خيار امريكا الصعب بين وهابية السعودية وشيعة العراق

بقلم: سامي جواد كاظم

يوميا يحدث في العراق عمليات ارهابية يرافقها مصائب سياسية والمعروف لايمكن تحقيق الامن الا بوجود استقرار سياسي ولا يمكن ايجاد استقرار سياسي الا بوجود وضع امني مستقر وهكذا سيبقى العراق على هذه الحالة في دوامة لا تبتدأ باول ولا تنتهي بآخر،ولكن الاهم من هذا وذاك هو ما هي العوامل التي ساقت العراق الى هذا المنحدر السيء والخطير والذي اذا ما استمر على هذا المنحى اعتقد ان الامور سوف لا تبشر بخير وان كان استقرائي للوضع العراقي بانه سيكون نحو الاحسن مع التنازل والتصحيح لامور بسيطة لا تتعارض مع الدين الاسلامي،.

من المؤكد ان الولايات المتحدة الامريكية منذ ان فكرت بالشروع في احتلال العراق جندت اجهزتها المخابراتية لدراسة الوضع العراقي وما سيحدث بعد الاحتلال ومن له التاثير في مجريات الاحداث بعد الاحتلال.

وبعد مرور اربع سنوات على احتلال العراق ظهرت صحة النتائج التي تنبأت بها شبكة الـ (CIA) بالاضافة الى دراسات اعدتها كثير من المعاهد الدراسية المتخصصة في الشان العراق خصوصا والشرق اوسطي عموما، والواقع العراقي يقول ان هنالك حرب طائفية سياسية محتدمة اكثر مما هي عليه على الارض من اعمال ارهابية حصدت ارواح الالاف من العراقيين الابرياء، والواضح كوضوح الشمس ان الحرب السياسية في الحكومة والبرلمان العراقي بين الائتلاف من طرف والطرف الاخر تارة يكون التوافق لوحده وتارة اخرى تكون العراقية مع التوافق وباختصار هي بين الشيعة والسنة والبعثيين القدماء الذين يسمون انفسهم بـ، (العلمانيين).

ولأن السعودية تمتلك احتياطي ضخم من البترول فانها تستخدمه لحرق الشعب العراقي من جهة ومن جهة اخرى بيعه وتمويل الجماعات الارهابية العاملة في العراق بامرتها وهذا واقع وليس افتراء، وهذا يجعل امريكا امام خيارين تراهما احدهما اصعب من الاخر وذلك بعد ان ثيت لها ماهية الافكار الوهابية وماآلت اليه من اعمال ارهابية كانت هي الولايات المتحدة الداعمة الرئيسية لها من خلال غطاء سياسي لاجرامها وتموينها بالعدة العسكرية وما تحتاج اليه من معلومات استخباراتية معولة على استطاعة هذا الفكر من ايقاف او بالاحرى افشال الثورة الاسلامية في ايران بعد ما كان هدفها من مد الوهابية اسقاط اكبر عدد ممكن من القتلى والخسائر في صفوف الجيش السوفياتي في افغانستان.

 واليوم اصبحت السعودية الوهابية هي الضالعة الاولى بالاعمال الارهابية التي حصلت في امريكا خصوصا والعالم عموما فعلى امريكا التخلي عن الوهابية وهذا الاختيار الصعب الاول والاخر جعل الشيعة في العراق هو الحليف والصديق لها وهذا هو الاخر اختيار صعب فاين تكمن الصعوبة في جعل حكومة العراق حكومة صديقة ؟

اعتقد السبب يكمن بنقطتين اساسيتين يتشعب منها امور فرعية جذورها تاريخية:

