مصطلحات اجتماعية: الانحراف، الانحراف الاجتماعي

الانحراف الاجتماعي: Social Deviance

شبكة النبأ: يستعمل هذا الاصطلاح في توضيح السلوك الذي لا يتماشى مع القيم والمقاييس والعادات والتقاليد الاجتماعية التي يعتمدها المجتمع في تحديد سلوكية أفراده. والدراسات النظرية للانحراف تهتم دائماً بالسلوك غير الوظيفي والسلوك الشاذ الذي يتناقض مع الأحكام الاجتماعية والعرفية الضرورية لعملية التماسك الاجتماعي في النظام أو الجماعة. والسلوك المنحرف حسب آراء العالم ام. كلنارد هو السلوك الذي يجلب السخط الاجتماعي من لدن أفراد المجتمع لتحديه العرف والتقاليد الاجتماعية.

إن الدراسات النظرية الأصلية التي قام بها توماس هوبز وسكموند فرويد حول السلوك المنحرف تؤكد على أن السلوك المنحرف ما هو إلا صراع بين رغبات وطموحات ودوافع الفرد من جهة ووسائل الضبط الاجتماعي والسلوكي التي يعتمدها المجتمع أو الجماعة من جهة أخرى. وما الانحراف إلا نتيجة لفشل وسائل الضبط الاجتماعي في السيطرة على الدوافع الطبيعية الكامنة عند الإنسان. غير أننا من جهة ثانية نشاهد بأن النظرية الاجتماعية الحديثة التي عبر عنها روبرت ميرتن في كتابه (النظرية الاجتماعية والتركيب الاجتماعي) تذكر بأن السلوك المنحرف ما هو إلا وليد التفاعلات التي تقع بين مؤسسات المجتمع المختلفة. يقول ميرتن بأن هناك عنصرين رئيسيين في التركيب الاجتماعي هما الأهداف والمكافآت، والتي دائماً ما تعمل على تشجيع الأفراد على العمل والاجتهاد، فتحدد منازلهم ومراكزهم الاجتماعية وتملي عليهم الوسائل التي يقتفونها بغية تحقيق الأهداف والحصول على المكافآت. إن المراكز التي يحتلها الأفراد تلعب الدور القيادي في تحقيق أهدافهم لكن احتلال المراكز يعتمد على درجة نجاح الأفراد في أعمالهم. وعادة لا توزع الأعمال على الأفراد بصورة عادلة وشرعية أي لا تعطي لهم الفرصة المتساوية في تحقيق الأهداف والحصول على المكافآت. لهذا ترتفع نسب السلوك المنحرف بين الأفراد الذين لا يعطيهم المجتمع الفرص الكافية والظروف المساعدة على تحقيق أهدافهم وطموحاتهم خصوصاً عندما يطلب منهم الوصول إلى الأهداف الاجتماعية العليا التي يثمنها المجتمع.

نشاهد في جميع المجتمعات وجود نظام معقد ومتدرج من المكافآت والأهداف. فالفرد الذي يناضل من أجل النجاح ونضاله يعتمد على الطرق الشرعية التي يقرها المجتمع يشجع على الاستمرار بهذا العمل طالما ان المجتمع يحترم ويقدر تقدمه هذا. لكن التأكيد المتزايد على تحقيق أهداف معينة كالحصول على الرواتب والأجور العالية بغية الحصول على السمعة والاحترام قد يدفع إلى ظهور حالة لا تستطيع فيها العادات والعرف الاجتماعي ضبط سلوك الفرد. كما هي الحالة في لجوء بعض الافراد إلى الاساليب اللاأخلاقية للحصول على المادة كقيام بعض الأفراد بالسرقة أو اختلاس الأموال، هذه الأعمال التي تشير إلى السلوك المنحرف الذي لا ينسجم مع أخلاق وعادات المجتمع السوية.

إلا أن النظام الاجتماعي الذي توجد فيه درجة عالية من المنافسة بين الأفراد يقود حتماً إلى ظهور حالات مختلفة من السلوك المنحرف أشهرها حالة الجنوح الاجتماعي. لكن العالم ميرتن يميز ثلاثة حالات يندفع الفرد من خلالها إلى تقليل وتخفيض حدة خيبة أمله التي يسببها له نظامه الاجتماعي خصوصاً إذا كان الفرد مضطهداً اجتماعياً، وهذه الحالات الثلاث هي حالة التمسك بالطقوس أي الالتزام المطلق بالأحكام الاجتماعية والتقيد بأهداف المجتمع، وحالة التراجع أي رفض الأهداف الحضارية وطرق الوصول إليها وأخيراً حالة الثورة أي الردة على المجتمع وتحدي قيمه ومقاييسه.

إن الدراسات التجريبية للانحراف السلوكي والاجتماعي متجهة في الوقت الحاضر نحو دراسة مشاكل اجتماعية معينة مثل الجريمة، الجنوح، تناول المخدرات، الانتحار، الزنا، الطلاق، والصراعات العنصرية.

متعلقات

مقومات الأسرة

الفقر والانحراف الاجتماعي:

مما لا شك فيه، أن للفقر باعتباره الحالة التي لا يكفي فيها دخل الأسرة لإشباع حاجاتها الأساسية المتغيرة للمحافظة على بنائها المادي والنفسي والاجتماعي، آثاراً سلبية خطيرة على الجوانب الصحية والثقافية من حيث نوع الثقافة السائدة في حياة الأسرة ومدى توفر فرص التعليم... إلخ.

والفقر قبل كل شيء هو الذي يحرم الاسرة من المشاركة الاجتماعية في جميع المجالات الحياتية ـ سياسية، اقتصادية أو اجتماعية.

إن تأثير الفقر ليس منفصلاً عن بقية العوامل النفسية والاجتماعية إذ أنه يؤثر ويتأثر بمستوى الطموح لدى الأسرة وبالوضع الطبقي والثقافة السائدة في المجتمع (الجمعية الكوينية لتقدم الطفولة العربية: 86 ـ 1987).كما يؤثر تأثيراً ملحوظاً في عملية الاتزان النفسي وفي علاقة الفرد بالأسرة والبيئة المحيطة.

لقد أثبتت مجموعة من الدراسات أن الفقر أحد الأسباب الرئيسة لجميع أنواع الانحرافات الاجتماعية كانحراف الأحداث والاتجاه نحو السرقة والإجرام والانحرافات الجنسية بمختلف أشكالها وأنواعها وإدمان الخمور والمخدرات، وما إلى ذلك من أنماط الانحرافات. وأن الفقر يؤثر بصورة ظاهرية على الفرد مما يجعل بعض المجتمعات لا تكترث لحالة هذا الفرد، إلا أنه في حقيقته يحمل بالغ الأثر على المجتمع والبيئة المحيطة به.

المسكن والانحراف الاجتماعي:

يعتبر علماء الاجتماع المسكن السيئ سبباً من اسباب الانحراف الاجتماعي إلا أن الغالبية العظمى يعتبرونه من أهم أسباب السلوك المنحرف.

لقد تبين من خلال الدراسة والملاحظة أن المساكن الرديئة عامل هام وفعّال في كل مظاهر الانحرافات الاجتماعية، وبالأخص انحراف الأحداث. وقد بيّنت هذه الدراسات العلاقة بين المسكن والجناح في التالي:

1 ـ تزداد نسبة الانحرافات في المناطق المختلفة التي تنقصها المرافق المادية، وحيث يكثر التجمع السكاني وترتفع درجة التزاحم إلى جانب انتشار حلقات المقامرة والحانات وبيوت الدعارة... وما إلى ذلك.

2 ـ نتيجة للازدحام الشديد في الأسرة يشترك صغار الأولاد والبنات في نفس المكان مع الكبار، وأحياناً مع غير أعضاء الأسرة، وكذلك قد يشترك المراهقون من الجنسين في نفس الغرفة مما يحرك غرائز الجنسين فيدفعهم ـ تبعاً للوازع النفسي والديني ـ إما للكبت وبالتالي اعتلال الشخصية أو للانخراط في خط الانحرافات الجنسية وغيرها.

3 ـ المسكن الضيق أو المشترك يدفع بالطفل إلى الهروب من المنزل كلما سنحت الفرصة والتجمع في الشارع كنتيجة لما يشعر به من توترات وضغوط، مما يدفعه للالتقاء مع غيره من الأحداث وتكوين العصابات ومزاولة أنماط السلوك المنحرف بشتى أشكالها بغية تحقيق الهروب النفسي من الواقع المؤلم الذي يعيشه هذا الطفل.

ميزانية الأسرة:

تتمثل ميزانية الأسرة في أبسط صورها في قيام الأسرة بتقدير الدخل الذي تحصل عليه ومحاولة توزيعه بين أوجه الإنفاق أو بين السلع والخدمات التي يتضمنها الاستهلاك بصورة تحقق أقصى منفعة ممكنة وبأقل نفقة ممكنة.

ولكن الأسرة كثيرا ما تقع في مشكلات مادية لا ترجع إلى عدم كفاية الدخل أو عدم تناسبه مع مطالب الأسرة بل إلى أن الأسرة تعمد إلى زيادة نفقاتها فوق حدود مواردها وتتحدى قلة الدخل النسبي بأساليب سلبية كالاقتراض مثلاً بدلاً من الإنفاق في حدود الدخل أو العمل على زيادة انتاجها واستغلال الطاقات المعطلة فيها ـ ويستثنى من ذلك الفئات العاجزة عن تدبير الحد الأدنى الضروري للمعيشة.

وعندما تفشل الأسرة في تحقيق الاستقرار الاقتصادي يؤدي بها الموقف إلى نوع من الصراع يقوم بين أعضائها من جانب وبين البيئة الخارجية من جانب آخر. وهذا الصراع يولد أربعة أنواع من التصرفات هي على التوالي:

1 ـ العدوان: وهو في جوهره يعبر عن حاجة الأسرة إلى القيام بفعل معين في ظروف غير ملائمة. ويستهدف هذا السلوك مقاومة هذه الظروف وتجنبها أو محاولة قهرها والتغلب عليها. ومن مظاهر وجود الاتجاهات العدوانية في الأسرة، ازدياد الشجار والخلافات بين أفرادها أو النقد المتطـرف لـرب الاســرة، أو ازدياد الاحتكاك بين الأسرة وجيرانها، أو ترديد الشـكوى المستـمرة... إلخ.

2 ـ النكوص: وهو اللجوء إلى حل المشكلات بطرق سلبية تزيد من إغراق الأسرة في المشاكل طويلة الأمد. ومن أهم مظاهر هذا السلوك الاعتماد على الاقتراض والإسراف في المطالب دون تقدير لموارد الدخل، أو الاعتماد على الأقارب والجيران والشعور بالغيرة الشديدة والحسد للأسر التي تتمتع ببعض المزايا الاقتصادية... إلخ.

3 ـ الجمود: وهو استمرار الأسرة في اتباع نوع معين من التصرفات وأسلوب المعيشة وعدم القدرة على إيجاد حلول إيجابية للمشكلة. وفي الوقت نفسه عدم التخلي عن العادات والتقاليد التي تدعو إلى الإسراف والاهتمام ببعض المظاهر الاجتماعية لتقليد الآخرين.

4 ـ القنوط: وهو الإحساس الذي يراود أفراد الأسرة بعد مرور فترة من الزمن على المشكلات الاقتصادية دون حل أو تحسين. ويتحول هذا الإحساس تدريجياً إلى حالة من الكراهية تنصب على الأسرة ذاتها وتزعزع ثقة الأسرة بنفسها فتنتهي إلى الانطواء أو في بعض الأحيان إلى التفكك الأسري.

الأزمات الاقتصادية والأسرة:

من بين الدراسات التي أجريت في هذا المجال دراسة الدكتورة سامية الخشاب التي تناولت أثر تدهور الدخل بصورة فادحة خلال فترات الكساد أو في حالة البطالة على العلاقات الأسرية. وقد تبين أن قدرة الأسرة على القيام بالتوافق الضروري دون حدوث أضرار للعلاقات الشخصية المتبادلة يتوقف على درجة ارتباط أعضاء الأسرة بمستوى معين للمعيشة. فاذا تأثرت بعض المستويات المادية التي تعتبرها الأسرة ذات أهمية في حياتها، كانت النتيجة تدهور العلاقات الأسرية وتفكك الروابط التي تربط أعضاء الأسرة ببعضهم البعض.

الانحرافات السلوكية وكيفية احتواء المنحرفين في المجتمع

1.     مفهوم الانحراف الاجتماعي.

2.     أسباب ومنشأ الانحراف بين التيارات الفكرية.

3.     ماذا يجب علينا أن نفعل لمواجهة الانحرافات السلوكية اليوم؟

* أولا - مفهوم الانحراف:

يعرف الانحراف لغة على أنه "كل ابتعاد عن الخط المستقيم".. إلا أننا عندما نتحدث عن السلوك الاجتماعي لا يمكننا أن نطبق هذا التعريف بحذافيره نظرا لصعوبة تحديد ما يمكن أن نصطلح عليه بالخط المستقيم.

فمظاهر الانحرافات السلوكية تتعدد وتختلف من مجتمع لآخر ومن حضارة لأخرى نتيجة اختلاف المعايير والقوانين والثقافات وكذلك نتيجة التطور الطبيعي في أساليب المعيشة، فما قد يُعتبر انحرافا في أحد المجتمعات قد لا يعتبر كذلك في مجتمع آخر. إلا أن هناك مجموعة من السلوكيات التي لا يختلف مجتمع عن الآخر ولا تشريع عن غيره في اعتبارها انحرافا عن المناهج والنظريات التربوية والاجتماعية المتبعة. من هذه السلوكيات على سبيل المثال لا الحصر السرقة والجريمة والإدمان والشذوذ الجنسي وما شابه ذلك من مظاهر.

ورغم تصنيف هذه المظاهر على أنها سلوكيات منحرفة في كافة المجتمعات إسلامية كانت أو غير إسلامية إلا أنه لدوافع سياسية بحتة عمدت بعض المجتمعات الحديثة إلى إحاطتها بمساحة من الغموض وعدم الوضوح وخلط بعض المفاهيم مع بعضها الآخر كممارسة الشذوذ الجنسي العلني والتعري في الشوارع والأماكن العامة مثلا تحت مسمى الحرية الشخصية.

ولعل أبرز مظاهر الانحرافات السلوكية في مجتمع اليوم هي:

1)     الجريمة بكافة أنواعها.

2)     الانحرافات الجنسية وجرائم الاغتصاب.

3)     الإدمان على الكحول والمواد المخدرة.

ولا يعني ذلك عدم وجود مظاهر أخرى وإنما فقط كما أشرنا، هذه هي المظاهر الأبرز والأكثر شيوعا.

*ثانيا - أسباب ومنشأ الانحرافات السلوكية:

1-  نظرية الانحراف الانتقالي:

تعتقد نظرية الانحراف الانتقالي أن "الانحراف سلوك مكتسب"، حيث يتعلم الفرد الانحراف كما يتعلم فرد آخر السلوك الصحيح الذي يرتضيه المجتمع. ويستند اعتقاد هذه النظرية على الفكرة القائلة بأن "مستوى الجرائم الحاصلة في مكان ما تبقى لسنوات عديدة مستقرة ضمن نسبتها المئوية".

أي أن الانحراف إذا ظهر في بيئة اجتماعية معينة فلابد له من الاستمرار في تلك البيئة، حيث يتعمق ذلك الانحراف في التركيبة الثقافية والاجتماعية لذلك المكان وينتقل الطابع الانحرافي من فرد لآخر ثم من جيل لأخر دون أن يتغير الدافع الذي يؤدي إلى ارتكاب الجريمة لدى هؤلاء الأفراد.

وبموجب هذه النظرية فإن هذا الطابع الإجرامي لمجموعة من الأفراد المنحرفين يساهم في اتساع دائرة الانحراف والإجرام عن طريق استقطاب أفراد جدد، حيث يشبه رواد هذه النظرية ظاهرة الانحراف بالمغناطيس الذي يجذب إليه نشارة الحديد فحسب، فيما تبقى نشارة الخشب وذرات التراب في مكانها.

فعندما يدخل الفرد المؤهل للانحراف ضمن هذه الدائرة، توزن نظرته الشخصية للقيم الاجتماعية التي يؤمن بها من قبل أفراد هذه المجموعة المنحرفة وتقيم، ثم توضع تحت الاختبار، وبعدها يصبح سلوكه الاجتماعي مرهونا بالقبول من قبل المنحرفين. وعندما يتم ذلك تنقلب الموازين الاجتماعية في تصوراته الجديدة، فيصبح الانحراف اعتدالا والاعتدال انحرافا.

وتركز هذه النظرية على التأثيرات البيئية التي يعيش فيها الفرد حيث تسلسل العوامل التي تساعد الفرد على تكوين شخصيته الإجرامية.

ويؤخذ على هذه النظرية عدة مآخذ، أبرزها أنها تعجز عن تفسير عدد من الظواهر الطبيعية، منها:

1.     أن الكثير من الشباب الذين ينشأون في مجتمع إجرامي لا يتعلمون الإجرام من ذلك المحيط، ولا تتبلور في نفوسهم الشخصية الإجرامية، رغم وجود المنحرفين (المعلمين).

2.    أن بعض الانحرافات تحدث نتيجة عدم إشباع الحاجات الأساسية وليس الدافع هو وجود الحالة الإجرامية في المجتمع المحيط.

3.     هناك بعض أفراد الطبقة الغنية (الرأسمالية) ممن لا تربطهم علاقة بالمنحرفين ولكنهم يتجهون إلى الانحراف. وينشأون نشأة إجرامية.

4.     الانحراف لا يحتاج إلى معلم أو مدرب، وإنما تبعث عليه الغريزة، فالسارق الجائع تدفعه غريزة الجوع، والقاتل المنتقم تدفعه غريزة الانتقام.. وهكذا.

وملخص القول في نقد هذه النظرية هو أنها تحاول صب جهدها في تفسير وسائل الانحراف كتعلم الطرق الفنية للانحراف وتقليد المنحرفين والاختلاط بهم في حين تفشل في تحليل دوافع الانحراف وكشف أسباب نشوء الجريمة.

2- نظرية القهر الاجتماعي:

يرى أصحاب هذه النظرية أن "الانحراف هو ظاهرة اجتماعية ناتجة عن القهر والتسلط الاجتماعي الذي يمارسه بعض الأفراد تجاه البعض الآخر"، فالفقر مرتع خصب للجريمة، والفقراء يولدون ضغطا ضد التركيبة الاجتماعية للنظام مما يؤدي إلى انحراف الأفراد. بمعنى أن الفقر باعتباره انعكاسا صارخا لانعدام العدالة الاجتماعية بين الطبقات، يولد رفضا للقيم والأخلاق الاجتماعية التي تؤمن بها الشريحة الكبرى من المجتمع. فإذا ما اختل توازن القيم الاجتماعية سادت حالة الفوضى والاضطراب وبرزت مظاهر الانحرافات السلوكية.

فالانحراف إذن بموجب هذه النظرية يعزى إلى عدم التوازن بين الهدف الذي يبتغيه الفرد في حياته والوسيلة التي يستخدمها لتحقيق ذلك الهدف في النظام الاجتماعي، فإذا كان الفارق بين الأهداف الطموحة والوسائل المشروعة التي يستخدمها الأفراد كبيرا، أصبح الاختلال الأخلاقي لسلوك الفرد أمرا واضحا.

ومع أن نظرية القهر الاجتماعي تقدم تحليلا وجيها لمنشأ الانحراف ذلك أنها أعمق من النظريات الأخرى في معالجة أسباب الانحراف، إلا أنها تتجاهل الانحراف الناتج عن الاضطرابات العقلية والأمراض النفسية. كما أنها تفشل في الإجابة على عدد من الأسئلة من قبيل:

1.     لماذا يميل بعض أفراد الطبقة الرأسمالية الغنية إلى الانحراف، في حين أنهم يملكون كل وسائل الثروة والمنزلة الاجتماعية؟

2.     لماذا يستخدم بعض الأغنياء طرق الرشوة والاحتيال مثلا لجمع أقصى ما يمكن جمعه من الأموال مع أنهم لا يعانون من القهر الاجتماعي؟

3.     لماذا يقبل بعض الفقراء القهر الاجتماعي، في حين يرفضه البعض الآخر فيتجهون إلى الانحراف؟

4.     من الذي يحدد الانحراف والاستقامة في النظام الاجتماعي؟

3- نظرية الضبط الاجتماعي:

تعتقد هذه النظرية أن "الانحراف عبارة عن ظاهرة ناتجة عن فشل السيطرة الاجتماعية على الأفراد"، حيث تطرح هذا السؤال: كيف لا ينحرف أفراد المجتمع وأمامهم كل هذه المغريات؟

وترى هذه النظرية أن أصل سلوك الأفراد المعتدل في النظام الاجتماعي إنما ينشأ من سيطرة المجتمع عن طريق القانون على تعاملهم مع الآخرين، ولو ألغي القانون الهادف إلى تنظيم حياة الناس لما حصل هذا الاعتدال الاجتماعي في السلوك، ولانحرف أفراد المجتمع بسبب الرغبات والشهوات الشخصية.

