عودة التعذيب والقمع إلى إقليم كردستان العراق

 شبكة النبأ: مع تحسن الوضع الامني والسياسي في اقليم كردستان والخلاص من النظام الدكتاتوري فان رواسب الدكتاتورية لازالت باقية وعلامات القمع وإسكات المعارضة اخذت تظهر من جديد.

فقد ادانت منظمة هيومان رايتس ووتش قوى الامن الكردية بالتجاوز غير القانوني على المعتقلين لديها من تعذيب وقسوة دون مسوغ قانوني وعدم إحالتهم لسلطات القضاء.

وقد جاء في تقرير لمنظمة مراقبة حقوق الإنسان (هيومان رايتس ووتش) نقلته رويترز: أن شرطة الأمن الكردية في شمال العراق تعذب بشكل منتظم المشتبه بهم وأنها اعتقلت مئات الأشخاص دون تقديمهم للمحاكمة.

وقالت المنظمة التي تتخذ من نيويورك مقرا لها تحدث المشتبه بهم عن انتهاكات واسعة النطاق بما في ذلك الضرب واستخدام الأسلاك الكهربائية ومضخات المياه والعصي الخشبية والقضبان الحديدية.

واستند التقرير الى أقوال 158 معتقلا احتجزتهم قوات الأمن الكردية في مراكز اعتقال في المنطقة الكردية المتمتعة بالحكم الذاتي في شمال العراق.

وأجريت هذه اللقاءات في الفترة بين ابريل نيسان واكتوبر تشرين الاول عام 2006 . ولم يتسن الوصول الى مسؤولين أكراد للتعليق.

والى جانب الانتهاكات الجسدية تحدث التقرير بالتفصيل عن حالات احتجز فيها البعض بعد انتهاء فترة العقوبة الأصلية كما خلص الى أن الغالبية العظمى من المحتجزين الذين شملهم التقرير قالوا إنه لم توجه لهم تهم رسمية بارتكاب أي جريمة.

وجاء في التقرير الغالبية لا يعرفون وضعهم القانوني والى متى سيظلون محتجزين او ماذا سيكون مصيرهم.

وتمتعت المنطقة الكردية من العراق بسلام نسبي منذ انتهاء حرب الخليج الاولى عام 1991 ولم تشهد مستوى العنف الذي شهدته باقي المناطق العراقية منذ الغزو الامريكي للبلاد عام 2003 .

وتطلق المنطقة الكردية على نفسها اسم العراق الآخر في حملاتها الدعائية لجذب الاستثمارات الاجنبية الى المنطقة حيث تزدهر الحركة العمرانية وتعلق آمال كبيرة على السياحة.

وذكر التقرير أن مئات العراقيين الذين اعتقلوا في أماكن أخرى من العراق نقلوا للاحتجاز في المراكز الأمنية الكردية الاسايش حيث ظلوا هناك منذ ذلك الحين.

وقال التقرير إن غالبية المحتجزين هم أكراد عراقيون متهمون بالانتماء الى جماعات إسلامية مسلحة تقف وراء العنف في المنطقة الكردية منها القاعدة وأنصار الاسلام وأنصار السنة.

وذكر التقرير أن البعض أقر بصلته بهذه الجماعات بل وبالمشاركة في الهجمات لكن هذا أمر نادر.

ولم يذكر التقرير العدد الإجمالي للمعتقلين لكن متحدثا باسم هيومان رايتس ووتش قال إن العدد يقدر بالآلاف.

وذكرت المنظمة أن السلطات الكردية وفرت لباحثيها امكانية الوصول الى عشرة مراكز اعتقال واستجابت لبعض التوصيات التي طرحتها المنظمة لاحقا، لكن الإجراءات التي اتخذت لم تصل الى الحد المطلوب.

وجاء في التقرير الإجراءات (المتخذة) رغم أنها ملموسة وبناءة الا انها لا ترقى الى حد المراجعة القضائية المستقلة غير المنحازة للوضع القانوني للمحتجزين.