السبب الاول ان كتلة الائتلاف المتمكنة النفوذ في البرلمان والحكومة تتكون من عدة اطراف واحزاب وشخصيات سياسية لا تميل الولايات المتحدة لبعض من هذه الاطراف وانها تامل ان تتغير هيكلية بناء الائتلاف لتستطيع منحه الثقة وحرية اتخاذ القرارات المهمة لسير العملية الديمقراطية، فان تصرف بعض من هو ضمن الائتلاف يزيد من المخاوف الامريكية في التعامل مع الشيعة والتي املاها عليها الفكر الوهابي المتطرف سابقا مع ابتعاد الشيعة عن الساحة السياسية الفاعلة في العراق انذاك، فغالبا ما يدور النقاش في الكونغرس الامريكي حول الاعتماد على اللوبي الشيعي في المنطقة على اعتباره فكر معتدل وهو الند الوحيد للفكر الوهابي على مر العصور ومنذ ان تاسس الفكر الوهابي  مع تاملهم من ان يكون لحزب الله اللبناني وجود سياسي بحت على الساحة اللبنانية وترك العمل العسكري.

 ففي احدى الدراسات التي قامت بها بعض المعاهد الامريكية منها معهد السلام ومعهد راند والذي يحاضر فيهما اساتذة اكادميين ومتخصصين منهم (هارفارد وجون هوبكنز وبرينستون) جاء فيها (من البديهي ان المد الشيعي في المنطقة والمدعوم ستراتيجيا من قبل الولايات المتحدة (يقصد في العراق) لابد من ان يجد تفهما واستجابة شيعية استراتيجية فعالة وقوية وعلى اعلى المستويات)، وهذا يحتم على الاطراف في الكتلة الشيعية ان تكون على مستوى عالي من الدقة عند اتخاذالقرارت، نعم هنالك من الشيعة ممن لا يرغبون ببقاء القوات الامريكية وتنادي بجدولة الانسحاب بعد ما كانت اطراف سنية تنادي بجدولة الانسحاب والان تخلت عن هذه الفكرة بل تنادي ببقاء المحتل.

 فعدم الرغبة ببقاء القوات الامريكية من قبل بعض الشخصيات الشيعية ولد نوع من انعدام الثقة بالحكومة الشيعية من قبل الامريكان وكما ان الولايات المتحدة تعلم علم اليقين ان اغلب قتلاهم في العراق يقتلون في المناطق السنية والسلاح السني الممول من قبل السعودية ودول اخرى والكل يذكر عندما فقد الجنود الثلاثة الامريكان بحثت القوات الامريكية عنهم في المناطق السنية دون الشيعية لعلمها المسبق بما هي عليه المناطق السنية من عداء لهم بسبب اعتقادهم انهم السبب في منح السلطة للشيعة دونهم.

والمد التاريخي لهذا السبب هو ما هي عليه ايران من سياسة لا زالت الى الساعة هي المعارضة الوحيدة للسياسة الامريكية في المنطقة وبسبب الترابط المذهبي بين شيعة العراق وايران يجعل مخاوف امريكا قائمة من بناء الثقة مع الحكومة العراقية كما ان اغلب اعضاء الحكومة كانوا في ايران قبل الاحتلال لهذا فانها تخشى ان يكون ولاء الحكومة العراقية لايران اكثر من امريكا وبالتالي يؤثر على امن اسرائيل.

السبب الثاني هو المعاهدات والمواثيق التي ابرمت بين امريكا وحلفائها من الدول المجاورة والاقليمية للعراق وبضمنهم السعودية والتي كانت لها اليد الطولى للقضاء على الانتفاضة الشعبانية وبقاء صدام 12 سنة بعد تحرير الكويت، وغالبا كانت ما تدور اجتماعات خلف الكواليس حول امكانية الاطاحة بصدام الا ان السعودية كانت تعارض وبشدة خوفا من ان يستلم الشيعة حكم البلاد.

والان بعد ما اتضحت الصورة لدى المجتمع الدولي عن ما تقوم به السعودية من تصدير الارهاب لكل دول العالم اصبح لزاما على امريكا التنسيق مع الشيعة وهنا على الشيعة وخصوصا في العراق تقديم الضمانات لامريكا مع بعض التنازلات التي لا تعتبر خرقا للدين الاسلامي اذا ما ارادت ان يستقر العراق. 

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء  25 تموز/2007 -10/رجب/1428