فهذه النظرية إذن، ترى أن الانحراف يتناسب تناسبا عكسيا مع العلاقة الاجتماعية بين الأفراد. فالمجتمع المتماسك والمتحاب والذي تسوده الرحمة والمودة تتضاءل فيه نسبة الانحراف، فيما ترتفع هذه النسبة في المجتمع المنحل.

ولو درسنا حالات الانتحار في المجتمع الإنساني مثلا، للاحظنا أنها أكثر انتشارا في المجتمعات التي لا تقيم لصلة الرحم وزنا والتي لا تهتم بعلاقات القربى والعشيرة.

ويرى أصحاب هذه النظرية أنه من أجل منع الانحراف السلوكي لابد من اجتماع أربعة عناصر، هي:

1.     الرحم والقرابة: حيث أن شعور الأفراد بصلاتهم الاجتماعية المتينة يقلل من فرص انحرافهم.

2.     الانشغال الاجتماعي: وهو انغماس الفرد في نشاطات اجتماعية سليمة تستهلك طاقته الفكرية والجسدية، كالخطابة والكتابة وممارسة الهوايات البدنية والانضمام للجمعيات الخيرية.

 

3.     الالتزام والمتعلقات: وهو استثمار الأفراد أموالهم عن طريق شراء وتملك العقارات والمنافع والمصالح التجارية.

4.     الاعتقاد: حيث أن الأديان عموما تدعوا معتنقيها إلى الالتزام بالقيم والمبادئ الخلقية

ولا شك أن هذه النظرية تعد من أقرب النظريات الرأسمالية للواقع الاجتماعي، وأفضلها على الإطلاق من تحليل الرابط الاجتماعي ودوره في تقليل الجريمة، إلا أنها رغم ذلك تعاني من بعض القصور والذي يتمثل في:

1.     لا تتعرض هذه النظرية إلى الانحراف بين أفراد الطبقة الرأسمالية الغنية التي تتوفر بين أفرادها جميع عناصر منع الانحراف، حيث التمتع بالصلات العائلية الجيدة وممارسة أفضل الهوايات البدنية والفكرية، واستثمار أموالهم المتراكمة في العقارات والمصانع وغيرها، ويعتقدون بدين معين كالنصرانية أو اليهودية الشائعة في المجتمعات الغربية، ومع ذلك ينحرف بعض أفراد هذه الطبقة فيرتكبون جرائم الاغتصاب والسرقة والمخدرات والقتل والتآمر ..الخ. فأين التكامل مع النظام الاجتماعي من هذا الانحراف؟ وكيف تفسر هذه النظرية هذا السلوك؟

2.     كيف يمكن تفسير انحراف بعض الأثرياء لا لشيء سوى لزيادة ثرواتهم والسيطرة على مقدرات النظام الاجتماعي؟

3.     ألا يعد خرق القوانين الاقتصادية والسياسية المقررة من قبل النظام الاجتماعي انحرافا عن الخط العام للمجتمع؟

4- نظرية الإلصاق الاجتماعي:

تبني هذه النظرية رأيها على فكرة مهمة لم تتطرق لها النظريات السابقة وهي أن "الانحراف الاجتماعي ناتج عن نجاح مجموعة من الأفراد في الإشارة إلى أفراد آخرين بأنهم منحرفون"، فإذا ألصقت الطبقة الرأسمالية المسيطرة في أوربا مثلا فكرة (التخلف) بالأفارقة، وكرروها في وسائلهم الإعلامية أصبح الأفارقة متخلفين في المرآة الاجتماعية الأوربية. وإذا ألصقت الطبقة نفسه صفة (التحضر) في الشعب الأمريكي، أصبح الأمريكان متحضرين في نفس المرآة الاجتماعية الأوربية حتى ولو كان الواقع عكس ذلك.

وتقسم هذه النظرية الانحراف إلى نوعين:

1.     الانحراف المستور: وهو الانحراف الذي يرتكبه أغلب الأفراد في فترة من فترات حياتهم، ويبقى مستورا دون أن يكتشفه أحد.

2.     الانحراف الظاهر: فعندما يتهم نفس هؤلاء الأفراد بالانحراف علنيا، يتبدل الوضع النفسي والاجتماعي للمتهمين تبدلا جذريا. فإذا ألصقت تهمة السرقة بشخص ما شعر بالإهانة والذل لأن الآثار المترتبة على انحرافه تعني:

أ. إنزال العقوبات التي أقرها النظام الاجتماعي به.

ب. افتضاح أمره أمام الناس.

ج. انعكاس ذلك الافتضاح على معاملة بقية الأفراد له.

لذلك فإن هذه الصفات القاسية التي يستخدمها النظام ضد الفرد كصفة السرقة والزندقة والاحتيال وغيرها إنما وضعها في الواقع النظام الاجتماعي والسياسي وألصقها بهؤلاء الأفراد. وعلى هذا الأساس يتصرف الفرد بقبوله التعريف الاجتماعي فيكون منحرفا، ولولا أن المجتمع لم يعترف بهذا الإلصاق لما أصبح المنحرف منحرفا.

وما ينبغي الالتفات إليه هنا هو أن هذه النظرية تتناول قضية مهمة وخطيرة وهي أن الفرد يصبح منحرفا في سلوكه عندما يتهمه الآخرون في النظام الاجتماعي بالانحراف. ورغم أن هذا الرأي وجيه جدا، إلا أنه أبرز المآخذ على هذا التحليل هو أن هذه النظرية تبرر "الانحراف المستور"، في حين أن السارق يبقى سارقا وإن لم يفتضح أمره، والمحتال يبقى محتالا ألصقت به التهمة أم لم تلصق.

5- النظرية الإسلامية في تفسير ظاهرة الانحراف

لا تقتصر النظرية الإسلامية على تحليل أسباب ودوافع الانحراف فحسب، بل تقدم علاجا من موقعها لمشكلة الانحرافات السلوكية في المجتمع الإنساني يختلف اختلافا جوهريا عن العلاقات التي قدمتها النظريات الغربية الأربع. فنظرية "الانتقال الانحرافي" تفشل في معالجة الانحراف بسبب إيمانها بأن الانحراف ليس إلا ظاهرة اجتماعية طبيعية يصعب السيطرة عليها وضبطها. ونظرية "القهر الاجتماعي" تفشل هي الأخرى في معالجة أسباب الانحراف لأنها تعزيه إلى انعدام العدالة الاجتماعية دون أن تقدم علاجا واضحا يضمن إنشاء مجتمع نظيف وعادل قائم على أساس احترام الإنسان، بالإضافة إلى تجاهل هذه النظرية لانحراف أبناء الطبقات الغنية يجعلها أكثر بعدا عن تحليل الواقع الاجتماعي العملي. أما نظرية "الضبط الاجتماعي" فإنها رغم ما نادت به من علاقة الرحم والقرابة والانغماس في العمل الاجتماعي لم يؤت ثماره في ضبط المنحرفين لقصور النظام الجنائي الرأسمالي وعدم إحاطته بدقائق النفس الإنسانية. وأخيرا نظرية "الإلصاق الاجتماعي" التي فشلت في تفسير ظاهرة الانحراف المستور الذي يتحقق دون إلصاق تهمة معينة بالمنحرف.

ونلاحظ أن النظرية الإسلامية قد صنفت الانحرافات السلوكية إلى أربعة أصناف:

1.     جرائم الاعتداء على النفس وما دونها: وفيها القصاص أو الدية مع الشروط.

2.     جرائم ضد الملكية: وفيها القطع والمقاصة ووجوب رد المغصوب.

3.     الجرائم الأخلاقية: وفيها الرجم والقتل والجلد.

4.     جرائم ضد النظام الاجتماعي: كالمحاربة والاحتكار ونحوها وفيها التعزير والغرامة.

*ثالثا: ماذا نفعل لمواجهة الانحرافات السلوكية الاجتماعية اليوم؟

للتعامل مع الواقع المعاش بشكل عام، لابد من إجراء مجموعة من الخطوات الفعلية أهمها:

1.     تصحيح الأوضاع المعيشية ورفع مستوى دخل الأسرة.

2.     إعادة النظر في المناهج التربوية التي يتبناها المربون سواء كانوا أبوين أو غير ذلك، ومحاولة التخلص من الأساليب غير السليمة.

3.     تعزيز دور الإرشاد النفسي والاجتماعي والمهني في المجتمع.

4.     تحقيق العدالة الاجتماعية.

5.     إيجاد المراكز المتخصصة لإعادة تأهيل المنحرفين.

6.     تعزيز الوازع الديني والوعي الثقافي من خلال تكثيف الحملات الإعلامية سواء الرسمية أو الأهلية لمواجهة أخطار الانحراف.

7.    جذب الشباب من الجنسين للعمل التطوعي لما له من آثار إيجابية في مجابهة الانحراف.

8.    تقليص حجم البطالة ووضع الضوابط التي تضمن عدم عودتها أو تضخمها بما يمكن أن يشكل ظاهرة اجتماعية خطيرة.

هذا، ويجب التأكيد على أهمية إدماج من دخلوا في خط الانحراف وقرروا الرجوع عن هذا الخط، بشكل سليم في المجتمع، وعدم التعامل معهم على أساس غير إنساني، واضعين نصب أعيننا قوله (ص): (كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون..) 

 موقع صيداويات

أساليب التنشئة الاجتماعية وعلاقتها بالسلوك الانحرافي

دراسة ميدانية في إحدى المناطق العشوائية بمدينة أسيوط

إعداد/ عزت مرزوق فهيم عبد الحفيظ/ لنيل درجة الماجستير في الآداب ( علم الاجتماع ).

 إطار الدراسة وإجراءاتها المنهجية

إن عملية التنشئة الاجتماعية من أهم العمليات تأثيراً على الأبناء فى مختلف مراحلهم العمرية، لما لها من دور أساسي في تشكيل شخصياتهم وتكاملها، وهي تعد إحدى عمليات التعلم التي عن طريقها يكتسب الأبناء العادات والتقاليد والاتجاهات والقيم السائدة فى بيئتهم الاجتماعية التى يعيشون فيها، وعملية التنشثة الاجتماعية تتم من خلال وسائط متعددة، وتعد الأسرة أهم هذه الوسائط، فالأبناء يتلقون عنها مختلف المهارات والمعارف الأولية كما أنها تعد بمثابة الرقيب على وسائط التنشئة  الاخرى، ويبرز دورها- الأسرة - فى توجيه وإرشاد الأبناء من خلال عدة أساليب تتبعها فى تنشئة الأبناء، وهذه الأساليب قد تكون سويه أو غير ذلك وكلا منهما ينعكس على شخصية الأبناء وسلوكهم سواء بالإيجاب أو السلب .

وإذا كانت الأسرة  من خلال دورها، كأهم وسيط من وسائط  التنشئة تسهم فى تشكيل سلوك الأبناء، فأنه لا يمكن انكار دور المناخ الاجتماعى الذى تعيش فيه الأسرة سواء أكان مجتمعا محليا أومجاورة سكنية وما يتسم به من بعض الصفات والخصائص والثقافة الفرعية التى تميزه عن غيره من سائر المجتمعات ، والتي يكون لها  –فى اعتقاد الباحث – تأثير لا يقل أهمية عن دور الأسرة على افرادها بمعنى :أن المناخ الاجتماعي يسهم بما لا يدعوا للشك فى تبنى أساليب معينة فى التنشئة الاجتماعية تختلف من مكان لآخر باختلاف الثقافة الفرعية للمجتمع إلى جانب المستوى التعليمى وثقافة الوالدين داخل الأسرة .

    وعليه فان سكان المناطق العشوائية وان كانوا خليطا غير متجانس الا أنهم يتسمون ببعض الخصائص التى لا تتواجد فى مجتمعات أخرى، وقد أدى ذلك إلى اتسامها بالعديد من الثقافات،الامر الذى قد ينتج عنه ظهور العديد من أساليب التنشئة الاجتماعية التى تتبعها الأسرة فى تنشئة الأبناء فى تلك المناطق، يضاف إلى ذلك أن هذه المناطق تعتبر مناخا جيداً لتنامى البؤر الاجرامية والانحرافات بمختلف أشكالها، بما يؤثر بطريقة أو بأخرى على سكان تلك المناطق بصفة عامة والنشء بصفة خاصة، هذا من ناحية، وتبنى الأسر لأساليب تتواءم مع مختلف الثقافات الوافدة إلى تلك المناطق – فى اعتقاد الباحث-بما يعكس طبيعة أسرهم، مما يؤدى بالبعض من الأبناء إلى الانخراط فى تلك البؤر الاجرامية كنتيجة لبعض الأساليب الخاطئة فى التنشئة ، ويعد ذلك اهداراً للثروة البشرية التى يجب استثمارها لتقدم وازدهار المجتمع، وهناك العديد من الدراسات التى تناولت المناطق العشوائية بالبحث والدراسة، إلا أنه رغم ثراء وغزارة تلك الدراسات التى أجريت حول المناطق العشوائية، فإنها تخلو من الابحاث التى تتناول أثر أساليب التنشئة الاجتماعية فى تلك المناطق على انحراف الأبناء، الأمر الذي دفع الباحث لاجراء دراسته فى موضوع "أساليب التنشئة الاجتماعية وعلاقتها بالسلوك الانحرافى فى المناطق العشوائية" .

أولا: أهمية الدراسة :

إن لكل دراسة أكاديمية أهميتها التى تدفع الباحث لسبر اغوارها، ومحاولة التوصل إلى نتائج تجيب على تساؤلاته، ويكون طريقه فى ذلك الأدوات المختلفة للبحث العلمى ومناهجه مع استخدامها بطريقة علمية موضوعية، والبحث العلمى فى علم الاجتماع يسعى إلى تحقيق هدفين رئيسيين :أولها نظري، والثاني عملي، والهدف النظري :يتم من خلاله التعرف على طبيعة الحقائق والعلاقات الاجتماعية، والنظم الاجتماعية،اما الهدف العملى :فيمكن الاستفادة منه فى وضع خطة للاصلاح على اساس سليم وفق ما يرتضيه التطور الطبيعى للمجتمع([1])

وتكمن الأهمية النظرية للدراسة الراهنة فى أن هناك دراسات عديدة أجريت حول التنشئة الاجتماعية وعلاقتها بمتغيرات متعددة، الا أن الباحث سعى إلى دراسة أساليب التنشئة الاجتماعية التى تتبعها الأسرة فى المناطق العشوائية ومدى انعكاسها على بناء شخصية الأبناء، وأنماط سلوكهم المختلفة، وبذلك يكون الباحث قد تناول هذه الظاهرة من زوايا جديدة لم يتطرق اليها أحد غيره من الباحثين،  وتأتى الأهمية العملية فى أن الدولة تولى عناية خاصة بالمناطق العشوائية من خلال برامج التطوير للقضاء على المشكلات التى تعتريها، لذا كان من الضرورى التعرف على أهم أساليب التنشئة الاجتماعية التى تتبعها الأسرة فى تنشئة الأبناء فى تلك المناطق من أجل محاولة إعداد البرامج العلاجية والوقائية والتوعية بأساليب التنشئة السوية لسكان هذه المناطق .

--------------------------------------------------------

([1]) عبد الهادى الجوهرى : اصول علم الاجتماع ( مرجع سابق : 1997 ) ص ص98- 99

ثانيا : أهداف الدراسة :

إن لكل دراسة هدف أو غرض يجعلها ذات قيمة علمية، والهدف من الدراسة يفهم عادةً على أنه السبب الذى من أجله قام الباحث باعداد هذه الدراسة و البحث العلمى هو الذى يسعى إلى تحقيق أهداف عامة غير شخصية ذات قيمة و دلالة علمية .([1]) وتهدف الدراسة الراهنة للتعرف على إحدى المشكلات العامة التى يعانى منها المجتمع المصرى، وخاصة المناطق العشوائية، وهى أساليب التنشئة الاجتماعية وعلاقتها ببعض المظاهر الانحرافية للابناء، وتتمحور حول هدف رئيسى  مؤداة :

الكشف عن أهم أساليب التنشئة الاجتماعية التى تتبعها الأسرة فى المناطق العشوائية وعلاقتها بالسلوك الانحراف للابناء .

ويتفرع من هذا الهدف مجموعة من الاهداف الفرعية وهى :

1-      الوقوف على أهم أساليب التنشئة المتبعة فى المناطق العشوائية .

2- الوقوف على أشكال الثواب والعقاب التى تتبعها الأسرة .

3- الوقوف على أهم مظاهر التفرقة فى المعاملة بين الأبناء .

4- التعرف على دور الأسرة فى تشجيع الأبناء على العدوان من عدمه .

5- معرفة العلاقة بين أساليب التنشئة الاجتماعية و بعض أنماط الانحراف التى يأتيها بعض الأبناء .

6-  التعرف على أهم أشكال الانحراف الصادرة من بعض الأبناء فى المناطق العشوائية .

7- التعرف على أهم الاحتياجات الأساسية للأبناء داخل الأسرة وخارجها ومدى توفيرها .

--------------------------------------------------------

([1]) محمد شفيق : البحث العلمى – الخطوات المنهجية لاعداد البحوث الاجتماعية ( الإسكندرية : المكتب الجامعى الحديث ، 1998) ص55

ثالثا : تساؤلات الدراسة :

ترتبط تساؤلات الدراسة بالاهداف التى يضعها الباحث نصب عينيه، والتى من أجلها تجرى الدراسة، وتقوم الدراسة الراهنة على تساؤل رئيسى مؤداه : هل هناك علاقة بين أساليب التنشئة الاجتماعية وبعض مظاهر الانحراف الاجتماعى فى المناطق العشوائية ؟

وينبثق عنه التساؤلات الآتية:-

س1- ما اهم أساليب التنشئة الاجتماعية التى تتبعها الأسرة فى المناطق العشوائية ؟

ويتفرع عنه عدة تساؤلات فرعية هى .

