أطل علينا الرئيس الأمريكي جورج بوش بخطابه الأسبوعي الذي
تحدث فيه - بالطبع - عن ورطة - أقصد عفواً - وضعية جنوده في العراق
الذي يعاني من فوضى صاخبة وعلى شتى الأصعدة السياسية والأمنية
والاجتماعية على نحو غير مسبوق في السنوات التي أعقبت سقوط طاغية العصر
الذي أحمله على صعيد شخصي.
وقد كشف الرئيس بوش في هذا الخطاب الأسبوعي عن حقيقة طالما كان الكثير
من المحللين الستراتيجين والكتاب السياسيين يتحدثون عنها في رؤاهم
وتحليلاتهم عن الوضع في العراق. فقد قال الرئيس جورج بوش وهو يحاول
أقناع الشعب الأمريكي- الرافض لاستمرار بقاء قواته في العراق أثر
الخسارات المتتالية التي تواجه قواته في العراق- يحاول اقناعهم بجدوى
بقاء قواتهم في العراق والفائدة الإستراتيجية التي تعود على أمريكا من
وراء بقاء قواته في العراق ,قال بأن الإرهابيين لن يستطيعوا الان ضرب
أمريكا لأننا نقل المعركة إلى ساحات وبلدان
أخرى لذلك نحن نقاتل الإرهابيين في العراق بدلاً من محاربتهم على
أرضنا!!!
ولا يخفى على أي قارئ حصيف أو حتى فاقد للحصافة-وعذراَ للكلمة- أن في
قول بوش هذا دلالات كبيرة ومعاني جمة على السياسيين العراقيين أن
يفكروا فيها ويتمعنوا في مغزاها ومن بين هذه الأمور:
1.
أن هنالك فرق بين الصراحة من جهة والوقاحة من جهة أخرى وماقاله السيد
بوش يمثل وقاحة أمريكية مع احترامي الشديد للشعب الأمريكي الطيب.
2.
من حق الرئيس الأمريكي أن يدافع عن شعبه وأرضه وقيم أمته مثلما من حق
أي رئيس أخر أن يفعل ذلك , فذلك جزء من التزاماته تجاه بلده وشعبه ولكن
- وهذا المهم- ليس من حقه مقاتله أعدائه في أراضي بلاد أخرى وعلى حساب
شعب أخر فذلك قمة في الأنانية والنرجسية وحب الذات وعدم الاكتراث
بالأخر وفقاً لمعايير الأكسيولوجيا وعلم الأخلاق.
3.
أن مايهم الإدارة الأمريكية بصورة أساسية هو مصالحها القومية
والأسترتيجية في مناطق العالم ومنها العراق , ولا أعتقد بأن مصالح
أمريكا أن تضاربت مع المصالح العراقية فأنها سوف لن تعبأ بها.
4.
أن جورج بوش لم يٌسقط نظام صدام الدكتاتوري حباً في الشعب العراقي أو
من أجل نشر مبادئ الديمقراطية والحرية, وإنما قد فعل ذلك من اجل أهداف
متعددة لعل أولها أهمية هو مقاتلة تنظيم القاعدة في العراق وسحب
عناصرها للعراق, بحيث يكون العراق هو الجبهة الأولى للإرهاب كما قال
ذلك صراحة ألإرهابي أسامة بن لادن.
5.
أصبح الشعب العراقي حطب لنزاع لا دخل له فيه , وهو النزاع العالمي بين
تنظيم القاعدة الإرهابي بامتياز وألأدارة الأمريكية الحالية الغارقة
بالدم العراقي.
6.
أن الجيش الأمريكي سوف لن يخرج من العراق مادام السبب الذي يجعله يبقى
في العراق هو تهديد تنظيم القاعدة له وهو سيبقى ولن ينتهي حتى لو مات
أسمه بن لادن.
7.
أن على السياسيين العراقيين المخلصين - وأعتقد أننا مازلنا لم نعدم
وجودهم في العراق العظيم بشعبه الصابر -أن يدركوا حقيقة مايقوله الرئيس
الأمريكي , وأن يعملوا سياسياً وفقاً لهذه الفكرة, فربما تتغير
إستراتيجية المعركة وحيثياتها بين تنظيم القاعدة والولايات المتحدة
الأمريكية, وحينها ربما تنسحب أو تعدل من أسلوبها أو أو حتى ربما
تقاتلها في مكان أخر وحينها ستترك العراق يواجه مصيره وحده وستسحب
دعمها منه , وحينها ماذا ستفعل الحكومة ؟ وكيف ستسيطر على الوضع الأمني
؟ وهي الآن مع القوات الأمريكية لم تسيطر على الوضع وتوفر للمواطن ما
يبتغيه من ضروريات الحياة.
[email protected] |