الانتحار.. عادة تقليدية تنهش الجسد الياباني المتفتح للحياة

 شبكة النبأ: ما يعقل وما لا يعقل.. نجده في اليابان، الدولة التي نفضت الغبار الذري عن جسدها النحيل لتتصدر العالم في التقدم والازدهار وترفد المجتمعات بابهى صور التطور التكنولوجي والعلمي وكذلك الثقافي، نجدها من جانب اخر لم تتخلص بعد من عادة قديمة مشؤومة وهي، الانتحار.

وأمام عجزها في خفض العدد القياسي لعمليات الانتحار، قررت السلطات اليابانية التصدي لجذور الموت الطوعي الذي كان مدرجا في الماضي ضمن رموز شرف وكبرياء الساموراي لكنه يعد اليوم خسارة هائلة للمجتمع.

فمنذ تسع سنوات، يقدم اكثر من ثلاثين الف شخص سنويا على الانتحار في اليابان التي تسجل احدى اعلى نسب الانتحار في الدول الصناعية بحسب الشرطة. بحسب فرانس برس.

وبعد ان وصف لزمن طويل بعمل تقليدي يرمي الى اعادة شرف ضائع، بات الانتحار يعتبر رسميا بمثابة «فعل موت يائس وخسارة هائلة للمجتمع برمته»، كما اقرت الحكومة اليابانية.

ووضعت الحكومة مؤخرا في عداد اهدافها، خفض نسبة الانتحار من 24.2 لكل مئة الف شخص في 2006 الى 19.4 في 2016 ، واوصى خبراء بخطوات منسقة بين الحكومة والسلطات المحلية والاوساط الطبية والمدارس والافراد لمكافحة هذه الآفة الاجتماعية.

وسيقوم المركز الوطني للوقاية من الانتحار بدراسة واسعة لدى مئات العائلات المتأثرة بظاهرة الانتحار بغية التمكن من تحليل افضل لآليتها وايجاد تدابير فعالة للوقاية منها.

وقد ذكر الخبراء طويلا الاسباب الاقتصادية مثل البطالة والافلاس على انها السبب الرئيسي لعمليات الانتحار اواخر التسعينات. ولكن مع عودة النمو بدأ بعضهم يطرح تساؤلات.

وفي هذا السياق، قال نائب رئيس معهد الابحاث المتعلقة بالسلامة العقلية ياسوجي ايماي لصحيفة يوميوري، كنت توقعت ان يتراجع عدد عمليات الانتحار في 2006 الى ما دون عتبة الثلاثين الفا بسبب الانتعاش الاقتصادي. ولكن الاحصاءات الاخيرة خيبت ظني الى حد كبير.

وخلص الى القول،يبدو ان عدد الاشخاص الذين يعتقدون ان حياتهم صعبة جدا، لم ينخفض على الرغم من عودة النمو الاقتصادي.

ورأى رئيس المركز الوطني للوقاية من الانتحار تاداشي تاكيشيما ان عوامل عديدة تتقاطع قبل ان ينتقل الانتحاريون الى الفعل.

وقال، نود كشف الاشارات المسبقة التي تسمح بوضع تدابير للوقاية من الانتحار من خلال تحليل هذه العوامل الواحد تلو الاخر.

وكدليل على بدء حرية الكلام عن هذا الموضوع في اليابان، بدأت وسائل الاعلام في اليابان بتخصيص مواضيع عدة عن الاكتئاب الذي يعتبر الدافع الذي يقف وراء معظم عمليات الانتحار بحسب خبراء اخرين والذي ظل لامد طويل يعتبر من المواضيع المحرمة في اليابان.

واكدت صحيفة يوميوري مؤخرا،ان الامراض العقلية اصبحت آفة اجتماعية، واقرت بان الاكتئاب غالبا، ما رفض وتم تجاهله.

ومنذ اسابيع عدة نشرت الصحيفة اليابانية الاولى سلسلة حلقات لاحد صحافييها يروي فيها احباطه الطويل والخطير.

واعتبرت يوكيكو نيشيهارا مؤسسة منظمة غير حكومية للوقاية من الانتحار انه امر اساسيان يتعلم اليابانيون كيف يتشاطرون حزنهم وضيقهم، فهو عمل صعب بالنسبة لشعب معروف بتحفظه وحيائه الكبير بوجه العموم.

وللوقاية من عمليات الانتحار، من الضروري زيادة عدد الاشخاص المستعدين لسماع مشكلات الاخرين لكي يتمكنوا من الانفتاح والتواصل، كما قالت لصحيفة اساهي.

وكتبت، يجب علينا ان نخلق على عجل بيئة لا يعود الاشخاص اليائسون يخافون فيها من اظهار مواطن ضعفهم.

الجدير بالذكر ان عدد المنتحرين اليابانيين يزيد على الثلاثين ألف شخص للعام التاسع على التوالي، وصل العدد في عام 2006 إلى 32,155 شخص. أي بمعدل انتحار شخص كل 18 دقيقة. وهي من أعلى النسب في العالم والنسبة الأعلى في الدول الصناعية الكبرى ايضا.

وإذا أضفنا عدد محاولات الانتحار التي يخفق منفذوها في التخلص من حياتهم فيها وهي أكثر من حالات الانتحار نفسها، نجد أننا أمام ظاهرة خطيرة ومنتشرة في اليابان بشكل واسع.

ومعروف أن اليابان هي الدولة الوحيدة في العالم التي لها طريقة معينة في الانتحار مسجلة بإسمها، وهي طريقة "الهاراكيري" وتعني " قطع البطن".

شبكة النبأ المعلوماتية- الجمعة 13 تموز/2007 -28/جماد الاخرى/1428