(أ)  ما أساليب التنشئة الاجتماعية المتبعة فى المناطق العشوائية ؟

(ب) ما أشكال الثواب والعقاب التى تتبعها الأسرة فى المناطق العشوائية ؟

(ج)  هل هناك علاقة بين تنشئة رب الأسرة والطريقة التى يستخدمها فى تنشئة أبنائه ؟

(د) هل يقلد الأبناء السلوكيات التى تصدر عن والديهم ؟

س2- هل تقوم الأسرة بتدريب الأبناء على الاستقلال والاعتماد على النفس ؟

س3- هل هناك مظاهر للتفرقة بين الأبناء وعلاقة ذلك بالانحراف ؟ 

س4- هل هناك علاقة بين أساليب التنشئة وبعض مظاهر الانحراف الاجتماعى للابناء ؟

  ­وينبثق عنه عدة تساؤلات فرعية هى :-

( أ ) هل تؤثر أساليب التنشئة على انحراف الأبناء ؟

(ب) هل تشجع الأسرة أبنائها على الاعتداء على الغير؟

(ج) هل يؤدى عدم اتفاق الوالدين على أسلوب معين للتنشئة إلى انحراف الأبناء ؟

(د)  هل تؤثر طموحات الآباء الزائدة على مستقبل أبنائهم ؟

(هـ)  ما أهم أشكال الانحراف الصادرة من الأبناء المقيمين فى المناطق العشوائية؟

س5- هل تتوافر احتياجات الأبناء الأساسية داخل الأسرة وخارجها؟

ويتفرع منه التساؤلان التاليان :-

(أ)   هل توفر الأسرة للابناء الاحتياجات الاساسية من غذاء وكساء وعلاج ؟

(ب) هل تتوافر احتياجات الأبناء داخل المنطقة العشوائية من مدارس ومؤسسات ترويحية ومؤسسات ثقافية؟

رابعا: المنهج والأدوات : Method & Tools     

1-المنهج

يقصد بالمنهج تلك الطرق والأساليب التى تستعين بها فروع العلم المختلفة فى عملية جمع البيانات واكتساب المعرفة ([1])، من الميدان ولكل ظاهرة أو مشكلة بعض الخصائص التى تفرض على الباحث منهجاً معيناً لدراستها، ويمكن للباحث أن يستخدم عدة مناهج وطرق متكاملة تعينه – الباحث  –فى تحقيق هدفه العلمى .([2]) وفى هذه الدراسة سوف يستعين الباحث بمنهج دراسة الحالة وفى اطار التكامل المنهجى استخدم الباحث المنهج التاريخى والمنهج الوصفى . وسوف يتم العرض لكل منهج بشىء من التفصيل:

1- دراسة الحالة : Case study .M    

هو طريقة لدراسة الظواهر الاجتماعية من خلال التحليل المتعمق لحالة فرديه قد تكون شخصا أو جماعه، أو مجتمعا محليا أو المجتمع بأكمله، ويقوم ذلك على افتراض أن الوحدة المدروسة يمكن أن تتخذ لحالات أخرى مشابهة أو من نفس النمط ([3]) ويتميز هذا المنهج بالعمق أكثر ما يتميز بالاتساع فى دراسته للأفراد أو المجتمعات، كما يتميز بالتركيز على الجوانب الفريدة من حياة الوحدة المدروسة .([4]) وهو يعد من اكثر مناهج البحث انتشارا وأكثرها استخداما للوصول إلى تفهم لاسباب انحراف الأبناء من خلال التعامل مع الاحداث والخبرات الهامة فى حياة الفرد، والتى تعد نقطة تحول تؤدى إلى تغيير حياته .كما أنها تنظر إلى الفرد وموقفة وسلوكه باعتباره تشكيلا كليا أو مركبا من العوامل التى تؤثر فيه على امتداد الزمن.([5])

وعليه استخدام الباحث منهج دراسة الحالة، لما له من دلالة فى الكشف عن العلاقات الاجتماعية التى تنشأ بين المبحوث ومن حوله من الأفراد الآخرين، ودلالة ذلك بالنسبة له وتأثيرها على سلوكه واتجاهاته وقيمة التى تتشكل من خلال تلك العلاقة([6])، وهذا ما تسعى اليه الدراسة من خلال تناول أساليب التنشئة التى تستخدمها الأسرة فى تنشئة الأبناء، وتأثير هذه الأساليب على سلوكيات وشخصية الأبناء المنتمين لهذه الأسر، ويعد رب الأسرة بمثابة الوحدة المدروسة فى هذه الدراسة :-

--------------------------------------------------------

([1])عبد الهادى الجوهرى :معجم علم الاجتماع (القاهرة :مكتبة نهضة الشرق ،1982)ص182 

([2])عبد الباسط محمد حسن : اصول البحث الاجتماعى ط (القاهرة :مكتبة وهبة ،1979)ص255

([3]) احمد رأفت عبد الجواد :(مرجع سابق :1982)ص47

([4]) محمد شفيق: البحث العلمى (مرجع سابق:1998) ص99

([5]) محمد الجوهرى – عبد الله الخريجى : طرق البحث الاجتماعى ( القاهرة : دار الثقافة والنشر والتوزيع ، 1990 )

ص ص 167 – 169

([6]) زيداه عبد الباقى : قواعد البحث الاجتماعى ط1( القاهرة : مكتبة القاهرة الحديثة ، 1972 )ص 240 

ب- المنهج التاريخى: Historical- Method    

يستخدم هذا المنهج لدراسة الظاهرة الاجتماعية من حيث نشأتها ونموها وتحليلها مع دراسة العلاقة القائمة بينها و بين ما يتصل بها من ظواهر، وأثرها على حياة المجتمع والجماعة موضوع الدراسة([1]). ودراسة الماضى يرتبط بعلاقة سببية مع الحياة الحاضرة للجماعة، فالحياة الاجتماعية تتميز بالديناميكية، ولهذا يجب التنبؤ من خلال دراسة الحاضر والماضى بمراحل النمو المتعاقبة، وقد أشار (Park ) بأنه لا يحدث شئ من فراغ اجتماعى فلكل شئ تاريخ ونمو طبيعي([2]).

 وعليه استخدام الباحث المنهج التاريخى فى تتبع نمو المناطق العشوائية عامة ونمو منطقة الدراسة بصفة خاصة ، للوقوف على أهم مظاهر الحياة فى هذه المنطقة ومدى انعكاساته على الحياة الاجتماعية بالنسبة للأفراد المقيمين فيها .

ج- المنهج الوصفى:

         يهدف هذا المنهج إلى وصف الظاهرة محل الدراسة وتشخيصها والقاء الضوء على مختلف جوانبها وجمع البيانات اللازمة عنها مع فهمها وتحليلها من أجل الوصول إلى المبادئ والقوانين المتصلة بظواهر الحياة والعمليات الاجتماعية الاساسية والتصرفات الانسانية ([3]) وعليه فقد استخدام الباحث المنهج الوصفى وذلك لوصف وتشخيص ظاهرة البحث بهدف لفت النظر إلى أبعاد هذه المشكلة والعواقب المترتبة عليها، بمعنى وصف أساليب التنشئة الاجتماعية المتبعة داخل المناطق العشوائية بهدف التحقق من العواقب المترتبة عليها.

2- أدوات الدراسة :

هى الوسائل التى تمكن الباحث من الحصول على البيانات من مجتمع البحث وتصنيفها وجدولتها، ويتوقف اختيار الأداة اللازمة لجمع البيانات على عدة عوامل، فبعض أدوات البحث تصلح فى بعض المواقف والبحوث، بينما قد لا تكون مناسبة فى غيرها ([4]). وقد يشمل البحث عدة أدوات تناسب الدراسة وتتفق مع المناهج المستخدمة .وقد استعان الباحث فى دراسته الراهنة بعدة ادوات هى :-

أ- الملاحظة دون المشاركة : NON PARTECAPTION OBSERRV     

وفيها يقوم الباحث بملاحظة الجماعة دون مشاركتها فى أنشطتها ودون إثارة اهتمام المبحوثين، ويكون الاتصال بأعضاء الجماعة مباشرا دون شعورهم بأنهم تحت الملاحظة ([5]). وهى تعد من أفضل الأدوات لدراسة أساليب التنشئة الاجتماعية لما تتيحه للباحث من فرصة التعرف على السلوك الفعلى للفرد فى صورته الطبيعية التلقائية كما هو فى الواقع ([6]). حيث قام الباحث بعدة زيارات لمجتمع البحث لاحظ فيها سلوكيات الأبناء الصغار الصادرة منهم أثناء اللعب فى الشارع،والمتسولين داخل المقابر من زوارها، وأيضاً ملاحظة سلوكيات الآباء الصادرة تجاه أبنائهم دون شعورهم بأنهم تحت الملاحظة .

--------------------------------------------------------

([1]) سناء الخولى :المدخل إلى علم الاجتماع (مرجع سابق :1990) ص ص68 -69

([2]) جمال اسماعيل الطحاوى : مدخل إلى البحث الاجتماعى (المنيا: دار التيسير للطباعة والنشر 1998) ص102             

([3]) محمد شفيق :البحث الاجتماعى (مرجع سابق:1998)ص 93

([4])محمد شفيق :البحث الاجتماعى (مرجع سابق:1998)ص112

([5])عبد الرؤف الضبع وعبد الرحيم تمام ابو كريشة :تصميم البحوث الاجتماعية(دب:دن:2000)ص51

([6]) محمد الجوهري وعبد الله الخريجى:طرق البحث الاجتماعى (مرجع سابق ،1990) ص92

ب- المقابلة الموجهة :Interview  

  تعنى المقابلة: المحادثة الجادة الموجهة نحو هدف معين، يقوم بها الباحث مع المبحوث لاستثارة أنواع معينة من المعلومات لاستغلالها والاستفادة منها ([1])وتستخدم المقابلة للحصول على تفاصيل أكثر عن موضوع الدراسة لا يمكن الحصول عليها من خلال الاستبيان، فهى تعطى بيانات مفصلة عن أنماط السلوك الاجتماعي أو تفسيرات معينة لهذه الأنماط من السلوك ([2]).وتقترن المقابلة بدليل دراسة الحالة الذى يشتمل على عدة أسئلة تتعلق بموضوع الدراسة.

وعليه قد استخدم الباحث المقابلة مقترنة بدليل دراسة الحالة للتعرف على أهم أساليب التنشئة الاجتماعية التى تتبعها الأسرة فى المناطق العشوائية فى تنشئة أبنائها . وكذلك التعرف على الآثار المترتبة على تلك الأساليب سواء بالايجاب أو السلب .

ج- الوثائق والسجلات الرسمية :

   استعان الباحث ببعض الوثائق والسجلات الرسمية من خلال الزيارات التى قام بها لمؤسسة تربية البنين "الاحداث سابقا" حيث اطلع على المودعين بالمؤسسة من المنحرفين .وخاصة المقيمين فى المناطق العشوائية، كذلك اطلع على السجلات الموجودة بالمدرسة الاعدادية الموجودة بمنطقة الدراسة والتى توضح اعداد التلاميذ المتسربين من التعليم و الراسبين .  

د- الاخباريون

أجرى الباحث العديد من المقابلات مع بعض من سكان المنطقة – محل الدراسة - للحصول على مزيد من المعلومات عن هذه المنطقة وخاصة من كبار السن والسكان الاصليين ممن عايشوا أو عاشوا فى المنطقة منذ زمن بعيد .

--------------------------------------------------------

([1] ) عبد الباسط محمد حسن : ( مرجع سابق : 1979 ) ص ص324-325

([2])محمد الجوهري وعبد الله الخريجى (مرجع سابق:1990)ص 107

- تصميم الأداة (دليل المقابلة) :

    تعد مرحلة تصميم الاداة من المراحل الهامة فى الدراسة، وعليها يتوقف نجاح البحث،ولذا تتطلب اعداداً جيداً من حيث المضمون والصياغة والتسلسل المنطقى فى تساؤلاتها، ويتوقف شكل الاسئلة على الطريقة التى ستجمع بها البيانات من ميدان البحث وأيضاً على المستوى الثقافى والتعليمى والاجتماعى والاقتصادى للمبحوثتين،وهل الاسئلة مباشرة أم غير مباشرة، وهل هى أسئلة مقفولة أو مفتوحة النهاية.([1])وقد استعان الباحث فى دراسته الراهنة بدليل دراسة الحالة كأداة لجمع البيانات من مجتمع البحث، وقد قام بوضع أسئلة بطريقة تمكنه من الحصول على البيانات التى تتصل بموضوع دراسته، فقد صاغ الباحث العديد من الأسئلة التى تخدم تساؤلات الدراسة وأهدافها . وساعده على ذلك اطلاعه على الدراسات السابقة التى أجريت فى مجال بحثه سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، كما أجرى الباحث عدة لقاءات مع الاهالى المقيمين فى منطقة الدراسة –الاخباريون- للتعرف على لهجة المبحوثين وطريقة الحوار معهم . وقد تم عرض أسئلة دليل دراسة الحالة على مجموعه من المحكمين المتخصصين ([2]). وذلك لقياس صدق الاداة والاستفادة من الملاحظات التى يبدونها .

وعليه تم إجراء بعض التعديلات على الدليل، بعض منها بالحذف والبعض الآخر بالاضافة،وبالنسبة للاسئلة المحذوفة منها، " يا ترى بتشترى لعيالك فى الاعياد والمناسبات هدوم ولعب جديدة ؟" واستبدل بمتغير " أسلوبه فى معاملة الأبناء عند القيام بفعل مرضى" ومن الأسئلة المحذوفة أيضا يا ترى لما حد من العيال بيعيا بتعمل ايه ؟ واستبدل ب" تفتكر ان كل ما يحتاجه ابنائك متوفر داخل الأسرة ؟ وتبعه متغيرات من حيث الغذاء والكساء والعلاج " كذلك تم حذف السؤال التإلىتفتكر أن فيه حد من اسرتك أو قرايبك اتهم ولو بالباطل فى تهم قبل كدة ؟ واستبدل ب ما هى اشكال الانحراف التى يرتكبها الأبناء فى المنطقة دى ؟ كذلك تم حذف العديد من المتغيرات التى تتبع الاسئلة ؛وبالنسبة للاسئلة المضافة منها،"تفتكر انك بتعود عيالك على الاستقلال من مصغرهم "؟ وأيضاً تم إضافة عدة متغيرات تتبع الاسئلة من قبل السادة المحكمين مما ساعد الباحث على اخراجها فى صورتها النهائية وبالشكل الملائم

وقد روعى أن يشتمل دليل دراسة الحالة على ما يلى :-

1-   أسئلة تتعلق بالبيانات الأولية : وتشمل سن المبحوث والمهنة ودرجة تعليمه والحالة الاجتماعية له، ودرجة تعليم الزوجة وعدد الأبناء وتعليمهم ونوع المسكن ووصفة .

2-       أسئلة تتعلق بأساليب التنشئة التى تتبعها الأسرة فى تنشئة الأبناء .

3-       أسئلة تكشف عن دور الأسرة فى تنمية الاستقلالية والاعتماد على النفس لدى الأبناء

4-       أسئلة توضح مدى تدخل الأسرة فى اصدقاء الأبناء .

5-       أسئلة تكشف عن التفرقة فى المعاملة بين الأبناء .

6-       أسئلة توضح نوعية العلاقات داخل الأسرة .

7-       أسئلة تبين رد فعل الأبناء تجاه بعض أساليب التنشئة .

8-       أسئلة نظهر أشكال الانحراف السائدة فى المناطق العشوائية والتى تصدر من الأبناء

9-       أسئلة تكشف عن التذبذب فى المعاملة من قبل الوالدين .

10-  أسئلة تبين مدى توافر الاحتياجات الاساسية للابناء داخل الأسرة وخارجها .

وندور أسئلة دليل دراسة الحالة حول الاهداف الرئيسية والفرعية التى يسعى الباحث للتحقق منها من خلال اجابته بالاسلوب العلمى على التساؤلات التى تطرحها دراسته .

--------------------------------------------------------------------------------

([1]) محمد شفيق : البحث العلمى ( مرجع سابق : 1998 ) ص ص 169 – 178

([2]) المحكمون هم السادة :-

- الأستاذ الدكتور / عبد الرؤف الضبع : استاذ ورئيس قسم الاجتماع . كلية الآداب بسوهاج

- الأستاذ الدكتور / محمود عبد الحميد حسين : استاذ ورئيس قسم الاجتماع بكلية الآداب جامعه أسيوط

- الدكتور / سيد حسانين بخيت : مدرس علم الاجتماع بكلية الآداب جامعه أسيوط

-الدكتور / اشرف على عبدة : مدرس علم النفس بكلية الآداب جامعه أسيوط

- الدكتورة /رقية عبد الله محمد حردان : مدرس علم الاجتماع بكلية الآداب جامعه أسيوط

- الدكتورة / ايمان عباس عبد النعيم : مدرس علم الاجتماع بكلية الآداب جامعه أسيوط

- الدكتور / احمد محمد عبد الهادى : مدرس علوم سياسية بكلية التجارة بأسيوط جامعه أسيوط

خامسا: حالات الدراسة العينة :

يعد من المهام الصعبة على الباحث أن يقوم بتطبيق دراسته على جميع مفردات المجتمع، ولذا فان الباحث يكتفى بعدد محدود من أفراد المجتمع الأصلي، يتم التعامل معها فى حدود الوقت المتاح له والامكانيات المتوفرة وفق منهج معين شريطة أن تكون هذه العينة ممثلة تمثيلاً صادقا لافراد المجتمع -محل الدراسة – ويتم دراستها ثم تعمم نتائجها على المجتمع بأكمله ([1]).

ولما كانت الدراسة الراهنة تنصب على دراسة أساليب التنشئة الاجتماعية التى تتبعها الأسرة فى تنشئة الأبناء وعلاقتها ببعض المظاهر الانحرافية للابناء فى احدى المناطق العشوائية . كان على الباحث أن يحدد المنطقة – محل الدراسة – والتى تشمل العينة، ولما كان مجتمع البحث – مدينة أسيوط- تشتمل على سبع مناطق عشوائية ([2]) وإن كانت هذه المناطق جميعها تندرج تحت مسمى العشوائيات، إلا أن اغلبها امتدت اليها يد التطوير والاصلاح – فى اعتقاد الباحث – غير أن منطقة عرب المدابغ نظراً لبعض العوامل الطبوغرافية وانحسارها ما بين الجبل الغربى ومقابر أسيوط من الجهة الغربية وترعة الملاح والطريق الدائرى من الجهة الشمالية جعلها منعزلة، مما يعطيها نوع من التفرد، الامر الذى جعل الباحث يركز على دراستها وسيورد ذلك مفصلاً عند التعرض لمجتمع البحث فى المجال الجغرافى .

   وعليه فقد حدد الباحث العينة التى ستجرى عليها الدراسة من أولئك الأسر التى تقيم فى المنطقة العشوائية – محل الدراسة – والذين لهم أبناء متسربين من التعليم . أو كانوا مودعين بمؤسسة تربية البنين الأحداث : ويعتمد فيها على منهج دراسة الحالة .

وقد حدد الباحث شروطا لاختيار حالات الدراسة هى:

-  روعي أن تكون العينة ممثلة لكافة أشكال الإسكان العشوائي .

-  ضرورة تمثيل العينة كافة أشكال الانحراف .

-  ضرورة أن تشمل العينة على مختلف شرائح المجتمع .

-  روعي ضرورة تواجد الأب حيث أنه يمثل رمز السلطة فى المنزل والمسؤل عن تنشئة الأبناء.

والشروط السابقة تفرض على الباحث كيفية اختياره للعينه،حيث تم اختيارها بطريقة عمدية purposive  وذلك باختيار بعض الحالات التى يعتقد أنها تمثل المجتمع فى الجانب الذى تتناولها لدراسة([3])  وعليه فإن الباحث سيجرى دراسته على عينة تم اختيارها بطريقة عمدية من مجتمع البحث واختيار هذه الحالات - العينة وتفضيلاتها - تعد من أهم الخطوات التى يحصل منها على البيانات والمعلومات فى دراسته. وذلك بتوظيفه لهذه الحالات التى وقع اختياره عليها، العينة، بطريقة تفيد البحث، البحث، كما تعد مرجعة وخاصة فى التجمعات السكانية التى اختيرت منها ([4]) .

وقد اختار الباحث عينة دراسته كالتالى:

- بالنسبة للمتسربين من التعليم . من واقع ملفات احصاء التلاميذ بمدرسة الرشاد للتعليم الاساسى بعرب المدابغ ، والتى يبلغ تعداد تلاميذها ما يقرب من ( 750 ) تلميذ وتلميذه، منهم حوالى (500 ) فى المرحلة الابتدائية،  وما يقرب من ( 250 ) فى المرحلة الاعدادية وقد اختار الباحث خمس حالات من المتسربين من التعليم من تلاميذ المرحلة الاعدادية والذى يبلغ عددهم ما يقرب من (18) تلميذ وتلميذة وفقاً للشروط السابق ذكرها .

- بالنسبة للمسجلين بمؤسسة تربية البنين . من واقع سجلات الملاحظة بالمؤسسة، تم حصر الحالات المسجلة من أعوام سابقة 1995 وما بعدها من المقيمين بالمنطقة العشوائية – محل الدراسة – والذين انتهت مدة ايداعهم وهم أربع حالات، يضاف اليها حالة ما زالت مودعة بالمؤسسة وبذلك يبلغ عددهم خمس حالات فقط تناولها الباحث بالدراسة .

