الإعلام بين الأمن.. واستلاب الأمان

أمل فؤاد عبيد

سؤال يطرح نفسه في مجال الميديا الإعلامية عن كيفية تحري المصداقية والثقة عند التعامل مع البيانات الخاصة في معالجة الأمورالمتعلقة بالدولة والأمن ومجال تداول السلطات الرئاسية والأمنية.. وكيف يتوجب احراز البيانات التي يجب إعلام العام / الخاص على مستوى المساحة العرضية لجموع الشعب..

ومتى يكون متحرزا تبيان حقائق الأمور على نحو يرضي المتعاملين مع الميديا المقروءة والمسموعة.. وهل هناك مناطق تتقاطع عندها عقول العامة عند تلقي اي بيانات.. وعقول الخاصة المهتمين في تحليل ما يصدر او يتم نشره من خلال هذه الميديا.. عند توازي العلاقة الحدثية والتلقي الخاص بها يكون هناك ضرورة للتبرير المقنع.. وايضا للحفاظ على ردود فعل تتماشى مع واقع الحال..

 ولكن هناك قد يكون من التحفيز ضرورة وطنية أو قومية على مستوى التغيير او بطلان نتائج ظهرت انها سلبية في معرض تجريبها.. ومن ثم.. قد يكون الإعلان عن مبادئ خاصة او مضامين لا يعلن عنها في العادة عملية تعبوية خادعة لبعض الوقت..  او هي عوامل دافعة ومحركة بالضرورة للتغير المسار الى مناطق جديدة تم التخطيط لها مسبقا من قبل المباشرين للعمل التخطيطي او الهادفين للتغيير سياسة الواقع.. مثل سياسة الدولة التي قد توظف تلك لخدمة هذه.. ولكن.. دوما هناك مناطق لعدم قبول التدخل من غير المباشرين او القائمين المباشرين.. بمعنى يبقى الأمر دوما رهنا لما تنتجه عقول هؤلاء..

عند مباشرة العمل الميداني او بدء تنفيذ مشروطية العمل التخطيطي على ارض الواقع يصبح من المعقول جدا.. فك مناطق الالتباس بالضرورة بين الإرسال والتلقي والإرشاد الضروري لفهم الواقعة السياسية او القرار  بعد صياغته بما يليق بفهمه.. لابد من ان يكون البيان او القرار النهائي بلغة واضحة  يمكن تفهمها.. وإذا كانت لغة السياسة هي بنوع ما وبما تفرضه من ضرورة نوعية تحتم المراوغة وعدم الفهم في نهاية المطاف.. إلا ما يهم الجمهور يبقى مسؤولية جد كبيرة.. لاستيعاب مفهوم التمثل او الامتثال في النهاية بعقول مفتوحة ترغب في هذا مع جموع التخطيط في شكله النهائي.. إنما إذا كانت هناك ما يشتبه فيه في الخطاب المعلن ومراوغا بما يثير الدهشة او عدم الفهم.. يبقى هذا مثارا للتساؤل للعامة قبل الخاصة....

لذا يبقى السؤال دوما هل هناك بالفعل ثغرة تفصل بين الارسال والتلقي بين دوائر المفترض انها تحتمل التقريب والتوفيق..  لا الشقاق والتفريق.. ؟

في هذا الحالة يكون الإعلام محتمل لتقريب مسافات الفهم والوعي بان تجد او تلقى لغة مفهومة ومستوعبة لكل حيثيات الحكم على الحدث او تقبل عوارض الفكر بكل ما فيه من سلبيات محتملة.. او نواقض ونواهض تجلب ردود فعل مناهضة وغير مشروطة بالرضا.. ولكن ايضا.. الى اي حد تعمل الميديا الإعلامية على امتصاص ردود الفعل او هي تكون ذاتها ضد ما تمليه او تعرض ومن ثم تكون هي بحاجة لمبررات مفهومة لتقتنع بما تقوم به من تعبئة او سيطرة على العقول..؟؟؟؟

في سياق هذا التحاور  غير العلني بين المعلن وغير المعلن.. او بين ما يتم تداوله على أنه عملة سياسية اصبح من الضروري فرضها على  ساحة العقل والنقاش او هي بيان انتهى امر مداولته ومن ثم يخرج في شكل نهائي قد يكون في كثير من الاحيان قابل للنقاش.. او النقد..  يكون لكل دوره الأساسي في صياغة مفاهيم مقبولة ولكن في كثير منها قد لا يكون معقولا او  غير مفهوما..

