الارهاب العربي في العراق

بضاعة رُدت الى أهلها

 محمد الوادي

 مشكلة العالم العربي التاريخية والمزمنة تكاد تكون محدده بعنوان رئيسي هو"عدم الاعتراف بالواقع " وهذا العنوان بدوره في نظر كل الامم المتقدمة والمتطوره سبب او مدعاة لتفريخ كوارث اخرى قد تصيب المجتمع والدولة المعنية.

 وفي عالمنا العربي هذا السبب هو فعلي وواقعي لكل هزائمنا العسكرية على مر التاريخ ولكل حروبنا الطائفية والأهليه وايضا لكل هزائمنا العلميه والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفكرية بل وحتى الرياضية. لكننا طبعا نسمي كل تلك الهزائم الشنيعة " بالتراجعات " مثلما نسمي هزيمة حزيران الشنيعة والواضحة مثل وضوح الشمس عام 1967 " بنكسة حزيران !!". لذلك بعدها دفعنا ثمن هزائم اكثر شناعة طيلة العقود الطويلة التي تلت هذه الهزيمة , التي لن نعترف بها وبالتالي لم نبحث عن اسبابها , لتجاوزها في المراحل اللاحقة. فاصبحنا ليس مهزومين فحسب. بل نعرض على ( اولمرت ) عشرات المليارت من الدولارات. فقط ليعطينا  جزء وليس اكثر من تراب اهم مقدستنا السماوية. مع العلم وفقط للتذكير نحن الامة الوحيدة التي تملك أهم مصادر الطاقة في العالم وبدون منافس. لكننا رفعنا شعار بائس اسمه " النفط ليس ورقة ضغط سياسية !!" لكن قبلنا ان تكون القدس نفسها ورقة سياسية.

هذا الاسبوع شهد في العالم وفي مواقع مختلفة عدد من الاعمال الارهابية. وهي عربية الصنع والتمويل والتنفيذ بلا منافس.

وامتدت من اليمن حيث استهداف السياح الاوربيين الى شوارع لندن ومحاولات التفجير التي جرت على ايدي اطباء عرب وغيرهم تربوا ودرسوا وعاشوا في المملكة المتحدة يوم كانت بلدانهم الام الاصلية لاتستوعبهم , فكانت اول بادرة لرد الجميل الى الانكليز من خلال تلغيم شوارعهم بالسيارات المفخخة.  و في ازقة غزة حيث اختطاف الصحفي واطلاق سراحه بعد عناء طويل وبطريقة مسرحية هزيله خاصة مع وضع العلم الفسطيني على صدر الصحفي البريطاني من قبل هنيه. وحتى شوارع بغداد التي أدمن الارهابيين عليها.

 واذا كانت هذه الاعمال الارهابية هي علامات فارقة في بعض البلدان فان في العراق , واقع لايمكن تجاهله او تجاوزه تحت اي مبرر لان ثمن هذا الارهاب هي ارواح العراقيين وبشكل مستمر ويومي. وبطرق فاقت كل تصور وكل توقع. والمفارقة الكبيرة ان هذا الارهاب هو عربي التمويل وعربي التوجيه وعربي النوايا وعربي يمثل وجه الطائفية العظمى التي تستوطن الكثير من العرب.

ومن يزايد على هذه النقطة فعليه ان يخرج ضميره من السبات الا انساني والا عربي. وقد يكون تصريح وزير الداخلية السعودي قبل ايام هو صفعة لكل الناكرين لهذا الارهاب الدموي الذي يتعرض له العراقيين على يد العرب. حيث قال الوزير " لماذا على اولادنا السعوديين ان يذهبوا ويفجرون انفسهم في شوارع بغداد , تدفع بهم اطراف معروفة , ومن لايفجر نفسه يرجع الى المملكة ويمارس افعال ارهابية "  هذه بمثابة صرخة ولو انها جاءت متاخرة. وايضا هي صرخة تحمل تناقضها معها حيث من المعروف ان شخصيات سعودية تعمل بالدين  وفي مؤوسسات رسمية في السعودية , اصدرت فتاوى علنية ونشرت في الاعلام لحث الشباب السعودي للذهاب الى العراق , لكن ليس لمقاتلة الامريكان بل لحرب الروافض.. وهولاء " الروافض " يشكلون اكثر من 65% من تعداد سكان العراق ويشكلون حوالي 83% من عرب العراق. وهم اهل العراق.