      وعليه فإن إجمالى العينة (عشر حالات ) تشمل أسر الأبناء المتسربين من التعليم، وكذا الأبناء الذين أودعوا بالمؤسسة مع مراعاة أن هؤلاء المودعين بالمؤسسة من مرتكبى أفعالاً انحرافية متباينة من حيث الشكل أو التجريم، وبعد حصرهم ومعرفة عناوينهم بالمنطقة العشوائية – محل الدراسة - التى يقيمون بها، أجريت عليهم الدراسة

سادساً : مجالات الدراسة :

 يعد تحديد مجالات الدراسة من الخطوات المنهجية التى لا يمكن إغفالها فى أى دراسة، فمن خلالها يتم التعرف على المنطقة التى أجريت فيها الدراسة، والأفراد المبحوثين – عينة الدراسة – الذين تضمنهم البحث، بالإضافة إلى الفترة الزمنية التى أجريت فيها الدراسة،  وقد اتفق كثير من الباحثين والمشتغلين فى مناهج البحث على أن لكل دراسة مجالات رئيسية ثلاثة وهى المجال البشرى والزمنى والجغرافى ([5]) وهى كالتالى فى الدراسة الراهنة :-

1-المجال البشرى :

ويقصد به مجموعة الأفراد أو الجماعات التى ستجرى عليهم الدراسة، وقد تضمنت الدراسة فى مجالها البشرى عينة تتكون من مجموعة من أسر كل من الأبناء المتسربين من التعليم، وكذا مجموعة من أسر الأبناء المرتكبين لأفعال انحرافية من واقع سجلات مؤسسة تربية البنين، وكلاهما من الذين يقيمون بالمناطق العشوائية وأجريت دراسة الحالة عليهم .

2- المجال الزمني :

وهى الفترة الزمنية التى تستغرقها الدراسة الميدانية ومرحلة جمع البيانات من مجتمع البحث وتفريغها، وقد قام الباحث بجمع بياناته من مجتمع البحث من شهر ديسمبر 2000 حتى الانتهاء من كتابة التقرير فى نهاية شهر يونيه 2001

3-المجال الجغرافي :

لكي يتمكن الباحث من النجاح فى مهمته، لابد أن يكون لدية قدر كافٍ من المعرفة عن المجتمع الذى سوف تجرى فيه الدراسة العلمية للتوصل إلى نتائج وتوصيات تساعد فى التخطيط للمجتمع ([6]) . وقد حدد الباحث مدينة أسيوط كمجال جغرافى للدراسة منطلقاَ منها للمنطقة العشوائية – محل الدراسة الراهنة . وفيما يلى سوف يعرض الباحث لمجتمع البحث .

مجتمع البحث

نبذة تاريخية عن مدينة أسيوط

عرفت مدينة أسيوط فى عهد الفراعنة باسم ( سياووت ) وفى عهد البطالمة والرومان اطلق عليها اسم ( ليكوبوليس ) ويعنى هذا الاسم فى تلك الفترة مدينة الذئب ([7]) وتفسير كلمة أسيوط التى ترد إلى(سياووت) فإنها تتكون من مقطعين، يعنى المقطع الأول من هذا الاسم ( س ) الحارس،أما (وات) فتعنى الطريق وبذلك يكون المعنى حارس الطريق ([8]) .وقد استمر اطلاق اسم ( أسيوط ) على المدينة منذ ذلك الوقت حتى وقتنا الحاضر لم يطرأ عليه اى تغيير، غير أن العرب أضافوا اليه حرف الالف فاصبحت باسم أسيوط .

الموقع الجغرافي : تعد أسيوط بحكم موقعها عاصمة صعيد مصر حيث أنها تتوسط محافظات الوجه القبلي إلى جانب تواجد بعض المصالح الحكومية بها والتى تخدم مدن محافظات الوجه القبلى ، أما من حيث الموقع فإن مدينة أسيوط - عاصمة المحافظة – تقع على الضفة الغربية لنهر النيل من الناحية الشمالية والشرقية، ويحدها من الشمال محافظة المنيا ومن الجنوب محافظة سوهاج ، وتمر بها دائرة عرض 27ْ شمالاً وخط طول شرقا([9]) . كما تتميز مدينة أسيوط من الناحية الطبيعية بأنها بقعة ضيقة من وادى النيل الذى تكتنفه الصحراء من الجانبين، وقد بنيت المدينة على حضيض الهضبة الغربية على شريط من الارض لا يتعدى عرضه ميل (1.6 كيلومتر) وهو الذى يفصل النهر عن الهضبة، وقد ساعدها موقعها على تحقيق قدر كبير من النمو نظراً لسيطرتها على النهر  وتحكمها فى فتح الطريق المائى وإغلاقه، كما أن اكثر الطرق المعروفة إلى وسط افريقيا كانت تنتهى عند ابواب المدينة، حاملة اليها تجارة السودان ([10]) .

       ويعد هذا الموقع المتفرد إلى جانب بعض الانشطة الاقتصادية، هذا إلى جانب وجود جامعتى أسيوط وفرع جامعة الازهر بأسيوط، ساعد ذلك فى جعل المدينة هدفاً للهجرة الداخلية من ريف المحافظة، بل ومن مناطق مختلفة على مستوى الجمهورية، ومع ضيق مساحة المدينة نتج عن ذلك ظاهرة التضخم الحضرى والنمو العمرانى .التقسيم الادارى لمدينة أسيوط

تنقسم المدينة إلى قسمين إداريين ، قسم أول( حي غرب ) وقسم ثان ( حى شرق ) يفصل بينهما شريط السكة الحديد . يضم قسم أول ست شيخات فى حين أن قسم ثان يضم شياخة واحدة وهى الشياخة السابعة ويبلغ تعداد السكان لحى غرب ( قسم أول ) حوإلى212201 نسمة، ويبلغ تعداد حى شرق ( قسم ثان ) حوإلى162129 نسمة، بإجمالى تعداد سكان المدينة حوإلى374330 نسمة وذلك وفق تقديرات المحافظة لعام 2000 ([11]) .

سابعاً :  مفاهيم الدراسة :

ان المفهوم عبارة عن لفظ عام يعبر عن مجموعة متجانسة من الاشياء، وهو عبارة عن تجريد للواقع يسمح للباحث بان يعبر عن الواقع([1]) وفى اطار البحث العلمى يلجا الباحث إلى استخدام العديد من المفاهيم التى تخدم دراسته، والتى وجب عليه تحديدها بدقة إن كانت تحمل أكثر من معنى حتى يتضح المفهوم الذى يقصده الباحث امام القارئ، وهو يطلق عليه المفهوم الاجرائى ويعنى تحويل الافكار المجردة إلى أشياء يمكن قياسها والتعبير عنها بشكل عملى فى الواقع الاجتماعى([2]) . وقد استخدم الباحث فى هذه الدراسة الراهنة العديد من المفاهيم، والتى عرض لها فى مدن الدراسة النظرية ومنها ايضاً ما يتعلق بالدراسة الميدانية وهى :

1- التنشئة الاجتماعية : يقصد الباحث بمفهوم التنشئة الاجتماعية عملية تعلم  عن طريقها يكتسب الفرد العادات والتقاليد والقيم والاتجاهات السائدة فى بيئته التى يعيش فيها وتتم من خلال الأساليب التى تراها الأسرة مناسبة لها وتتفق مع الثقافة الفرعية التى تنتمى اليها ([3])

2- الانحراف الاجتماعي : يرتبط هذا المفهوم بمفاهيم الجريمة والجنوح ويقصد به ( كل سلوك مخالف للعادات والتقاليد المتبعة فى جماعة معينة ويصدر عن الافراد غير البالغين ، ويمثل حالة من التصرفات السيئة التى تهدد حياة الجماعة والمجتمع، وتدفع الفرد إلى مأوى الجريمة.([4]) 

3- المناطق العشوائية :- ويقصد بها التجمعات السكنية التى تقام على اراضى غالباً تكون ملك للدولة أو ملكاً للغير وهى تفتقر إلى التخطيط وتتسم بالتكدس السكانى وندرة المرافق وتدنى المستوى الاقتصادي لسكانها ويغلب على الحياة فيها طابع القسوة والحرمان، الذى يدفع الافراد إلى ارتكاب الافعال الانحرافية ([5])

 خاتمة

أجري الباحث دراسته عن أساليب التنشئة الاجتماعية وعلاقتها بالسلوك الانحرافي في إحدى المناطق العشوائية ، وقد تناولت الدراسة في الجزء النظري , العلاقة بين أساليب التنشئة الاجتماعية والسلوك الانحرافي ، كذلك تناولت الدراسة في الجزء الميداني الوقوف علي أساليب التنشئة الاجتماعية المتبعة في المناطق العشوائية وعلاقتها ببعض أنماط السلوك الانحرافي الصادرة من الأبناء في تلك المناطق ، من خلال دراسة الحالة التي أجريت علي عينة من الأسر التي تقيم بالمنطقة – محل الدراسة – ولديهم أبناء متسربين من التعليم أو مودعين بمؤسسة تربية البنين (الأحداث سابقا ) وبذلك تكون  الدراسة قد ساهمت في إلقاء الضوء  علي إحدى المشكلات الهامة التي تعاني منها المناطق العشوائية وقد توصلت الدراسة إلى عدة نتائج حققت من خلالها أهداف الدراسة ، كما أجابت علي  تساؤلات الدراسة ، وفيما يلي سوف يتم العرض  لأهم نتائج الدراسة من خلال الآتي .

أولا : من حيث أهم أساليب  التنشئة الاجتماعية المتبعة في المنطق العشوائية

ثانياً : من حيث تدريب الأبناء علي الاستقلال والاعتماد علي النفس .

ثالثاً : من حيث مظاهر التفرقة بين الأبناء وعلاقة ذلك بالانحراف .

رابعاً : من حيث العلاقة بين أساليب التنشئة الاجتماعية والسلوك الانحرافي للأبناء .

خامساً : من حيث مدي توافر الاحتياجات الأساسية للأبناء في المناطق العشوائية

أولا : من حيث أهم أساليب  التنشئة الاجتماعية المتبعة في المنطق العشوائية

1- أساليب التنشئة الاجتماعية في المناطق التي تتبعها الأسرة في المناطق العشوائية

-   كشفت الدراسة أن الغالبية العظمي من سكان المناطق العشوائية تميل إلي الأساليب التقليدية في تنشئة الأبناء والمتمثلة في القسوة والحرمان والإهمال والتدليل ، ويرجع ذلك ، لانخفاض الوعي الثقافي في تلك  الأسر وزيادة حجم الأسرة مع تدني المستوي الاقتصادي وانخفاض درجة وعي الوالدين بما قد تحدثه هذه الأساليب في سلوكيات الأبناء من آثار غير سوية ، ويتبين ذلك من الآتي :

أ- أسلوب القسوة :-

-   أظهرت الدراسة أن هناك بعض الأسر تتبع في تنشئة الأبناء أساليب تنشئة قاسية مثل التهديد والضرب والطرد من المنزل ، ويرجع ذلك لتدني المستوي الاقتصادي والثقافي والتعليمي لتلك الأسر، يضاف إلي ذلك عدم إدراك هذه الأسر  لآثار تلك الأساليب علي شخصيات الأبناء كما أن هذه الأسر تستخدم هذا الأسلوب بغية أن ينشأ الأبناء أقويا قادرين علي تحمل الصعاب وخاصة الذكور . ويتضح ذلك من الحالات ( الأولى والثالثة والسادسة والتاسعة والعاشرة ) وهي تمثل نسبة 50%  من عينة الدراسة وعددها عشر حالات،  ويتفق ذلك مع إحدى الدراسات التي أجريت في المناطق الهامشية الحضرية عن التنشئة الاجتماعية ([1])

ب- أسلوب الإهمال .

-    تبين من الدراسة أن المستوي الاقتصادي المتدني للأسرة بالإضافة إلي زيادة عدد أفراها ، يؤدي إلي عدم مقدرة أرباب الأسر علي الاهتمام والعناية بالأبناء ، ومن ثم إهمالهم وذلك بتركهم دون تشجيع علي السلوكيات المرغوبة ،وأيضاً عدم محاسبتهم علي السلوكيات غير  المرغوب فيها ، ويتضح ذلك من الحالات ( الخامسة والتاسعة والعاشرة ) وهي تمثل نسبة 30 % من عينة الدراسة وعددها عشر حالات ، ويتفق ذلك مع دراسة التفكك الأسري وجنوح الأحداث ([2])

ج- أسلوب الحرمان .

-   أوضحت الدراسة أن بعض الأسر ممن يقيمون بالمناطق العشوائية تتبع في تنشئة الأبناء أسلوب الحرمان  ويتمثل ذلك في حرمانهم من المصروف واللبس وحرمانهم من معظم الاحتياجات الأساسية ، ويرجع ذلك لتدني المستوي الاقتصادي ، مع انخفاض الوعي بآثار تلك الأساليب علي شخصية الأبناء وقد أكد علي ذلك الحالات ( السادسة والرابعة والعاشرة ) وهي تمثل نسبة ث30% من عينة الدراسة وعددها عشر حالات .

د- أسلوب التدليل .

-   كشفت الدراسة أن البعض من سكان  المناطق العشوائية يميلون إلي أسلوب التدليل في تنشئة الأبناء  ويرجع ذلك لارتفاع المستوي الاقتصادي للأسرة ، وتؤكد ذلك الحالة ( الثانية ) وهي تمثل نسبة 10 % عينة الدراسة وعددها عشر حالات .

هـ- أسلوب الإقناع والتوجيه :-

-   أظهرت الدراسة أن هناك بعض الأسر التي تقيم في المناطق العشوائية وتفضل أسلوب الإقناع والتوجيه في تنشئة الأبناء ويرجع ذلك لارتفاع المستوي الثقافي والتعليمي للمبحوثين ، وقد يتبين ذلك من الحالات ( الرابعة والسابعة والثامنة ) وتمثل نسبة30% من عينة الدراسة وعددها عشر الحالات .

2- أشكال الثواب والعقاب التي تتبعها الأسرة في المناطق العشوائية :-

أ- أشكال الثواب .

-   أوضحت الدراسة أن معظم الأسر التي تقيم في المناطق العشوائية تميل إلي إثابة الأبناء من خلال الرضا المعنوي ، عن الأفعال التي يأتيها الأبناء وتكون سوية من وجهة نظر الأسرة ،  وقد أكد ذلك الحالات (الأولى والثانية والثالثة والرابعة و والسادسة والسابعة والثامنة ) وهي تمثل نسبة 70% من عينة الدراسة ، كما أن هناك بعض الأسر تملك القدرة علي شراء بعض الهدايا للأبناء كشكل  من أشكال الإثابة ويظهر ذلك من الحالات (الثانية والسادسة والثامنة ) وهي تمثل نسبة 30 % من عينة الدراسة . وعلي الرغم من ذلك هناك بعض الأسر التي لا تقدم أي أشكال الإثابة للأبناء سواء أكانت مادية أم معنوية ، ويرجع ذلك لتدني المستوي الاقتصادي والثقافي لتلك الأسرة وقد جاء ذلك في الحالتين ( التاسعة والعاشرة ) وهما يمثلان نسبة 20 % من عينة الدراسة وعددها عشر حالات .

ب- أشكال العقاب .

-   كشفت الدراسة أن الغالبية العظمي من الأسر التي تقيم في المناطق العشوائية تميل إلي استخدام العديد من أشكال العقاب ومنها الزجر والتهديد ، وقد تبين ذلك في الحالات ( الثانية والثالثة والخامسة والسادسة والسابعة والتاسعة )  وهي تمثل نسبة 60% من عينة الدراسة كما  أن هناك بعض الأسر تميل إلي الضرب البدني وطرد الابن من المنزل في حالة صدور أفعال غير سوية من الأبناء ، وقد أتضح ذلك من الحالات ( الأولى والثالثة والسادسة والتاسعة والعاشرة ) وهي تمثل 50% من عينة الدراسة . كذلك تتبع بعض الأسر في عقاب الأبناء الشتائم البذيئة وحبس الابن داخل المنزل والتوجيه واللوم . وقد جاء ذلك في الحالات ( الرابعة والخامسة والثامنة )  وهي تمثل 30 % من عينة الدراسة وعددها عشر حالات . وقد اتفقت هذه النتائج مع الدراسة التي أجريت علي منطقة الشرابية والحوتية . حيث أشارت نتائجها إلي أن الطبقة الفقيرة تستخدم العقاب البدني والتهديد والصراخ والسب والشتائم ، والتلفظ بألفاظ خارجية وجارحة .([3])

3- من حيث تدريب العلاقة بين تنشئة الآباء وطريقتهم في تنشئة الأبناء :

-   كشفت الدراسة عن وجود علاقة بين الأسلوب الذي نشأ علية الأب وطريقته في تنشئة الأبناء ، حيث اتضح أن معظم أرباب الأسر تسير علي نفس الأساليب التي نشأوا عليها في تنشئة أبنائهم ، ويرجع ذلك إلي الثقافة الفرعية التي تنتقل من السلف إلي الخلف . وقد تبين ذلك فى الحالات ( الأولى والثالثة والرابعة والسادسة والسابعة والثامنة والعاشرة ) وهي تمثل نسبة 30% من عينة الدراسة وعددها عشر حالات . وقد أكدت علي ذلك دراسة عن حجم الأسرة وأثره علي التنشئة الاجتماعية ([4]). كما اتضح من الدراسة أن البعض من أرباب الأسر لم ترغب في تنشئة أبنائها بنفس الأسلوب الذي نشأت عليه ، ويرجع ذلك إما لشعورهم بعدم الرضا عن هذه الأساليب ، أو لإدراكها أنها أصبحت لا تتلاءم مع الحياة المعاصرة . وقد جاء ذلك في الحالتين ( الثانية والتاسعة ) وهما يمثلان 20 % من عينة الدراسة وعددها عشر حالات .

4- من حيث تقليد الأبناء لسلوكيات الآباء .

-   كشفت الدراسة أن جميع أفراد العينة – بنسبة 100 % - أكدوا أن الأبناء يقلدونهم في كل ما يصدر عنهم من أقوال وأفعال ، دون النظر لكونها سوية أو غير ذلك ،

-   كما أظهرت الدراسة أن الغالبية العظمي من الأسر التي تقييم في المناطق العشوائية لا يبالي الآباء فيها بما يصدر عنهم من أقوال وأفعال أثناء تنشئة الأبناء وجاء ذلك في الحالات ( الأولي والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة والتاسعة والعاشرة ) وتمثل  80 % من عينة الدراسة ، إلا أن هناك فئة قليلة من الآباء تحرص علي كل الأقوال والأفعال التي تصدر منها أمام الأبناء ، وحرصاً علي عدم  تقليد الأبناء لبعض الممارسات التي قد تكون غير سوية . وجاء ذلك في الحالتين(الثانية والثامنة ) وتمثل 20% من عينة الدراسة

-   أكدت الدراسة أن غالبية الآباء لا يظهرون أي اهتمام تجاه تقليد أبنائهم لبعض الأنماط السلوكية التي تصدر عنهم ، ويرجع ذلك لتدني المستوي الثقافي والاجتماعي ، لهم وقد جاء ذلك في الحـــالات ( الأولى والثالثة والرابعة والخامسة والتاسعة والعاشرة ) وهي تمثل 60% من عينة الدراسة .

-   كما أن هناك بعض الآباء يوجهون أبناؤهم للسلوكيات السوية ويحاسبونهم علي السلوكيات غير السوية التي يقلدونها . وجاء ذلك في الحالات ( الثانية والسادسة والسابعة والثامنة ) وهي 40% من عينة الدراسة وعددها عشر حالات .

ثانياً : من حيث تدريب الأبناء علي الاستقلال والاعتماد علي النفس .

-   كشفت الدراسة أن معظم الأسر التي تقيم في المناطق العشوائية لا تدرب أبنائها علي مواقف الاستقلال والاعتماد علي النفس . وذلك كما يلي :-

1- من حيث تدريب الأبناء علي الخروج للشارع بمفردهم .

أ‌- أوضحت الدراسة أن معظم الأسر التي تقيم في المناطق العشوائية تترك أبنائها يخرجون إلي الشارع ، ولا يعد ذلك من قبيل تدريبهم عل الاستقلال ، إنما يرجع ذلك لضيق المسكن وكثرة عدد أفراد الأسرة وقد تبين ذلك من الحالات ( الأولى والثالثة والرابعة والسادسة والتاسعة )  وهي تمثل نسبة 50 % من عينة الدراسة وعددها عشر حالات .

