تفجيرات سامراء والمحاصصة في الرموز الدينية

 شبكة النبأ: لا جدال في ان الفكر الانساني مآله الى شواسع الحياة الرحبة ومآله الاساس لخدمة البشرية كافة دون استثناء، كذلك كل ما يوجده هذا الفكر من نتائج، فان هذه النواتج انما تنفع اهل الشراكة على تنوع اشكالهم ولغاتهم واجناسهم، وليس الفكر او الجهد مهما كان حكرا على فئة دون اخرى، وان بدى له حضور في منطقة ما لكن مصيره سوف يمتد ليتجاوز منطقته الجغرافية وينتشر لخير الناس في انحاء المعمورة.

فلو اخذنا بنظرية الجهاديين مثلا في ان كل فئة تاخذ حصتها الفكرية او الصناعية او انموذجها السياسي، فستحدث مفارقة كبيرة وطريفة ايضا.

قطعا لا احد يدّعي اطلاقا بان الرموز الموجودة في كل انحاء العراق تابعة لفئة ما مهما كان اعتماد تلك الفئة تلك الرموز او تقديسها او السير في هداها.

ان ابسط انسان في العراق يعتقد بصورة جازمة بان كل مرقد من المراقد المحترمة انما هي لكل البشر وان الرموز التي تمثلها انما هي نتاج فكري عقائدي اسلامي يشمل كل المسلمين على اختلاف مشاربهم كذلك يشمل البشرية كافة شانهم شان ما يمثلونه من الدين بغض النظر فيما اذا كانوا لايحضون باعتماد فئة ما من الجسد الاسلامي لكنهم بكل تاكيد من ضمن البنيان العام للاسلام والفكر الاسلامي المتفاعل عبر التاريخ.

في الوسط والجنوب العراقي رغم ان الغالبية المجتمعية لاتعتمد نهوج بعض العلماء او الاولياء لكن هذه الغالبية تحترم تلك المراقد منذ القدم ولم يتجرأ احد بالاساءة اليها او التجاوز بما يقلل من شانها او شان من يزورها ويتبرك فيها قربة الى الله سبحانه وتعالى.

وتعد تلك المراقد إضاءات رمزية يمثلها اولاءك الرجال الافذاذ الذين ناضلوا وضحوا في سبيل الرسالة الاسلامية والدين الحنيف،.

فهل ما كان في سامراء هو لغير اهل سامراء كمكان وانتماء وتراث وفكر ومبدأ؟.

ألا يخلّ ذلك باهل سامراء وهل يعني ان اهل سامراء قد تخلوا عن الفكر والثقافة والمبادئ السامية التي يمثلها هؤلاء الاولياء في الجسد الاسلامي للجهاديين وموتوري القاعدة ليهدموا الاثر الرمزي؟.

والسؤال الاخير هل حقا غاب هذا الرمز للامامين العسكريين بتهديم الطابوق؟ وهل يمثل المكان روح الرمز وقوة الفكر في قلوب المسلمين؟

ان الاعتداء الاثيم استهدف بادئ ذي بدء اهل سامراء بالدرجة الاساس، وطال خصيصتهم وانكل بالشخصية المجتمعية السامرائية مهما كانت الطريقة التي يعتمدها، استهزاءا واستصغارا واستهانة.

سألنا الباحث عدنان الصالحي من مركز الدراسات والتطوير: هل يمكن تجيير المراقد بصورة عامة لفئة معينة دون اخرى؟.

قال: لا يمكن فعل ذلك والسبب يعود الى ايمان جميع مذاهب المسلمين بكرامة آلـ بيت النبي عليهم السلام واصحابه، واحترام مراقدهم وحتى بالنسبة للذين لا يواضبون على زيارة تلك المراقد فهم يعتبرونها إرث تأريخي وإنساني لايمكن التفريط به واحتسابه لجهة معينة دون اخرى.

