الفصائل الفلسطينية: أبطال فاشلين وعصابات متناحرة بنظر الفلسطينيين

شبكة النبأ: يعج الشارع الفلسطيني بالرفض المشوب للتنظيمات والاحزاب التي تسود الساحة الآن بسبب الاقتتال على السلطة وانشقاق كثير من الفصائل وتحولها الى عصابات. وبالنسبة لغالبية الفلسطينيين كان المسلحون الملثمون رموزا محترمة للمقاومة ضد الاحتلال. والان الاقتتال الداخلي المتواصل وغياب القانون الذي يسود الاراضي الفلسطينية حول الناشطين الى أفراد عصابات مجرمين في عيون كثيرين كانوا ينظرون اليهم في وقت من الاوقات على انهم ابطال.

 (عنب ورصاص) كتاب جديد صدر للكاتب علي بدوان يستعرض فيه اهم الفصائل والتنظيمات التي تشكلت خلال المرحلة السابقة في ظل الصراع الدائر بين الفلسطينيين والكيان الصهيوني، تلك التنظيمات التي أفل نجمها وتلاشت عن ساحة الصراع اما بالذوبان في تنظيمات اكبر او التلاشي الذي فرضته ظروف كينونتها.

كذلك يبدي الكاتب من خلال اطلاعه على تلك التنظيمات بانها قد انتجت في ظروف موازية لفعلها المرحلي وانتفت عند غياب العوامل، وفي معرض حديثه عن القوى التكفيرية فقد نفى ان يكون للقاعدة مكان على الارض النضالية الفلسطينية لرفض جميع القوى السياسية تواجد ذلك التنظيم.

وفيما يعج الشارع الفلسطيني بالرفض المشوب بالمقت ليس للقاعدة وحسب وانما يتعدى ذلك الى التنظيمات والاحزاب التي تسود الساحة الآن بسبب الاقتتال على السلطة وانشقاق كثير من الفصائل وتحولها الى عصابات توقع الكاتب الفلسطيني البارز ان تفشل ما سماها بالتيارات الأصولية المتطرفة في الانتشار في الاراضي الفلسطينية بالرغم من ظهور عدد منها في الآونة الأخيرة قائلا ان القوى السياسية الرئيسية لن تسمح لها بالامتداد. بحسب رويترز.

وقال علي بدوان الذي أصدر كتابا جديدا عن تاريخ الفصائل الفلسطينية، ان تنظيم القاعدة يحاول منذ سنوات إيجاد موطئ قدم له في فلسطين ولم يستطيع حتى الآن ان يجد له موقع ميداني على الأرض.

وأضاف بدوان المقيم في دمشق، الحالة الفلسطينية بشكل عام يمكن ان تشكل تربة خصبة لنمو حالات التطرف إلا ان الخصوصية الفلسطينية تتصادم مع وجود اتجاهات تكفيرية كما ان التيار الإسلامي المعروف بوسطيته واعتداله والمتمثل بحماس والجهاد يستطيع ان يستوعب كل الاتجاهات الإسلامية.

وكانت مجموعة جديدة تطلق على نفسها اسم (جيش الإسلام) في غزة قامت باختطاف مراسل البي بي سي الان جونستون في مارس اذار الماضي مما زاد من تكهنات حول انتشار حركات جهادية تكفيرية مرتبطة بالقاعدة مع تردي الأحوال المعيشية في القطاع.

وكتاب بدوان الذي حمل عنوان (العنب والرصاص) يؤرخ نشوء الحركات والفصائل الفلسطينية ويعدد عشرات من المجموعات التي ليس لها وجود الآن بالرغم من ان بعضا منها لعب دورا كبيرا في التاريخ الفلسطيني ككتائب النصر الفدائية التي كانت فاعلة في الاردن.

وأسس العقيد طاهر دبلان تلك الكتائب  في الاردن عام 1968 والتي اتهمت بمحاولة اغتيال الملك الحسين بن طلال، ويقول الكتاب إن المجموعة كانت سببا في تزايد التوتر بين الحكومة الأردنية والفدائيين الفلسطينيين والذي أدى إلى معارك ايلول الأسود عام 1970.

وقال بدوان،يعتبر البعض ان التوتر على الساحة الاردنية ما بين القوات الفدائية الفلسطينية وما بين الحكومة الأردنية وصل ذروته حينما وقعت قضية أو مشكلة طاهر دبلان.

ويقول الكتاب ان سوريا التي لازالت تستضيف أكثر من عشر مجموعات فلسطينية كانت قد لعبت دورا هاما في نشوء الحركات الوطنية الفلسطينية وتوسع نشاطها العسكري.

وأسست أول قاعدة فدائية فلسطينية في سوريا عام 1965، ويقول الكتاب انها توسعت من مخيم اليرموك والحق بها معسكر على طريق دمشق بيروت لتصبح مقر القيادة ومركز التدريب الرئيسي بقيادة الشهيد ابو علي اياد وهي القاعدة التي خرجت المئات من قادة حركة فتح العسكريين المتواجدين حاليا داخل فلسطين.

وقال بدوان، ان القوى والاحزاب الفلسطينية فاق عددها 250 تنظيما ولكن الجزء الاكبر منها اندثر او اتحد مع غيره خصوصا بعد عام 1965 وانطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة. ويحتوي الكتاب على معلومات عن تنظيمات قد لا يسمع بها الان مثل تنظيم طارق بن زياد البعثي وعصبة اليسار الثوري الفلسطيني ومنظمة الجليل الاعلى التي اسسها مدرس فلسطيني اسمه داود ابو الشكر وحركة مسيرة التصحيح المنشقة عن فتح عام 1980 والتي تلاشت تلقائيا بعد فترة وجيزة.