ب- كما أن هناك بعض الأسر التي لا تدرب أبنائها علي الخروج للشارع بمفردهم . خوفاً عليهم . أو لدفعهم إلي سوق العمل في سن مبكرة وقد اتضح ذلك من الحالات (الثانية والخامسة والسابعة والعاشرة ) وتمثل نسبة 40 % من عينة الدراسة وعددها عشر حالات .

2- من حيث تدريب الأبناء علي النظافة وارتداء الملابس .

أ- بينت الدراسة أن الغالبية العظمي من الأسر التي تقيم في المناطق العشوائية تدرب أبنائها علي النظافة . وقد تبين ذلك من الحالات ( الثانية والثالثة والرابعة والسابعة والثامنة والتاسعة ) وهي تمثل نسبة ست حالات من عينة الدراسة . إلا أن هناك بعض الأسر لا تهتم بنظافة الأبناء ، نظراً لانشغال الزوجة في أمور عديدة كالعمل ، أو قضاء احتياجات المنزل ، أو الجلوس مع نظيراتها للحديث أمام المنزل . وقد اتضح ذلك من الحالات ( الأولى والخامسة والسادسة والعاشرة ) وتمثل نسبة 40% من عينة الدراسة وعددها عشر حالات

ب- أظهرت الدراسة أن معظم الأسر التي تقيم في المناطق العشوائية لا تهتم بتدريب الأبناء علي ارتداء الملابس بأنفسهم ، وان الأم هي التي تقوم بهذه المهمة , وقد اتضح ذلك من الحالات ( الأولى والثانية والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة والتاسعة والعاشرة ) وهي تمثل نسبة 90% من عينة الدراسة وعددها عشر حالات 

3- التدريب على الاستقلال في مكان النوم .

أ‌-    أوضحت الدراسة أن الغالبية العظمي من الأسر التي تقيم في المناطق العشوائية لا توفر أماكن مستقلة للأبناء ، ويرجع ذلك لزيادة عدد أفراد الأسرة وتدني المستوي الاقتصادي الذي يحول دون توفير المسكن الملائم لكل أفراد الأسرة ، ويظهر ذلك من خلال معيشة كل أفراد الأسرة في حجرة واحدة وقد اتضح ذلك في الحالات ( الأولي والخامسة والسابعة والعاشرة ) وهي تمثل نسبة 40% من عينة الدراسة ، كذلك هناك بعض الأسر التي تتسم بمعيشة الزوجان في حجرة  والأولاد في حجرة أخري ويوضح ذلك الحالة ( الثالثة ) وتمثل نسبة 10 % من عينة الدراسة ، كما أن هناك بعض الأسر التي توفر حجرة للذكور وأخري للإناث ، ويظهر ذلك في الحالات ( الرابعة والسادسة والثامنة والتاسعة ) وتمثل نسبة 40 % من عينة الدراسة وعددها عشر حالات .

ب- كشفت الدراسة أن معظم الأسر التي تعيش  في المناطق العشوائية تفتقر إلى الخصوصية في كل شئ ، وقد تبين ذلك من الحالات ( الأولي والثالثة  والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة والثامنة والتاسعة والعاشرة ) وتمثل نسبة 90% من عينة الدراسة وعددها عشر حالات .

4- من حيث أخذ رأي الأبناء فيما يتعلق بأمورهم الشخصية : -

أ‌-    أوضحت الدراسة أن معظم الأسر التي تقيم في المناطق العشوائية تتجاهل رأي الأبناء فيما يخصهم ، ويرجع ذلك إلي ضعف المستوي الاقتصادي والثقافي والتعليمي للأسر ويتضح ذلك من الحــالات ( الأولي والثانية والثالثة والرابعة والخامسة والسابعة والعاشرة ) وهي تمثل نسبة 70 % من عينة الدراسة . إلا أن هناك فئة قليلة من الأسر تأخذ رأي  الأبناء عند شراء متطلباتهم ويظهر ذلك في الحالات ( السادسة والثامنة والتاسعة ) وهي تمثل نسبة 30% من عينة الدراسة وعددها عشر حالات

5- من حيث تدريب الأبناء علي شراء ما يخصهم : -

-   كشفت الدراسة أن معظم الأسر التي تقيم في المناطق العشوائية تدرب أبنائها علي عملية الشراء من خلال شراء بعض متطلبات الأسرة البسيطة أو شراء مستلزمات الدراسة ، وقد اتضح ذلك من الحالات ( الثانية والخامسة والسادسة والثامنة والتاسعة والعاشرة ) وتمثل نسبة 60% من عينة الدراسة . إلا أن هناك بعض الأسر التي لا تدرب أبنائها علي عمليات الشراء خوفاً علي الأبناء من عمليات النصب أو ضياع النقود في أشياء غير هامة ، ويظهر ذلك من الحالات ( الأولي والثالثة والرابعة والسابعة ) وتمثل نسبة 40% من عينة الدراسة وعددها عشر حالات ،

ثالثاً : من حيث التفرقة  بين الأبناء وعلاقة ذلك بالانحراف :

- كشفت الدراسة أن التفرقة في  المعاملة بين الأبناء تؤدي إلى صدور العديد من الأنماط الانحرافية   الصادرة منهم .

- أكدت الدراسة أن الغالبية العظمي من الأسر التي تقيم في المناطق العشوائية تفرق بين الأبناء في المعاملة ، كتفضيل الذكور علي الإناث أو تفضيل الإناث علي الذكور ، أو التفرقة بين أفراد الجنس الواحد ، وتتم التفرقة في الغذاء والكساء والإشباع العاطفي وشراء الهدايا وتبين ذلك من خلال الأتي:

1- من حيث التفرقة بين الذكور والإناث

أ- من حيث تفضيل الذكور على الإناث

- أوضحت الدراسة أن معظم الأسر التي تقيم في المناطق العشوائية تفضل الذكور علي الإناث ، علي اعتبار أن الذكور يمثلون مصدر أمن وحماية للأسرة ، يضاف إلى ذلك قدرتهم علي المشاركة في اقتصاديات الأسرة ، واتضح ذلك من الحالات ( الأولي والثالثة والسادسة والسابعة والعاشرة ) وهي تمثل نسبة 50 % من عينة الدراسة وعددها عشر حالات

ب- ومن حيث تفضيل الإناث علي الذكور

-   كشفت الدراسة أن بعض الأسر تفضل الإناث علي الذكور ، ولا يعد ذلك كرهاً في إنجاب الذكور وإنما يرجع ذلك إلي أن الإناث أكثر طاعة للأسرة ، وقد تبين ذلك من الحالات ( الثانية والرابعة والخامسة ) وهي تمثل نسبة 30 % من عينة الدراسة وعددها عشر حالات

ج - وعن أشكال التفرقة بين الذكور والإناث

-   فقد أظهرت الدراسة أن الغالبية العظمي من الأسر تفرق بين الذكور والإناث في الاحتياجات الأساسية لكل منهما ، يضاف  إلى ذلك التفرقة في الإشباع العاطفي  ، وشراء الهدايا ، وقد أتضح ذلك من الحالات    ( الأولي والثانية الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة والعاشرة ) وهي تمثل نسبة 80 % من عينة الدراسة وعددها عشر حالات

2- من حيث التفرقة بين أفراد الجنس الواحد

-   أوضحت الدراسة أن معظم الأسر التي تقيم في المناطق العشوائية تفرق في المعاملة بين أفراد الجنس الواحد ، سواء بين الذكور أو بين الإناث علي أساس القدرة علي المشاركة في مسئوليات الأسرة أو تميز فرد في أحد المجالات عن باقي الأبناء ، وقد تبين ذلك من الحالات ( الأولي والثانية والثالثة والسادسة والثامنة ) وتمثل نسبة 50 % من عينة الدراسة وعددها عشر حالات

­3- التفرقة في أساليب الثواب والعقاب

-   كشفت الدراسة أن معظم الأسر التي تقيم في المناطق العشوائية تفرق بين الأبناء في أساليب الثواب والعقاب ، وقد اتضح ذلك من الحالات ( الأولي والثانية والثالثة والسادسة والثامنة ) وهي تمثل نسبة 50 % من عينة الدراسة وعددها عشر حالات

4- من حيث العلاقة بين التفرقة في المعاملة وانحراف الأبناء

-   لأسلوب التفرقة بين الأبناء في المعاملة تأثير سيئ علي شخصيات الأبناء إذ يؤدي إلي أن تنمو شخصيتهم ضعيفة ، وقد أوضحت الدراسة أن التفرقة في المعاملة بين الأبناء تؤدي إلى تعرض الأبناء  للعديد من السلوكيات المنحرفة كالمشجرات والاعتداء علي الأخوة والزملاء ، وقد تبين ذلك من الحالات ( الأولي والثانية والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والثامنة ) وهي تمثل نسبة 70 % من عينة الدراسة وعددها عشر حالات.

رابعا : من حيث العلاقة بين أساليب التنشئة الاجتماعية وبعض السلوكيات المنحرفة التى  تصدر عن الأبناء:

- كشفت الداسة أن هناك علاقة بين أتباع الأسرة لأساليب التنشئة الخاطئة وتعرض بعض الأبناء للعديد من مظاهر السلوك الانحرافي .

1- من حيث تأثير أساليب التنشئة الاجتماعية علي انحراف الأبناء

أ- أوضحت الدراسة أن هناك بعض الأسر تميل إلى استخدام أسلوب القسوة في تنشئة الأبناء ، من خلال التهديد والشتائم البذيئة والضرب البدني والطرد من المنزل ، وكل ما يؤدي إلي إثارة الآلام الجسمية والنفسية للأبناء ولهذه الأساليب أثارها السيئة عليهم ، ويتمثل ذلك في رد الفعل الصادر من الأبناء تجاه أفراد الأسرة والآخرين ، وقد تبين ذلك من الحالات( الأولي والثالثة والسادسة والتاسعة والعاشرة ) وهي تمثل نسبة 50 % من عينة الدراسة وعددها عشر حالات.

ب- كذلك كشفت الدراسة أن هناك بعض الأسر التي تتبع أسلوب الحرمان في تنشئة الأبناء ، ويرجع ذلك لتدني المستوي الاقتصادي للأسرة  ويتمثل الحرمان في عدم إشباع الاحتياجات السياسية للأبناء  ويودي ذلك إلي العديد من الاضطرابات في  شخصية الأبناء والتي تظهر في صورة أفعال انحرافية كالسرقة والاعتداء علي الآخرين أو الهروب من المدرسة ، وقد اتضح ذلك من الحالات ( الرابعة الثالثة والعاشرة ) وهي تمثل نسبة 30 % من عينة الدراسة وعددها عشر حالات

ج- تدفع الظروف الاقتصادية المرتفعة ، يضاف إلى ذلك تعرض بعض الأباء لأساليب تنشئة قاسية من قبل والديهم ، إلى استخدام أسلوب  التدليل في تنشئة الأبناء ويترتب علية أن تنمو شخصيات الأبناء ضعيفة لا تستطيع أن تعتمد علي نفسها ، ولا تقوي علي تحمل المسئولية ، وقد اتضـح ذلك من الحالة ( الثانية ) وتمثل نسبة 10 % من عينة الدراسة وعددها عشر حالات

د- كشفت الدراسة أن الغالبية العظمي من الأسر تميل إلى اتباع أسلوب الإهمال في تنشئة الأبناء ، من  خلال عد م متابعة الأبناء أو عدم التدخل في اختيارهم لأصدقائهم سواء بالرقابة أو التوجيه ويؤدي ذلك إلي تعرض الأبناء للانحراف ، وقد تبين ذلك من الحالات ( الأولي والثانية والرابعة والخامسة والسابعة والتاسعة والعاشر ة ) وهي تمثل نسبة 70 % من عينة الدراسة وعددها عشر ، وأكدت علي ذلك دراسة التفكك الأسري وجنوح الأحداث ([5]) 

2- من حيث عدم اتفاق الولدين علي أسلوب التنشئة وانحراف بعض الأبناء

-   أوضحت الدراسة أن الغالبية العظمي من الأسر لا تتفق علي أسلوب معين في تنشئة الأبناء ، كإثابة الأبناء من قبل الأم وعقابهم من قبل الأب في ذات الموقف ، أو  تعرض الأبناء للقسوة من جانب الأب وتدليله لهم دون توجيه أو تصحيح الخطأ في نفس الموقف ، فأن ذلك يؤدي إلي أن تنمو شخصيات الأبناء غير متوافقة اجتماعياً ، وتعرضهم للعديد من مظاهر الانحراف كالفشل الدراسي وارتكاب أفعال انحرافية يعاقب عليها القانون ، وقد اتضح ذلك من الحالات ( الأولي والثانية والثالثة والرابعة والسادسة والتاسعة والعاشرة ) وهي تمثل نسبة 70% من عينة الدراسة وعددها عشر

3- من حيث تشجيع الأسرة للأبناء الاعتداء علي الآخرين

أ- بينت الدراسة أن البعض من الأسر التي تقيم في المناطق العشوائية تشجع أبنائها علي الاعتداء علي الآخرين  علي اعتبار ذلك وسيلة للدفاع عن النفس ، يضاف إلى ذلك ملاءمته للذكور وللبيئة التي يعيشون فيها ، ولكي تغرس الأسرة في الأبناء تلك الملامح التي تود أن تراها في شخصيتهم تستخدم في تنشئتهم الخشونة ، والتشجيع علي السلوك العدواني وخاصة الذكور ، وقد تبين ذلك من أربع حالات هي ( الأولي والثالثة والتاسعة والعاشرة ) وهي تمثل نسبة 40% من عينة الدراسة وعددها عشر .

ب- إلا أن الدراسة كشفت أيضا أن الغالبية العظمي من الأسر التى تقيم في المناطق العشوائية لا، تشجع أبنائها على الاعتداء على الآخرين رغبة في عدم الدخول في مشكلات وخوفاً على الأبناء ،وقد جاء ذلك في الحالات (الثانية والرابعة والسادسة والسابعة  والثامنة ) وهى تمثل نسبة 60% من عينة الدراسة وعددها عشر حالات.

4-من حيث طموحات الآباء الزائدة وتأثيرها علي مستقبل الأبناء

-   كشفت الدراسة أن التعليم كان رغبة أساسية لبعض الآباء المقيمين في المناطق العشوائية غير انهم لم يوفقوا في ذلك ، ولذا تحولت رغبتهم في التعليم إلى الحرص علي تعليم أبنائهم ، متبعين معهم العديد من الأساليب الخاطئة التي أدت إلى فشل الأبناء في الدراسة ، وقد جاء ذلك في الحالات ( الثانية والثالثة والخامسة والثامنة ) وهي تمثل نسبة 40 % من عينة الدراسة وعددها عشر حالات.

-       كما أوضحت الدراسة أن رغبة بعض الآباء في تحسين الحالة الاقتصادية للأسرة جعلتهم يدفعون بالأبناء الصغار إلى سوق العمل مبكراً ، الذي لا يتناسب مع رغباتهم وقدراتهم الجسدية ، وقد أدي ذلك إلى تعرضهم لتجارب تفوق قدراتهم السنية ، يضاف إلى ذلك ترسيخ بعض القيم السلوكية المنحرفة لديهم ، وجاء ذلك في الحالات ( الأولي والسادسة  والعاشرة ) وهي تمثل 30% من عينة الدراسة وعددها عشر.

-   أظهرت الدراسة أن رغبة الأسرة في العيش في أمان واستقرار اجتماعي تبؤ بالفشل عندما يهمل الوالدين تنشئة الأبناء ، حيث يدفعهم ذلك  – الإهمال- إلى الدخول في مشكلات مع الآخرين ، وقد جاء ذلك في الحالتين ( الرابعة والسابعة) وهما يمثلان نسبة 20% من عينة الدراسة وعددها عشر حالات

-   كما تبين من الدراسة أن بعض الأسر التي تقيم في المناطق العشوائية ترغب في ترك المنطقة والدخول في قلب المدينة رغبة في العيش في مناخ اجتماعي افضل ، ولذا يرغب الآباء في أن يحقق الأبناء ذلك ، وقد جاء ذلك في حالة واحدة وهي تمثل نسبة 10% من عينة الدراسة وعددها عشر

5- من حيث أشكال الانحراف التي تصدر عن الأبناء المقيمين في المناطق العشوائية

- كشفت الدراسة أن أشكال الانحراف التي تصدر عن الأبناء المقيمين في المناطق العشوائية والتي وردت علي لسان المبحوثين من خلال تقارير دراسة الحالة وهي علي الترتيب كما يلي

أ- المشاجرات وجاءت في المرتبة الأولى

ب- السرقة وجاءت في المرتبة الأولي

ج- التسول وجاءت في المرتبة الثانية

د – الشتائم البذيئة جاءت في المرتبة الثالثة

هـ المعاكسات جاءت في المرتبة الثالثة ايضاً

و- الهروب من المدرسة وجاءت في المرتبة الثالثة ايضاً

ز- التدخين والمخدرات والجنسية المثلية وجاءت في المرتبة الرابعة

 ص- الهروب من المنزل وجاءت في المرتبة الخامسة

خامساً : من حيث توافر الاحتياجات الأساسية للأبناء في المناطق العشوائية

1- من توافر احتياجات الأبناء داخل الأسرة من إذا وكساء وعلاج

- كشفت الدراسة أن الغالبية العظمي من الأسر التي تقيم في المناطق العشوائية توفر احتياجات الأبناء من الغذاء والكساء والعلاج ولكن ليس بالقدر الكافي الذي  يفي باحتياجات الجسم

أ- من حيث توافر الغذاء المناسب

- أوضحت الدراسة أن معظم الأسر توفر للأبناء الغذاء إلا أنه يفتقر إلى العديد من المقومات الأساسية اللازمة لبناء الجسم ويتضح ذلك من الحالات ( الثالثة والرابعة والسادسة والسابعة والثامنة ) وهي تمثل  50  % من عينة الدراسة وعددها عشر حالات  ، كما أن هناك بعض الأسر التي لا تستطيع توفير الغذاء المناسب للأبناء ، حيث يعيش الأبناء علي أغذية تقليدية لا تتغير إلا نادرا ، ويؤكد ذلك الحالات ( الأولي والخامسة والتاسعة والعاشرة ) وهي تمثل 40 % من عينة الدراسة وعددها عشر حالات.

- وعن نوعية الغذاء المتوافر في المناطق العشوائية فقد تبين من الدراسة أن الأسرة تعتمد علي أغذية لا تفي باحتياجات الجسم الأساسية وغالباً ما تكون متوفرة داخل المنزل مثل الجبن والسمن والبقوليات ويتضح ذلك من الحالات ( الأولي والرابعة والخامسة والسابعة والثامنة والتاسعة والعاشرة ) وتمثل نسبة 70% من عينة الدراسة وعددها عشر  حالات .

ب- من حيث توافر الكساء المناسب للأبناء داخل الأسرة :

-   أظهرت الدراسة أن معظم الأسر التي تقيم في المناطق توفر للأبناء الملابس ، إلا أن هذه الملابس لا تأتي إلا في الأعياد والمناسبات وهي ملابس رثة يرثها الصغير عن الكبير ويتضح ذلك من الحــالات ( الثانية والثالثة والرابعة والسادسة والسابعة والثامنة ) وهي تمثل نسبة 60 % من عينة الدراسة وعددها عشر حالات ، كما أن هناك بعض الأسر التي لا تستطيع شراء ملابس جديدة لأبنائها لتدني مستواها الاقتصادي ، وجاء ذلك في الحالات ( الأولي والتاسعة العاشرة ) وهي تمثل نسبة 30  % من عينة الدراسة وعددها عشر حالات .

ج- من حيث توافر العلاج المناسب .

-   كشفت الدراسة انه بالرغم من أن بعض الأسر لا زالت تتعامل بالطرق التقليدية في علاج الأبناء في حالة تعرضهم لبعض الأمراض ، وتوضح ذلك الحالات ( الأولي والخامسة والعاشرة ) وتمثل  نسبة 30 %  من عينة الدراسة وعددها عشر حالات ، إلا أن الغالبية العظمي من الأسر التي تقيم في المناطق العشوائية تدرك أهمية الاستعانة بالطب الرسمي من خلال الذهاب للوحدة الصحية أو لأحد الأطباء لتوقيع الكشف الطبي علي الأبناء في حالة مرضهم وقد اتضح ذلك من الحالات ( الثانية والثالثة والسادسة والثامنة والتاسعة ) وهي تمثل نسبة 50 % من عينة الدراسة وعددها عشر حالات 

2- من حيث توافر احتياجات الأبناء خارج الأسرة :

-   كشفت الدراسة أن بعض المناطق العشوائية تفتقر إلى العديد من الخدمات كالحاجة إلى المؤسسات الثقافية والترفيهية ، كما إنها بحاجة إلى المزيد من المدرس للحد من الأمية .