وحثت هيومان رايتس ووتش الأكراد على تعيين لجنة قضائية مستقلة للنظر في قائمة المحتجزين وتوجيه الاتهام فورا الى المحتجزين أو إطلاق سراحهم والإفراج عن كل من قضى فترة عقوبته.

اتهم مسؤولون في منظمة هيومن رايتس ووتش في مؤتمر صحفي بمدينة أربيل، ، السلطات الكردية بممارسة التعذيب ضد المعتقلين، وطالبتها بالعمل على محاسبة المسؤولين عن ذلك، فيما أشادت المنظمة بحكومة الإقليم لأنها فتحت المجال أمام المنظمة للقاء المعتقلين في السجون، في حين اعتبر منسق حكومة الإقليم لشؤون الأمم المتحدة صدور التقرير دلالة على شفافية الحكومة. بحسب اصوات العراق.

وقال مسؤولون في المنظمة إن قوات الأمن الكردستانية تقوم بتعذيب المحتجزين بشكل منهجي وتنكر حقهم الأساسي في الحصول على محاكمات عادلة. 

وقالت سارا ويلتشن رئيسة قسم الشرق الأوسط في منظمة هيومن رايتس في مؤتمر صحفي في أربيل تقوم قوات الأمن الكردستانية بتعريض المحتجزين للتعذيب ولغيره من أشكال المعاملة السيئة. 

وأضافت سارا ويلتشن في المؤتمر الصحفي على السلطات الكردستانية توجيه اتهامات جنائية للمحتجزين أو أن تطلق سراحهم، ولا بد أن يتسنى للمحتجزين الطعن في شرعية احتجازهم والحصول على محاكمة فورية وعادلة بناء على اتهامات توجه ضدهم. 

 وتابعت ويلتشن على السلطات الكردستانية أن تسن معايير واضحة خاصة بتقييم الحالة القانونية للمشتبه بهم في أعمال إرهابية ممن تم اعتقالهم قبل صدور قانون مكافحة الإرهاب، ويجب تعيين لجنة قضائية لإجراء مراجعة مستفيضة لكل حالات الاحتجاز. 

وتبنى المجلس الوطني لكردستان العراق قانونا في تموز يوليو من العام الماضي باسم (قانون مكافحة الإرهاب في منطقة كردستان) والذي يجرم جملة من الجرائم التي تعتبر (أعمالا إرهابية). 

 ونشرت المنظمة التقرير ، باللغات العربية والانكليزية والكردية تحت عنوان (في قلب الإعصار: التعذيب على يد قوات الأمن الكردستانية وإنكارها الحق في المحاكمات العادلة)، وثقت فيه ما وصفته بـ المعاملة السيئة والانتهاكات الواسعة النطاق والمنهجية لحقوق المحاكمة العادلة للمحتجزين المودعين في مراكز احتجاز قوات الأمن الكردستانية. 

ومنظمة هيومن رايتس ووتش هي منظمة دولية تُعنى برصد حقوق الإنسان، مقرها في نيويورك، ولها مكاتب في شتى أنحاء العالم؛ وهي لا تقبل أي تمويل من أي حكومة.

وذكرت المنظمة أن تقريرها يستند إلى أبحاث تم إجراؤها في إقليم كردستان العراق من نيسان أبريل إلى تشرين الأول أكتوبر من عام 2006 وشملت مقابلات مع أكثر من 150 محتجزا. 

وطالبت المنظمة في تقريرها حكومة الولايات المتحدة الأميركية وحكومات القوات المتعددة الجنسيات في العراق بمساعدة السلطات الكردستانية الإقليمية في تحضير آلية للتحقيق الفوري "في مزاعم التعذيب والمعاملة السيئة على أيدي مسؤولي تنفيذ القانون، ومنهم قوات الأسايش وضمان أن مساعدة حكومة كردستان الإقليمية لا تُستخدم للإسهام في انتهاكات حقوق الإنسان. 