ومن ثم ياتي دور الشراح واولياء الكلمة الصريحة لتبيان ما تم إخفائه في قلب المعنى الرئيسي.. وهو ما يعرف عادة بالجهات المتفردة بصياغة عقل الضد.. او هي لربما المعارضة لحق التملك والتفرد في صياغة قرارات وهي تعي جدوى هذا الوجه الآخر من الإعلان والمحاورة التي قد تجلب ساحات تحتمل حد الذبح.. او استدماء التوحد عبر آليات مجدولة طبقا لمفاهيم ومصالح معاكسة.. او هي الوجه الآخر للأنا السياسية إذا جاز لنا ان نستعير ملفوظات وقياسات علم النفس..  ومن ثم تكون حيادية الميديا الإعلامية في وضوح شروط اللعبة الحوارية وجدواها في استيضاح ماغاب من معنى ضمني فيما تم الإعلان عنه..

ولكن.. هناك يقع بين شرفات المناطق المفتوحة علنا.. مناطق تبات تشتغل على ما يذهب بين حدي المفاصل الرئيسية.. بين المعلن وما يثيره من ضد / مع.. ففي سياق تناول الاحزاب في مجمل عسكريتها او لغويتها.. او تعسكرها هي ذاتها خلف مقولات تبات جامدة على التحول والتغيير.. يكون الفاعل الحقيقي خلف الشد والجذب الذي يكون محاصرا لحركية الانتماءات والولاءات بكل مافيها من سلبيات وايجابيات هي  الأيدي الخفية التي لا تنوي ان تترك مسار الفكرة يمضي كما يكون ملتصقا بنتائج التحديدات لكل حزب او إنتماء.. إنما تعمل على ان تفرض سلطتها او تفعل فعلها بنوع من الحنكة التي لا تفقد معها قرارات اصلية فاعليتها إلا إذا كان هناك مكتسب آخر يفيض خيرا عما سبق من فرضه..

هذ الحسابات تأتي من خلال مجسات النبض للشارع العام.. والفكر الخاص.. فإذا كان الإعلان ذريعة للحرية.. يكون الإنقلاب فكرة مرفوضة.. وتبقى الحرية شريطة عقود غير مكتوبة.. ومن ثم يصبح القيد الحقيقي.. مشروطا بقيد حديدي هو ما يكون مرادفا لعقل السلطة وقرارها بالاستلاب  من قبل..

وبقدر ما يكون لهذه الأيدي فاعليتها في ضمان سلامة التوحد لمدة طويلة ولكن بلا على حطام فكرة الحرية الحقيقية.. يكون لها همجيتها الخاصة.. ونزوعها المغرض لبناء صروح من التحكمات والنبلاء الذين يملكون حتى اكبر سلطات الحكاء مع أطراف النزاع بالضرورة.. ويصبح هدف الحقيقة ضائعا  في مجال احتكام صور القوى.. وبلوغ وضع خرائط من التحديات لآخرين.. ورغم هذا.. يصبح مفهوم قيد المهنة.. مسؤولية لكل طرف يبلغ به حد العلاقة لأن يكون مرهونا باهداف الآخر بلا أدنى شعور..

كما ان ذلك لا يمنع ان يكون اي تغطية إعلامية.. تمتلك قوة نفاذ سيطرتها الإعلانية بحسب ما تمليه سياسة القهر غير المباشر.. من خلال تسويق بضائع تخدم اغراض امنية او تفتح اسواقاا جديدة لتشتيت فكرة التوافق وفرض السؤال النقدي.. وتصبح شبكة العلاقات القائمة بين هذه المحاور.. خدمة لغرض واحد.. هو تحقيق اقل مردود نفسي مضاد ولربما مردود ذهني.. ومن ثم تحقيق الرضا العام..

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 12 حزيران/2007 -24/جمادي الأول/1428