أ-  مدى توافر المؤسسات التعليمية :

-تبذل الدولة جهوداً ضخمة للحد من الأمية والاهتمام بالرعاية التعليمية للأبناء ، ويتأتى ذلك من خلال إقامة العديد من المدارس الجديدة في شتي  أنحاء الجمهورية ومنها المناطق العشوائية ، وقد أوضحت الدراسة أن جميع الحالات وعددهم (عشر حالات ) بسبة 100 % أكدوا أن المنطقة بها مدرسة تعمل ابتدائي واعدادي كما إنها تشمل روضة أطفال وهي تكفي أبناء المنطقة .

ب- من حيث توافر المؤسسات الثقافية:

-   مازالت تفتقر العديد من المناطق العشوائية إلى المؤسسات الثقافية من قصور ثقافة ومكتبات وصحف وقد أكد علي ذلك جميع حالات الدراسة ( وعددهم عشر حالات ) بنسبة 100 % من أن المنطقة تفتقر إلى المؤسسات الثقافية .

ج- من حيث توافر المؤسسات الترفيهية :

-   رغم الجهود التي تبذلها الدولة في تطوير وتحديث المناطق العشوائية ،إلا  أن  هناك العديد من هذه المناطق لم يصبها أي تطوير أوتحديث تفتقر إلى المؤسسات الترفيهية التي تقي الأبناء من الشوارع من خلال شغل وقت فراغ الأبناء بشئ مفيد ، وقد اتضح من الدراسة أن جميع الحالات ( وعددهم عشر حالات ) بنسبة 100 % أكدوا أن المنطقة لا يوجد بها أي أنواع  الترفيه  وقد أكدت علي ذلك دراسة التنشئة الاجتماعية في المناطق الهامشية الحضرية  (.[6] )

التوصيات

أجريت الدراسة علي مشكلة أساليب التنشئة وعلاقتها بالسلوك الانحرافي في المناطق العشوائية ، ولما كانت المناطق العشوائية تمثل خليطاً من شرائح اجتماعية مختلفة في المستوي لاقتصادي والاجتماعي والثقافي والتعليمي لكل منها ، فان ذلك يتبعه اختلاف في أساليب التنشئة الاجتماعية المتبعة في تنشئة الأبناء ، ولما كانت المناطق العشوائية بقطنها معظم الطبقات الدنيا – في اعتقاد الباحث _ يضاف إلى ذلك اتسامها – المناطق العشوائية -  بالتدني العام ، لذا تتفق أساليب التنشئة الاجتماعية مع هذا التدني ، فهي تفتقر إلى أساليب القويمة أو الرعاية المتكاملة حيث تتصف بالإهمال وعدم الاهتمام بترسيخ بعض القيم الإيجابية ، نتيجة انخفاض الوعي بهذه الأساليب

وعليه فان السلوكيات المنحرفة التي تصدر عن بعض الأبناء تعد نتاج للقصور في التنشئة السوية للأبناء ، إلى جانب الظروف المعيشية القاسية التي يعاني منها معظم سكان المنطق العشوائية وقد أوضحت الدراسة الراهنة أن هناك علاقة بين أساليب التنشئة الاجتماعية والسلوكيات المنحرفة التي تصدر عن الأبناء ، ومن خلال ما توصل إلية الباحث من نتائج لهذه الدراسة والتي يمكن اعتبارها تجسيد لواقع حال المجتمع ، أمكن وضع بعض التوصيات أمام المسئولين والقائمين علي رسم السياسة الاجتماعية في المجتمع وترجمتها في الواقع الفعلي ، وهذه التوصيات تتمثل في شكلين هما :

1- التوصيات المجتمعية

2- التوصيات العلمية .

وفيما يلي سوف يعرض الباحث لهم بشيء من التفصيل .

1- التوصيات المجتمعية :

أجريت الدراسة الراهنة في إحدى المنطق العشوائية بمدينة أسيوط وهذه المنطقة لها خصائص وسمات تميزها عن باقي المناطق العشوائية الأخرى ولذا يري الباحث تقسيم التوصيات المجتمعية إلى الآتي :

أ- التوصيات الخاصة بمنطقة الدراسة .

ب- التوصيات المجتمعية العامة .

أ- التوصيات الخاصة بمنطقة الدراسة :

-   توفير المرافق لتلك المنطقة فهناك نسبة كبيرة من المنازل لم تدخلها المياه حتى الآن يضاف إلى ذلك تلوث المياه في النسبة الموجودة ، لذا يرجي الاهتمام بتوفير المياه النقية لكل سكان المنطقة وايضاً العمل علي إنارة جميع المنازل لتوصيل الكهرباء لباقي المنطقة

-   افتقار المنطقة كلية لمرفق الصرف الصحي ، علي الرغم من أن المنطقة تعوم علي بركة من المياه الجوفية الناتجة عن الطرنشات الموجود بالمنازل وكذلك سكب المياه في الشوارع مما يعرض المنازل للتصدع والهدم لذلك لابد من توصيلها بمرفق الصرف الصحي خاصة وان المنطقة قريبة من محطة الصرف الصحي

-   افتقار المنطقة إلى الأمن والطمأنينة إذ لا يوجد بها نقطة شرطة أو نقطة إطفاء ، خاصة وان المنطقة بها المقابر التي قد تأوي الهاربين والمجرمين وغيرهم من المسجلين خطر ، مما يعرض أهالي المنطقة للعديد من الأخطار ، كذلك يؤدي عدم وجود نقطة إطفاء إلى حدوث الكثير من الخسائر عند حدوث حرائق حيث أن أسطح المنازل تغطي بكميات كبيرة من القش والبوص ومخلفات الحيوانات ، وكلها قابلة للاشتعال السريع لذلك لابد من وجود نقطة شرطة ونقطة إطفاء حريق

-  إعفاء بعض من تلاميذ المدرسة الموجودة بالمنطقة من الرسوم المدرسية ، خاصة ذوي الدخول المتدنية أصحاب المهن الهامشية ، حيث قرر اكثر من شخص انهم لم يلحقوا أبنائهم بالمدرسة نتيجة عدم قدرة الأسرة علي دفع الرسوم المدرسية

-  نظرا لبعد المنطقة عن مدينة أسيوط فأنها بحاجة لمستشفي مجهزة لاستقبال جميع حالات الطوارئ ، حيث أن الوحدة الصحية الموجودة بالمنطقة لا تفي بكل الأغراض العلاجية كما ذكر ذلك أهالي المنطقة.

ب- التوصيات المجتمعية العامة

- لابد أن يكون هناك استراتيجية شاملة لرعاية الأبناء في المجتمع ، من  خلال رسم السياسات الاجتماعية التي تحدد مسار عملية التنشئة الاجتماعية بحيث تضمن تحقيق العدالة الاجتماعية بين كافة شرائح المجتمع

-  تبصير الأسرة في المناطق العشوائية بأفضل الأساليب التربوية في معاملة الأبناء وتوجيههم وإرشادهم ، وفقاً للظروف الاجتماعية التي يعيشون فيها والتي تتناسب مع البيئة عن طريق الندوات الإرشادية التي تقام لهم في مقار أقامتهم

-  تحسين الظروف المعيشية للأسر ذات الدخل المتدني ، إلى الحد الذي يمكنها من توفير احتياجات أفراد الأسرة وايضاً توفير فرص عمل مناسبة للأبناء الذين تسربوا من التعليم ، تتفق مع سنهم وميولهم التي يرغبون فيها باجر مناسب يضمن حياة كريمة لهولاء الأبناء ويقيهم طريق الانحراف

-  لابد من إحداث تغيرات في مناهج تربية الأبناء ، بحث يتم التأكيد علي ضرورة أن تتركز السلطة في يد الوالدين وعدم تركيزها في الزوج بمفرده أو الزوجة بمفردها ، حتي يمكن اتخاذ افضل القرارات داخل الأسرة

- إبراز دور الأسرة في تنشئة الأبناء وتعريفها بأساليب التنشئة السوية التي يجب اتباعها وكذا أساليب التنشئة غير السوية التي يجب الابتعاد عنها وذلك عن طريق وسائل الأعلام المسموعة والمرئية

-  العمل علي توفير الخدمات الثقافية والترويحية داخل المناطق العشوائية خاصة وأنها تفتقر إليها كلية ، وذلك عن طريق إقامة الحدائق والنوادي والمكتبات وقصور الثقافة ، حتى تجذب انتباه الأبناء بدلاً من الشوارع التي تعدهم للانحراف

-   لابد وأن يكون لمختلف الوزارات دور في النهوض والارتقاء بالمناطق العشوائية في كافة المجالات الصحية والثقافية التعليمية والترفيهية والأمنية ، وخاصة وزارة الشئون الاجتماعية ووزارة الصحة

2- التوصيات العلمية

لا تقتصر أي دراسة علمية علي ما توصلت إلية من نتائج علمية وإنما تتعداها إلى الكشف عن العديد من المشكلات الأخرى التي تحتاج إلى الدراسة ، وتفتح المجال أمام الباحثين لدراستها ووضع الحلول المناسبة لها ، وفي هذه الدراسة سعي الباحث إلى الإجابة علي تساؤلاتها التي تدور حول أساليب التنشية الاجتماعية وعلاقتها بالسلوك الانحرافي في المناطق العشوائية ، وبذلك تكون الدراسة قد تطرقت لثلاث موضوعات غاية في الأهمية أولها : التنشئة الاجتماعية التي ترتكز عليها الدعائم الأساسية لشخصية   الأبناء ، ثانياً : السلوك الانحرافي وخاصة انحراف الأبناء وهو ما يشغل ذهن رجال التعليم والباحثين في محاولة للوصول إلى وضع الحلول للقضاء علي  تلك المشكلة وثالثها :المناطق العشوائية والتي أفرزت العديد من المشاكل في الآونة الأخيرة ومنها أولاد الشوارع ، وبذلك تكون الدراسة قد ربطت بين ثلاث موضوعات غاية  في الأهمية ، كما أنه في ضوء النتائج التي توصلت إليها الدراسة يوصي الباحث بإجراء بعض البحوث والدراسة التي تثيرها الدراسة ومنها :

-  إجراء دراسات مماثلة في المنطق العشوائية تدور حول أساليب التنشئة الاجتماعية التي تستخدمها الأسرة في تنشئة الأبناء في سن اقل من سنة حتى ثلاث سنوات وتشمل أساليب الرضاعة والفطام والتدريب علي ضبط الإخراج.

-  وفي ضوء الاهتمام العالمي والمحلي بالمرأة وقضاياها ، يجب أن تجري دراسات عن وضع المرأة داخل المناطق العشوائية للوقوف علي دورها في خدمة المجتمع وعلاقتها بالزوج والأبناء في تلك المناطق العشوائية

-  ومن منطلق أن المناطق العشوائية تتسم بأن معظم قاطنيها من الطبقات الدنيا ذوي الدخول المنخفضة وايضاً انتشار العديد من الانحرافات داخل تلك المناطق لذا يجب إجراء دراسة عن الفقر وعلاقته بالانحراف في المناطق العشوائية – دراسة مقارنة بين أسر عشوائية وأسر غير عشوائية.

-  إجراء دراسات عن التنشئة الاجتماعية  والعولمة ، لمعرفة هل تؤثرالعولمة علي أساليب التنشئة الاجتماعية التي تتبعها الأسرة.

--------------------------------------------------------

([1]) محمد عباس : مصدر سابق ص 342

([2]) عبيد شبيب العجمي : التفكك الأسري وجنح لأحداث في المجتمع الكويتي – رسالة دكتوراه ، كلية الآداب جامعة المنيا 1990

([3]) علا مصطفي وآخرون : مصدر سابق ص ص 169 - 171

([4]) محمود محمد الضمراني : مصدر سابق ص 345

([5]) عبيد شديد العجمي : مصدر سابق

([6] ) محمد عباس : مصدر سابق ص 316

موقع المنشاوي للدراسات و البحوث

..............................................................

الأمن الاجتماعي

إن المجتمع المريض الذي يحول دون اشباع حاجات أفراده والذي يفيض بأنواع الحرمان والاحباطات والصراعات والذي يشعر فيه الفرد بنقص الأمن وبعدم الأمان.كما أن التنافس الشديد بين الناس وعدم المساواة والاضطهاد والاستغلال وعدم اشباع حاجات الفرد ويضاف إلى ذلك وسائل الاعلام الخاطئة غير الموجهة والتي تؤثر تأثيراً سيئاً في عملية التنشئة الاجتماعية.

كل هذه الأسباب إلى جانب أسباب أخرى تدفع الفرد الذي يعيش في مثل هذا المجتمع المريض إلى سوء التوافق الاجتماعي بحيث يكون السلوك المريض والشيخوخة المبكرة وغير السوية، النتاج المتوقع لهذه المساوئ.يقول جليل وديع شكور في كتابه «أمراض المجتمع»: من المعروف أن تدني الحالة الاقتصادية لأية عائلة لا يسمح بتلبية جميع متطلباتها. وتلعب البطالة وفقدان المواد الأولية دوراً فاعلاً في هذا التدني.

وفي هذا المجال، وجد سالوس في دراسة له على الأحياء البائسة والمعدمة اقتصادياً أن العوز المادي ليس كافياً بمفرده لتفسير الانحراف. فهناك متغيرات خمسة تميز عائلات المنحرفين: غياب الأب، وسوء تفاهم الوالدين والبطالة وعدم الاستقرار المهني، والإدمان الكحولي في الأسرة، والماضي الجانح لأحد الوالدين.

وقد أظهرت الدراسة التي أعدتها الأمانة العامة للأمم المتحدة عن الوقاية من جناح الأحداث أن الزيادة في حجم جناح الأحداث أكثر تواجداً في البلاد الآخذة في هذا النمو، وأن التغييرات الاقتصادية والصناعية الجديدة في البلاد الآخذة في النمو ذات أثر مباشر على تزايد جناح الأحداث.والجدير ذكره ان عمليات النمو والتحضر قد لا تكون السبب المباشر في الانحراف، انما ما يرافق ذلك أو يترتب عنه كالتفكك الذي يصيب الأسرة من جراء ذلك أو سوء التكيف الذي يصيب النازحين من الريف إلي المدينة بحثاً عن العمل أو التعارض في القيم بين قيم الواقع وبين ما يرجى أن يكون. كل ذلك يشكل ضغوطاً على الناشئة تساعد على ظهور الانحراف أو تعجل في ظهوره. ومن الأسباب التي تضاف إلي ذلك التضخم المالي وغلاء أسعار المواد الاستهلاكية أو احتكارها. إن هذه الأسباب تسهم في سوء الحالة الاقتصادية التي تنعكس مرضاً اجتماعياً متمثلاً بالقلق والخوف على المصير. كما أن سوء الوضع الاقتصادي قد يدفع العديد إلى ممارسة بعض أنواع السلوك الممنوع أو المرفوض اجتماعياً كأعمال الغش والتزوير والاتجار بالمخدرات وقبول الرشوة والسرقة والاحتيال.

لذا، يرى رجال الاقتصاد وعلماؤه أن أسباب الانحراف الاجتماعي تكمن في سوء الحالة الاقتصادية المتمثلة بمشكلات تعود إلى الفقر والبطالة والفشل الناتج عن سوء التوافق المهني. في هذا المجال، فإن بعض الاقتصاديين يربط بين الانحراف والفقر معتبراً إياه السبب الأول مستشهدين على ذلك بأن غالبية نزلاء السجون من أصل فقير، كما أن الفقر يولد العديد من المشكلات الحياتية المتعلقة بالصحة والسكن والتعليم وتوازن الأسرة، والتي تولد الانحراف.

وعلى العكس من ذلك، يعتبر اقتصاديون آخرون ان الغنى والرخاء هما سبب ازدياد حالات الانحراف. ويصدق ذلك في البلاد المتقدمة صناعياً، حيث نرى ازدياداً لعدد الأحداث الجانحين.

والمعترضون على ربط الانحراف بالفقر يشيرون إلى أن الاحصاءات تكون عادة مضللة لأسباب عديدة منها: أن معظم جنح الأغنياء تبقى خفية أو تسوى قبل أن تصل إلى المحاكم، كما أن الفقراء لا يتمتعون عادة بوسائل الحماية التي تتوفر للأغنياء، وأيضاً لأن الفقراء هم أكثر الناس تعرضاً للملاحقة وسوء الظن.

وإذا كان الفقر سبباً للانحراف، فكيف يمكن تفسير التصرفات غير المشروعة والمنحرفة التي تكثر في أوساط رجال الأعمال، كما هو معروف للجميع؟!

وأمام هذا التناقض يمكننا القول إن الفقر بوجوهه المتعددة قد يشكل ظروفاً أو مناخات مهيئة للانحراف، أو على الأقل فرصاً تسهل للسلوك الجانح احتمال حدوثه.

إن مهمة الباحث النفسي والاجتماعي وبعد تزايد الاهتمام بالفرد والأخذ في الاعتبار البعد الانساني ليست في ادانة المنحرف واصدار الحكم عليه، بل البحث في ظروف الانحراف وفي أسباب هذا العمل المرفوض، إلى جانب البحث الجدي والمتعمق في شخصية المنحرف لمساعدته على اعادة النظر في سلوكه وفي تغيير مواقفه الخاطئة.وعلاج الأمراض الاجتماعية يحتاج إلى فريق عمل يضم على الأقل: طبيباً نفسياً، ومرشداً اجتماعياً، ومرشداً دراسياً ومهنياً. وتبرز أهم ملامح علاج سلوك المنحرفين فيما يلي:

1- استثارة تعاون المريض واثارة رغبته في العلاج.

2- محاولة تصحيح السلوك المنحرف وتعديل مفهوم الذات.

3- ارشاد الوالدين وتوجيههما لتحمل مسؤولية العمل على تجنيب الطفل التعرض للأزمات النفسية والاجتماعية.

4- تغيير السلوك داخل المنزل وشغل أوقات الفراغ بالترفيه المناسب والرياضة.

5- انشاء المزيد من العيادات النفسية المتخصصة لعلاج الأمراض النفسية والاجتماعية.

إضافة إلى تضافر العلاج السلوكي، والعلاج الطبي، والعلاج النفسي للشخص المنحرف.

إن مجتمعا تكثر فيه الأمراض الاجتماعية: العنف، والجريمة، والادمان، والانحرافات الجنسية، واستغلال الطفولة... ، سيكون هو حتماً مريضاً وبحاجة إلى اعادة تنظيم من خلال تفعيل الرعاية الاجتماعية، وتأمين الاحتياجات الخاصة بالفرد، وبالمجتمع، تأميناً لحالات الاكتفاء والاشباع. باختصار، إننا مدعوون أفراداً وجماعات ومؤسسات حكومية وخاصة إلى اقتسام المسؤوليات كل من زاويته الخاصة وبقدراته المتاحة وإلى توزيع الأدوار، بحيث نضمن النجاح والتكامل.

العوامل المؤثرة في بناء الاسرة واستقرارها

‏شهدت المجتمعات تغيرات بنائية هائلة ليس فقط من جراء التحديث والثقافة الوافدة ولكن بفعل بعض العوامل الداخلية (كالمدنية وما تبعها من تغيرات اقتصادية) وطبيعي أن تؤثر هذه التغيرات على الاسرة بشكل أو بآخر.

أولا: أهم الظواهر الاسرية السلبية :

-  أنشغال الأب وتخليه عن تربية الابناء " الأب الغائب"

-  أنعدام القدوة الحسنة للابناء

-  الطلاق وتصدع بنيان الأسرة

-  ضعف الوازع الديني.

-  قسوة الأب أو سوء معاملة الأبوين للابناء.

-  الفراغ.

-  الخلطة الفاسدة ورفاق السوء.

-  النزاع والشقاق المستمرين بين الزوجين.