مدير ادارة مؤسسة النبأ محمد عبد الرسول قال: المراقد المحترمة انما هي تشريف للمكان قبل كل شئ ولا يمكن ان ينتزع الانسان التشريف عن ثوبه الديني او المجتمعي باي ثمن، وبكون مرقد العسكريين في سامراء فذلك شرف لهم في ان تحوي ديارهم هذا الرمز الزاهر، ويعد من خصيصتهم الذاتية وميزتهم الفكرية التي يجب عليهم حمايتها من دنس الغلاة والموتورين، وذاك لعمري ذودهم عن انفسهم وكرامتهم العالية.

وأدلى مدير تحرير (شبكة النبأ المعلوماتية) الصحفي صباح جاسم قائلا: ان استهداف مرقد العسكريين في سامراء وللمرة الثانية خلال عام واحد يعني في اقل ما يعنيه عدم التزام اهل سامراء وحرصهم بما يكفي لحماية المقدس الاسلامي والتصدي الجّدي لجميع المحاولات الارهابية الرامية لتهديمه.

 ولعل مقارنة بسيطة للمقدسات الاسلامية في جنوب ووسط العراق وبقاء المراقد فيها سالمة بما في ذلك الشواهد التي لاتحظى بتقليد أهل الجنوب، فهي ظلت شامخة محترمة وتحظى بالحماية القوية عن كل من تسول له نفسه بالتعرض لها او الاجتراء عليها، في حين نرى ان الاجتراء قد طال كثير من مقامات الاولياء والصالحين في مناطق معينة بحجة ان لهم مقلدين في مكان آخر، فلو كان بالافتراض ان اهل بيت الرسول(ص) بيننا، ولهم من يقلدهم فهل يسوغ ذلك قتلهم؟ ثم ألا يعدّ هذا الفعل من قبيل الهم بالقتل لآل بيت الرسول وتجاوزا عليهم في مراقدهم، وما موقف من ظل متفرجا يشاهد عبث العابثين، ألا يعدّ ممن خذلوا آل بيت النبي؟. ولا زالت المقولة التي يحفضها حتى اطفالنا ( من رأى منكم منكرا...).

الدكتور الباحث سمير الكرخي قال: بكل تاكيد ان المراقد تحتضن رفاة عظام ساهموا في العمل من اجل رفع القيم الانسانية في البناء الحضاري واستهدافهم الانسان بمعناه العام لم يخصص لفئة دون اخرى لكن الدخلاء باهدافهم الشخصية والفئوية والسياسية حرّفوا الاتجاه العام نحو الخاص وجيّروا المراقد لفئات دون اخرى وحاولوا الايحاء على مر التاريخ بان هذه المراقد تخص طائفة دون اخرى في محاولة منهم لطمس آثارهم والتقليل من تاثيرهم في الاوساط المسلمة.

الصحفي عصام حاكم أدلى قائلا: على الرغم مما تملكه المراقد الشريفة للائمة الاطهار من خصوصية في نفوس المسلمين في كافة بقاع الارض بكونهم اشعاع فكري إنساني يمنح للحياة معنى جليل ووجه من وجوه التواصل التاريخي بين المعنى والعمل وبين الارادة الربانية وبين الانسان، إلا ان الاوباش قد تعدى فعلهم الاجرامي الى الايحاء بالتجّيير من خلال التعدي على المقامات وقبور الاولياء الشريفة وهم بقية الله في ارضه، ان جرائمهم انما تستهدف الفكر الاسلامي وهو ايضا استهداف الحياة ومعناها الكامن للائمة والمصلحين في ارض الله.

اذن فان الدين ليس حصة لأحد وانما هو دين قد جاء الى الناس كافة وبالتالي فان الرمز الديني ينحى الى ذات المنحى في انه ليس لأحد وهو حصة البشرية جميعا مثله كمثل العلماء والمخترعين بكون ناتج اختراعاتهم واطروحاتهم التي استفادت الانسانية منها هو النتاج البشري الذي يمتد مع الزمن ليمنح الجميع العطاء والنماء والخير، فما بال من لهم رسالة كثير من خيوطها على الاقل مربوطة مع اشعاعات النور الاعلى الذي نزل الى الارض في الهدي المحمدي؟.

شبكة النبأ المعلوماتية- االثلاثاء 19 حزيران/2007 -3/جماد الاخرى/1428