والمثل الاخر المثير هو ما تم عرضه على قناة العربية في برنامج  " العين الثالثة " حيث احد الارهابيين من الكويت كان يشرح ويقر بشكل علني " كيف يقوم بتجنيد الارهابيين وارسالهم الى العراق !! لكن المهم ليس في الكويت يفجرون انفسهم !!"

والمثل الاخر الاكثر انكشافآ هو القرضاوي المحرض الرئيسي على مايسمى " المقاومة والجهاد " في العراق , في وقت ان قناة الجزيرة التي أتخذها منبرا له للتحريض تبعد مئات الامتار  عن مقر القوات الامريكية في كل الشرق الاوسط وليس في العراق فحسب !! وكذلك بلد القرضاوي.

 مصر كل يوم تدخل منها أعظم البواخر والفرقاطات النووية وحاملات الطائرات الغربية والامريكية. بل ان " السيد " اولمرت نفسه كان قبل عدة ايام يجتمع في شرم الشيخ مع الاخوان مبارك وعباس وعبد الله الثاني !! ولاننسى كيف ان " الشقيق  بيريز " قد زار الدوحة قبل حوالي شهرين والتقى بالعديد من المسؤولين وكذلك زار جامعة الدوحة والاهم زار وتفقد قناة الجزيرة نفسها والتقطت الصور له مع العديد من اصحاب الحناجر الصوتيه المتميزة في هذه القناة وغير متاكد اذا كانت زيارة بيرز هذه تزامنت مع وقت تسجيل القرضاوي لبرنامجه الجهادي المقاوم من نفس القناة !!  لكن ورغم كل هذا وغيره الكثير لم نسمع صوت القرضاوي او اصحاب الفتوى في السعودية يصدرون فتوى ضد هذه الدول او ضد شعوبها او ضد الرؤوساء فيها.

 ونفس الشيء ينطبق على تصريحات الرئيس اليمني الغريبة بخصوص العراق قبل عدة ايام وتناسى السيد الرئيس اليمني ان كل مقرات مؤن وعتاد ووقود القوات الامريكية تقع على سواحل اليمن السعيد !! وليس في شط العرب العراقي. وشهد هذا الاسبوع في بغداد ايضا الحكم على ارهابيين عرب بالاعدام وهم من جنسيات عربية مختلفة من الغرب والشرق دون استثناء في وحدة عربية نادرة الحدوث الا في مثل هذه الافعال الارهابية الجبانة.

أن نار الارهاب العربي.. أمتدت من افغانستان ونيويورك ولندن ومدريد الى تونس والجزائر ومصر ونهر البارد في بيروت واليمن  والسعودية والاردن  وسوف ترتد  الى كل البلاد العربية الاخرى دون أستثناء وبكل قوة واندفاع. طالما بقيت الحكومات واغلبية الشعب العربي تتعامل بانتقائية غريبة في صناعة هذا الموت الارهابي ودعمه بشكل فاق كل تصور وحينها سيكون من حق اهل العراق وبغداد. ان يقولوا  لكل الداعمين لهذا الارهاب " هذه بضاعتكم ردت اليكم " تذوقوا ولو قليل من اوجاعنا العربية. وهنيئآ لكم بهذا الجهاد البائس وهذه المقاومة اللقيطة. 

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 19 تموز/2007 -4/رجب/1428