-  الشعور بالحرمان من عطف الأم أو الأب

-  شعور بعض الأبناء بعدم عدل الوالدين بالمشاعر وانحيازهم للبعض الآخر

-   غياب الحوار الأسري وعدم مجالسة الوالدين لابنائهما

ثانيا :العوامل المؤثرة في بناء الاسرة واستقرارها

1. عوامل من داخل الأسرة:

- أساليب التنشئة التى تتبعها الأسرة لها علاقتة وثيقة بالسلوك الانحرافي للابناء فالسلوكيات المنحرفة التي تصدر عن بعض الأبناء تعد نتاج للقصور في التنشئة السوية للأبناء وكثيرا ما يؤدى عدم اتفاق الوالدين على أسلوب معين للتنشئة إلى انحراف الأبناء كما تؤثر طموحات الآباء الزائدة على مستقبل أبنائهم ومن أهم مظاهر سوء التنشئة داخل الاسرة وآثارها السلبية على الابناء هي :

- النزاع والشقاق بين الأباء والأمهات والخلافات والمشاجرات المستمرة تؤدى إلى سوء تكيف الصغار وإلى كثير من ألوان السلوك الخاطئ  ودفعهم للبحث عن رفاق خارج البيت.

- الطلاق وما يصحبه من تشرد وضياع، وتشتت وفراق وفقدان الابناء لحنان ورعاية الاسرة فلا شك أن الأسرة المهترئة المفككة القائمة بين أب وأم أحدهما غائب أو كلاهما أو دائمي الخصام والنكد تلقى بظلال قاتمة على سلوك ومستقبل الابناء

- سؤ استثمار الوالدين لوقت فراغ الابناء وعدم استثمارا طاقاتهم من العوامل الأساسية التى تؤدى غالباً إلى انحراف الشباب

- سوء معاملة الوالدين للأبناء مثل : المعاملة القاسية، والضرب الشديد، والتوبيخ القارع، والسخرية، لها ردود فعل  سيئة فى سلوك وخلق الابناء ، وتزرع فيهم مشاعر الخوف والانكماش وترك المنزل وغالبا ما يكونون عرضه لتيارات الانحراف والتشرد والجريمة.

- مشاهدة أفلام الجريمة والعنف والجنس فى دور السينما وعلى شاشات التلفاز من روايات بوليسية، ومواد مثيرة، تشجع على الانحراف والإجرام والرزيلة والفساد.

- تهاون الأبوين وتخليهم احيانا عن تربيته التربية الصحيحة للابناء فإن تقصير الأم فى واجبها التربوى لانشغالها مع معارفها أو صديقاتها وخروجها من بيتها، وأهمال الأب مسؤولية التوجيه والتربية نحو أولاده لانشغاله بمطالب الحياة أو غيابه المستمر عن المنزل .

- التفكك الاسري وغياب القدوة وانعدام الرقابة هي أهم أسباب تعاطى الابناء للمخدرات فالأسرة مسؤولة عن تكوين أخلاقيات الفرد وتغذيته بالأمن والطمأنينة، وتجنيبه عوامل القلق والاضطراب، وتمكنه من الحصول على حاجاته أما الأسرة التى يغيب فيها دور البيت، وتضيع فيها السلطة الأبوية بفقدان الأبوين أو أحدهما بالموت أو السجن أو المرض أو الطلاق، كثيراً ما يؤدى إلى نتائج سيئة تهيئ للانحراف والإدمان.كما يعد الانحراف الخلقى فى الأسرة فى مقدمة العوامل البيئية التى تدفع الى الادمان لاسيما انحراف الوالدين أو أحدهما، وانعدام القيم الخلقية، وفقدان المثل العليا كما إن إغراق الابناء بالمال والسماح لهم بالسفر للخارج بمفردهم أو بصحبة رفاق سوء من الاسباب التى تجر الابناء الى تعاطي المخدرات.

- الغلو فى الدين (التطرف): فقد دعا الإسلام إلى الوسطية وهى من أبرز خصائص الإسلام. قال تعالى : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً) (سورة البقرة، 143 ).

- افتقاد الابناء للاهتمام الاسري : حيث بينت الدراسات أن فقد الطفل لرعاية واهتمام أبويه له آثار بالغة على شخصية الطفل مثل:( الجوع الوجداني -  الشخصية عديمة المودة ذات الميول العدوانية-  الانطوائية والاكتئاب) وقد توصلت الدراسات إلى  أن الحرمان الشديد الطويل الذي يبدأ مبكراً في السنة الأولى من العمر والذي يستمر لفترة تصل إلى ثلاث سنوات يؤدي إلى نقص شديد في الجوانب العقلية وجوانب الشخصية المختلفة كما يكون الطفل أقل قدرة على تحمل نتائج الانفصال بين أبويه قبل بلوغه سن الخامسة.

- أستخدام الوالدين لأساليب: ( القسوة والحرمان والإهمال والتدليل ..الخ )، وانخفاض الوعي الثقافي للوالدين بما قد تحدثه هذه الأساليب في سلوكيات الأبناء من آثار غير سوية ، ولعل هناك علاقة وثيقة بين الأسلوب الذي نشأ عليه الأب وطريقته في تنشئة الأبناء ، حيث أن معظم أرباب الأسر يربون ابنائهم بنفس الأساليب التي نشأوا كما أن البعض يرفضون ذلك إما لشعورهم بعدم الرضا عن تلك الأساليب ، أو لإدراكها أنها أصبحت لا تتلاءم مع الحياة المعاصرة .

- ويتبين ذلك من بعض الانماط التربوية الخاطئة مثل:

- التنشئة القاسية مثل: التهديد والضرب والطرد من المنزل ، وعدم إدراك الأسر لآثار تلك الأساليب علي شخصيات الأبناء

- الإهمال وعدم محاسبتهم علي السلوكيات غير  المرغوب فيها وعد م متابعتهم أو عدم التدخل في اختيارهم لأصدقائهم سواء بالرقابة أو التوجيه ويؤدي ذلك إلي تعرض الأبناء للانحراف .

- العقاب بأسلوب الزجر والتهديد وتوجيه الشتائم البذيئة وممارسة العقاب البدني والضرب البدني وطرد الابن من المنزل في حالة صدور أفعال غير سوية من الأبناء .

- أتباع أسلوب الحرمان في تنشئة الأبناء كعدم إشباع احتياجاتهم  الاساسية مما يؤدي إلي العديد من الاضطرابات في  شخصية الأبناء والتي تظهر في صورة أفعال انحرافية كالسرقة والاعتداء علي الآخرين أو الهروب من المدرسة.

- تعرض بعض الأباء لأساليب تنشئة قاسية مما يدعوهم الى أستخدام أسلوب  التدليل في تنشئة الأبناء فيترتب عليه نمو شخصيات الأبناء ضعيفة لا تعتمد علي نفسها ، ولا تقوي علي تحمل المسئولية.

- التفرقة في  المعاملة بين الأبناء (كتفضيل الذكور علي الإناث أو تفضيل الإناث علي الذكور ، أو التفرقة بين أفراد الجنس الواحد) تؤدي إلى العديد من الأنماط الانحرافية.

- عدم الاتفاق علي أسلوب معين في تنشئة الأبناء ، كإثابة الأبناء من قبل الأم وعقابهم من قبل الأب في ذات الموقف ، أو  تعرض الأبناء للقسوة من جانب الأب وتدليله لهم دون توجيه أو تصحيح الخطأ في نفس الموقف ، فأن ذلك يؤدي إلي أن تنمو شخصيات الأبناء غير متوافقة اجتماعياً ، وتعرضهم للعديد من مظاهر الانحراف كالفشل الدراسي وارتكاب أفعال انحرافية يعاقب عليها القانون 

2. عوامل من خارج الأسرة

من الثابت لدى الدارسين والباحثين في العلوم الإنسانية والاجتماعية أن الأسرة المعاصرة قد فقدت كثيراً من وظائفها وآثارها وذلك حسب درجة تطور المجتمع وهي لم تفقد وظائفها جملة واحدة بل كان ذلك على مراحل متعددة وبشكل تدريجي كما أن هذا الفقدان لم يحدث بدرجة واحدة في جميع الأمم والشعوب بل اختلفت أشكاله وأدواره باختلاف الأمم والشعوب في ثقافاتها وعقائدها بعدما كانت الأسرة في الماضي أهم مؤسسات التوجيه والتربية أما اليوم فتنافسها بقوة العديد من مؤسسات المجتمع مثل : (المدرسة والجامعة والإعلام بوسائله المختلفة من إذاعة وفضائيات مفتوحة وجرائد ومجلات ومراكز  البحوث والدراسات ..الخ ) في توجيه الأبناء وأصبحت ربما أكثر وأخطر تأثيرا.

 وفي الربع قرن الأخير ظهرت مجموعة من المعوقات المؤثرة في وجود الأسرة وقيامها بدورها بعض هذه العوامل مرتبط بتطور النهضة الصناعية وضغوط الحياة المعاصرة وبعضها مرتبط بانتشار العديد من الانحرافات الاجتماعية التي انتقلت إلى المجتمعات المحافظة لاسيما بعد انفتاح العالم شرقه على غربه وغربه على شرقه وانتشار وسائل الاتصال العالمية واتجاه العالم نحو مفاهيم العولمة والعالم الواحد أو " القرية الصغيرة " وانتشار النزعات الفردية والمادية وضعف الرغبة في تكوين أسرة، كما لعبت الثقافات الواردة مع العمالة الوافدة، دورا كبيرا فى تغيير الثقافة الاجتماعية والاسرية ليس في منطقتنا الخليجية فحسب بل في مختلف الاقطار العربية والإسلامية حيث تتعرض لكثير من المؤثرات الخارجية، التى أثرت على المعايير والقيم الاجتماعية، والعادات والتقاليد وبالتالي على سلوك الأفراد والجماعات بما في ذلك الأسرة ولعل أبرز العوامل المؤثرة في بناء الاسرة واستقرارها (من خارج الأسرة)

-  وسائل الاتصال الحديثة :

لعقود طويلة ظلت الأسرة تلعب دوراً أساسياً في تكوين مدارك الإنسان وثقافته، وتساهم في تشكيل منظومة القيم التي يتمسك بها بما فيها علاقات الآباء بالأبناء أما اليوم فقد انتقل جزء كبير من هذا الدور إلى شبكات الإنترنت والهواتف النقالة والألعاب الإلكترونية، الأمر الذي فتح الباب أمام أنماط من التواصل الافتراضي الذي حل محل الحوار والمحادثة بين أفراد الأسرة الواحدة مما ساهم في توسيع الفجوة وتكريس الصراع بين جيلي الآباء والأبناء فضلا عن ظاهرة الاستخدام السيئ لتلك التكنولوجيا والتى وصل في كثير من الحالات الى ممارسات غير أخلاقية.

- انتشار البطالة:

 فالأب العاطل الذى لا يعمل ولا يجد من المال ما يسد به حاجة الأسرة، ويؤمن لهم حاجاتهم الضرورية، سيعرض بلا شك  الأسرة بأفرادها الضياع والانحراف ، وربما دفع ذلك أفراد الأسرة إلى التفكير فى الحصول على المال بأية وسيلة غير شريفة أو مشروعة كالسرقة والرشوة… إلخ.

الانحراف الاجتماعي ومعالجته على ضوء النظرية القرآنية 

النظرية القرآنية في معالجة الانحراف الاجتماعي

 ربما يعزى نجاح النظرية القرآنية في تحليلها ومعالجتها لظاهرة الانحرف الاجتماعي الى أربعة اسباب رئيسية ، لم تلتفت اليها النظريات الاجتماعية المعاصرة كنظريات ( الانتقال الانحرافي ) ، و( القهر الاجتماعي ) ، و( الضبط الاجتماعي ) ، و( الالصاق الاجتماعي ) التي سنتناولها بالنقد لا حقاً باذن الله . وهذه الاسباب الاربعة هي : الاول : العدالة الاجتماعية والاقتصادية التي جاء بها الاسلام وحاول تطبيقها على الافراد . الثاني : العقوبة الصارمة ضد المنحرفين كالقصاص والدية والتعزير . الثالث : المساواة التامة بين جميع الافراد امام القضاء والشريعة في قضايا العقوبة والتأديب والتعويض . الرابع : المشاركة الجماعية في دفع ثمن الجريمة والانحراف ، كإلزام عائلة المنحرف دفع دية القتيل عن طريق الخطأ ، ودفع دية القتيل الذي لا يعرف قاتله من بين المال.

 فعلى الصعيد الاول ، نادى الاسلام بالعدالة الاجتماعية واعتبرها الاساس في بناء المجتمع السليم من الانحرافات الشخصية القائمة على الاساس الاقتصادي أو السياسي ، كالغصب والسرقة والاعتداء على حقوق الآخرين . وقد فصلنا القول في ذلك في الفصل الثاني من هذه الكتاب.

 وعلى الصعيد الثاني ، فان ديناً متكاملاً كالاسلام لابد وان يطرح للانسانية المعذبة نظاماً يعالج فيه مختلف زوايا الانحراف ، ويحلل من خلاله ـ بكل دقة ـ دوافع الجريمة في المجتمع الانساني ، ويشرع ـ على ضوء ذلك ـ احكاماً صارمة لقلع منشأ الانحراف من جذوره النابتة في عمق النفس البشرية ؛ لأن الخالق عز وجل أدرى بتلك النفس الانسانية التي صممها وأنشأها : ( ونفس وما سواها فألهما فجورها وتقواها )  . فمن أجل مكافحة الجريمة وتعويض الضحية ، صنف النظام الاسلامي العقوبات الى قسمين ؛ هما : العقوبات الأدبية والعقوبات المادية . فالعقوبات الأدبية تشمل جانبين ايضاً ؛ وهما : الاول : الحدود ، وهي العقوبات المقدرة في الكتاب والسنة ؛ بمعنى ان الشارع لم يسمح للقاضي الشرعي التصرف في أمر تقديرها ، كالقصاص في جرائم القتل والقطع والجرح ، كما اشار قوله تعالى الى ذلك : ( ولكم في القصاص حياةٌ يا أولي الالباب )  ، وعقوبات الزنا ، واللواط ، والسحاق ، والقيادة ، والقذف ، والسرقة ، والسكر ، والارتداد ، وقطع الطريق . والثاني : التعزيرات ؛ وهي العقوبات التي فوض أمر تقديرها وتحديدها لنظر الحاكم الشرعي ، فيعاقب عليها بما يراه مناسباً ، كعقوبة التزوير والغيبة ونحوها.

 والعقوبات المادية : هي الديات ، أو المال الواجب دفعه بسبب الجناية على النفس أو مادونها : ( وما كان لمؤمن ان يقتل مؤمناً الاخطأً ، ومن يقتل مؤمناً خطأً فتحرير رقبة مؤمنة ، ودية مسلمةٌ الى أهله الا ان يصدقوا )  . وتشمل جانبين ايضاً ، وهما : اولاً : الديات المقدرة على لسان الشارع ، كدية النفس والاعضاء ، وثانياً : الديات التي فوض أمر تقديرها الى الحكومة ، أو الخبراء الموثوق بهم.

 وبالاجمال : فان الاسلام صنف الانحراف الى اربعة اصناف ، وهي :

 1 ـ جرائم الاعتداء على النفس البشرية وما دونها ، وفيها القصاص أو الدية مع الشروط.

 2 ـ جرائم ضد الملكية وفيها القطع ، والمقاصة ، ووجوب رد المغصوب.

 3 ـ الجرائم الخلقية ، وفيها الرجم والقتل والجلد.

 4 ـ جرائم ضد النظام الاجتماعي ، كالمحاربة والاحتكار ونحوها وفيها التعزير أو الغرامة ، وأوجب في الديات غير المقدرة شرعاً الارش أو الحكومة.

 وهذه الاحكام الشرعية هدفها الردع أكثر من الانتقام ، حتى ان القصاص الذي يبدو ظاهراً قضية انتقامية يؤدي في الواقع دوراً اساسياً في ردع الانحراف وتأديب المنحرفين ؛ فانزال الاذى المماثل بالجاني أمضى تأثيراً من عقوبة السجن ، التي آمن بها النظام القضائي الغربي  . والسارق الذي تؤدبه الشريعة الاسلامية بقطع اليد يعتبر أكثر انتاجاً من السارق الذي يقبع في سجون الانظمة الرأسمالية مثلاً سنوات معطلاً طاقته الانتاجية ومستهلكاً موارد النظام الاجتماعي . وما ان يخرج الى اجواء الحرية مرة اخرى حتى يرتكب انحرافاً مماثلاً لذلك ادخله السجن أول مرة.

 وعلى الصعيد الثالث ، فان الاسلام نادى بالمساواة بين الافراد في العقوبة والتعويض ، فالسارق مع توفر الشروط يقطع حتى لو كان يشغل أعلى وظيفة سياسية في الدولة لإطلاق الآية الكريمة ( والسارق والسارقة فاقطعوا ايديهما )  ، وعدم تخصيصه بفئة معينة من السراق مثلاً . والزاني مع توفر الشروط يقام عليه الحد كائناً من كان . ولا يستثنى أحد لسبب طبقي أو وراثي من اقامة الحدود الشرعية . وهنا يكمن الفرق بين النظامين التشريعي الاسلامي والقضائي الغربي الرأسمالي . ففي حين يفلت مجرمو الطبقة الرأسمالية من قبضة العقاب ، باعتبار ان العقاب المعنوي لافراد الطبقة العليا اشد ايلاماً من العقاب الجسدي ؛ يصون التشريع الاسلامي النظام القضائي من عبث الاصابع البشرية التي يدفعها الهوى والطموح الشخصي . وبعد اربعة عشر قرناً من الزمان ، لم يستطع مقننٌ واحد ـ أياً كان مذهبه ـ من تغيير حكم القرآن في قطع يد السارق أو قتل القاتل المتعمد أو جلد الزانية والزاني ؛ في حين ان القوانين الوضعية تبدلت تبدلاً جذرياً خلال القرون الماضية من عمر البشرية.

 ولاشك ان الافراد جميعأً بمختلف ألوانهم وهيئاتهم متساوون امام الشارع ، فالاسود والابيض والاصفر سواسية كاسنان المشط في مثولهم امام الحاكم الشرعي وانزال العقاب بهم أو تبرئتهم: ( ان الله يأمر بالعدل والاحسان... )، ( ان الله يحب المقسطين )، بل ان الشارع يعاقب من يميز على اساس اللون ، أو يتعدى حدود القصاص ، ويلزمهم بدفع مقدار التعدي.

 ولابد ان نذكرهنا ، ان النظرية الاسلامية قد ميزت الانحراف بانواعه وطرقه المتعددة ، واعتبرت فيه الاسباب الموجبة . فاخذت الاضطراب العقلي ، وعدم البلوغ مثلاً ، بعين الاعتبار في انشاء الحكم على القاتل . وميزت بين قتل العمد ، وقتل الخطأ ، والقتل الشبيه بالخطأ ؛ وافردت لكل واحد منها حكماً خاصاً . وأعطت الشريعة للاحداث والصبيان فرصة لعلاج انحرافهم بدل إنزال العقاب بهم.

 وعلى الصعيد الرابع، فان الاسلام شجع المشاركة الجماعية في دفع الانحراف بطرق عديدة ؛ منها : اولاً : ان ولي الامر مسؤول شرعاً عن دفع الدية اذا ارتكب من يتولاه انحرافاً يستوجب دفع تلك الغرامة . ثايناً : ان العلاقة الاسرية التي أكد عليها الاسلام تساهم من خلال التعاون والتآزر على اصلاح الفرد المنحرف في الاسرة . ثالثاً : العاقلة ، وهم العصبة من قرابة الاب كالاخوة والاعمام واولادهم ، التي تتحمل دية القتل الخطأ ، ودية الجناية على الاطراف ونحوها ، ضمن شروط معينة . والمدار في كل ذلك ان الافراد في المجتمع ملزمون اخلاقياَ ، بارشاد واصلاح ذويهم ودرء خطر الانحراف عنهم.

