييد الرأي العام الأمريكي والدعم الدولي الأوربي المعارض للحرب على العراق.

إدارة بوش وإنجازات الحرب

لا يمكن لإدارة بوش ترك العراق بهذه السهولة بعد كل تلك التضحيات المادية والبشرية التي قدمتها الولايات المتحدة من اجل حربها  في العراق، حيث وعدت تلك الإدارة كبريات الشركات الأمريكية بالاستثمار في العراق، مقابل تمويل ودعم الحملة العسكرية في العراق وبذلك فإنها سوف تحرص كل الحرص على عمل إنجاز تقوم بتقديمه للشعب الأمريكي مقابل كل تلك التضحيات، وهذا ما سيعمل عليه الرئيس بوش خلال ما تبقى من فترة ولايته، علماً إن كبار المسؤولين في البيت الأبيض هم من يمتلك تلك الشركات.

أن القانون الذي أعدته الحكومة العراقية بخصوص ثروات النفط والغاز وقدمته إلى مجلس النواب العراقي للتصويت عليه، هو الذي تأمل إدارة الرئيس الأمريكي بوش أن يكون الإنجاز الذي حققته من دخولها إلى العراق على المستوى الاقتصادي، أما على المستوى السياسي فإنها تأمل بوضع حكومة لها أواصر قوية مع الولايات المتحدة وتكون حليف قوي لها في منطقة تعج بالكراهية للسياسة الأمريكية.

وعلى المستوى العسكري، فلا نعتقد إن الولايات المتحدة سوف تقوم بالخروج من العراق دون أن تترك لها قواعد عسكرية، كما حصل في بعض الدول التي قامت باحتلالها مثل اليابان وألمانيا.

الانسحاب من العراق دون استقرار الوضع السياسي والأمني

إن مثل هذا الانسحاب يترك الباب مفتوحا على مصراعيه أمام الكثير من القوى الإقليمية والقوى المتطرفة لجعل العراق ساحة صراع لفرض الإرادات وبؤرة للتوتر ومنطلقا للإرهاب، وهذا ما من شأنه أن يشكل خطرا كبيرا على مصادر النفط المهمة في العالم وهذا ما  لا يمكن للولايات المتحدة تجاهله.

الانسحاب قبل الوصول إلى تفاهمات مع إيران وسوريا.

تحاول إدارة الرئيس بوش الوصول إلى حلول في القضايا العالقة بين إدارتها من جهة والحكومتين الإيرانية والسورية من جهة أخرى قبل انسحابها من العراق، وهذا ما تعمل عليه الحكومة السعودية في الوقت الحاضر بالنيابة عن الولايات المتحدة من خلال مفاوضاتها مع الجانب الإيراني، ويبدو إن لتقرير بيكر- هاملتون اثر كبير على مثل هكذا خطوة تقوم بها إدارة الرئيس بوش، إذ كانت بداياتها في المؤتمر الذي عقد في بغداد في فترة لاحقة والذي اشتركت فيه جميع الأطراف الإقليمية والدولية المتصارعة على طاولة واحدة، حيث جرت مفاوضات إيرانية وسورية مع الجانب الأمريكي وجها لوجه،وتأتي تلك التحركات العربية خوفا من حدوث نزاع مسلح بين إيران والولايات المتحدة وبالتالي تصبح الدول العربية مسرحاً لتك العمليات أو ذلك النزاع.

أما على الجانب الأمريكي فقد كان الغرض من إشراك كل من إيران وسوريا في ذلك المؤتمر هو لتحسين صورة هاتين الدولتين أمام الرأي العام الأمريكي وبالتالي تستطيع إدارة الرئيس بوش الدخول في مفاوضات مباشرة معهما دون أي إحراج من قبل الرأي العام الأمريكي باعتبارهما من الدول التي تمثل محور الشر في العالم.

وفي حال وصل الإيرانيون والأمريكيون إلى تلك التفاهمات فأن ذلك سوف ينعكس ايجابيا على استقرار الوضع السياسي والأمني  في العراق.

أما في حال تصاعد هذه الأزمة على الوتيرة نفسها خلال الأيام القادمة فإن تصفية الحسابات سوف تكون على حساب أرواح واستقرار العراق.

مستقبل القوى السياسية في العراق بعد الانسحاب

أولاً: القوى الكردية:

من الواضح إن الأكراد استطاعوا أن يقطعوا شوطاً كبيراً في الاستقرار السياسي وأصبح لديهم خبرة عالية في إدارة إقليمهم والوصول به إلى حالة من الأمن والانتعاش الاقتصادي لا بأس بها  وعلى مختلف الصعد، قياسا بباقي مدن العراق.