وظل على الساحة ثلاثة لاعبين أساسيين وفق اعتقاد بدوان وهم اليسار الذي تمثله الجبهة الشعبية واتجاه وطني عام ترأسه حركة فتح وتيار اسلامي يسيطر عليه حماس والجهاد.

ويعتبر بدوان ان التيارات الاسلامية الفلسطينية هي ظاهرة قديمة ترجع إلى أوائل القرن الماضي وصولا إلى تأسيس حركة حماس عام 1987، قائلا، ان الصعود الديمقراطي للجناح السياسي الاسلامي في فلسطين وضع حركة الاسلام السياسي العربية أمام اختبار النجاح من عدمه، ان حركة حماس مطالبة بضرورة استيعاب تجربة الاسلام السياسي العريقة في المنطقة والا فان مصير حركة العمل السياسي الفلسطيني بما فيها حركة الاسلام السياسي ستكون مغلقة وستصطدم بالجدار الدولي.

وبالرغم من النجاح السياسي لحماس الا ان بدوان قال ان الحركة لم تثبت بشكل كامل مقدرتها على ان تكون بديل لفتح التي تحاول ان تعيد امجادها وتعيد إمساك الامور من جديد في الساحة الفلسطينية وتأبى ان تترك دفة القيادة باعتبارها تعتبر نفسها المفجر التاريخي للثورة الفلسطينية.

وقال بدوان ان الاقتتال الفلسطيني الداخلي يمكن ان يستمر حتى تدرك فتح وحماس طبيعة توازن القوى الجديد وان لا خيار أمامهما سوى الوصول إلى توافق سياسي.

المسلحين والمقت الشعبي

وبالنسبة لغالبية الفلسطينيين كان المسلحون الملثمون رموزا محترمة للمقاومة ضد الاحتلال.

والان الاقتتال الداخلي المتواصل وغياب القانون الذي يسود الاراضي الفلسطينية حول الناشطين الى أفراد عصابات مجرمين في عيون كثيرين كانوا ينظرون اليهم في وقت من الاوقات على انهم ابطال.

وقالت مي وهي زوجة من سكان غزة، في اشارة إلى الغارات التي تستهدف وقف هجمات الصواريخ على اسرائيل: انه امر بالغ السخرية لكنني اشعر بارتياح لأن الاسرائيليين بدأوا حملة قصف والمسلحون الذين يقتلون بعضهم البعض في الشوارع اضطروا الى الذهاب الى المخابيء. بحسب رويترز.

وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس وهو يفكر بشأن قلق المواطنين المتصاعد بشأن الاقتتال بين حركة المقاومة الاسلامية ( حماس) وحركة فتح الذي قتل فيه نحو 50 شخصا ان الفلسطينيين على شفا حرب أهلية.

وقال، ان الخطر الذي يفرضه الاقتتال الداخلي لا يقل عن المخاطر الناجمة عن الاحتلال الاسرائيلي.

والمسلحون الذين كانوا في وقت من الاوقات يحاربون الجنود الاسرائيليين في ازقة البلدات

ومخيمات اللاجئين في الضفة الغربية وغزة انقلبوا على بعضهم البعض في صراع مستمر على السلطة بين حماس وفتح الشركاء في حكومة الوحدة الوطنية.

وبعض الميليشيات التي شكلتها فتح وحماس لم تعد تخضع لسيطرة القيادات السياسية التي تتبعها وانما تدين بالولاء لمجموعات إجرامية تتولى بنفسها تنفيذ القانون.

وقال ناصر جمعة الذي كان عضوا بارزا في كتائب شهداء الاقصى التابعة لحركة فتح ان العديد من هذه الجماعات أصبح الآن عبئا على المجتمع وانه تم تشكيلها لسد فراغ أمني تحت ذريعة المقاومة الوطنية.

وقال، انهم بعد ذلك قاموا بابتزاز الشعب وهاجموا أفراده وصادروا الحريات لان قوات الامن الرسمية الضعيفة فشلت في معاقبتهم.

وقال جمعة، ان الفلسطينيين العاديين فاض بهم الكيل من هذه المجموعات المسلحة وانهم يتمنون الان ان يتولى الاحتلال الاسرائيلي السيطرة على غزة أو يأملون عودة الحكم الاردني في الضفة الغربية للتخلص منهم.

وفي احدى الحوادث في الآونة الأخيرة في مدينة نابلس بالضفة الغربية طلب مسلحون من اصحاب المتاجر اغلاق محالهم في علامة تضامن مع زعماء فتح الذين اعتقلوا في اليوم السابق في مداهمة اسرائيلية.

واطلق المسلحون النار في الهواء وسرقوا جرافة من بلدية نابلس واغلقوا الطريق الرئيسي بالرمل وقسموا المدينة بنفس الطريقة التي كانت تستخدمها قوات الاحتلال اثناء القيام بعملية.

وللمرة الأولى في المدينة وهي معقل للناشطين رفض معظم أصحاب المتاجر اغلاق متاجرهم.

وقال فلسطيني يدعى نجاح يعمل في وكالة اعلان في نابلس، هؤلاء الناس سببوا لنا الكثير من المعاناة ولا يعملون في المقاومة الوطنية.

لكن بينما تغيرت المشاعر تجاه الناشطين فان المداهمات الاسرائيلية لاعتقالهم تثير تنديدا علنيا قويا بين الفلسطينيين الذين يطالبون منذ فترة طويلة بالافراج عن المحتجزين في السجون الاسرائيلية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 13 حزيران/2007 -25/جمادي الأول/1428