الانحرافات السلوكية وكيفية احتواء المنحرفين في المجتمع

المحاور: 1. مفهوم الانحراف الاجتماعي. 2. أسباب ومنشأ الانحراف بين الفكر الغربي والفكر الإسلامي 3. ماذا يجب علينا أن نفعل لمواجهة الانحرافات السلوكية اليوم؟ بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وأزكى المرسلين سيدنا محمد وآله الكرام الميامين وصحبه الأخيار المنتجبين.. أولا: مفهوم الانحراف: يعرف الانحراف لغة على أنه "كل ابتعاد عن الخط المستقيم".. إلا أننا عندما نتحدث عن السلوك الاجتماعي لا يمكننا أن نطبق هذا التعريف بحذافيره نظرا لصعوبة تحديد ما يمكن أن نصطلح عليه بالخط المستقيم. فمظاهر الانحرافات السلوكية تتعدد وتختلف من مجتمع لآخر ومن حضارة لأخرى نتيجة اختلاف المعايير والقوانين والثقافات وكذلك نتيجة التطور الطبيعي في أساليب المعيشة، فما قد يُعتبر انحرافا في أحد المجتمعات قد لا يعتبر كذلك في مجتمع آخر. إلا أن هناك مجموعة من السلوكيات التي لا يختلف مجتمع عن الآخر ولا تشريع عن غيره في اعتبارها انحرافا عن المناهج والنظريات التربوية والاجتماعية المتبعة. من هذه السلوكيات على سبيل المثال لا الحصر السرقة والجريمة والإدمان والشذوذ الجنسي وما شابه ذلك من مظاهر. ورغم تصنيف هذه المظاهر على أنها سلوكيات منحرفة في كافة المجتمعات إسلامية كانت أو غير إسلامية إلا أنه لدوافع سياسية بحتة عمدت بعض المجتمعات الحديثة إلى إحاطتها بمساحة من الغموض وعدم الوضوح وخلط بعض المفاهيم مع بعضها الآخر كممارسة الشذوذ الجنسي العلني والتعري في الشوارع والأماكن العامة مثلا تحت مسمى الحرية الشخصية. ولعل أبرز مظاهر الانحرافات السلوكية في مجتمع اليوم هي:

1. الجريمة بكافة أنواعها. 2. الانحرافات الجنسية وجرائم الاغتصاب. 3. الإدمان على الكحول والمواد المخدرة. ولا يعني ذلك عدم وجود مظاهر أخرى وإنما فقط كما أشرنا، هذه هي المظاهر الأبرز والأكثر شيوعا. ثانيا: اسباب ومنشأ الانحرافات السلوكية: 1. نظرية الانحراف الانتقالي: تعتقد نظرية الانحراف الانتقالي أن "الانحراف سلوك مكتسب"، حيث يتعلم الفرد الانحراف كما يتعلم فرد آخر السلوك الصحيح الذي يرتضيه المجتمع. ويستند اعتقاد هذه النظرية على الفكرة القائلة بأن "مستوى الجرائم الحاصلة في مكان ما تبقى لسنوات عديدة مستقرة ضمن نسبتها المئوية". أي أن الانحراف إذا ظهر في بيئة اجتماعية معينة فلابد له من الاستمرار في تلك البيئة، حيث يتعمق ذلك الانحراف في التركيبة الثقافية والاجتماعية لذلك المكان وينتقل الطابع الانحرافي من فرد لآخر ثم من جيل لأخر دون أن يتغير الدافع الذي يؤدي إلى ارتكاب الجريمة لدى هؤلاء الأفراد. وبموجب هذه النظرية فإن هذا الطابع الإجرامي لمجموعة من الأفراد المنحرفين يساهم في اتساع دائرة الانحراف والإجرام عن طريق استقطاب أفراد جدد، حيث يشبه رواد هذه النظرية ظاهرة الانحراف بالمغناطيس الذي يجذب إليه نشارة الحديد فحسب، فيما تبقى نشارة الخشب وذرات التراب في مكانها. فعندما يدخل الفرد المؤهل للانحراف ضمن هذه الدائرة، توزن نظرته الشخصية للقيم الاجتماعية التي يؤمن بها من قبل أفراد هذه المجموعة المنحرفة وتقيم، ثم توضع تحت الاختبار، وبعدها يصبح سلوكه الاجتماعي مرهونا بالقبول من قبل المنحرفين. وعندما يتم ذلك تنقلب الموازين الاجتماعية في تصوراته الجديدة، فيصبح الانحراف اعتدالا والاعتدال انحرافا. وتركز هذه النظرية على التأثيرات البيئية التي يعيش فيها الفرد حيث تسلسل العوامل التي تساعد الفرد على تكوين شخصيته الإجرامية. ويؤخذ على هذه النظرية عدة مآخذ، أبرزها أنها تعجز عن تفسير عدد من الظواهر الطبيعية، منها:

 1. أن الكثير من الشباب الذين ينشأون في مجتمع إجرامي لا يتعلمون الإجرام من ذلك المحيط، ولا تتبلور في نفوسهم الشخصية الإجرامية، رغم وجود المنحرفين (المعلمين). 2. أن بعض الانحرافات تحدث نتيجة عدم إشباع الحاجات الأساسية وليس الدافع هو وجود الحالة الإجرامية في المجتمع المحيط. 3. هناك بعض أفراد الطبقة الغنية (الرأسمالية) ممن لا تربطهم علاقة بالمنحرفين ولكنهم يتجهون إلى الانحراف. وينشأون نشأة إجرامية. 4. الانحراف لا يحتاج إلى معلم أو مدرب، وإنما تبعث عليه الغريزة، فالسارق الجائع تدفعه غريزة الجوع، والقاتل المنتقم تدفعه غريزة الانتقام.. وهكذا. وملخص القول في نقد هذه النظرية هو أنها تحاول صب جهدها في تفسير وسائل الانحراف كتعلم الطرق الفنية للانحراف وتقليد المنحرفين والاختلاط بهم في حين تفشل في تحليل دوافع الانحراف وكشف أسباب نشوء الجريمة.

 2. نظرية القهر الاجتماعي: يرى أصحاب هذه النظرية أن "الانحراف هو ظاهرة اجتماعية ناتجة عن القهر والتسلط الاجتماعي الذي يمارسه بعض الأفراد تجاه البعض الآخر"، فالفقر مرتع خصب للجريمة، والفقراء يولدون ضغطا ضد التركيبة الاجتماعية للنظام مما يؤدي إلى انحراف الأفراد. بمعنى أن الفقر باعتباره انعكاسا صارخا لانعدام العدالة الاجتماعية بين الطبقات، يولد رفضا للقيم والأخلاق الاجتماعية التي تؤمن بها الشريحة الكبرى من المجتمع. فإذا ما اختل توازن القيم الاجتماعية سادت حالة الفوضى والاضطراب وبرزت مظاهر الانحرافات السلوكية. فالانحراف إذن بموجب هذه النظرية يعزى إلى عدم التوازن بين الهدف الذي يبتغيه الفرد في حياته والوسيلة التي يستخدمها لتحقيق ذلك الهدف في النظام الاجتماعي، فإذا كان الفارق بين الأهداف الطموحة والوسائل المشروعة التي يستخدمها الأفراد كبيرا، أصبح الاختلال الأخلاقي لسلوك الفرد أمرا واضحا. ومع أن نظرية القهر الاجتماعي تقدم تحليلا وجيها لمنشأ الانحراف ذلك أنها أعمق من النظريات الأخرى في معالجة أسباب الانحراف، إلا أنها تتجاهل الانحراف الناتج عن الاضطرابات العقلية والأمراض النفسية. كما أنها تفشل في الإجابة على عدد من الأسئلة من قبيل:

 1. لماذا يميل بعض أفراد الطبقة الرأسمالية الغنية إلى الانحراف، في حين أنهم يملكون كل وسائل الثروة والمنزلة الاجتماعية؟

 2. لماذا يستخدم بعض الأغنياء طرق الرشوة والاحتيال مثلا لجمع أقصى ما يمكن جمعه من الأموال مع أنهم لا يعانون من القهر الاجتماعي؟ 3. لماذا يقبل بعض الفقراء القهر الاجتماعي، في حين يرفضه البعض الآخر فيتجهون إلى الانحراف؟ 4. من الذي يحدد الانحراف والاستقامة في النظام الاجتماعي؟

 3. نظرية الضبط الاجتماعي: تعتقد هذه النظرية أن "الانحراف عبارة عن ظاهرة ناتجة عن فشل السيطرة الاجتماعية على الأفراد"، حيث تطرح هذا السؤال: كيف لا ينحرف أفراد المجتمع وأمامهم كل هذه المغريات؟ وترى هذه النظرية أن أصل سلوك الأفراد المعتدل في النظام الاجتماعي إنما ينشأ من سيطرة المجتمع عن طريق القانون على تعاملهم مع الآخرين، ولو ألغي القانون الهادف إلى تنظيم حياة الناس لما حصل هذا الاعتدال الاجتماعي في السلوك، ولانحرف أفراد المجتمع بسبب الرغبات والشهوات الشخصية. فهذه النظرية إذن، ترى أن الانحراف يتناسب تناسبا عكسيا مع العلاقة الاجتماعية بين الأفراد. فالمجتمع المتماسك والمتحاب والذي تسوده الرحمة والمودة تتضاءل فيه نسبة الانحراف، فيما ترتفع هذه النسبة في المجتمع المنحل. ولو درسنا حالات الانتحار في المجتمع الإنساني مثلا، للاحظنا أنها أكثر انتشارا في المجتمعات التي لا تقيم لصلة الرحم وزنا والتي لا تهتم بعلاقات القربى والعشيرة. ويرى أصحاب هذه النظرية أنه من أجل منع الانحراف السلوكي لابد من اجتماع أربعة عناصر، هي:

 1. الرحم والقرابة: حيث أن شعور الأفراد بصلاتهم الاجتماعية المتينة يقلل من فرص انحرافهم. 2. الانشغال الاجتماعي: وهو انغماس الفرد في نشاطات اجتماعية سليمة تستهلك طاقته الفكرية والجسدية، كالخطابة والكتابة وممارسة الهوايات البدنية والانضمام للجمعيات الخيرية. 3. الالتزام والمتعلقات: وهو استثمار الأفراد أموالهم عن طريق شراء وتملك العقارات والمنافع والمصالح التجارية. 4. الاعتقاد: حيث أن الأديان عموما تدعوا معتنقيها إلى الالتزام بالقيم والمبادئ الخلقية. ولا شك أن هذه النظرية تعد من أقرب النظريات الرأسمالية للواقع الاجتماعي، وأفضلها على الإطلاق من تحليل الرابط الاجتماعي ودوره في تقليل الجريمة، إلا أنها رغم ذلك تعاني من بعض القصور والذي يتمثل في:

 1. لا تتعرض هذه النظرية إلى الانحراف بين أفراد الطبقة الرأسمالية الغنية التي تتوفر بين أفرادها جميع عناصر منع الانحراف، حيث التمتع بالصلات العائلية الجيدة وممارسة أفضل الهوايات البدنية والفكرية، واستثمار أموالهم المتراكمة في العقارات والمصانع وغيرها، ويعتقدون بدين معين كالنصرانية أو اليهودية الشائعة في المجتمعات الغربية، ومع ذلك ينحرف بعض أفراد هذه الطبقة فيرتكبون جرائم الاغتصاب والسرقة والمخدرات والقتل والتآمر ..الخ. فأين التكامل مع النظام الاجتماعي من هذا الانحراف؟ وكيف تفسر هذه النظرية هذا السلوك؟ 2. كيف يمكن تفسير انحراف بعض الأثرياء لا لشيء سوى لزيادة ثرواتهم والسيطرة على مقدرات النظام الاجتماعي؟ 3. ألا يعد خرق القوانين الاقتصادية والسياسية المقررة من قبل النظام الاجتماعي انحرافا عن الخط العام للمجتمع؟ 4. نظرية الإلصاق الاجتماعي: تبني هذه النظرية رأيها على فكرة مهمة لم تتطرق لها النظريات السابقة وهي أن "الانحراف الاجتماعي ناتج عن نجاح مجموعة من الأفراد في الإشارة إلى أفراد آخرين بأنهم منحرفون"، فإذا ألصقت الطبقة الرأسمالية المسيطرة في أوربا مثلا فكرة (التخلف) بالأفارقة، وكرروها في وسائلهم الإعلامية أصبح الأفارقة متخلفين في المرآة الاجتماعية الأوربية. وإذا ألصقت الطبقة نفسه صفة (التحضر) في الشعب الأمريكي، أصبح الأمريكان متحضرين في نفس المرآة الاجتماعية الأوربية حتى ولو كان الواقع عكس ذلك. وتقسم هذه النظرية الانحراف إلى نوعين:

 1. الانحراف المستور: وهو الانحراف الذي يرتكبه أغلب الأفراد في فترة من فترات حياتهم، ويبقى مستورا دون أن يكتشفه أحد.

 2. الانحراف الظاهر: فعندما يتهم نفس هؤلاء الأفراد بالانحراف علنيا، يتبدل الوضع النفسي والاجتماعي للمتهمين تبدلا جذريا. فإذا ألصقت تهمة السرقة بشخص ما شعر بالإهانة والذل لأن الآثار المترتبة على انحرافه تعني: ‌أ. إنزال العقوبات التي أقرها النظام الاجتماعي به. ‌ب. افتضاح أمره أمام الناس. ‌ج. انعكاس ذلك الافتضاح على معاملة بقية الأفراد له. لذلك فإن هذه الصفات القاسية التي يستخدمها النظام ضد الفرد كصفة السرقة والزندقة والاحتيال وغيرها إنما وضعها في الواقع النظام الاجتماعي والسياسي وألصقها بهؤلاء الأفراد. وعلى هذا الأساس يتصرف الفرد بقبوله التعريف الاجتماعي فيكون منحرفا، ولولا أن المجتمع لم يعترف بهذا الإلصاق لما أصبح المنحرف منحرفا. وما ينبغي الالتفات إليه هنا هو أن هذه النظرية تتناول قضية مهمة وخطيرة وهي أن الفرد يصبح منحرفا في سلوكه عندما يتهمه الآخرون في النظام الاجتماعي بالانحراف. ورغم أن هذا الرأي وجيه جدا، إلا أنه أبرز المآخذ على هذا التحليل هو أن هذه النظرية تبرر "الانحراف المستور"، في حين أن السارق يبقى سارقا وإن لم يفتضح أمره، والمحتال يبقى محتالا ألصقت به التهمة أم لم تلصق. 5. النظرية الإسلامية في تفسير ظاهرة الانحراف: لا تقتصر النظرية الإسلامية على تحليل أسباب ودوافع الانحراف فحسب، بل تقدم علاجا لمشكلة الانحرافات السلوكية في المجتمع الإنساني يختلف اختلافا جوهريا عن العلاقات التي قدمتها النظريات الغربية الأربع. فنظرية "الانتقال الانحرافي" تفشل في معالجة الانحراف بسبب إيمانها بأن الانحراف ليس إلا ظاهرة اجتماعية طبيعية يصعب السيطرة عليها وضبطها.

ونظرية "القهر الاجتماعي" تفشل هي الأخرى في معالجة أسباب الانحراف لأنها تعزيه إلى انعدام العدالة الاجتماعية دون أن تقدم علاجا واضحا يضمن إنشاء مجتمع نظيف وعادل قائم على أساس احترام الإنسان، بالإضافة إلى تجاهل هذه النظرية لانحراف أبناء الطبقات الغنية يجعلها أكثر بعدا عن تحليل الواقع الاجتماعي العملي. أما نظرية "الضبط الاجتماعي" فإنها رغم ما نادت به من علاقة الرحم والقرابة والانغماس في العمل الاجتماعي لم يؤت ثماره في ضبط المنحرفين لقصور النظام الجنائي الرأسمالي وعدم إحاطته بدقائق النفس الإنسانية. وأخيرا نظرية "الإلصاق الاجتماعي" التي فشلت في تفسير ظاهرة الانحراف المستور الذي يتحقق دون إلصاق تهمة معينة بالمنحرف. ويعزى نجاح النظرية الإسلامية في تحليلها ومعالجتها لظاهرة الانحراف الاجتماعي إلى أربعة أسباب رئيسية لم تلتفت لها النظريات الأربع، هي:

 1. العدالة الاجتماعية والاقتصادية التي جاء بها الإسلام وحاول نشرها بين أفراد المجتمع. 2. العقوبة الصارمة ضد المنحرفين كالقصاص والدية والتعزير. 3. المساواة التامة بين جميع الأفراد أمام القضاء والشريعة في قضايا العقوبة والتأديب والتعويض. 4. المشاركة الجماعية في دفع ثمن الجريمة والانحراف، كإلزام عائلة القاتل بدفع دية القتيل عن طريق الخطأ، ودفع دية القتيل الذي لا يعرف قاتله من بيت المال. ونلاحظ أن النظرية الإسلامية قد صنفت الانحرافات السلوكية إلى أربعة أصناف:

 1. جرائم الاعتداء على النفس وما دونها: وفيها القصاص أو الدية مع الشروط. 2. جرائم ضد الملكية: وفيها القطع والمقاصة ووجوب رد المغصوب. 3. الجرائم الأخلاقية: وفيها الرجم والقتل والجلد. 4. جرائم ضد النظام الاجتماعي: كالمحاربة والاحتكار ونحوها وفيها التعزير والغرامة. وكما نرى فإن الهدف من هذه العقوبات لا سيما إذا أمعنا النظر في شروطها وتدرجاتها، يتمثل في الردع أكثر من كونه انتقاما من المنحرف، بما في ذلك القصاص الذي يعتبره البعض بمثابة الانتقام، ذلك أنه يعتبر رادعا وتأديبا للمنحرف وتخويفا للآخرين من الاتجاه نحو الانحراف. ولو قارنا على سبيل المثال لا الحصر بين عقوبة القصاص (العقوبة بالمثل) في النظام الإسلامي لرأينها أكثر جدوى من عقوبة السجن التي يؤمن بها النظام القضائي الرأسمالي، حيث أن السارق الذي تؤدبه الشريعة الإسلامية يعتبر أكثر إنتاجا في المجتمع من السارق الذي يقبع خلف سجون النظام الرأسمالي لسنوات عديدة كطاقة معطلة عن الإنتاج وفرد مستخدم ومستهلك لموارد النظام الاجتماعي. وفي الغالب فإن هذا السارق ما أن يخرج من الحبس حتى يعاود طريق الانحراف، وهذا الأمر غير ملحوظ في النظام الإسلامي. ثالثا: ماذا نفعل لمواجهة الانحرافات السلوكية الاجتماعية اليوم؟ لا نريد أن نكرر ما ذكرنا آنفا، لذا نقول أنه لضمان الحد من مظاهر الانحراف الاجتماعي لابد من الرجوع لمفاهيم النظرية الإسلامية ومحاولة فهمها فهما صحيحا بعيدا عن تأثير النظريات والأفكار الغربية ومن ثم تطبيق ما ورد فيها من بنود وقائية وعلاجية ناجعة. وللتعامل مع الواقع المعاش بشكل عام، لابد من إجراء مجموعة من الخطوات الفعلية أهمها:

 1. تصحيح الأوضاع المعيشية ورفع مستوى دخل الأسرة.

 2. إعادة النظر في المناهج التربوية التي يتبناها المربون سواء كانوا أبوين أو غير ذلك، ومحاولة التخلص من الأساليب غير السليمة.

 3. تعزيز دور الإرشاد النفسي والاجتماعي والمهني في المجتمع.

 4. تحقيق العدالة الاجتماعية.

 5. إيجاد المراكز المتخصصة لإعادة تأهيل المنحرفين.

 6. تعزيز الوازع الديني والوعي الثقافي من خلال تكثيف الحملات الإعلامية سواء الرسمية أو الأهلية لمواجهة أخطار الانحراف.

 7. جذب الشباب من الجنسين للعمل التطوعي لما له من آثار إيجابية في مجابهة الانحراف. 8. تقليص حجم البطالة ووضع الضوابط التي تضمن عدم عودتها أو تضخمها بما يمكن أن يشكل ظاهرة اجتماعية خطيرة. هذا، وأختتم بالتأكيد على أهمية إدماج من دخلوا في خط الانحراف وقرروا الرجوع عن هذا الخط، بشكل سليم في المجتمع، وعدم التعامل معهم على أساس غير إنساني، واضعين نصب أعيننا قوله (ص): (كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابين)..  

....................................................................

1- معجم علم الاجتماع/دينكين ميشيل

2- تربية نت  

3- الامن الاجتماعي/ د. زيد بن محمد الرماني 

4- شرطة أبوظبي

5- شبكة البتول عليها السلام

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 9 تموز/2007 -24/جماد الاخرى/1428