القوى الكردية لديها طموحات كبيرة للنهوض بواقع إقليم كردستان العراق وضم مدينة كركوك الغنية بالنفط إلى الإقليم الذي يحتوى على ثلاث محافظات لتصبح أربع محافظات زائد المطالبة ببعض الأجزاء من محافظات ديالى والموصل وصلاح الدين كون الأغلبية التي تقطن تلك المناطق من القومية الكردية وهي ترغب بالانضمام لكردستان العراق.

وعليه فأن القوى الكردية  في هذه الفترة من زمن بقاء القوات الأمريكية في العراق والوضع الأمني والسياسي غير المستقر و عدم التوافق بين الكتل السياسية العربية السنية والشيعية، تحاول الضغط على الكتل السياسية التي تشكل الحكومة الاتحادية في بغداد لتطبيع الأوضاع في مدينة كركوك وضمها لإقليم كردستان.

وعليه فلا يمكن أن نتصور وجود مشكلة بين القيادات الكردية المنسجمة فيما بينها في حال انسحاب الأمريكان من العراق خصوصا وإنهم وجدوا أن مسألة الصراع الداخلي لا تجدي نفعا لجميع الأطراف الكردية، وان ترك الخلافات الداخلية أولى من إثارتها وهو يصب في مصلحة جميع الأطراف في كردستان، وهذا الاستقرار مرهون بوجود ( صمام الأمان الكردي ) زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني جلال الطلباني، أما في حال عدم وجوده فلا احد يتكهن بما قد يحدث من خلاف سياسي كردي بسبب الطموحات البرزانية في الاستئثار بسلطة الإقليم، وبالتالي سوف تشهد كردستان شبه استقلال عن حكومة المركز في بغداد بعد خروج الأمريكان من العراق، لذلك فمن المتوقع أن ينأى الأكراد بأنفسهم عن جميع المشاكل التي من الممكن حصولها في باقي مناطق العراق أو بين الكتل السياسية العربية.

ثانياً: القوى السنية:

من المتوقع أن تخف حدة الصراعات الطائفية في العراق بعد خروج الاحتلال من العراق، وباعتقادنا إن الساحة السياسية السنية سوف تشهد الكثير من المتغيرات بعد الانسحاب، وذلك لأن أغلب الكتل السياسية السنية الداخلة في العملية السياسية ركزت اصطفافاتها بالاعتماد على خلق حالة من الوهم في نفوس الجماهير التي وقفت خلفهم في الانتخابات النيابية عن طريق تخويفهم من الطرف الآخر بإعتباره الخطر الرئيس وهو اكبر من الخطر الذي تمثله القوات المحتلة للعراق، ويساعد في التغيير المرتقب على الساحة السياسية في مناطق العراق التي تقطنها غالبية سنية تحرك قوى عشائرية لها ثقلها المعروف في تلك المناطق والتي أخذت على عاتقها محاربة عناصر القاعدة والجيوب الحاضنة للإرهاب بدعم وتأييد من الحكومة العراقية.

فعلى الرغم من  مرور أربعة أعوام من التغير الحاصل في العراق إلا أن سكان تلك المناطق لم يلمسوا سوى الدمار والقتل جراء ما تقوم به الجماعات المسلحة من عمليات عسكرية على أراضيها وضمن حدود رقعتها الجغرافية، علاوة على التهميش والمصادرة للآخرين وإتباع سياسة كم الأفواه التي تمارسها الجماعات المسلحة المعارضة للتغير الحاصل في العراق وبحق أبناء تلك المناطق التي تتواجد الجماعات المسلحة فيها وبحق من يمثلهم في الحكومة.

وهناك قوى تتحرك اليوم على الساحة السنية تنظر بعين الجدية إلى الوضع المستقبلي للعراق "الفدرالي"، لعلمهم بان كل منطقة من مناطق العراق سوف تخضع لسيطرة وتصرف أبنائها، وحيث إن القوى العشائرية الموجودة في مناطق غرب العراق أدركت ذلك ولو بشكل متأخر، أخذت تتحرك بقوة قبل أن يفلت زمام الأمور من يدها بصورة نهائية وبالتالي سوف تصبح تحت رحمة جماعات ليس لها أي وجود اجتماعي في تلك المناطق، وإنها أي تلك الجماعات تتخذها غرضا للوصول إلى أهدافها السلطوية.

