العزل المناطقي الطائفي سمة بغداد الحديثة!

 شبكة النبأ: تتفتق يوما بعد يوم في بغداد قريحة الطائفية والعزل المناطقي على اشكال ونتاجات قلما الفتها المجتمعات في العصر الحديث، واصبح عزل المناطق بين السنة والشيعة هو السمة الغالبة في انحاء بغداد حيث يحتفظ كل منهم في اماكنه الخاصة والعامة ولا يسمح احدهما للاخر بالتقرب او حتى المرور في مناطق الاخر وإلا كان الاختطاف او القتل نتيجة حتمية.

وجلس السائق الشيعي باسم محمد إلى جوار شاحنته التي يكسوها التراب في "جراج الأصدقاء" وهو محطة غير رسمية في بغداد حيث تجري مبادلة الركاب وفق انتمائهم الطائفي.

وبعد فترة وجيزة ظهر أبو علي وهو مسن شيعي أجبره مسلحون على ترك منزله في منطقة أبو غريب التي تسكنها أغلبية سنية وكان يستقل شاحنة مكشوفة تكدست أمتعته في صندوقها.

وكان سائقه السني خائفا بشدة من المجازفة بدخول الضاحية التي تسكنها أغلبية شيعية والتي سيعيش بها أبو علي مع أقارب له ولذلك أتى به إلى "جراج الأصدقاء". بحسب رويترز.

وقال أبو علي الذي كان يرتدي ثوبا باليا بني اللون بينما كان يراقب العمال الذين كانوا يقومون بتحميل الطاولات والمقاعد والفراش وغيرها من المتعلقات على سيارة محمد، خشيت أن يقتلوا أبنائي الخمسة لذا قررت الانتقال.

وأضاف بينما الدمع يترقرق على وجهه الذي بدت عليه علامات الشيخوخة،اضطررت لاستخدام نقطة التنقل هذه لأن السائقين لا يمكنهم المخاطرة بدخول مناطق قد يقتلون فيها... لا يوجد فرق بيننا (شيعة وسنة).. لا أفهم شيئا.

وأسس الخليفة العباسي المنصور بغداد التي يسكنها حاليا سبعة ملايين نسمة قبل نحو 1200 عام على ضفتي نهر دجلة وكان يسكنها في أغلب تاريخها طوائف وأديان مختلفة.

غير أنه منذ تفجير مرقد شيعي في مدينة سامراء في فبراير شباط 2006 أعاد العنف الطائفي تشكيل تركيبتها السكانية وتسبب في ظهور مناطق طائفية.

وينتقل العرب السنة على نحو متزايد للعيش في الجانب الغربي من العاصمة فيما ينتقل الشيعة بدورهم الى الجانب الشرقي.

وأقام سائقو الشاحنات الجراج كنقطة لتبادل الركاب الفارّين من التوتر الطائفي وأيضا من أجل تبادل البضائع القادمة من سوريا والأردن عبر محافظة الأنبار التي تسكنها أغلبية سنية والمتجهة الى أسواق الجملة الشيعية في بغداد.

ويقول السائقون السنة والشيعة الذين يعملون في الجراج الذي يقع على المشارف الغربية للعاصمة ويقدر عددهم بالعشرات إنهم يتجنبون الخوض في أحاديث ساخنة بخصوص القضايا السياسية ويحتفظون بعلاقات جيدة مع بعضهم بعضا.

وبدأ محمد (الشيعي) العمل في الجراج بعدما أجبر هو نفسه على الفرار من منطقة تسكنها أغلبية سنية تقع خارج بغداد مباشرة.

وقال محمد خلال استراحة قصيرة بعد تحميل متعلقات أبو علي "لا توجد مشكلات بين السائقين .. نأكل سويا وعلاقاتنا جيدة."

ويقع الجراج على طريق سريع رئيسي على مشارف حي الغزالية الذي تسكنه أغلبية سنية. ويقوم جنود عراقيون بحراسة مدخليه لحمايته من هجمات المتشددين. وتتحرك السيارات في اتجاه عكسي مع بعضها لتسهيل عمليات إنزال الحمولات.

وفي الوقت الذي يوفر فيه الجراج وسيلة للتوجه الى أي مكان بهذه المدينة المقسمة الى حد كبير إلا أن بعض السائقين يتحسرون على عدم وجود خيار آخر.

وقال سائق سني عرف نفسه باسم محمد إنه أحضر لتوه مواد غذائية وبضائع أخرى على متن شاحنته من الأردن الى سوقي الجملة الشورجة وجميلة بالقرب من معاقل للميليشيا الشيعية.

وسيفقد السائق السني جزءا من أجره سيتعين عليه منحه لسائق شيعي سيقوم بعملية التسليم الفعلي.

وقال، أحضرت تلك البضائع من عمان ويجب أن أسلمها هنا لأنه لا يمكنني الوصول الى أسواق الجملة في بغداد. اذا ذهبت الى الشورجة فسيقتلونني ويأخذون الشاحنة لأني سني وهم شيعة. وهكذا الامر بالنسبة للشيعة.

وأردف يقول، أتمنى أن أتمكن من الذهاب مجددا الى المناطق الشيعية لكن في الواقع لم أشاهد بغداد منذ ثلاث سنوات.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 5 تموز/2007 -18/جماد الاخرى/1428