ولكل من الحزبين الرئيسيين في إقليم كردستان، الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني رئيس إقليم كردستان العراق، والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال الطالباني، (الأسايش) الخاص به، والكلمة حرفياً تعني الأمن، ويتولى الأسايش المسؤولية الأساسية عن المشتبه بهم في قضايا متصلة بالأمن، وأيضاً عن الأشخاص المشتبه بعضويتهم أو صلتهم بالجماعات المصنفة على الإرهاب في إقليم كردستان وغيرها من مناطق العراق خلال السنوات القليلة الماضية. 

وتقول المنظمة إنه عدا محتجزي الأسايش، هناك أشخاص اعتقلتهم السلطات الكردستانية في محافظات تقع تحت سيطرتها، وكذلك عدد من المحتجزين الآخرين الذين تم اعتقالهم في عمليات مشتركة نفذت بالتعاون مع القوات الأميركية والجيش العراقي، ثم جرى نقلهم إلى الاحتجاز من جانب السلطات الكردستانية.   

 ودعا التقرير إلى متابعة حالات كل المحتجزين المعتقلين في عمليات مشتركة بين القوات العسكرية العراقية والأميركية، والذين تم نقلهم إلى معتقلات سلطات كردستان، كما تقول المنظمة، لضمان أن السلطات الكردستانية تطلق سراح هؤلاء المحتجزين أو تحاكمهم سريعاً بما يتفق مع القانون العراقي. 

وطالبت المنظمة في تقريرها مجتمع المانحين الدولي بمراقبة المساعدات الممنوحة في كل من السياسات والأمن ومكافحة الإرهاب لحكومة كردستان الإقليمية، لضمان أن معايير حقوق الإنسان مرعية من قبل قوات الشرطة والمخابرات، وتوفير تدريب في حقوق الإنسان كمكون أساسي من مكونات بناء القدرات وبرامج التدريب الخاصة بالشرطة والمخابرات. 

ودعت إلى العمل على أن يكون هذا التدريب مصمما لإيقاف استخدام التعذيب وغيره من أشكال المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة كتقنية للاستجواب أو للعقاب، وضمان أن المساعدة الممنوحة تتضمن المساعدة في تطوير ودعم جماعات حقوق الإنسان المحلية ووجود قدرة على المراقبة وكذلك إعداد لجنة حقوق إنسان مستقلة. 

وأعلنت المنظمة بأنها أرسلت نسخة ملخصة من هذا التقرير إلى مكتب رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني مطالبة بتعليقات أو ردود لإدراجها في النسخة النهائية من التقرير. 

وقالت المنظمة إلى اليوم لم يقم مكتب الرئيس البارزاني بإرسال الرد. 

 من جانبه قال نديم حوري الباحث في قسم الشرق الأوسط الذي أجرى للقاءات مع المعتقلين هيومن رايتس في المؤتمر الصحفي زرنا عشرة سجون للأسايش في المدن الكردية الثلاث الرئيسية أربيل والسليمانية ودهوك، واستطعنا إجراء المقابلات مع 150 معتقلا واغلبهم لم توجه إليهم التهم وليس لديهم محام ولا يعرفون إلى متى سيبقون في المعتقل. 

وأضاف هناك من اعتقل نيابة عن أخيه أو أبيه بعد فرارهم. 

وقال نديم هذه ليست خروقات دولية فقط وإنما هي خروقات للقانون العراقي والكردستاني أيضا. 

وقال المعتقلون تعرضوا إلى التعذيب والمعاملة السيئة والضرب بالعصي ووضعهم في غرف انفرادية أو عدم إطعامهم لفترة طويلة، وهناك من اعتقل لمدة سنة أو سنتين ولا يعرفون لماذا اعتقلوا والى متى سيبقون في الاعتقال. 

وأشار نديم إلى أن التقرير لا يفصح عن أسماء المعتقلين الذين أجريت معهم المقابلات خشية تعرضهم للأذى. وقال "تمت المقابلات (مع المعتقلين) في غرف انفرادية وبدون حضور أشخاص من الأسايش وتمت خلال الزيارات التي قامت بها المنظمة إلى تلك السجون." 

وأوضح أن المنظمة أجرت مقابلات مع معتقلين سابقين كانوا في السجون الكردية وأطلق سراحهم، مبينا أنهم أكدوا تعرضهم للتعذيب. 

