لن يُطيح الرصاص بالكلمة

الى روح الشهيدة سحر الحيدري

لطيف القصاب

 لكل قضية مناصرون ومعارضون، هذه المسالة تنطبق على اداء الصحافة العراقية ايضا،ويستطيع الطرف المعارض بطبيعة الحال ان ياتي بحجج لا حصر لها على مدى ترهل ولامهنية واقع حال الصحافة العراقية بخاصة عندما يستشهد على ذلك بعشرات المطبوعات من  الصحف والمجلات الفاشلة والعديد من مؤسسات الاعلام المرئي منه والمسموع وكذلك بالقسم الاعظم مما اصطلح عليه اهل الصنعة والاختصاص اخيرا بالصحافة الالكترونية.

 ولاشك ان المعارضين سوف يستثمرون اية فرصة تسنح للنقد اللاذع وبحسب علمي المحدود فلن يرقب المتربصون في الصحافة العراقية الا ولا ذمة بخاصة اذا ما تركزت انظارهم الحاقدة صوب مراكز القيادة حيث تُفتح الابواب في اغلب الاحيان  امام الغث والزبد وتُغلق بوجه السمين وما ينفع الناس، حتى اصبح منصب بطل الشاشة في الصحيفة والمجلة والاذاعة ناهيك عن التلفزيون حكرا على اثنين لا ثالث لهما الا وهما الموالي او الممول..،

اقول ان الجبهة المعارضة ستحرز انتصارات سريعة على الجبهة المعادية الاخرى لكنها تبقى انتصارات مؤقتة اذا ما احسن مناصرو الصحافة العراقية الراهنة اللعب باوراق القوة التي في حوزتهم واولها المواقف المشرفة..!

 والاجساد الدامية.. والارواح التي زهقت غدرا وغيلة وهي تجمع في خيوط الحقيقة..

 لقد استطاع الاعلاميون بمختلف شرائحهم وبغض النظر عن اجنداتهم ان يحققوا انتصارات مهمة على مستوى اجبار المسؤول الحكومي بالذات على اعادة النظر بكثير من الانتهاكات التي تجاوزت على حقوق الجماهير وبخاصة المحرومين منهم،نذكر من ذلك على سبيل المثال لا الحصر ماحدث في مسالة قانون التقاعد العام للمواطنين لعام 2006... فقد جوبهت مؤامرة قسمة القانون المشار اليه بحسب قسمة "فنيخ" سيئة الصيت.. برفض جماهيري عارم وقد حدث ذلك الرفض ولايزال.. تحت اشراف وقيادة رجال الكلمة الحرة..

 وفيما يخص اداء مجلس النواب، فاي انسان منصف يستطيع ان يقر بالتحسن التدريجي الملموس في مستوى جلسات البرلمان واخر شاهد على ما نقول ما حدث من موقف جماعي برلماني نادر، طالبت فيه الغالبية من اعضاء المجلس بمن فيهم بعض المتشددين ان جاز التعبير  باقالة رئيس البرلمان الدكتور محمود المشهداني والذي لا يجيد بشهادة القاصي والداني غير الضحك على ذقن الماساة العراقية..، وبالنسبة للسلطة التنفيذية في الدولة وبعض رموزها التي حاولت فيها محاكاة ادوارالدكتاتورية وهي تتعاطى مع الصحافة ورجالها، فقد سجلت الكثرة الكاثرة من الاعلاميين!

 مواقف قيمة في التضامن مع بعض زملاء المهنة ممن نالهم الحيف الرسمي هنا اوهناك، ولا داعي لذكر امثلة على تلك الاسماء لئلا يتهمنا البعض بالترويج لجهة ما على حساب جهة اخرى  او ممارسة نوع من انواع الغزل الاعلامي المكشوف.. ، اما على صعيد نصرة الرموز الثقافية العراقية الوطنية خارج البلاد وحث اصحاب القرار للنظر بعين المسؤولية والواجب نحوهم فلا يمكن التغاضي عن تذكر قصتي عملاقي الادب العراقي مظفر النواب ونازك الملائكة مع الاعلام العراقي حين استنفرت منبهات الاخير اجهزتها واستطاعت بجدارة ان تيقظ الضمير الحكومي النائم على معاناة هذين العلمين الشامخين في ديار الغربة قبل فوات الاوان...

 ورغم ان الصحافة العراقية بهيئاتها العتيدة منها والجديدة..، لم تستطع حتى الان ان تضع حدا  لسلسلة الاعتداءات التي تطال من ينتسبون اليها او من تنتسب هي اليهم..، الا انها ماضية اذاما صدقت النوايا وحالفها الحظ في الوصول الى غاية تحصين حرم المهنة واصحابها من الانتهاك ان عاجلا او اجلا..

واكبر مكاسب الصحافة الحرة العراقية وبخاصة المستقلة منها يتجلى في كشف الدور التخريبي لقوات الاحتلال سيما المتعلق منه بمخطط الحرب الاهلية وكذلك فضح شعار الجهاد هذا الشعار الذي تخفت تحته مع الاسف الشديد لحية الارهاب طويلا..، وبفضل عملية النقش على الحجر التي مارسها جيش عرمرم من الكتاب وقادة الراي في العراق، وبمساعدة غير مقصودة من جرائم الجيوش المحتلة..، تشكل تدريجييا راي عام لدى العراقيين يكاد يرفض بالمطلق التعايش مع فكرتي الاحتلال والارهاب..،ولذا فقد انتهى عصر التهليل والتسبيح بحمد حرب حرية العراق مبكرا والى الابد..، كما ان مصطلح  القوات متعددة الجنسيات بات يشكل هاجسا مزعجا حتى في بعض المؤسسات والدوائر الاعلامية المملوكة للدولة او تلك التي ماتزال تذكر بالخير والعافية الحاكم المدني السابق للعراق او اللص المشهور بول بريمر، ثم صالت صحوة الانبار اخيرا ولله الحمد من قبل ومن بعد  على اوكار شذاذ الافاق ومشعلي الفتن والنعرات بين الاخ واخيه بل بين الجلد والعظم.. وماتزال المعركة حامية الوسيط وتنتظر المدد من الساعد القوي  والكلمة الحقة..

 وعلى صعيد مؤسسات النشر الاجنبية وبالخصوص العربية منها فقد تمكنت ثلة من اعلاميي العراق الوطنيين ان تجبر بعض الاقلام الماجورة على مراجعة ما تنشره وتبثه من سموم بين العراقيين وبخاصة تلك الابواق التي اوغلت بالحط من شان الشعب العراقي بذريعة معاداة حكومته فقط...،ورغم ان العراق مايزال يحتل موقع اخطر دولة من ناحية العمل الصحفي، ومايزال يبعث الى دواهي الحتوف بالقربان بعد القربان من ابر ابنائه وبناته واخر تلك القرابين حتى هذه اللحظة الشهيدة سحر الحيدري الا ان مواكب الشهداء الغائبين  لم تمنع حتى الان ولن تمنع باذن الله مواكب الشهداء الحاضرين من التصدي لاستلام الراية ثانية وثالثة..، فقدر العراق ان يغدو امنا ذات يوم وحتى ذلك اليوم وبعده لن يموت الشهيد في العراق..، ولن يُطيح الرصاص فيه بالكلمة..

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 13 حزيران/2007 -25/جمادي الأول/1428