ثالثاً: القوى الشيعية:

تعاني الساحة الشيعية من مشاكل كبيرة تقسمها وتجزؤها ويخشى أن تكون لها نتائج غير مرغوبة بعد الانسحاب الأجنبي من العراق.

وتعتبر المناطقية والفئوية وتغليب المصلحة الحزبية على المصلحة العامة، وتغليب الولاء على حساب الكفاءة والنزاهة بالإضافة إلى تفشي المحسوبية والمنسوبية، على رأس القائمة.

كما أن الساحة الشيعية تشهد خلافات وتنافسات منذ أيام مجلس الحكم والانتخابات الأولى والثانية، ولم تكن تلك الخلافات وليدة ساعتها بل تمتد جذورها إلى مرحلة المعارضة قبل سقوط نظام صدام وإن كانت هذه التنافسات تشهد تصاعداً في حدتها كلما بدت في الأفق فرصة لتعديل ميزان المكاسب كالانتخابات أو تشكيل الوزارات، أو تقسيم المناصب العالية.

كما أن شعور أبناء المحافظات الجنوبية بعدم المساواة في تقديم الخدمات والإهمال وكثرة البطالة التي نتجت من خلال حل المؤسسة العسكرية التي يشكل غالبيتها أبناء الجنوب أصحاب الدخل البسيط والطبقات المعدمة، جعل هؤلاء يشعرون بخيبة الأمل من كثير من الجهات التي كانوا يأملون منها خيرا حيث أصبحوا يعاملون( على حد وصف الكثيرين منهم بأنهم مواطنون من الدرجة الثانية).

وعلى هذا الأساس فإنهم لا يرغبون بالانضمام إلى إقليم الوسط ويفضلون إقليم المحافظات الثلاثة التي تتمتع بمواردها الطبيعية حالها حال إقليم كردستان، فما يردده أبناء تلك المناطق إنهم أكثر من عانى وضحى من اجل تغير النظام البعثي وأكثر من تضرر بعد هذا التغير.

ومن المتوقع بان مدينة البصرة سوف تشهد صراعاً بين القوى المختلفة لمحاولة فرض السيطرة عليها والتحكم بمواردها الطبيعية والحيوية ومنافذها البحرية لأهميتها الاقتصادية خصوصا إذا تمت المصادقة على مشروع استثمار النفط من قبل شركات أجنبية، فمن يمتلك المال سوف يمتلك السلطة.

مستقبل البرلمان والحكومة بعد الانسحاب

هناك فكرة لدى بعض الكتل السياسية تريد الوصول من خلالها إلى تحقيق ما تصبوا إليه من وصول إلى مركز صنع القرار، وهذه الفكرة قد يصار اللجوء لها قبل الانسحاب الأمريكي من العراق وهي تكتل بعض القوى من داخل البرلمان تحاول أن تستقطب معها قوى من خارج العملية السياسية مستغلة للنهج الأمريكي العربي الداعي إلى إعادة النظر في قانون إجتثاث البعث، لتشكيل جبهة برلمانية بمباركة الولايات المتحدة لإسقاط حكومة المالكي وإعلان حكومة تنتهج النهج الوطني بعيدة عن المحاصصة والطائفية بحسب الادعاء الأمريكي في حال لم تلبِ حكومة المالكي ما تطمح الإدارة الأمريكية لتحقيقه قبل الانسحاب من العراق، وعلى رأس تلك المطامح التصويت على قانون النفط والغاز والقضاء التام على الميليشيات الشيعية.

 مستقبل الجماعات المسلحة بعد الانسحاب الأمريكي

الجماعات المسلحة العراق تنقسم إلى عدة أقسام:

1- جماعات مسلحة من لم تستهدف العراقيين.

2- جماعات مسلحة تستهدف العراقيين ومنشآتهم وبناهم التحتية.

3- جماعات العصابات والخطف والسطو المسلح.

أولاً: الجماعات المسلحة التي لم تستهدف العراقيين.

وهذه الجماعات لا يبقى لديها أي مسوغ للقيام بهجمات مسلحة تقوم بها بعد الانسحاب الأمريكي من العراق ومن المتوقع أن يكون لها دور ايجابي في استقرار الوضع الأمني في العراق وتعمل بقوة من اجل النهوض بالواقع المتردي للشعب العراقي، وقد تكون عامل قوة أكثر منها عامل ضعف في جسد الدولة العراقية.