وأعلنت المنظمة في المؤتمر الصحفي عن مجموعة توصيات طالبت حكومة إقليم كردستان العراق بتنفيذها وتلاها مايكل ايسنر المستشار في قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتش. 

 وتدعو توصيات المنظمة حكومة الإقليم إلى وجوب تعيين لجنة قضائية مستقلة تراجع الحالة القانونية للمحتجزين لدى قوات الأسايش (الأمن الكردي) خلال الأيام العشرة القادمة، وإطلاق سراح كل من يجري احتجازهم في الوقت الراهن دون اتهامات، على الفور، أو توجيه اتهامات جنائية يمكن البت بأمرها في المحكمة. 

ودعت إلى وجوب إطلاق سراح كل السجناء المدانين رهن احتجاز الأسايش على الفور، ممن قضوا فترات عقوباتهم بالفعل، وإحالة أي سجناء مدانين ما زالوا يقضون فترات عقوباتهم إلى قوة شرطة وزارة الداخلية، بما يتفق مع التشريع النافذ حالياً، وضمان أن كل الأشخاص الذين يتم احتجازهم يمثلون أمام قاضي التحقيق خلال 24 ساعة من الاعتقال، بما يتفق مع قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي، وتحضير آليات قضائية فعالة لضمان أن كل المحتجزين قادرين على الطعن في قانونية احتجازهم. 

ودعت إحدى التوصيات الحكومة إلى إصدار إدانة علنية لممارسة التعذيب وغيره من أشكال المعاملة السيئة، والإعلان الصريح بأن هذه الإساءات لن تُقبل وإجراء التحقيق الفوري في كل مزاعم التعذيب والمعاملة السيئة، وضمان أن الحراس والمحققين وغيرهم من مسؤولي السجن، ممن كانوا مسؤولين عن الإساءة للسجناء، يخضعون لإجراءات تأديبية أو محاكمة جزائية حسبما يقتضي الأمر. 

كما دعت التوصيات السلطات إلى تشكيل هيئة مستقلة تتمتع بالشفافية للتحقيق في مزاعم التعذيب من جانب العاملين بالأسايش وإجراء فحص طبي عاجل لأي محتجز ادعى تعرضه للتعذيب، وضمان أن الرعاية الطبية متوافرة لكل السجناء وبشكل منتظم، وتعويض ضحايا التعذيب والمعاملة السيئة والاحتجاز التعسفي بالشكل المناسب وعلى وجه السرعة وعن توفير الشفافية وقدرة اتصال أوسع بالعالم الخارجي. 

 وقال مايكل ايسنر المستشار في قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتش الذي تلا التوصيات إن رئيس الوزراء في حكومة إقليم كردستان العراق رحب خلال استقباله، الاثنين، وفد المنظمة بتشكيل هذه اللجنة لتقصي الحقائق حول أوضاع المعتقلين في الإقليم. 

فيما أشادت سارا ويلتشن بدور حكومة الإقليم في فتح المجال أمام المنظمة للقاء المعتقلين في السجون وقالت "نشكر حكومة الإقليم لأنها سمحت لنا بزيارة السجون في وقت تمنعنا أمريكا في زيارة معتقل غوانتانامو، وكذلك الحكومة العراقية تمنعنا من زيارة السجون في العراق." 

 من جانبه قال ديندار زيباري منسق حكومة إقليم كردستان لشؤون الأمم المتحدة تعليقا على هذا التقرير إن "حكومة إقليم كردستان العراق جادة ومعنية باحترام حقوق الإنسان وحقوق المرأة، وسعت منذ السنوات الماضية لخلق أجواء الاستقرار والتعددية في الإقليم." 

وأضاف لوكالة (أصوات العراق) أن "إحدى ركائز ومهام رئيس حكومة الإقليم احترام المبادئ الدولية ومبادئ حقوق الإنسان بما فيها حقوق المعتقلين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الجمعة 6 تموز/2007 -19/جماد الاخرى/1428