استبشروا خيراً فالوطن بخير

 سامي الأخرس

 دولة غزة:

إذا كنت من أهل غزة عليك أن تصلي شكراً وحمداً لله، وتقيم صلوات القيام والشكر للرحمن، فالشواطئ ملئى بالمصطافين، لا تضج استرخائك واستجمامك رصاصات تتناثر هنا وهناك، ولا تلاحقك صرخات هدى ولا عائلة ممزقة الأشلاء، ولن ترى بطريقك وجوه أصحاب الرداء الأزرق " أفراد الشرطة "، أما شوارعها أصبحت أكثر نظاماً ونظافة حيث لن تشاهد كومات القمامة المكدسة على قارعة الطريق، ولن تزعجك الحشرات المتطايرة فوقها، ولن تحتاج لأنواع الشامبوهات لتغتسل من غبار التراب علي جانبي الشارع، كذلك لن تتأخر عن مواعيدك، حيث اختفت مظاهر الاكتظاظ المروري، فهناك فتية يرتدون البزات الفوسفورية، يصلون تحت أشعة الشمس الحارقة لتوفير النظام والأمان لك، كما اختفى الدفتر المروري وهو ما يسمي دفتر المخالفات، فلم نعد بحاجة إليه في ظل سيادة القانون، وجلالة الأمن، وعظمة الرخاء.

ولن تحتاج لشكوى عضة الجوع فالسلع تملئ رفوف المحلات، والخضار والفواكه تغرق الأسواق، والدقيق يداعبك من بعيد بأن تحمل منه ما تشاء، أما اللحوم والأسماك تقرع باب بيتك لوحدها لتجلس مختالة على أحد الأطباق تنتظر معدتك لتهضمها.

أما إن كنت من هواة السفر والترحال، وراودتك فكرة الاستجمام في أحد الأماكن السياحية، أو أغرتك عجائب الدنيا التي أعلن عنها قبل أيام فعليك الاتصال من هاتفك المحمول بإحدى شركات الطيران لتوفر لك الحجز الآلي بلا تعب أو معاناة، وستجد مقعداً مريحاً على أحدي الطائرات الرابضة بمطار الراحل عرفات، وإن كنت من هواة السفر براً أو بحراً فأمامك خياران تحويل الاتصال الخلوي بأحد مكاتب السفريات البرية أو البحرية، ودقائق لتجد نفسك أمام معبر رفح أو ميناء غزة البحري، حيث ستقدم لك أفضل الخدمات، ويأتيك الإذن بالمغادرة وأنت لا تبرح مقعدك المريح في صالة الانتظار، لم يعد هناك إغلاق، وحصار، ولم تعد تخشي أن تمضي أيام وأشهر عالقاً على المعابر بين الأرض والسماء.

فإن لم تصدقني عليك بالتجول لتري ما لم يراه إنسان..... هذه غزة بعد التحرير.

دولة الضفة:

أما إن كنت من أهل ضفتنا الغربية، ومقيم بإحدى مدنها، أو قراها، أو حتى مخيماتها، فإن الله قد مَن عليك بخيرٌ وفير، ورزقٌ كثير، أمن وأمان، راحة واستجمام، مناظر خلابة، حدائق خضراء، منتزهات كبار وأطفال، لن تعد ترى خطف أو اختطاف، حرق أو تدمير، اقتحامات واغتيالات.

فالكل يصطحب أسرته وأحبابه ويمضوا بنزهات يومية، يتسامرون على الحدائق المعلقة علي قمم الجبال، والفردوس الفرزدقى خلاب الجمال، وراحة بال واطمئنان.

هذه هي فلسطيننا بعد المخاض، لا يعكر صفو نعيمها سوي أبنائها المغتربين الذين يتهافتون عليها بالآلاف يوميا، كلاً يمزق جواز سفره على بوابتها حتى لا يضطر لمغادرتها مرة أخرى، ولن يكتمل حلمنا وحلمهم سوى باحتضان أخر مغترب يعود لنا ويقبل طُهر ترابنا.

من منا لا يعرف فلسطين الآن... ومن يفكر بالذهاب للبحث عن مكاتب الهجرة كما كانت الأيام في الزمن الغابر، زمن القتل على الهوية الحزبية، والحرق والاختطاف، زمن حرق الجامعات ومداهمتها، وسرقة الأراضي ولقمة الفقراء، زمن الحصار والجوع، والتجارة بالشعار.... استبشروا خيراً فالوطن بخير.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 18 تموز/2007 -3/رجب/1428