ثانياً: الجماعات المسلحة التي تستهدف العراقيين ومنشآتهم وبناهم التحتية سوف تبقى تلك الجماعات تعمل بكل الاتجاهات وبكل الوسائل وتحاول استغلال الفراغ العسكري الذي يحصل من جراء الانسحاب الأمريكي للوصول إلى تحقيق بعض أهدافها، وهذه في معظمها لها ارتباطات بجهات ودول إقليمية أو بجماعات القاعدة التي تعمل في العراق، وسوف تصعد تلك الجماعات من عملياتها العسكرية في بداية شروع الأمريكان بالانسحاب من العراق لغرض إرباك كل ما من شأنه أن ينظر إليه بايجابية لصالح الحكومة، ومحاولة منهم لتحقيق نصر إعلامي تستطيع من خلاله تلك القوى الحصول على تأييد شعبي عربي وإسلامي لغرض حصولها على الدعم المادي والمعنوي عن طريق تحريكها لمشاعر الجماهير كونها قارعت الاستعمار في البلاد الإسلامية وأجبرته على الانسحاب منها.

وهذه المجاميع سوف تنحسر وتتحاصر من كل الاتجاهات ويتم القضاء عليها في حال حصول حكومة بغداد على دعم إقليمي تستطيع معه ضبط الحدود التي تتسلل منها تلك المجاميع وعدم وصول الإمدادات اللازمة لها.

أما في حال عدم استقرار الوضع السياسي في العراق ووجود تدخلات إقليمية يمكن أن يكون لهذه المجاميع دور كبير وفاعل في زعزعة الاستقرار، وهذا ما يؤدي إلى سيطرتها على أجزاء من العراق وخاصة في بغداد والمناطق الغربية من العراق، وعليه سوف تقوم بتوسيع هجماتها على المدنيين والعودة لعمليات التهجير الذي تقابلها ردة فعل عكسية قد تجر البلاد إلى أتون حرب أهلية.

 ثالثاً: جماعات العصابات والخطف والسطو المسلح في حال استقرار الوضع السياسي والأمني في العراق سوف تشهد تلك الجماعات تلاشيا كبيرا كونها تلاقي حربا من قبل الأوساط الشعبية قبل الأوساط الحكومية، فقد أصبح المواطن العراقي يشن حربا على تلك الجماعات منذ أول أيام الاحتلال باعتبار إن ذلك الواجب جزء من تكليفه الشرعي.

أما في حال عدم استقرار الوضع السياسي والأمني فقد تشغل تلك الجماعات حيزا كبيرا وتؤثر سلبا مستغلة الفوضى والفلتان الأمني وسوف يكون عملها منصبا في المدن والطرق الخارجية.

 مستقبل دوائر الدولة ومؤسساتها بعد الانسحاب الأمريكي

في حال بقاء الأداء الحزبي والسياسي على المستوى الذي هو عليه الآن  فإن تلك الدوائر سوف تشهد وضعا مترديا أساسه تفشي الرشوة والفساد المالي والإداري وكثرة المحسوبية والمنسوبية والولاءات على حساب الكفاءة والنزاهة والسمعة الحسنة، وسوف ينعكس هذا على مستوى الأداء الحكومي على صعيد استتباب الأمن أو توفير الخدمات.

وإذا لم تكن هناك معالجة موضوعية وحازمة تجاه كل تلك الأمور سوف يؤدي ذلك إلى وجود حالة من اللامبالاة في الأداء الوظيفي والتي تنعكس سلبا على جميع مفاصل الحياة السياسية والاجتماعية.   

الدور السياسي للقيادات الدينية على الساحة العراقية بعد الانسحاب الأمريكي

القيادات الدينية في العراق سوف تنقسم أدوارها بعد انسحاب القوات الأجنبية من العراق إلى قسمين:

القسم الأول:-

القيادات التي تنأى بنفسها عن الجانب السياسي ويكون دورها مقتصراً على "مباركة أو عدم مباركة" العمل الذي تقوم به القوى السياسية، وهي ترى من الضروري أن تحكم البلد حكومة التكنوقراط البعيدة عن الولاءات الحزبية، وستكون تلك القيادات بمثابة صمام الأمان في عدم انزلاق الوضع في العراق نحو حرب أهلية أو ما شاكل ذلك.

القسم الثاني:-

القيادات الدينية التي تتدخل بصورة مباشرة في العمل السياسي و يكون دورها توجيه الجهة السياسية التي تقف وراءها بالإضافة للدور العام الذي تقوم به، وسوف تكون تلك القيادات بمثابة عامل لضبط تلك الجهات السياسية المؤتمرة بأوامرها ومنعها من الانفلات أو اتخاذ مواقف قد تكون ضارة حسب تشخيص تلك القيادات.

وتركز بعض القيادات الدينية في عملها على بناء مجتمع مؤسساتي يقوم على أساس علمي وتوعوي من خلال بناء الفرد على وفق ما تقتضيه روح الإسلام والوصول إلى أعلى درجات التحضر في المجتمع المسلم.

مستقبل منظمات المجتمع المدني

تجربة منظمات المجتمع المدني لم يشهدها العراق ولم يعرفها إلا بعد 9/4/2003م والتي جاءت إلى العراق مع القوات الأجنبية، وكثير من تلك المنظمات والمؤسسات تعمل في العراق ولا يعرف مصادر تمويلها وما هي أهدافها المستقبلية في العراق.

من المتوقع أن يطرأ تغير كبير على تلك المنظمات والمؤسسات سواء أكانت العراقية منها أم الأجنبية بعد الانسحاب الأجنبي من العراق، بسبب اللبس والغموض الذي يشوب عمل تلك المؤسسات والفساد المالي الذي تتهم به اغلب هذه المؤسسات.

وعليه فمن المتوقع أن تتلاشى كثير من المؤسسات الموجودة اليوم أما بسبب فقد التمويل أو انتهاء الغرض الذي أنشأت من أجله أو لعدم وجود الوضع الأمني الذي يحفظ أرواح العاملين فيها.

وعلى أية حال يبقى مستقبل العراق مرهون بمدى جدية وحرص القيادات التي تمثل الجماهير في بناء دولة القانون على أساس المواطنة، وعلى مدى وعي أبناء الشعب العراقي وفهمهم الحقيقي إلى ما تخطط  له القوى الأجنبية التي لا تريد له الخير،  ومحاولة النهوض ببلدهم، والإدراك الجيد لتجارب الغير والاستفادة منها، والرجوع إلى روح الإسلام وما جاء به نبي الرحمة محمد (صلى الله عليه وآله ) في الوصول إلى حل جميع المشاكل التي تواجههم.

إننا نعتقد أن لبناء عراق مستقل متحد متقدم يسوده الرفاه والحرية والسلام والاستقرار لابد من تظافر الجهود وامتلاك إرادة قوية تتجاوز التحديات وتتغلب على كل العوائق والمثبطات آخذين بنظر الاعتبار النقاط التالية:

1. تجاوز الاحتقانات الطائفية أو العرقية والاستعاضة عنها بالثقة المتبادلة والتعاون والإخاء الديني والوطني.

2. تجاوز المحاصصات والبحث عن المتخصصين الواعين والمخلصين الذين يؤتمنون على هذا الوطن والشعب "سواءًَ من داخل الكيانات السياسية أو من خارجها" كي يتحملوا المسؤوليات ويتسنموا المناصب المهمة.

3. كسبيل لذلك لا بد من إعادة النظر في قانون الانتخابات لا سيما القوائم المغلقة التي تجعل المواطن ينتخب من لم يعرفه ولم يره أو حتى لم يسمع باسمه, بل أن صوته يذهب لشخص غير الذي أراد أن ينتخبه.

4. بدء حملة توعوية لمواجهة الفساد الإداري والمالي، والضرب عاى ايدي الذين يستبيحون المال العام.

5. يؤمل من القيادات الدينية الجليلة أن تمارس بصورة تامة دورها التوجيهي في توحيد العراقيين والحفاظ على  مصالحهم والدفاع عن حقوقهم، والتركيز على إحداث تغيير ثقافي تربوي في المجتمع لإزالة الآثار السلبية للمرحلة السابقة.

خاصة وأن المواطنين ينظرون إلى القيادات الدينية  على أنها لجميع العراقيين وذلك بحكم إخلاصها وتجردها وورعها وتقواها رافضين أية محاولة قد تقوم بها أية جهة لتجيير إسمها لصالح تلك الجهة دون غيرها.

6. على منظمات المجتمع المدني أن تثبت كفاءتها وتجردها عن أي دافع غير الحرص على مصلحة الوطن، والعمل الجاد من أجل بناء دولة القانون على أساس المواطنة والرقي بالمواطن إلى مستوىً يمكنّه من ممارسة دوره المطلوب، وبالمقابل ينبغي دعم مثل هذه المنظمات مادياً ومعنوياً وضمان استقلاليتها بعيداً عن أية تدخلات من قبل الحكومة في شؤونها لتتمكن من القيام بعملها بحرية تامة.

...................................................................... 
المصادر/ 

[1] - تاريخ العراق/ ويكبيديا

[2] - المصدر السابق

[3] - عبد الوهاب بيك النعيمي/مراسلات تأسيس العراق 1920-1922

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 26 تموز/2007 -11/رجب/1428